مجد خليفة: لحظاتي الأولى في القدس لن أنساها
حوار: محمد موسى

عاش الفلسطيني مجد خليفة في سبع دول عربية قبل أن يحط به الرحال في بلجيكا، إذ يعمل منذ سنوات باحثاً متخصصاً في موضوعات الشرق الأوسط في قسم الأخبار في التلفزيون الحكومي البلجيكي، وهي المؤسسة الإعلامية التي سجلت قبل عامين الرحلة الأولى له إلى فلسطين، وقدمتها في فيلم “بلا وطن”. رافق الفيلم مجد خليفة وهو يبحث عن آثار عائلته في البلد الحُلم، وانتهى بمشاهد عاطفية له في أحد بيوت أهله، فالمصادفات وحدها حَفِظَت بيت جَدّ الشاب الفلسطيني لجِهة أُمه من الخراب الكامل. يقع بيت الجَدّ على بحر حيفا، في حي مهجور ومنسيّ منذ عقود، ربما منذ أن أُجبر سكانه العرب على تركه في عام 1948، ليكون الحيّ ذاك شاهداً متواصلاً على قسوة الأحداث التي شهدتها المدينة والبلد.شارك مجد خليفة بعدها في إخراج وإعداد البرنامج التسجيلي الضخم “الحُبّ العربي”، والذي عُرض قبل أشهر قليلة على التلفزيون البلجيكي الرسمي، وفيه تمت مقاربة ثقافات خمس دول عربية عبر بوابة “الحُبّ” ومكانته في حياة سكان كلٍ من تلك الدول اليوم، هذا كله عبر منظار “الربيع العربي”، والتغييرات التي حملها معه.
عن المشروعين التسجيلين كان هذا الحوار مع المخرج مجد خليفة ..
• كيف بدأ مشروع فيلم “بلا وطن”؟ هل هو فكرتك من الأساس أم كان إقتراح من التلفزيون البلجيكي، ليسجل رحلتك الأولى إلى بلد أجدادك في فلسطين؟
لم أُخطّط أن تكون زيارتي الأولى لفلسطين موضوع فيلم وثائقي. السفر إلى هناك كان حلماً يراودني منذ الصغر. وفي عام 2011، أي في بداية “الربيع العربي”، كنت قد بدأت مشروعاً صحفيّاً بعنوان “بين الحريّة والسعادة” بالتعاون مع زميلي الصحفي البلجيكي بيتر ستوكمانس. سافرنا من خلاله لدول عربية مُتعددة، لتغطية الأحداث المُتسارعة وقتها هناك، ومن ضمن الدول التي خططنا لزيارتها كانت فلسطين.لم تكن لدي خطة مُفصلة للزيارة. كان الهدف الأساسي تحقيق الحلم ودخول فلسطين أولاً ومن ثم البحث عن قريتنا وبيوت أَجْدَادي. أثناء التحضيرات التقيت بالصدفة بمخرج بلجيكي شاب هو سنا دهاندسختر طرحت عليه الفكرة فأعجبته وقرر العمل مع فريقنا الصحفي لتوثيقها. شكلنا فريقاً صغيراً لفلمنا يصور رحلتي الأولى. كفلسطيني من الجيل الثالث للآجئين في الشتات إلى فلسطين. كان الفيلم هو إطلالتي الأولى على شاشة التلفزيون البلجيكي.

معظم الفلسطينيين الموجودين في الشتات لم يتمكنّوا من زيارة فلسطين في حياتهم ومازالوا يناضلون من أجل حق العودة.خرج أَجْدَادي من جهة أبي وأمي من فلسطين بعد نكبة 1948، ولم يعرف أولادهم ولا أحفادهم فلسطين أبداً إلا من ذكرياتهما عنهاً. نجحت في العثور على بيوت أَجْدَادي بفلسطين. صورنا عملية البحث بداية من “يافا” وحتى عثرنا على منزل جَديّ من جهة أمي في مدينة حيفا، وقرية جدي من جهة والدي في أطراف المدينة. وجدنا بيت جدي الأول سليماً ومهجوراً أما بالنسبة لجديّ الثاني فكانت قريته ممحيّة بشكل شبه كامل وكان بيته مُهدماً، ما عدا جدار المطبخ.
الجدير بالذكر أنني في ذلك الوقت لم أكن أملك الجنسية البلجيكية في عام 2011، بل كنت قد حصلت على وثيقة سفر بلجيكية مؤقتة، كُتب في حقل البلد فيها “بلا وطن”، لأن فلسطيني الشتات، وحسب القانون البلجيكي، هم “بلا وطن”، وهي الصفة التي أصبحت لاحقاً إسماً للفيلم. لم يكن الحصول على الفيزا الإسرائيلية سهلاً. فعندما ذهبت إلى السفارة الإسرائيلية في بلجيكا تحدثت معهم عبر الهاتف الخارجي. سألوني عن جنسيتي، وعندما أخبرتهم أني “بلا وطن”. وجدت أن كاميرات المراقبة الأمنية على باب السفارة تحركت جميعها بإتجاهي، ثم سمعت صوتاً يطلب مني أن أضع الحقيبة التي كنت أحملها على الأرض وأتحرك الى الجانب الآخر من الشارع. بعدها بدقائق معدودة وصلت دورية للشرطة البلجيكية قاموا بالتحقيق معي في الشارع. لكن عندما تبين أن أوراقي بلا مشاكل، خرج الموظف الإسرائيلي إلى الشارع ليطرح عليّ أسئلة عن مكان مولدي. عندما أجبت أني ولدت في دولة الإمارات، قال إذن أنت إماراتي فقلت لا. ثم سألني أين وُلد والدك فقلت في سوريا، فقال أنت سوري إذن، فأجبته بالنفي أيضاً. فلما أخبرته أن جَدّي من حيفا، أجاب أنت فلسطيني. فاعترف بفلسطينية المدينة، رغم أنهم يُصرّون رسمياً أن المدينة ضمن حدود إسرائيل. بعد دقائق دخلت إلى السفارة وبعد تفتيشي الكامل قاموا باستلام طلب الفيزا. قالوا لي وقتها أن الأمل ضعيف في الحصول على الموافقة. بعد بضعة أسابيع تلقيت مُكالمة من السفارة الإسرائيلية تخبرني أني حصلت على الفيزا. فرحت كثيراً، فبعد ثلاثة أجيال من حياة عائلتي في المنفى حصلت أخيراً على إذن بزيارة بلدي كسائح!
بدأنا تصوير الفيلم من الليلة التي سبقت سفرنا إلى فلسطين، ثم جاء يوم السفر… أذكر أن الطائرة كانت ممتلئة بالمسافرين اليهود المتدينين. أعتقد أني كنت العربي الوحيد على تلك الطائرة. وعندما وصلت إلى مطار تل أبيب تم التحقيق معي لفترة ثلاثة ساعات ونصف. في التحقيقات تلك تعمدوا إثارة غضبي بأسئلة عديدة وبإلحاح. كانت لحظة تاريخية عندما خرجت من المطار إلى المدينة والهواء الطلق، ليس فقط بحياتي، بل حياة كل عائلتي التي كانت تترقب مني خبر الوصول إلى الوطن.
• هل وضعتم خطة لما كنتم تنوون القيام به قبل سفركم إلى فلسطين؟ أم ما شاهدناه في الفيلم كان في مُعظمه ارتجالي وبدون تخطيط ؟

نفذنا الفيلم بإرتجال كامل، لم نُخطّط لشيء. على عكس ما أقوم به عندما أسافر لدول عربية، إذ أكون بالعادة قد خطّطت مسبقاً لما أنوي تصويره هناك، والأشخاص الذين أرغب في مقابلتهم. أما في الأرض المحتلة لم يكن عندي أي خطة أو شخص للإتفاق على لقائه. كان محاولة للبحث عن وطن والبحث عن سلام داخلي افتقدته في مختلف البلدان التي عشت فيها. كنت أرغب أن أعيش المغامرة بنفسي، وأن أترك كل شيء للمصادفة أو المفاجأة. حتى إني لم أقم بإعداد بحثاً كاملاً عن حياة عائلتي في فلسطين، كنت أريد أن أكتشف تاريخي بنفسي أثناء وجودي هناك. كنت أظن مثلاً أن مكان بيت جَدّي من جهة أُمِّي في يافا، لكنني اكتشفت أنه كان في حيفا وأن صالة السينما التي كان يعمل بها جَدّي كانت في عكا. حتى اللقاءات التي أنجزناها كانت أيضا عفوية وتمت بدون تخطيط. كان الوجود هناك تجربة مُختلفة تماماً عما عِشته في حياتي. صحيح أني كنت أزور البلد لأول مرة، لكني لم أشعر بالغربة. منذ ولادتي وأنا أعيش غريباً في دول مُختلفة. هناك كنت فلسطينياً في فلسطين. لحظاتي الأولى في القدس، في بيت لحم، على شاطئ يافا وحيفا، في أزقة عكا، في حارات الخليل ونابلس…لن أنساها.
• الفيلم لم يشأ أن يُعالج موضوعه بأسلوب درامي أو تحقيقي، بل بقى تناوله خفيفاً ومرحاً، هل كان ذلك شيئاً مقصوداً؟
كان بإمكاننا أن نذهب هناك ونقول بجديّة كبيرة، انظروا.. هناك احتلال طويل وظالم. هذا كان ممكناً. لكن هذه الصورة تم تقديمها مئات المرات. إتجهنا لخيار ثان. وهو إبراز “الإنسان” في فلسطين ، سواء كان مسلماً مسيحياً أو يهودياً. حاولنا الإبتعاد عن “الدراما”.. أحببت أن يرى المشاهد فلسطين الجميلة، فغالباً يعمد صانعوا الأفلام لعرض صورة حزينة عن فلسطين ربما لأن الواقع بشكل عام حزين، أردنا أن نضيء شمعة صغيرة في ظلام هذا الحزن. عرض صُورة لا تخلق شفقة بل تجعل أي إنسان يتمنى أن يكون هناك. فكانت المشاهد مزيجاً من الحنين والحب والسلام والإبتسامة. نعم الإبتسامة في فلسطين. ربما كانت مخاطرة إلا إن الفلم لاقى إستحسان أغلب من شاهدوه بمختلف جنسياتهم.
• هل من الممكن أن تُحدثّنا أكثر عن تجربتك هناك. هي كانت زيارتك الأولى لفلسطين، المرة الأولى التي ترى البلد على حقيقيته، كيف كان تأثير بعض الأمكنة الأيقونية النفسيّ عليك وقتها، أماكن مثل الجدار العازل، مدينة القدس وغيرها؟
شخصياً، أكثر ما يزعجني في الحياة هو الظلم. وقد شاهدت ظلماً كثيراً في بعض الدول العربية التي عشت فيها. لكن الظلم تحت الاحتلال في فلسطين مُختلف. الكل تحت الاحتلال يعاني بدون استثناء.. رأيت معاناة المواطنين مثلاً مع الجدار العازل، والقوانين العنصرية المطبقة بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وحتى الفلسطينيين في إسرائيل.الحكومات العربية طرحت الإعتراف بإسرائيل على أساس حدود عام 1967. لكن حتى هذه الحدود تُكسر يومياً تحت الاحتلال بطرق غير إنسانية، وفيها انتهاك أيضاً لكثير من المواثيق الدولية. فالجدار قام بتمزيق أراضي خاصة لمزارعين فلسطينيين، وعزل بعضهم عن حقولهم، وبناء المستوطنات مستمر.رأيت بيتاً فُصِل عن المزرعة الملحقة به بالجدار العازل. العائلة التي تسكن هناك لا تستطيع الوصول إلى المزرعة بدون تصريح أمني مُعقّد. أي منطقة يدخل فيها “الجدار” يُطلق عليها منطقة عسكرية أمنية، ولن يشملها أي قانون مدني. شاهدت سيارة إسعاف كانت تنقل مريضاً من رام الله إلى القدس. المريض ذاك تم رفعه بسريره ومعداته الطبية وعبر نقطة التفتيش إلى الجانب الآخر، ليركب سيارة إسعاف أخرى تنقله إلى المستشفى. في الخليل رأيت عمليات الفصل العنصري بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود، والتي لم أشاهد مثيل لها في مكان آخر.فعندما يمرّ المستوطنون في المدينة يتم غلق جميع الشوارع القريبة. شاهدت طرقاً للسيارات تمنع السيارات الفلسطينية وتسمح فقط لتلك التي تحمل لوحات إسرائيلية.
• هل تلمس من خلال عملك وحياتك في بلجيكا بأن طرق تعاطي الإعلام مع القضية الفلسطينية في تبدُّل وبالخصوص ما يحدث في الأفلام والبرامج التسجيلية؟
أعتقد أن العالم كله وليس أوروبا فقط بدأوا بالتعرف قليلاً على ما يجريّ حقاً في فلسطين. هناك جهل كبير بما يحدث في الشرق الأوسط. نحن في العالم العربي نتسائل كيف يمكن أن يسكت “الغرب” على ما يجري، خاصة وهم يشاهدون كل شيء؟ بصراحة، تفآجأت من قلّة المعلومات المتوفرة عن الشرق الأوسط في بلجيكا. من الصعوبة أن تجد الشخص المُلِمّ بما يجريّ. أما إذا عرف شخصاً ما قصة “النكبة” مثلاً، فهذا يكون استثناءً. الكثيرون يعرفون فقط أن الفلسطينيين والإسرائيليين ليسوا بالأصدقاء. وأنهم يخوضون حرباً تشبه حروباً أخرى حول العالم. الانفتاح في السنوات الأخيرة كان أفضل. وبعض هذا الانفتاح يعود بالتأكيد لوسائل التواصل الاجتماعي. صار هناك أكثر من مصدر للمعلومات، ولم يعد الاعتماد على الجرائد والتلفزيون فقط. حتى الحراك الشعبي المساند للقضية الفلسطينية في أوروبا تحسن في السنوات القليلة الماضية، وهذا ما لمسناه في حرب غزة الأخيرة. الأمور تتغير.
• نصل إلى برنامج “الحُبّ العربي”، ومرة أخرى سؤال عن صاحب الفكرة، بعمل برنامج تسجيلي ضخم يتحدث عن الحُبّ في بلاد العرب في الزمن العنيف الذي تعيشه المنطقة؟

بعد فيلم “بلا وطن”. طرحت على صديقي المخرج سنا دهاندسختر فكرة برنامج ” الحُبّ العربي” في نهاية عام 2012. فكما تشاهد معظم الأخبار عن العالم العربي هي سيئة وسلبية. حروب، نزاعات مسلحة، الربيع العربي يتراجع، قتلى وقتلى. كما أن البلجيكي لايعرف عن الثقافة العربية إلا ما يشاهده من المهاجرين العرب في بلجيكا، رغم أن أغلب المهاجرين هم من المغرب أو شمال أفريقيا ولا يعبروا عن تنوع واختلاف الثقافات العربية. أحببت أن أساعد في توسيع هذه النظرة. ليس عبر تقديم صورة إيجابية فقط بل صوراً واقعية، تقديم العرب كما هم، باختلاف ثقافاتهم وانتمائاتهم، بسلبياتهم وإيجابيتهم. كانت خطتي أن اقدم شيئاً مغايراً حتى لا أُقلد ما يُعرض أصلاً في الإعلام البلجيكي من برامج عن العالم العربي. اخترت ثقافة الحب كإطار أُبرز فيه الثقافات. الفكرة كانت بسيطة جداً. اقترحت على صديق بلجيكي عازب أن أخطب له فتاة من العالم العربي. قصة الزواج تلك كانت مناسبة للحديث عن قضايا أخرى، وبالتحديد عن ثقافة الوطن العربي، وتعريف المشاهد البلجيكي بها، وخاصة فئة الشباب، الذي يتوجه البرنامج بالأساس لها. عرضنا الفكرة على التلفزيون البلجيكي VRT وتمت الموافقة عليها.
اخترنا خمس دول مُوزعّة على العالم العربي. من شمال إفريقيا وقع الاختيار على تونس ومصر، ومن الشرق الأوسط لبنان وفلسطين، ومن الخليج قطر. كانت الخطة عرض ثقافات هذه الدول عبر درس عادات الزواج والحب في تلك البلدان. كان من الأسئلة المطروحة: هل يتقبل العربي الزواج من ثقافة أخرى، أي هل نحن منفتحون على ثقافات أخرى؟ هناك سؤال آخر ضمنيّ مطروح على العرب المهاجرين، مفاده،: هل نحن مستعدون للتعرف على الآخر لدرجة عقد رباط كالزواج معه؟ كانت هناك نقاشات دائمة ومثيرة مع زميلي في الرحلة عن المجتمع والأسرة والدين والعادات. فهو لم يكن يعرف عن العرب شيئاً.. .أعتقد أن سلسلة “الحب العربي” الوثائقية هي الأولى على التلفزيون البلجيكي التي تعرض العالم العربي مُفسّراً بوجهتي نظر، العربية والغربية. وكان للبرنامج صدى واسع هنا. خاصة وأن موضوع التعايش مع الغرباء بمختلف عقائدهم وثقافاتهم في بلجيكا له أهميته، ويحظى بمتابعة واسعة اجتماعياً وسياسياً.
• هناك موضوعات حساسة كثيراً طُرحت في البرنامج مثل: الزواج ضمن الطوائف والأديان المُختلفة، المثليّة، الأدب العربي الإباحيّ، هل كان هذا مقصوداً؟
كان لدينا أفكار لمواضيع نرغب بمناقشتها مثل: الدين، أهمية العائلة في الزواج، المساواة بين الجنسين. حاولنا أن نناقش المواضيع في كل دولة لكن لم يُسعفنا الوقت. أحببنا أن نعطي الهويّة العامة للبلدان التي مررنا بها اهتماماً مُعيناً. في الخليج ركزنّا على موضوعة الهويّة الاجتماعية المُحافظة والانفصال بين مجتمعي النساء والرجال. في شمال أفريقيا الوضع يختلف، مما جعلنا نتعرض لقضايا أخرى منها الانفتاح والحرية الثقافية النسبية، فالتقينا مثلاً بكاتب للروايات الإباحية في تونس. في لبنان اخترنا موضوع اختلاف الأديان والتعايش، حتى نبرز هوية بلد مُتعدد مثل لبنان، للتمييز بين العربي كهوية والدين. فليس كل عربي هو مسلم، ولا يتبع كل مُسلم الطائفة نفسها، ولا يتقيّد مسلمون كُثر بطائفة ما أصلاً. في مصر ركزّنا على موضوع الثقافة والفنون في البلد. مصر هي قلب الفن في العالم العربي. فإذا أردت أن تكون ممثلاً مشهوراً في العالم العربي عليك أن تذهب الى مصر كي تنطلق من هناك. فأبرزنا دور السينما، المسرح والموسيقى في المجتمع العربي.
• كيف تصف نفسك، هل أنت مثقف مهموم بقضايا معينة وتختار السينما كوسيلة لبحث تلك الموضوعات، أم أن السينما أصبحت شغفك وهاجسك ؟
أفضل الصحفيين في بلجيكيا لم يدرسوا الصحافة. أنا لم أدرس الصحافة في الجامعات، بل تخرجت هنا بشهادة عن علوم الشرق الأوسط والإقتصاد. تخصصت في تاريخ وسياسة الوطن العربي واقتصادها. عندي أفكار كثيرة لأني عشت في أكثر من سبع دول عربية. وعندي أيضاً شغف بالكاميرا. ومع أني أتكلم أربع لغات وأُقدّم أعمالي باللغة المحلية في بلجيكا إلا أني أُحب أن اتكلم عن طريق الصورة. ورغم أن بإستطاعة أي إنسان اليوم أن يُصور ويعرض عمله على الإنترنت إلا أن هناك حاجة دائمة للأفكار. الكاميرا لم تعد العائق، بل الفكرة. أعتقد أن ما قدمنّاه على شاشات التلفزيون البلجيكي كان مُهماً. قدمت لليوم ثلاثة أعمال نالت استحسان كبير. ليس فقط لأننا جيدين في الصورة التقنية، بل المحتوى أيضاً. أثناء عرض “الحُبّ العربي”، كنا نراقب التغريدات والتعليقات البلجيكية على الإنترنت وكانت معظمها إيجابية، حيث أعرب كثيرون عن دهشتهم بالمشاهد التي نقلت صورة إنسانية عن العرب في الزمن الذي يُركّز الإعلام فيه على المآسي والحروب.