أربع مسابقات في مهرجان لندن السينمائي
أمير العمري- لندن
كان مهرجان لندن السينمائي يعرف لسنوات طويلة، بأنه “مهرجان المهرجانات”، فقد كان يقام عادة في الشهر الأخير من العام أي بعد ان تكون كل مهرجانات العالم السينمائية قد إنتهت. وكان أيضا، يجمع كل ما عرض من “روائع” في المهرجانات السينمائية الأخرى، كما كان يعد إحتفالا بمتعة المشاهدة فقط، بعيدا عن المنافسات والجوائز، كما كان يستمر لنحو سبعة عشر يوما.
وقد تغير نهج مهرجان لندن كثيرا خلال السنوات العشر الأخيرة، فتقدم موعده إلى شهر نوفمبر ثم إلى شهر أكتوبر، وأصبح بالتالي لا يعد الختام السينمائي للعام، وأصبح قاصرا على 12 يوما فقط مثل غيره من المهرجانات الكبرى، وأصبح يعرض الكثير من الأفلام التي تعرض للمرة الأولى عالميا، أو على الصعيد الأوروبي، وأصبحت له بالتالي اكتشافاته الخاصة أيضا مثله في ذلك مثل مهرجان تورنتو في كندا، بل وبدأ منذ دورة العام الماضي 2012، مع تولي كلير ستيوارت إدارة المهرجان، في تنظيم أربع مسابقات دولية هي أولا المسابقة الرسمية التي تخصص لتشجيع الأفلام المتميزة المبدعة، ومسابقة الأفلام الأولى لتشجيع المخرجين الجدد الذين يبدأون مسيرتهم في عالم الإخراج السينمائي، ومسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، ومسابقة أحسن موهبة بريطانية صاعدة وهي لا تقتصر على الأفلام فقط بل وتشمل أيضا الممثلين والمخرجين والمنتجين وكتاب السيناريو.
الدورة الـ57 من المهرجان ستفتتح في التاسع من أكتوبر وتستمر حتى اليوم العشرين من الشهر نفسه بالفيلم البريطاني “الكابتن فيلبس” للمخرج البريطاني بول جرينجراس الذي برز اسمه في اعقاب نجاح فيلمه “يونيتد 93″عن تحطم طائرة أمريكية من تلك التي اختطفت في أحداث سبتمبر 2001، والفيلم الجديد يصور عملية اختطاف واحتجاز سفينة بريطانية بقيادة الكابتن فيلبس الذي يقوم بدوره توم هانكس، على أيدي مجموعة من القراصنة أمام الساحل الصومالي، ويتابع من خلال اسلوب مشوق، نمو العلاقة بين البحارة والخاطفين ثم عملية تحرير السفينة. أما فيلم الختام فهو “إنقاذ المستر باتكس” الذي يصور عملية اختلاق شخصية ماري بوبنز وتقديمها على الشاشة الكبيرة في السينما، وتقوم الممثلة البريطانية إيما تومبسون بدور ب ل ترافيرس مؤلفة رواية ماري بوبنز، كما يقوم توم هانكس بدور وولت ديزني الذي أنتج الفيلم الشهير.

تشمل برامج المهرجان عرض 234 فيلما روائيا وتسجيليا، طويلا وقصيرا. من بين هذه الأفلام 22 فيلما تشهد عرضها العالمي الأول، و16 فيلما تعرض للمرة الأولى خارج بلادها عالميا، و29 فيلما تعرض للمرة الأولى على الصعيد الأوروبي، و20 فيلما من أفلام الأرشيف السينمائي من الكلاسيكيات التي يتم سنويا إحياؤها وإعادة إطلاقها في نسخ مرممة باستخدام التقنيات الحديثة. ويقدم المهرجان عددا من دروس السينما والمناقشات العميقة مع عدد من السينمائيين كعادته يشارك فيها الجمهور. وقد وسع المهرجان من رقعة دور العرض التي يعرض الأفلام من خلالها فوصل إلى عدد كبير من دور العرض اللندنية (20 دارا) بالاضافة بالطبع إلى مقر عروضه التاريخي في دار السينما البريطانية على الضفة الجنوبية لنهر التايمز وهي البقعة التي شهدت بدورها تطورا كبيرا خلال السنوات العشر الأخيرة فاصبحت تموج بالحياة وتزدحم بالبشر بعد ان ظلت لعقود تعاني من الظلام والهدوء القاتل في برودة الخريف. الآن اصبحت تلك الضفة مقصدا سياحيا بعد أن إمتلات بعشرات المطاعم الفخمة والمقاهي.
الأفلام العربية
من الأفلام العربية التي ستعرض في المهرجان فيلم “الأسطح” للمخرج الجزائري مرزاق علواش، وفيلم “الموسيقى الشعبية الجديدة” للمخرجة هند مدب من مصر وهي تطلق على فيلمها بالانجليزية Electro Sahabi ويبلغ توقيع عرضه 77 دقيقة وهو فيلم تسجيلي طويل عن الأغاني الجديدة التي يغنيها شباب الثورة وهو من انتاج كريم جمال الدين وكريم بطرس غالي. ومن لبنان يعرض فيلم المخرج السوري الكبير محمد ملص “سلم إلى دمشق”، وفيلم “مي في الصيف” للمخرجة الفلسطينية شيرين دعبيس وقد شاركت قطر في تمويله إلى جانب الأردن.
ومن فلسطين يعرض فيلم “عمر” لهاني أبو أسعد الذي سبق عرضه في مهرجان كان، كما يعرض الفيلم التسجيلي الطويل (75 دقيقة) The Do Godders الذي تعود فيه مخرجته البريطانية كول روثفن إلى فلسطين لتستعيد ذكريات جديها اللذين كانا يعملان في مؤسسة الغوث الدولية. ومن إسرائيل تعرض أربعة افلام هي ثلاثة افلام قصيرة وفيلم طويل بعنوان “شباب”.
ومن إيران تعرض خمسة أفلام منها ثلاثة افلام روائية طويلة هي فيلم “الماضي” الذي يعتبره المهرجان فيلما ايرانيا رغم انه من الانتاج الفرنسي بالكامل لأن مخرجه أصغر فرهادي ايراني ومازال يقيم في ايران، وفيلم “ستائر مغلقة” لجعفر بناهي الذي سبق ان عرض في مهرجان برلين أوائل هذا العام، و”لا تحرق المخطوطات” لمحمد روسولوف.
ومن الأفلام البريطانية التي سيحتفي بها المهرجان فيلم “فيلومينا” للمخرج ستيفن فريرز الذي كان مرشحا لنيل جائزة الاسد الذهبي في مهرجان فينيسيا.
أفلام المسابقة الرسمية

المسابقة الرسمية تشمل عرض 13 فيلما هي “إستغلال الضعف” لكاثرين بريلوت من فرنسا، و”البديل” The Double لريتشارد أيود من بريطانيا، و”إيدا” لبول باولوكوفسكي من بولندا، و”الولد مثل أبيه” لكوريدا هيروكازو من اليابان، و”تقرير حسن” لجميل كويبكا من جنوب أفريقيا، و”باركلاند” لبيتر لاندسمان من أمريكا، و”فرش وغطا” لأحمد عبد الله من مصر، و”العملاق الأناني” لكليو بارنارد من بريطانيا، و”Starred up” لديفيد ماكنزي من بريطانيا أيضا، و”توم في المزرعة” لزافييه دولان من كندا، و”مسارات” لجون كوران من استراليا، و”صندوق الغذاء” لريتش باترا من الهند، وأخيرا “تحت الجلد” لجوناثان جلايزر من بريطانيا. أي أن بالمسابقة 4 أفلام بريطانية. ومن الأفلام الـ13 في المسابقة الرسمية هناك 6 أفلام عرض خمسة منها في مهرجان فينيسيا الأخير، وفيلم واحد في مهرجان كان.
وتحتوي مسابقة الفيلم الأول على 12 فيلما جديدا من 10 دول هي بريطانيا وأمريكا ونيجيريا وسنغافورة وتركيا وكندا والصين واسبانيا واليونان واسرائيل.
أما مسابقة الأفلام التسجيلية فتشمل عرض 12 فيلما تسجيليا طويلا تتنافس على جائزة جون جريرسون لأحسن فيلم. والأفلام هي “قصة رعاة البقر القطبيين” لجيسيكا أوريك من فنلندا، و”أكذوبة أرمسترونج” لألكس دبني من الولايات المتحدة، و”في جامعة بيركلي” لفريدريك وايزمان وهو الفيلم الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا الأخير ويبلغ زمن عرضه أربع ساعات، و”اللطيفة والملاكم” لزاشاري هنزنبرج من الولايات المتحدة، و”هنا ديناصورات” للناقد السينمائي مارك كوزنز من بريطانيا وقد صوره في البانيا، و”دار الراديو” لسيرج لالو من فرنسا، و”المطاردة” لكريج باركر والفيلم من الانتاج المشترك بين أمريكا وبريطانيا وأفغانستان وهو يصور عملية تعقب اسامة بن لادن وقتله، و”الصورة المفقودة” لريثي بان من فرنسا الذي يصور فيه مخرجه معاناته الشخصية تحت حكم الخمير الحمر في كمبوديا، و”أبي وامي وانا” لبول جوليان روبرت من استراليا، و”خط الانابيب” الذي يتابع فيه المخرج فيتالي من روسيا الحياة وتعقيداتها على مسار خط انابيب الغاز الطبيعي الذي يمر من تشيكيا الى روسيا وصولا إلى سيبيريا، و”سن المراهقة” لمات وولف من أمريكا، وأخيرا “أوكرانيا ليست بيت دعارة” للمخرجة كيتي جرين من استراليا.

وتم تقسيم برنامج عروض المهرجان إلى أقسام يتخذ كل قسم إسما خاصا له يعكس الحالة العاطفية أو الذهنية التي تسود أفلام هذا القسم من وجهة نظر القائمين على البرنامج مثل “مناقشة”، “ضحك”، “حب”، “جرأة”، “إثارة”، “رحلة”، “الأسرة”..إلخ ويبلغ عدد هذه الأقسام 10 اقسام.
كنوز من الأرشيف
كان مهرجان لندن السينمائي دائما سباقا في عرض الأفلام الكلاسيكية التي يقوم أرشيف الفيلم البريطاني بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية المتخصصة، بترميمها واستعادتها إلى نسخ جيدة تقاوم التلف يتم طبع نسخ جديدة منها للعرض لأن المهرجانات السينمائية ليست مخصصة فقط لعرض الجديد من الأفلام بل وأيضا لعرض الإعمال القديمة التي تركت بصمتها على عصرها، وهي أساسية في تعريف الجمهور بتاريخ الفن السينمائي.
من الأفلام التي ستعرض في الدورة الـ57 من مهرجان لندن “الحسناء والوحش” لجان كوكتو الفرنسي من عام 1946، و”مصباح الغاز” لثورولد ديكنسون البريطاني من عام 1940 وهو من أهم الأفلام الكلاسيكية البريطانية، وكانت النسخة السلبية للفيلم قد تفلت الى حد كبير وتم استعادتها مؤخرا، وهناك أيضا فيلم “الساحرات” من عام 1966 وهو آخر أفلام الممثلة الراحلة جوان فونتين. ومن ضمن الأفلام التي تمكنت مؤسسة مارتن سكورسيزي من ترميمها واستعادتها سيعرض الفيلم الهندي الراقص الشهير “كالبانا” من عام 1948، وفيلم المخرج الفليبيني لينو بروكا “مانيلا في مخالب الضوء” من عام 1975.
ويضم هذا القسم أيضا فيلم “سيدة من شنغهاي” لأورسون ويلز من عام 1947، الفيلم التسجيلي لشيرلي “بورتريه لجيسون” الذي يحتوي على مقابلة طويلة مع نجم موسيقى الجاز الأمريكي الأفريقي جيسون هوليداي من عام 1961، وفيلم “ضحية” Victim الذي برز فيه أداء الممثل ديرك بوجارد عام 1961 وساهم في تغيير القوانين المتعلقة بالمثلية الجنسية في بريطانيا فيما بعد.