الياس خلاط: غياب التوثيق يعيق الانتاج السينمائي

التوثيق محور أعمال المخرج الطرابلسي

بيروت- الجزيرة الوثائقية
 
السينمائي الطرابلسي إلياس خلاط هو واحد من الذين أنتجوا في قطاع السينما تحت تأثير التطور السينمائي في المدينة. وقد تخصص خلاط في مجال الإنتاج والتصوير السينمائي، ومن خلال ممارسته لعمله في هذا المجال، لمس خلاط أهمية التوثيق المفقود في المدينة، وضعفه في البلاد بصورة عامة.

أما كيف نما اهتمامه بقطاع التصوير السينمائي الذي أوصله إلى الاختصاص الجامعي، فيعرض أسبابه، ويعود بالذاكرة إلى أجداده الذين اهتموا بالسينما مطلع القرن العشرين، ويذكر في حديث لـ”الجزيرة الوثائقية” أن “الاهتمام ورثته من العائلة لأن جد والدي نسيم خلاط  كتب عن السينماتوغراف في كتابه “سياحة في أوروبا 1900″، وذكر أنه “حضر في لندن عرضا سينمائيا، وعندما عاد إلى بلده جلب معه آلة عرض سينمائية. كما أخبرني والدي أنه قبل أن يكون هناك دور سينما حقيقية، كانت تجري عروض سينمائية في مقهى التل العالي في الهواء الطلق منذ مطلع القرن الماضي”.

الوثائقي “إعادة إحياء شرايين لبنان”

ويضيف: “كذلك، كان لجدي ثلاثة دور سينما تابعة لـ”الشركة اللبنانية للسينما” التي أنشأها في المدينة، وهي ضمت ثلاث سينمات: الروكسي بنيت بين الحربين العالميتين، و”الريفولي” و”الأمير” بنيتا في الخمسينات، وكانتا مشهورتين بالأفلام الهندية، وبعد ذلك الكاراتيه”.

ويروي خلاط أنه التحق بالجامعة حيث تخصص بالإعلان، وبالتعاطي مع الصورة، وبدأ بالفيديو، وأنتج دعايات على الـ VHS، ومقاطع لأفلام روائية سواء كمشاريع جامعية، أو خلال العمل، وكان ذلك أواخر الثمانينيات.

تجربته التوثيقية
اهتم خلاط بالتوثيق، ووضع عددا من الأفلام التوثيقية، عن سبب هذا الاهتمام يقول: “لأن الوثائقيات حاجة ضرورية، بينما هناك نقص كبير في العناصر التوثيقية في بلادنا، خصوصا في محيطنا بطرابلس، إن كان بالصور الفوتوغرافية أم بالفيديو”.

ويعلق متابعا: “الحشرية دفعتني للاهتمام بالوثائقيات، فالبحث عن حاجات عملانية في مجالنا التصويري والإعلاني، أظهرت كم أن هناك أشياء جرى التعتيم عليها، وكم أن هناك أمورا حصلت، ولم يعرف أحد بها. من هنا بدأت، وشعرت أنه يجب أن نضيء على عدة أمور لأننا أولا غائبون عن ساحة السينما اللبنانية، ونغيب عن التوثيق العام، ما عدا الأمور البشعة، فصور الجثث، والأولاد يقاتلون متوافرة، وهناك الكثير من اللوحات البشعة التي يمكن أن نعثر عليها في المدينة، لكن، على سبيل المثال، بائع القهوة الأصيل مفقود”.

الأفلام
في خضم عمله التصويري، عمل خلاط على إنتاج عدة أفلام غلب عليها التوثيق، ويعرضها بالتتابع التاريخي: “أنتجت فيلما اسمه “باب على باب”، أخرجه معتز سلمان، وهو مخرج طرابلسي موهوب،  والفيلم عن باب التبانة، عرض بشهادات ميدانية كيف كان الجيران يعيشون مع بعض، وكان ذلك في وقت قريب سابق لسلسلة الأحداث التي وقعت لاحقا، وكانت فترة هدوء سنة 2012، وفيه شهادات من أهل المنطقة، كيف يتعايشون دون أية إشكالات بينهم”، ويعلق خلاط: “نستغرب لاحقا أن نرى أن هؤلاء القوم يتقاتلون، أو يقنصون بعضا. والآن بعد انتهاء الأحداث، تجد أن “باب على باب” كان صورة صحيحة حقيقية لواقع الحال، وأن الحرب هي غير الحقيقي”.

أخرج خلاط في 2013 وثائقيا عن بائع القهوة المتجول في مدينة طرابلس، ويقول: “من غير أن ندرك، استدركنا احتمال انقراض هذه الشخصية، وعرفنا أن البائع الحقيقي، الذي كان يتجول في المدينة، وزبائنه معروفون، قد فقد، ولكن عثرنا على واحد منهم وهو “أبو عبدو”، وصورناه، ووثقنا عمله، وكيف يحضر القهوة في منزله، وتجواله، وكان هناك مزيج تقني مع رواية شعبية في الفيلم”.

الياس خلاط وقربه بوسترات وثائقياته

آب 2013، وقع انفجاران في مسجدين في طرابلس. تضافر السكان من كل الفئات لإزالة آثار الصدمة، وإعادة بناء ما تهدم. قام خلاط بوضع وثائقي كان رسالة تعاون المدينة لتجاوز محنتها، كما قال، مردفا أن “آب 23” لسنة 2013، هو وثائقي تناول التعاون الذي شهدته المدينة بين كل فئاتها بهدف إزالة آثار الدمار الذي خلفه التفجيران الإرهابيان في مسجدين في المدينة، وأحببنا أن لا تمر ورشة إعادة البناء التعاونية دون توثيق، لأن الإضاءة عليها كانت شبه غائبة، ونحن أحببنا أن نظهر كيف يعمل أهل  المدينة لوقوف مدينتهم بعد الصدمة، وكيف أنها مدينة تحب الحياة، وكيف تمكن الناس من العودة إلى حياتهم بسرعة، وتابعوها بصورة طبيعية”.

ومن خلال تدريسه لمادة السينما في الجامعات اللبنانية، أشرف خلاط على إعداد ووضع فيلم وثائقي عن إحياء عمل محطات القطار السريع بين الشرق والغرب، وكان عنوان الفيلم: “إعادة إحياء شرايين لبنان”.

لدى خلاط عدة أفكار، وسيناريوهات لوثائقيات أخرى، تمنى أن تنحو الظروف باتجاه سلمي لكي يتمكن من وضعها موضع التطبيق.    


إعلان