مهرجان روتردام : احتفال كبير بسينما الشباب
أمير العمري- روتردام
تفتتح مساء اليوم الأربعاء 22 يناير الدورة الثالثة والأربعون من مهرجان روتردام السينمائي (وتستمر حتى الثاني من فبراير) الذي يعد أول المهرجانات السينمائية الكبيرة التي تقام في القارة الأوروبية. ويخصص المهرجان مسابقته وبعض أقسامه الرئيسية، لأفلام السينمائيين الشباب في الشرق والغرب، ويسلط الأضواء على الاكتشافات الجديدة في سينما العالم، كما يهتم بالأفلام التجريبية الطويلة والقصيرة، وبأشكال التعبير السينمائي المتباينة التي تساهم في تطور هذا الفن.
يخصص المهرجان مسابقته الرئيسية للأفلام الروائية الأولى والثانية لمخرجيها، و��ضم المسابقة هذا العام 15 فيلما من هولندا والسويد والبرازيل واليابان والولايات المتحدة وكندا والصين وكوريا الجنوبية وكرواتيا وروسيا والنمسا وإسبانيا وألمانيا وبلغاريا ورومانيا وإيطاليا.

تتكون لجنة تحكيم المسابقة من خمسة أعضاء على رأسهم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان (يد إلهية، الزمن الباقي)، والمخرج الهولندي المعروف نانوك ليوبولد، والمخرج الأندونيسي إدوين الذي سبق له الفوز باحدى جوائز المسابقة الرسمية المعروفة بجوائز النمر، والمبرمجة السينمائية فيوليتا بافا التي تعمل في مهرجان بيونيس أيريس في الأرجنتين، وأخيرا الممثلة اليابانية كيكي سوجينو.
وتمنح اللجنة ثلاث جوائز لأفضل ثلاثة أفلام في المسابقة، وتبلغ القيمة المالية لكل جائزة 15 ألف يورو.
وبمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس برنامج الدعم المالي التابع لمؤسسة هيوبرت بالس التي تحمل إسم مؤسس المهرجان الذي انطلق عام 1972 للمرة الأولى، يخصص المهرجان قسما خاصا لعرض عدد من الأفلام الشهيرة التي جاء تمويلها الأول من خلال مهرجان روتردام وهذه المؤسسة التابعة له. ومن هذه الأفلام فيلم “سجل إختفاء” لإيليا سليمان الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي عام 1996.
وكان دعم الأفلام يتركز أساسا على أفلام السينمائيين الشباب من افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وبعض بلدان أوروبا الشرقية. وإلى جانب فيلم إيليا سليمان “سجل اختفاء” سيعرض ضمن هذا القسم 13 فيلما من أشهرها “العيش على حبل مشدود” (1991) Life on a String أول الأفلام التي لفتت النظر إلى موهبة المخرج الصيني الكبير تشين كايجي، وفيلم “الليل” للمخرج السوري محمد ملص، و”صمت القصور” للمخرجة والمونتيرة التونسية مفيدة التلاتلي، و”العينان الزرقاوان ليونتا” (1992) للمخرجة فيورا جوميز من غينيا بيساو، و”اليابان” (2001) أول أفلام المخرج المكسيكي كارلوس ريجادوس (صاحب “الضوء الصامت” Silent Light).
أقسام المهرجان
يعد مهرجان روتردام السينمائي من أكبر مهرجانات السينما في العالم من حيث أقسامه بل وعدد ما يعرضه من أفلام بل وعدد الجمهور الذي يقبل على أفلامه بكثافة حيث يصل عدد المترددين على قاعات العرض نحو 300 ألف شخص. وربما يكون مفيدا أن نعرف ان المهرجان عرض في العام الماضي (2013) 220 فيلما طويلا، و320 فيلما قصيرا من 60 دولة.

يتكون المهرجان من 12 قسما هي إلى جانب مسابقة الافلام الروائية الطويلة (مسابقة النمر)، مسابقة الأفلام القصيرة التي يعرض بها 24 فيلما منها فيلم من لبنان بعنوان “رسالة إلى طيار رافض” لأكرم زعتري، وقسم “المستقبل المشرق” Bright Future المخصص أيضا لعرض الأفلام الأولى والثانية فقط لمخرجيها أي أنه يوازي الاحتفال الذي يتمثل في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بسينما المخرجين الشباب في العالم. ويعرض في هذا القسم 64 فيلما من بينها فيلم واحد من العالم العربي أو محسوب بشكل ما على العالم العربي وهو فيلم “فيلم إيراني” وهو عنوان يثير الفضول نظرا لأنه فيلم تسجيلي يدور حول رغبة مخرج مغربي شاب في تصوير فيلم في بلاده يتمثل فيه الأفلام الإيرانية التي يعجب بها، وما يواجهه من مشاكل معقدة. والفيلم من اخراج ياسين الإدريسي، ومن الإنتاج المشترك بين هولندا ومصر والمغرب.
وضمن أفلام هذا القسم يقدم المخرج الكيني نيك ريدنج فيلمه الأول “إنه نحن” It Is Us المستوحى من أحداث العنف التي اجتاحت البلاد في 2007 ابان الانتخابات، لكنه يقدم هنا عملا يتسم بالكوميديا وان كان يدور في أجواء سياسية ساخنة.
جدير بالذكر أن أفلام قسم “المستقبل المشرق” هي خليط من الأفلام التسجيلية والروائية، وبينها عدد كبير من أفلام جنوب شرق آسيا بل وسينما القارات الثلاث التي يوليها المهرجان عادة اهتمامه الكبير.
هناك أيضا قسم “الطيف” Spectrum الذي يضم مجموعة كبيرة من الأفلام الطويلة التي أنتجت في بلدان العالم المختلفة خلال الأشهر الماضية للسينمائيين الراسخين، ومنها الكثير من الأفلام الشهيرة التي جابت المهرجانات السينمائية الدولية خلال العام الماضي وحصل بعضها أيضا على جوائز في هذه المهرجانات. والهدف من هذا القسم إطلاع الجمهور الهولندي على أهم ما انتج من أفلام، وأيضا تشجيع الموزعين على شراء حقوق عدد من هذه الأفلام وتوزيعها في السوق الهولندية أو بيعها إلى قنوات التليفزيون المتخصصة وغير المتخصصة.

ويعرض في هذا القسم 70 فيلما منها الفيلم المصري “فرش وغطا” للمخرج احمد عبد الله، والفيلم الجزائري “ثورة الزنج” لطارق تقية، والفيلم الإسرائيلي “ذئاب كبيرة سيئة” من اخراج أهارون كيشالس ونافوت بابوشادو، ومن أشهر الأفلام العالمية التي تعرض في قسم “الطيف” أيضا الفيلم الصيني “لمسة خطيئة” لجانج كي جيا، والأمريكي “نبراسكا” لألكسندر باين، والبريطاني “معرض” لجوانا هوج، والأمريكي “هي” Her لسبايك جونز، والتركي “أنا لست انا” لتايفون برسيليموجلو، والايطالي “خطاب الى الرئيس” لماركو سانتاريللي.
والقسم التالي هو قسم “الطيف” للأفلام القصيرة ويتضمن عرض 236 فيلما قصيرا وتجريبيا من شتى أنحاء العالم.
ويخصص المهرجان ثلاثة اقسام لاستعرض السينما الأوروبية بعنوان “حالة أوروبا” يعرض خلاله 18 فيلما طويلا وقصيرا من البلدان الأوروبية المختلفة كلها تدور حول موضوع الهوية الأوروبية، الماضي والحاضر، وتبحث في مستقبل الاتحاد الأوروبي، من الزاوية الثقافية، وتسلط الأضواء على الكثير من الظواهر التي شغلت العقل الأوروبي الفردي والجمعي خلال الفترة الأخيرة. ومن ضمن الأفلام التي تعرض في هذا البرنامج الفيلم الفرنسي “الغيرة” لفيليب جاريل، و”الخلاص” لميجيل جوميز من البرتغال، وفيلم “الطريق الدائري المقدس” لجيانفرانكو روسي وهو الفيلم الوثائقي الفائز بالأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا الأخير، و”العملاق الأناني” لكليو برنارد من بريطانيا، و”قصة موتي” لألبرت سيرا من أسبانيا، و”عندما ينزل المساء على بوخارست” لكورنيللو برومبو من رومانيا، و”أكتوبر نوفمبر” لجوتز سبلمان من النمسا.

ويحتفي المهرجان بالمخرج الهولندي نيلس مالمورس من خلال قسم خاص لعرض أهم أفلام هذا المخرج العملاق الذي يقارن بالدنماركي لارس فون ترايير. ويبلغ عدد الأفلام في هذا القسم 12 فيلما أخرجها مالمورس في الفترة بين عامي 1973 إلى 2013.
وهناك القسم الذي يخصص سنويا في روتردام وكل المهرجانات الدولية الكبيرة لعرض مختارات من الأفلام الكلاسيكية التي تم استعادتها وترميمها حديثا وكذلك الأفلام التي تدور حول السينما نفسها. ويعرض من هذه الافلام نحو 60 فيلما.
وأخيرا يأتي قسم “أفلام النجاة” الذي يضم 13 فيلما تدور حول النجاة من الموت أو من الظروف القمعية وغيرها، وهي أفلام طويلة وقصيرة.
ساهم مهرجان روتردام خلال السنوات الأربعين الماضية في اكتشاف الكثير من المواهب السينمائية الشابة وتسليط الاضواء على عمل الكثير من المخرجين من بلدان العالم الثالث والسينمات الناشئة وعادة ما يهتم كثيرا بالسينما الإيرانية.