لورنس: ذلك النبي الزائف
أمير العمري
في هذا المقال وهو الثاني عن فيلم “لورنس العرب”، سوف أتوقف أمام شخصية لورنس كما يصورها سيناريو روبرت بولت وكما يجسدها إخراج جيفيد لين، بحيث يصبح لورنس تدريجيا، أرفع مرتبة من البشر العاديين سواء في نظر نفسه أو في أنظار مريديه وأتباعه من العرب. إنه بتناقضه الحاد مع البيئة الغريبة التي يندمج فيها، يصبح مخلوقا من طبقة أدنى، نبيا أو مبشرا، يتبع من سبقوه من الأنبياء. هذه النبوة (الزائفة بالطبع) هي من صنع الخيال الغربي الذي بالغ كثيرا في تصوير ما قام به لورنس، ضابط الاستخبارات الإنجليزي في الجزيرة العربية.
في أحد أهم مشاهد الفيلم يسير لورنس ووراءه خادمه “فراج”، وهو الذي بقي معه بعد موت الخادم الثاني “داود” الذي تبتلعه الرمال المتحركة في سيناء، لكنه يكتشف بعد قليل أنه فقد البوصلة التي كان يحملها. تبدأ عاصفة صحراوية ويتطاير الرمل وتزمجر الريح، لكن لورنس ثابت يقيني يتجه بوحي خاص نحو قناة السويس.. يتطلع الخادم إلى وجهه فيجده وقد تجمد وأصبحت عيناه تحملقان في الفراغ. هل هي لحظة أخرى من لحظات “التجلي”؟ لا يجد الخادم الفزع مما يؤاه سوى أن يرش لورنس بالماء لكي يوقظه من تلك الحالة الغريبة التي تتلبسه. وأثناء عبور الصحراء يلمح لورنس عن بعد، عامودا من الدخان يتصاعد إلى عنان السماء الزرقاء فيقول لفرج: أنظر.. إنه “عامود النار” فيرد فيرد بدهشة” بل هو غبار. ويبتسم لورنس ويصمت صمت العالم بما يراه من “معجزات” حوله. لقد جاء الضوء بديلا عن البوصلة المفقودة. إنه مقدر له أن يصل إلى ما يريده.
في إشارته إلى عامود النار pillar of fire يشير الفيلم إلى عامود النور المذكور في “التوراه” والذي كان ينير الطريق للنبي موسى في سيناء أثناء خروج اليهود من مصر. هنا ليس من الممكن تجاهل تلك الإشارة الواضحة في الفيلم إلى أسطورة “نبوة” لورنس.
وبعد أن ينجح لورنس في عبور القناة يتوجه إلى القاهرة مع خادمه فراج، في حين مات الخادم الثاني بعد أن ابتعلته الرمال المتحركة. يلتقي لورنس بالجنرال أللنبي ويخبره بالاستيلاء على العقبة. ويأخذ لورنس في شرح الخطوات الاستراتيجية التالية التي يتعين على “الجنرال” اتخاذها، بينما يصغي إليه أللنبي في هدوء ويسأله من حين إلى آخر: أترى ذلك؟ حقا؟ وما أهمية هذا؟ لقد أصبح الضابط الآن أقوى من الجنرال، فهو الذي سيمنحه المجد.
وعندما ينتهي لورنس من شرحه وهو شبه منوم كأنه يستوحي، يقول له أللنبي إنه سيرقيه إلى رتبة “ماجور” لكن لورنس يرفض بدعوى أنه لا يستحق: لقد قتلت رجلين ياسيدي. أعنى اثنين من العرب. أحدهما كان صبيا.. وكان هذا أمس. لقد قدته إلى الرمال المتحركة. والآخر كان رجلا، كان هذا قبل العقبة.. كان يتعين علي أن أعدمه بمسدسي. وكان هناك شيء في هذا لم أحبه..

يقول له أللنبي: هذا طبيعي. إلا أن لورنس يعود فيقول وهو سارح بعيدا: كلا.. شيء آخر.. لقد استمتعت بما فعلت!
لورنس يستمتع بالقتل، كما يستمتع بالعذاب. ما نوعية هذا الرجل إذن؟ إنه نموذج مخيف بالنسبة لعلي. أما عند عودة أبو تايه، الفظ الخشن الذي لا يفكر كثيرا، فهو رجل مخادع ليس من الممكن الثقة به.
إذا كان “علي” هو المؤمن الذي سيتبع لورنس مبهورا بقدراته الخارقة حتى النهاية بعد أن كان متشككا في البداية، فإن عودة أبو تايه هو نقيض “علي”. إنه ذلك المتشكك، الجشع، الذي لا يؤمن سوى بالحصول على شيء مادي “مشرف” كما يردد. هذا الشيء ليس أوراق البنكنوت التي يعثر على كميات كبيرة منها في خزائن الأتراك في العقبة، ولا الغنائم الكثيرة العصرية المتوفرة في قطارات الأتراك التي يهاجمونها على طريق سكة حديد القدس- الحجاز، بل الذهب أو الخيل. وعندما يعثر على ضالته بعد نهب قطار كان محملا بالخيول العربية الأصيلة الرائعة، يريد أن يتخلى عن المسيرة ويعود إلى قبيلته، لكن لورنس لا يتركه دون أن يقدم له مزيدا من الإغراءات: في دمشق هناك كنوز الأرض.
وهذا هو سر تصوير “عودة” بكل هذا القدر من “النذالة”. إنه بسحنته القبيحة وملابسه السوداء نقيض تام للورنس صاحب القضية والرسالة، الباحث عن المجد والشهرة. وهو أيضا نقيض لشخصية الشريف علي كما سنرى. لكن فيه أيضا ملامح طفولية تجعله يبدو طيب القلب.. كريما عندما يقتضي الأمر.
يأتي المصور الأمريكي جاكسون بنتلي من أقاصي الأرض بحثا عن لورنس بعد أن ذاعت بطولته عقب نجاحه في العقبة، ويشرح في لقائه بالأمير فيصل، إنه يبحث عن بطل رومانسي (أسطوري) يمكنه أن يبيع صورته للجمهور الأمريكي، تقنعهم بتأييد دخول بلادهم الحرب إلى جانب الحلفاء.
لورنس يبدو سعيدا بالتقاط جاكسون عشرات الصور له. وبعد تفجير قطار عسكري تركي ونهب محتوياته، يصعد هو ليقف على أحد جانبي القطار مزهزا بانتصاره، يصوب جندي تركي جريح مسدسه نحوه ويطلق عليه رصاصة، يواجهه لورنس من مكانه، ينظر إليه مباشرة في عينيه، يطلق التركي الرصاص، واحدة بعد أخرى، لكن لورنس لا يهتز له جفن.. لقد أصبح “غير قابل للموت”. يطلب منه المصور الأمريكي بنتلي الصعود إلى أعلى القطار لالتقاط صورة له، فيصعد ويعتلي أعلى نقطة ثم يسير فوق عربات القطار بينما المقاتلون العرب في الأسفل، يحيونه وفي لقطة شديدة الذكاء، نرى ظل لورنس منعكسا على الرمال والعرب يسيرون مباشرة وراء الظل المتحرك، ثم نرى لورنس أعلى القطار في لقطة ذات اضاءة خافتة قبيل الغروب وهو يبدو اقرب إلى الشبح. لقد أصبح “كائنا” آخر فوق طبيعي.. معبودا لهؤلاء العرب الذين يهللون ويهتفون باسمه في الأسفل. لقد أصبحوا “يؤمنون” به وبقدرته على تحقيق المعجزات.
يذهب لورنس إلى القدس لكي يطلب أسلحة وأموالا من الجنرال أللنبي. الآن أصبح يتكلم وكأنه يعيش حلما طويلا ممتدا. إنه لم يعد يمشي على الأرض.. لم يعد يرى الواقع بل أصبح وكأنه مدفوع بقوة خفية، تدفعه إلى التوحش والعنف والإيلاغ في الدماء. لقد أصدر أوامره للرجال بعدم الاحتفاظ بأي أسرى، بل وأخذ يقتل بيده كل من يصادفه من الجنود الأتراك، ويتمادى في القتل أكثر فأكثر وكأنه مدفوع بقوة عاتية تدفعه إلى ذلك حتى أن الشريف علي يأخذ في تحذيره مبديا اشمئزازه مما يفعل: كفى.. كفى ياأورانس.. كفى..
وفي القدس يقول لورنس للجنرال اللنبي بثقة تامة ويقين مطلق: سنأخذ دمشق.. قبل أن تصلوا إليها.. وعندما سنأخذها سنحتفظ بها.. سأعطيها لهم (أي للعرب).. قل للسياسيين أن يحرقوا أوراقهم.

يسأله أللنبي: تريد مالا بالطبع؟ يجيب: نعم، لكنه يستطرد: بعضهم سيحصل على المال لكنهم لن يتبعوني إلى دمشق من أجل المال.. بل من أجلي!
لقد أصبح مؤمنا بنبوته، كما لو كان نبي العرب الذي جاء من أقاصي الدنيا إلى صحرائهم الموحشة، لكي يوحدهم ويهديهم إلى الطريق القويم، إلى الخلاص من الاحتلال التركي، ويجذل لهم من الوعود بالاستقلال بعد انتهاء الحرب، ولكن مشكلته أنه يصدق نفسه، يعيش الأسطورة، يعتقد أنه قادر على جعل بريطانيا تفي بوعودها للعرب. لكن هل يمكن أن تكون الأسطورة أكبر من الإمبراطورية!
لورنس أيضا نموذج للمثالية الغربية. صحيح أنه كان يخدم بلاده التي ينتمي إليها، لكنه في لحظة ما، يشعر أنه قد أصبح أيضا ينتمي إلى العرب. وهو يصرخ في أحد المشاهد: إنني أعشق هذه البلاد. يتناقش دريدن مع الجنرال أللنبي في القدس حول لورنس وما إذا كان العرب سيعودون للقتال معه بعد ان انصرفوا عنه بعد الحصول على الكثير من الغنائم. يقول أللنبي: إنهم سيعودون لأنهم يتصورون إنه نبي!
وفي حوار بين لورنس والشريف علي قبل حادث درعا، يقول لورنس لعلي: هل تعتقد إنني شخصا عاديا ياعلي؟ إنهم سيسيرون فوق الماء من أجلي!
وهو يخرج إلى الرجال ويسألهم: من منكم على استعداد للسير فوق الماء من أجلي. فيرد الجميع موافقين.
وعندما يطلب لورنس من الجنرال أللنبي إعفاءه من مهمته العسكرية والعودة إلى بلاده، يسأله الجنرال: لماذا؟ فيرد بغضب شديد: إنني رجل عادي.. أريد وظيفة عادية.. لأا أريد أصدقاء من العرب.. لا أريد أن أكون جزءا من حملتك على دمشق.
وبعد أن يهدأ قليلا يقول للجنرال بضعف من اكتشف في نفسه شيئا مخيفا: أعلم أنني لست عاديا.. ولكن ما هذا الذي يحدث لي؟ فيقول له أللنبي: بعض الرجال لهم مصير غير عادي يالورنس!
لقد أصبح لورنس يخشى من نفسه، مما يعرفه ومما يشعر أنه يوجد داخل نفسه، من استمتاعه بالقتل وسفك الدماء، من إحساسه بالنبوة، بالسمو الذي يجعل كل شيء أمامه مبررا، تجريد الآخرين من الحياة بقرار: إنه الخير والشر معا. لقد قتل معاونيه الاثنين: داود الذي تركه للرمال المتحركة تبتلعه، وفراج الذي يطلق عليه الرصاص بعد ان اسقط مفجرا داخل ملابسه ولم يعد هناك وقت لانقاذه مع اقتراب قطار تركي يتعين عليهم تفجيره. لقد تغير لورنس كثيرا بعد حادث درعا، وهو ما يلمحه في سلوكه ويعبر عنه المصور الأمريكي عندما يتساءل: لقد تغير كثيرا بعد درعا.. ترى ماذا فعل له الجنرال التركي هناك؟ إلا أن علي يصر على ان “معبوده” لم يتغير بل هو نفس الشخص “المتواضع”. لكنه يرى كيف يستأجر لورنس بعد ذلك قتلة محترفين ورجالا معروفين بأنهم من المجرمين لكي يساعدونه في حملته على الشام. إنه سيلغ في الدماء.. فهو قد فقد تماما السيطرة على نفسه. لقد اكتمل جنون العظمة. يبحث عنه “علي” بعد معركة أو بالأحرى، مذبحة طفس، فيجده وقد غرقت ملابسه في الدماء، يحمل خنجزه الذي يقطر دما ويتطلع إلى صورته كما تنعكس على نصل الخنجر لكنه يراها هذه المرة مخضبة بالدماء. لقد صار وحشا. يلعنه المصور الأمريكي، لكنه يصر على أن يلتقط له صورة “لعينة” لتلك الصحيفة “اللعينة”!
انكسار الحلم
– بمثاليته وبموجب تصديقه لأسطورته- أن بريطانيا العظمى يمكن أن تتخلى عن مصالحها وتحقق للعرب حلمهم بالاستقلال. فالفيلم يصور لورنس وهو يفاجأ بالاتفاقية الشهيرة بين بريطانيا وفرنسا (سايكس- بيكو) التي تحرم العرب من الاستقلال وتقسم بلادهم بين الدولتين.
لكن سلوك لورنس أثناء السير إلى دمشق، في القتل وسفك الدماء ثم عند دخول المدينة، يتحول إلى كابوس بالنسبة للأطباء البريطانيين في المدينة. طبيب الجيش يعتبرها “جرائم حرب بربرية”.
لورنس إذن مزدوج في سلوكياته وانفعالاته وفي ولائه وممارساته: إنه إنجليزي لكنه أيضا “عربي”، وهو مازوكي يستمتع بالألم، لكنه أيضا سادي يمارس العنف بقسوة، ولاؤه لبلاده لكنه يريد أن يحقق للعرب طموحاتهم غير أنه يشعر بالتفوق عليهم، فهم مجرد رجال قبائل من البدو يمكن توجيههم وقيادتهم، أما هو فهو “نبي” يأمر فيطاع. هو فقط الذي يمكنه قيادتهم. وهم يفعلون ما يفعلونه من أجله هو. وبعد دخول دمشق يؤسس العرب المجلس العربي الحاكم في المدينة، لكن الخلافات تنفجر بينهم وتنفض اجتماعاتهم دون أن تصل إلى شيء، وتتجه إلى الفوضى المطلقة، فالعرب “لا يمكنهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم”. المياه مقطوعة عن المدينة. وكذلك التليفونات.
يقول لورنس إن رجال الحويطات هم الذين يسيطرون على التليفونات فلماذا توقفت عن العمل؟ يجيبه عودة أبو تايه قائلا إن المولدات الكهربائية توقفت عن العمل وهي تحت يد الحارثيين أي قبيلة بني حارث. عودة لا يعبأ بل يرى أن التليفونات لاحاجة لها، فيقول لورنس إن الحاجة إليها ماسة. ما العمل إذن؟ يقترح “علي” الاستعانة بمهندسين إنجليز. يعترض لورنس قائلا: اللجوء لمهندسين من الإنجليز معناه اللجوء للحكومة الإنجليزية..
وفي المواجهة الأخيرة التي تدور بدبلوماسية شديدة بين الأمير فيصل والجنرال أللنبي، يقول فيصل إنه سعيد ببقاء محطة ضخ المياه في أيدي رجاله. يقول له أللنبي ساخرا إنهم إذا احتفظوا بها فمعنى هذا أنه لن تكون هناك مياه. يرد فيصل بقوله إنه سيكون سعيدا بالحصول على قليل من المساعدة الفنية. أللنبي يرد: في هذه الحالة يجب أن تنزلوا علمكم من فوقها. فيقول له فيصل إنه لن يفعل وإن أي محاولة لانزال العلم سيقاومها رجاله. يتساءل
أللنبي بهدوء: وهل لديك أي رجال ياسيدي؟

كان أللنبي قد شهد مع دريدن قبل قليل، رحيل معظم رجال القبائل عن دمشق بعد أن فشلوا في إدارتها ولم يعثروا فيها على ضالتهم، فالمدينة تمتليء بالجرحى وجثث القتلى والفوضى العامة. ويصدر أللنبي الأوامر عمدا بأن تبقى قواته ساكنة لا تتحرك للمساعدة إلا بتعليمات منه، بما في ذلك الخدمات الهندسية والتقنية والطبية، بغرض إرغام العرب على اللجوء إليه لطلب المساعدة، وبالتالي يفرض شروطه ويعلن المدينة تحت إمرته. وهو بيان سينمائي واضح للفكر العسكري البريطاني الاستعماري، فليس من الممكن اتهام الفيلم ببساطة، ومن زاوية واحدة بأنه يكرس نظرة المستعمر إلى الآخر. بل إنه يجعل دريدن- رجل المكتب السياسي الخبيث- يراقب خروج المقاتلين العرب من المدينة من شرفة القصر وإلى جانبه أللنبي، ويعلق ساخرا بقوله: إنهم يغادرون، يقصد أنهم لا يمكنهم البقاء في المدن. فيقول له الجنرال: إنهم مجموعة من المتسولين. هنا يوجه الفيلم نقدا لاذعا لتلك النظرة الاستعمارية المتعالية من جانب الإنجليز لشعوب المستعمرات التي يرونها: همجية، إقطاعية، قبلية، متخلفة، أدنى!
ليس من الممكن بالطبع، تبرئة الفيلم تماما من الوقوع في تلك النظرة الاستشراقية الاستعلائية نفسها. فها هو لورنس نفسه يجسد تلك النظرة في شعوره بالإحباط من تلك البلاد (التي أعلن من قبل أنه يعشقها). ويقرر أن يغادر بعد كل ما حققه من مجد: لقد أدرك أنه مجرد فرد في النهاية أو ترس في آلة ضخمة كبرى لا تعرف المثل ولا المباديء أو المثاليات، كما أدرك أن بقاءه مع العرب يمكن أن يقضي تماما على كل ما تبقى في داخله من قيمة إنسانية. إنه يضحك بمراراة في تشنجات أقرب إلى البكاء عندما ينهره الضابط الطبيب بل ويوجه له لكمة تسقطه أرضا. ربما يشعر أنه يستحقها.
ديفيد لين في الفيلم يدين الجميع: العرب ولورنس وأللنبي والتآمر السياسي بين الامبراطوريتين. لكن الشخصية الوحيدة التي تظل حتى النهاية قوية، متماسكة، صاحبة منطق واضح مميز متسق مع نفسه، هي شخصية الأمير فيصل (يقوم بالدور بعبقرية الممثل الإنجليزي أليك جينيس). إنه نبيل حقيقي أمام نذالة الإنجليز. بل هو يفوقهم وعيا وذكاء وإدراكا لطبيعة اللعبة.
عندما يتواجه فيصل في دمشق قبيل النهاية مع الجنرال أللنبي يقول للجنرال: من المعروف على نطاق واسع أن المجلس العربي أخذ السلطة باسمي.
ويدور هذا الحوار ذو المغزى بين الرجلين:
اللنبي: ليس لديهم أي سلطة ياسيدي. إنه وهم.
فيصل: الوهم يمكن أن يكون شديد القوة خاصة. العالم سعيد بأن يرى دمشق وقد تحررت على أيدي الجيش العربي.
أللنبي: ولكن بقيادة ضابط بريطاني إذا جاز لي أن أذكرك ياسيدي.
فيصل: آه.. نعم. ولكن أورنس سيف ذو حدين، كلانا سعيدان بأن نتخلص منه.. أليس كذلك؟
أللنبي: كنت أعتقد أنني رجلا صعبا ياسيدي.
فيصل: انت مجرد جنرال في حين أنني سأصبح ملكا.
إنه يظل حتى النهاية نبيلا معتزا بنفسه رغم معرفته بتغير قواعد اللعبة الآن.