التغطيات النقدية البريطانية للأفلام الفائزة في كان

لندن / عدنان حسين أحمد

تابعت الصحافة البريطانية فعاليات مهرجان “كان” السينمائي بدأبٍ كبيرٍ ويكفي أن نشير هنا إلى أن صحيفة الغارديان قد أوفدت خمسة نقاد سينمائيين بارزين وهم  بيتر برادشو، اندرو بلفر، كاثرين شاوارد، خان بروكس وهنري بارنس الذين غطوا غالبية الأفلام المهمة والوقائع اليومية في أروقة المهرجان.

ولكي نحيط القارئ الكريم علماً بفحوى هذه التغطيات سأقدم صورة مكثفة عن الاحتفال الرسمي لجوائز السعفة الذهبية الذي غطاه السينمائي  هنري بارنس يوم 24 مايو الجاري حيث قال إن مخرجي فيلم “فتاة الحفلة” الثلاثة ماري أماتشوكيلي، كلير بيرغر، وصموئيل ثيس قد نالوا جائزة “الكاميرا الذهبية” عن هذا الفيلم الذي تدور قصته عن امرأة بدأت تقترب من عامها الستين وهي تعمل نادلة في بار ليلي، لكنها تقرر فجأة أن تتخلى عن هذا العمل الليلي وتترك لنفسها سانحة الحظ كي تحب صديقها الذي يتردد كثيراً على هذا البار. وحينما تصل القصة إلى ذروتها يتقدم لطلب يدها للزواج. كما كتب الناقد بيتر برادشو مراجعة نقدية للفيلم يمكن الاطلاع عليها بواسطة الضغط على الرابط الذي يحيل إلى أرشيف الغارديان علماً بأنه منح الفيلم  (ثلاث نجوم) أي أنه يندرج تحت تقييم جيد على اعتبار أن تقييم النجمة الواحد (رديء)، والنجمتين (متوسط)، والثلاث نجمات (جيد)، والأربع نجمات (ممتاز) ، والخمس نجمات (تحفة).

أداء بارع
أما الفائز بجائزة أفضل ممثل فهو الفنان البريطاني تيموثي سبال الذي نال الجائزة عن أدائه البارع لشخصية الرسّام البريطاني العبقري جي. أم. دبليو تيرنر. لم يُحضِّر سبال كلمة سابقة لكنه تجاوز الموقف الذي هو فيه، وشعر بعمق التكريم وأهميته بالنسبة إليه وقال إنه سعيد أن يكون تحت الأضواء لمرة واحدة: “كنتُ دائما إشبينة العروس. ومن الجميل أن أكون عروسة”. استل تموثي هاتفاً نقالاً من جيبه وبدأ يقرأ سلسلة من الأسماء التي شكرها بدءاً بالمخرج مايك لي والممثلين الذين اشتركوا معه في الفيلم والمنتجة جورجينا. لم يشر بارنس إلى أن النقاد البريطانيين كانوا يتوقعون لهذا الفيلم أن يفوز بجائزة أحسن فيلم أو أفضل مخرج أو بالجائزة الكبرى للمهرجان ولكنه اقتنع على ما يبدو بجائزة أفضل ممثل فهي ليست قليلة خصوصاً إذا كان مصدرها “كان” وليس أي مهرجان آخر. جدير ذكره أن أبرز أفلام تموثي سبال هي “أليس في بلاد العجائب”، “وردة الصحراء”، “الحياة حلوة”، “أسرار وأكاذيب”، “خطاب الملك” و “مستر تيرنر”.

التركي جيلان والسعفة الذهبية

حصلت الفنانة الأميركية جوليان مور على جائزة أفضل ممثلة عن دورها المؤثر جداً في فيلم “خرائط النجوم”. لم تكن مور حاضرة. لقد عادت إلى لوس أنجيليس لكنها بعثت شخصاً آخر كي يستلم الجائزة نيابة عنها (لكن بارنس لم يلتقط اسمه جيداً) وقال دعونا نحتفظ بروح الفيلم ونسميه (Lackey) الذي قال: “تحيا لوس أنجيليس، يحيا ديفيد كرونينبيرغ، تحيا جوليان مور، تحيا فرنسا، وليحيا هؤلاء جميعاً، وليحيا  (Lackey) أيضا. فازت جوليان مور بالأيمي عام 1988 وبالغولدن غلوب عام 1994، ورشحت أربع مرات لجائزة الأوسكار ومن أبرز أفلامها “حافة الليل”، “الهارب” و “بعيداً عن السماء”.

تُحفة بصرية
لم تكن جائزة السيناريو التي أُسندت إلى فيلم “لوفثيان” الروسي مُرْضية فقد عدّه النقاده تحفة سينمائية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى فقد منح بيتر برادشو هذا الفيلم “خمس نجوم” لكن لجنة التحكيم ارتأت أن تسند جائزة السيناريو مناصفة إلى المخرج والكاتب زيفياجنيستيف والكاتب أولغا نيغن. الفيلم وصف بأنه فيلم جريمة درامي وكوميدي في الوقت ذاته، وينطوي على هجوم مقنّع ضد بوتين. كما ينتقد بشدة حالة الفساد والترهيب المتفشية في روسيا المعاصرة. وقد اعتبره النقاد الإنكليز في الأقل بأنه فيلمهم المفضل في المهرجان.
تناصف المخرجان خافير دولان وجان لوك غودار جائزة لجنة التحكيم. فلقد أخرج دولان فيلم “الأم” الذي يتناول العلاقة بين أم وصبيّها العنيف المصاب بمرض نفسي اسمه “قصور الانتباه وفرط الحركة”. ثمة معلمة تعيش في الطرف الآخر من الشارع تدعى “كايلا” تقدم المساعدة التي يتقبلها الصبي العنيف فتتحول حياة الأسرة من اليأس المطلق إلى الحلم المفعم بمستقبل سعيد. قوبل هذا الفيلم بدراسات نقدية مشجعة انتصرت إلى الفيلم ومخرجه.
أما فيلم “وداعاً للغة” لغودار الذي تناصف جائزة لجنة التحكيم فقد استقطب الناس كثيراً، ربما بسبب تشظيه، كما يذهب بارنس، أو بسبب حمّى الفيلم وصوت كلب غودار نفسه. لقد شكر دولان جين كامبيون، شكرها لفيلمها “البيانو”. كان غودار غائباً هو الآخر. ربما كان في بيته يصرخ مدهوشاً لعقود من جنون هذه المهنة التي تحتّم عليه المراهنة عليها أو اصطحاب الكلب إلى نزهة.

لجنة التحكيم

فاز المخرج بينيت ميلر بجائزة أفضل مخرج عم فيلمه “صائد الثعالب” وهو جريمة درامية. الفيلم مستوحى من السيرة الذاتية لمارك شولتز، الحاصل على الميدالية الذهبية للمصارعة في المسابقات الأولمبية. كان ميلر مقتضباً في حديثه فقد قال كل ما عنده في الفيلم المذكور سلفا.
ذهبت الجائزة الكبرى إلى أليس روهرفاختر عن فيلمها المعنون “العجائب”، وأليس هي ثاني أصغر مخرجة شابة في المسابقة الرسميةالتي تم اختيار فيلمها هذا العام. وموضوع الفيلم هو دراما عن عائلة تربي النحل لكنها فشلت في أن تثير أزيزاً بعد عرض الفيلم لكنها بدأت تلسع بأعضاء لجنة التحكيم.

دراما تأملية
أما المخرج نوري بلكَه جيلان فقد فاز بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمه المعنون “سبات شتوي”. وقد قال البعض عن هذا الفيلم بأنه دراما تأملية صورت في الريف الأناضولي وقد اعتقد المشاهدون أن فيلماً طويلاً بهذا القدر قد لا يفوز بإحدى جوائز المهرجان لكن المشاهدين أخطأوا التقدير. لقد أضاف جيلان سعفة ذهبية إلى نجاحاته السابقة في “كان” حيث سبق له أن فاز بجوائز أصغر من هذه السعفة الذهبية عن أفلامه الثلاثة “بعيداً” و “ثلاثة قرود” و “حدث ذات مرة في أناضوليا” وهو للمناسبة المخرج التركي الثاني الذي تداعب أنامله السعفة بعد أن فاز بها المخرج يلماز غوناي وشريف غورن عن فيلمها المعنون “الطريق” عام 1982. جدير ذكره أن نقاداً من طراز خان بروكس  وكاثرين شاوارد قد كتبا دراسات نقدية معمقة عن هذا الفيلم تكشف عن جمالياته الشكلية والمضونية.


إعلان