فنون الحلقة..تراث قديم بفرجة الأساطير والأزليّات
مصطفى الصوفي – الرباط

تُعتبر فنون الحلقة في المغرب، أحد الأشكال الإبداعية والفنية القديمة، التي ترتبط بالفرجة المقدمة للجمهور في الهواء الطلق، وذلك من خلال ألوان فنية شفاهية، تعتمد على تقنية الحكي والقصّ التلقائي، وأخرى تعتمد على الصورة كخطاب فني مقنع، وأدوات بسيطة أو معقدة تتوخى إنتاج عنصر الانبهار والتشويق، الذي يعتمده الفنانون المتمرسون الذين يطلق عليهم اسم (الحلايقية)، وذلك بهدف استمالة الجمهور إليهم، وتحقيق المتعة البصرية، والفرجة العامة للناس الذين يتحلقون حول هؤلاء الفنانين بشكل دائري، كخلية نحل، بحثا عن حلاوة في الحكي والرواية، وطراوة في عروض فكاهية، وأخرى ساحرة غاية في الغرابة والعجائبية.
رواة وأزليّات وخرافات
يعتبر العديد من الدارسين والنقاد على أن الحلقة في المغرب، التي ما تزال تنتعش وتزدهر في العديد من المدن، والساحات العمومية والفضاءات السياحية، وكذا في الأسواق الأسبوعية والأرياف، ومواسم الأولياء والأضرحة، ومواسم فن الفانتازيا التقليدية وغيرها، تُعدّ مرآة مصقولة لمسرح شعبي يتأسس على البوح التلقائي، والارتجال وسرعة البديهة ودغدغة مشاعر الجمهور، ليعود إلى أيام زمان، وطفولته الهاربة بالأسواق الأسبوعية، كشكل من أشكال الحنين الفني والنوستالجيا الرقيقة، واستذكار الماضي الجميل.
وتقدم الحلقة، التي ما تزال تحافظ على عادات وطقوس الناس، وأنماط عيشهم، صورا مختلفة لحياة الناس البسطاء المجبولين على حب الفن، وتنشيط الناس، وذلك من خلال احترافية ومهنية العديد من الحكواتيين والرواة، والموسيقيين، ومروضي قرود جبال الأطلس، والأفاعي، وآخرين ومن شعراء شعبيين وزجّالين، وحفاظ مقامات تاريخية وأزليات، أشهرها، أزليات ألف ليلة وليلة، وسير قديمة، كسيرة سيف بن ذي يزن، وعلي بن أبي طالب، وسحرة، يستعرضون قدراتهم الخارقة ومهاراتهم الغريبة، في التعامل مع الهواء والماء والنار والسحر والجن، بطرق يبقى معها الجمهور حائرا وخائفا، يعيش بين والوهم والحقيقة والخيال.
في هذا الإطار، دق العديد من الفنانين المغاربة ناقوس الخطر بخصوص ما يتهدد هذا الفن من خطر الانقراض، وذلك في ظل عدم الاهتمام بالفنانين (الحلايقية)، والنظرة الدونية تجاههم، فضلا عن إقصائهم وتهميشهم وعدم الاعتراف بكفاءاتهم ودورهم الكبير في صيانة الذاكرة الشعبية القديمة من الضياع، والحفاظ على هذا الفن الذي يُعدّ تراثا لا يمكن الاستغناء عنه، كجزء من القيم الوطنية والهوية التراثية العربية من الماء إلى الماء.
في ظل هذه الظروف، حاولت العديد من فعاليات المجتمع المدني، لفت الانتباه إلى هذه القضية الثقافية والفنية، وذلك من خلال مبادرات شخصية تحتاج إلى كثير من الدعم والمساعدة، وذلك بهدف الحفاظ على هذا الموروث الفني الجميل والكنز الإبداعي الذي لا يُقدّر بثمن، مبادرات، اجتمعت في شكل مهرجانات، وهو ما قامت فطنت إليه، جمعية فرقة ناس الكوميديا.
صيانة الموروث الفني

في هذا السياق، ومن أجل صيانة هذا الموروث الثقافي والفني المغربي، الذي يُهدّده ا��زوال والغياب، وذلك بسبب رحيل وموت العديد من (الحلايقية) من حكواتيين ورواة مشهورين، وعزوف الشباب من أبناء هؤلاء الفنانين، عن حمل مشعل أبائهم واقتفاء أثرهم الفني، بدعوى أن فن الحلقة أفقه المادي والمعنوي محدود ومعتم، ولا يساهم بشكل من الأشكال، في تحسين الوضع الاعتباري والاجتماعي لممارسيه، وإنقاذ أسرهم من الفقر والحاجة والتسول، أقدمت جمعية فرقة ناس الكوميديا التي تنشط على صعيد جهة دكالة عبدة، على تأسيس مهرجان خاص، كان في البداية وطنيا، ثم تحول إلى مهرجان دولي، ويحمل اسم “مهرجان الحلقة والفنون الشعبية” في إشارة إلى ارتباط فن الحلقة بالفن الشعبي والتراثي المغربي، وبفن البسطاء والمهمشين والناس الدراويش، الذين يريدون أن يبقوا على طبيعتهم وسجيتهم، ويفضلون افتراش الثرى في الهواء الطلق، من أجل متابعة عروض الحلقة، سواء ما يقدمه الحكواتية أو الرواة، وأصحاب الأزليات، أو أصحاب الجوقات الموسيقية الشعبية والتقليدية التي تعيد إليهم ذكريات أيام زمان.
وخلال هذا العام، نظمت الجمعية، من السادس وحتى التاسع من شهر نوفمبر الجاري، فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الدولي للحلقة والفنون الشعبية، والذي استضافته مدينة سيدي بنور، والتي تعد أحد المدن الشهيرة بجهة دكالة عبدة، وذلك بمشاركة أمهر الفرق والمجموعات، التي تنشط في مجال الحلقة والفنون التراثية بشكل عام.
وشكّلت هذه التظاهرة الفنية المتنوعة، التي أقيمت بدعم وزارة الثقافة المغربية والجماعة الحضرية للمدينة، والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية، وتحت إشراف عمالة الإقليم، بمناسبة الذكرى الـ 39 لانطلاق عيد المسيرة الخضراء، إضافة نوعية لإثراء الجانب الثقافي والفني في إقليم سيدي بنور، وجهة دكالة عبدة، التي تزخر بمؤهلات ومرجعية تراثية وفنية غنية، وبخاصة على مستوى الشعر الشعبي والأزجال، والأنماط الحكائية والغناء الشعبي وغيرها من الأشكال الفنية القديمة في مختلف دواوير ومداشر وأرياف المنطقة.
رموز التراث الشفهي

وحول هذه التظاهرة الفنية وأهدافها، قال مدير المهرجان محمد البوساتي في تصريح خاص للجزيرة الوثائقية، أن جمعية فرقة ناس الكوميديا، الجهة المنظمة، والتي تضم فعاليات فنية وثقافية سواء على المستوى الإقليمي أو الوطني تراهن بالخصوص على خلق دينامية فنية وثقافية بهذه المدينة، التي تضم أكبر سوق أسبوعي على الصعيد الوطني، والذي يُعدّ فضاء خصبا لاستقطاب (الحلايقية) من مختلف المناطق، فضلا عن كون مدينة سيدي بنور، جاءت في منطقة دكالة الشهيرة بمنتوجها الفلاحي الكبير، وإرثها الثقافي والتراثي، والديني الغني، وذلك من خلال وجود العديد من الزوايا الصوفية والأضرحة من أبرزها زاوية سيدي إسماعيل، والزاوية الدرقاوية بمنطقة أحد أولاد فرج، الزاوية التهامية والكتانية وغيرها، مؤكدا أن رهان الجمعية هو جعل المهرجان موعدا سنويا لتكريم رموز التراث الشفهي والحكائي داخل وخارج المغرب، وتكريس روح رد الاعتبار لهذا الفن التراثي الجميل، الذي يحتاج إلى دعم كبير ومتواصل من قبل المسؤولين.
رد الاعتبار لـ (الحلايقية)

ولفت إلى أهمية وقيمة الحكواتي و(الحلايقي)، الذي يؤثث فضاءات مهرجان سيدي بنور، كل عام، وذلك لكونهم يمثلون أحد الرموز الفنية الأصيلة، التي تحافظ على انتعاش الذاكرة الشعبية والجماعية المغربية، وذلك من خلال تلقائيتهم وذكائهم، وسرعة بديهتهم أثناء الحكي، بطرق غاية في التشويق واستمالة الجمهور إلى فحوى القصة رغم صعوبتها وغرائبيتها، في كثير من الأحيان. مؤكدا أن المهرجان يعد أيضا عرسا حقيقيا لهؤلاء (الحلايقية) من مختلف أنحاء البلاد، من أجل التلاقي والتعارف، وتبادل الخبرات والتجارب، والتداول في أمورهم الفنية والاجتماعية، والبحث عن مشاركات جديدة في مهرجانات أو حفلات أو أعراس ومواسم، وعن حلول ناجحة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية.
وحول تأثير الطفرة التكنولوجية على فن الحلقة، ودور المهرجان في الحفاظ على أصالة هذه الفن العريق، أكد البوساتي أن فن الحلقة في المغرب عامة بالرغم من الطفرة التكنولوجية الحديثة، ما يزال يقاوم من أجل أن يبقى فنا تراثيا قائما بذاته، يشكل جزء من الهوية الوطنية، بالرغم من النظرة غير السوية التي يرى بها بعض المسؤولين هذا الفن، حيث يتجاهلونه، ولا يقدمون له أي دعم، وغياب أي استراتيجيات حقيقية للحفاظ على هذا الفن من الضياع، وحماية الفنانين ورد الاعتبار لهم. كما أن المهرجان بتنظيمه لهذه التظاهرة كل سنة، رغم شح الإمكانات المالية، وفي غياب دعم حقيقي من قبل الجهات المختصة والراعين، هو في حد ذاته مرآة حقيقية لمواصلة دعم هؤلاء الفنانين، والحفاظ على هذا الموروث الفني العريق.
توثيق الذاكرة الشعبية

وفي هذا الإطار، ومن أجل الحفاظ على هذا الفن التراثي القديم، دعا البوساتي بالمناسبة إلى خلق مؤسسات فنية قوية قادرة على وضع برامج من شأنها صيانة هذا الفن الجميل من الانقراض، فضلا عن خلق مدارس تكوينية، بهدف عدم اختفاء هذا الفن إلى جانب فنون أخرى مهددة بالانقراض في ظل تقاعس المسؤولين عن ذلك خلال السنوات المقبلة.
كما أشار إلى أن المهرجان يعتزم بالتعاون مع عدد من الشركاء تأسيس مؤسسة ثقافية كبيرة تعنى بهذه الفنون التراثية العريقة والأصيلة، وذلك من أجل رد الاعتبار للفنون التراثية المحلية المحببة لدى السكان والأهالي في علاقتها بنظيرتها العربية والإفريقية والدولية، وإقامة مشاريع فنية تراثية لتوثيق الذاكرة الشعبية المحلية، وخلق شراكات محليا ودوليا، وإخراج المنطقة من عزلتها، وتأكيد أحقيتها باحتضان والدفاع عن هذه الأشكال الفنية التي تعاني الإقصاء والتهميش وشح الدعم.
وقال أن مدينة سيدي بنور، التي تحتضن هذا المهرجان، وهي المحاذية لمدينة مراكش، ومنطقة التقاء بين عادات وأشكال تراثية وفنية من جهة دكالة عبدة وجهة مراكش تانسيفت الحوز، والقارة الأفريقية، تعتبر فضاء خصبا لفنون عربية وأمازيغية وصحراوية وبحرية نظرا لقربها أيضا من مدن ساحلية كمدن الجديدة وأسفي، وهو ما يجعل فن الحلقة والفنون التراثية عامة، تزدهر بهذه المنطقة الغزيرة فنيا وإبداعيا، وتمتلك خصوبة راقية تجعل من مهرجان الحلقة والفنون الشعبية ببلوغه دورته السادسة، رافدا حقيقيا لإنتاج الفرجة للناس، وتحقيق إشعاع ثقافي وفني لهذه المنطقة، التي تشتهر بفنونها التراثية، وبخاصة فنون التبوريدة، والغناء الشعبي، وبخاصة أثناء مواسم الحصاد وجمع المحاصيل الزراعية والفلاحة، ومنها العنب، والبطيخ، والزيتون، والشمندر السكري وغيره.
(جامع الفنا) تراث عالمي انساني

وأشار إلى أن فن الحلقة الذي يركز عليه المهرجان كشكل مسرحي بدائي، فن تراثي قديم، يختلف من الحلقة الغنائية إلى الفكاهية، ومن الفرجوية إلى حلقة الطب البديل أو الطب الشعبي، وهي تجمع في عروضها المتنوعة، بين الجد والهزل، ومختلف الشرائح الاجتماعية، بدائرة واحدة يكون هدفها الفرح والبسط، والاستمتاع والاستفادة، و(الحلايقي) هو ذاك الفنان الذكي، الذي يجمع بين الموعظة والحكمة والإقناع، وبين الخيال والحقيقة أثناء سرده للأحداث التاريخية مثلا. مبرزا أن الحلقة بالمغرب الذي يمتاز بخصوبته اللغوية وتعدُّد ثقافاته وتعبيراته واختلاف جغرافيته، مسرح فردي أو جماعي، يستمد خصائصه من المسرح اليوناني العريق.
وأضاف أنه من “خلال مهرجان سيدي بنور نحاول أن نترك الفنان المشارك على سجيته، حيث ينطلق في حكايته مثلا من المعيش اليومي المغربي والمشاكل الاجتماعية المتفشية في المجتمع، وذلك بأسلوب مشوق يساعد الناس على تقبل الحياة مهما كانت صعبة للغاية، مذكرا بأن مدينة مراكش حتى الساعة تحتضن أكبر حلقة في العالم وذلك من خلال ساحة جامع الفنا، الشهيرة، والتي تستقطب الآلاف من السياح يوميا، وقد صنفتها منظمة اليونسكو مؤخرا تراثا إنسانا عالميا، وفيها يجد السائح إشباعا فنيا لا مثيل له وذلك من خلال العديد من الحلقات التي تقدم للجمهور فرجة متنوعة، تتوزع بين الحكي والغناء والموسيقى والرقص والسحر وترويض الأفاعي والثعابين والقرود وغيرها، لتختتم الجولة السياحية بأكلة شعبية بعين المكان، قرب (البازارات) وبيع السجاد والزرابي والتذكارات، وسوق التمر والحناء، من خلال تناول وجبة الحلزون، أو شرب عصير أعشاب تقليدية حارة أو كؤوس لعصير الليمون.
الصيد بالصقور تراث أصيل

وأكد البوساتي بالمناسبة أن دورات المهرجان السابقة لفنون الحلقة الذي يُعدّ متنفسا للناس للترويح عن النفس وبخاص في الأسواق والأعراس، والمواسم، نجحت في تقديم الفرجة للجمهور من خلال، العديد من الفقرات الفنية الموازية، سواء تنظيم عروض الفروسية التقليدية، أو استضافة أبطال خوارق كعزيز صالحي، وتنظيم عروض الصيد بالصقور والنسور، بمشاركة عدد من الشيوخ المدربين من مروضّي ومربي الصقور بمنطقة القواسم، التي تعتبر أشهر منطقة بإقليم سيدي بنور، فضلا عن تنظيم عدد من الندوات، التي تناقش موضوع الحلقة كتيمة بين الواقع والأفاق، والأجيال المقبلة، ودورها الكبير في إثراء الحقل الثقافي المغربي والعربي والدولي، وصيانة الذاكرة الشعبية، وتكريم رواد هذا الفن، من أبرزهم الحكواتي المغربي الشهير محمد باريز، الذي شارك في العديد من المهرجانات العربية والدولية ويتحدّر من مدينة مراكش.
وأضاف أن فعاليات المهرجان الدولي السادس للحلقة والفنون الشعبية، ركزت من أجل انفتاحها على محيطها الدولي، على بعض التجارب الفنية الدولية وبخاصة من القارة الإفريقية، وبخاصة أن هذه الأخيرة، تُعدّ فضاء ساحرا للعديد من الأشكال الفرجوية والتراثية الرائعة والغريبة، والتي تجسد، في بعدها السوسيولوجي، نمط حياة المجتمعات الأفريقية منذ غابر الأزمان وقت الفرح والأتراح، وتعبر بكل صدق عن ثراء الفن الشعبي الإفريقي، الذي ما يزال يأسر الجمهور والمتلقي، وذلك من خلال سحر وأساطير طبوله الإفريقية ورقصاته وإيماءاته، التي تنعش ذاكرة التلقي، بفيض عادات وتقاليد، وروح خرافات وأساطير تنهض من وحي السفانا وفي أوقات الحرب والسلم، والمقاومة وصيد الحيوان في البراري الإفريقية الشاسعة.
مسرح بدائي يتوخى الاحتفالية

وقال في هذا الصدد، أنه خلال هذه الدورة، تم “التركيز والاحتفاء بدولة السنغال، وذلك بمشاركة فرقة جميلة تطلق على نقسها اسم(فار فرينا)، قدمت عروضا مميزة استحسنها الجمهور، وبخاصة خلال الافتتاح الذي شهد عروضا فنية، متنوعة نشطتها فرق فنية منها الدقة المراكشية، والركادة من الجهة الشرقية، وفرقة الطبول والألعاب النارية(سمارت ارت)، إضافة للفنانين و(الحلايقية)، وفعاليات مجتمع مدني، وشباب متعطش للموسيقى، وذلك بهدف خلق الفرجة للمواطنين وسكان المدينة بشكل عام”.
وأوضح أن كرنفال حفل الافتتاح، الذي تابعه الآلاف من الجمهور، وجاب أهم شوارع المدينة، يعد أحد الأشكال الفنية والاحتفالية التلقائية في الهواء الطلق، والذي يحاكي في عمقه تجسيدا لروح الحلقة، في أبعادها المجتمعية والفرجوية، وهو ما خلق نوعا من الحميمية بين الجمهور والفنانين، وجعل المهرجان احتفالا شاعريا جماعيا، شارك فيه الكبير والصغير، بحثا عن لحظات فرح هاربة، في خضم مشاكل يومية روتينية وهموم وأوجاع يعيشها أفراد المجتمع كل يوم وحين. مبرزا أن أقوى لحظات المهرجان، كانت مع انطلاق الكرنفال في حفل الافتتاح، تكريما لعيد المسيرة الخضراء، حيث حمل شعارها، وشاركت فيه، مختلف الفرق المشاركة، إضافة إلى عدد كبير من المشاركين في المسيرة الخضراء عام 1975، وهو ما حول افتتاح المهرجان إلى ملحمة وطنية وفنية وتراثية راقية.
نفائس تراثية تحتاج للدعم

كما كشف عن أن جمهور مدينة سيدي بنور، استمتع بعروض الفرق المشاركة، التي نشطت مختلف الساحات، من حكواتيين، وفنانين وزجالين، منها عرض الزجالة والحكواتية زهور الزريق، التي تعد أشهر حكواتية مغربية، إضافة إلى تنظيم ورشات وألعاب سحرية وبهلوانية للأطفال، ومتابعته لعرض مسرحي متميز بعنوان (الرابوز) للمخرج أمين عواد بقاعة البلدية، والذي عرض بدعم من المسرح الوطني محمد الخامس بالعاصمة الرباط. إضافة إلى ندوة فكرية، نشطها أكاديميون ونقاد وباحثون في علوم التراث كأبو القاسم الشبري، والأديب الدكتور الحبيب الدايم ربي، حول موضوع (تاريخ الحلقة في دكالة)، وهي الندوة التي استقطبت حضورا مهما، وفتحت نقاشا عميقا حول تاريخ الحلقة في المنطقة، ومساهمتها الكبيرة في إخصاب الحقل الثقافي والفني عموما.
وأعرب البوساتي الذي كشف عن قرب توقيع اتفاقية شراكة بين الجمعية المنظمة والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية بسيد بنور، عن أمله في أن تكون الدورة المقبلة، في مستوى تطلعات الجمهور، وذلك في أفق دعمها من قبل الجهات المعنية، خدمة لكل ما هو ثقافي وتنموي بالمدينة والإقليم، وصيانة للذاكرة الشعبية والتراثية المغربية والعربية، عبر الاحتفاء بفنون الحلقة ورموزها، والتي تشكل أحد الصفحات الفنية المشاركة في مجلد الفكر التراثي العربي، والنفائس التاريخية والحضارية الغالية، التي لا يمكن الاستغناء عنها، كعبق فني، يضيف إلى الهوية الوطنية والعربية أريجا طيبا في حديقة الفنون التراثية الجميلة.