مهرجان بصمات لسينما الإبداع يكرم “شربتجي” و”رمضان”

حوار لضاوية خليفة

تستعد مدينة الرباط سهرة الثلاثاء 6 مايو لإطلاق الدورة السادسة من مهرجان بصمات لسينما الإبداع ومعانقة ضيوفها القادمين من 13 دولة عربية، حيث سيتنافس على الجوائز الأربع للمهرجان أزيد من عشرين عملا سينمائيا أمام لجنة تحكيم تضم مخرجين، مهنيين وأكاديميين في مقدمتهم المدير الأسبق لمسرح محمد الخامس الفنان “عبدو المسناوي”، واستكمالا  للخطوة التي بدأها منذ دوراته الأولى سيعقد المهرجان هذه السنة العديد من الاتفاقيات مع بعض المؤسسات العربية والمهرجانات السينمائية، كما سيكرم المخرجة السورية “رشا شربتجي” كأفضل مخرجة عربية ويقف لروح المخرج المصري “محمد رمضان”، ومن خلال هذا اللقاء لـ”عبد الله الحيمر” رئيس مهرجان بصمات لسينما الإبداع سنتعرف بالتفصيل على أهم ما سيميز الدورة السادسة من هذه التظاهرة التي ستدوم إلى غاية 9 من الشهر الجاري.

عبدالله الحيمر

في البداية هل لنا أن نتعرف على منهج وسياسة المهرجان هذا العام وبرنامج دورته السادسة سواء من ناحية الأفلام المنتقاة، شعار الدورة، وعلى ما سترتكز الورشات ؟
مهرجان بصمات لسينما الإبداع وهو يستعد لإطلاق دورته السادسة وضع هذه السنة خريطة طريق متعددة الأهداف ترمي بالأساس إلى إمتاع الجمهوربآخر ما أنتجته السينما والسينمائيون العرب في عالم الفيلم القصير، من خلال برنامج منوع، شامل ومدروس جيدا يراعي أذواق وميول كل فئات المجتمع، كما يواصل المهرجان في مساعيه التي بدأها منذ أول دورة لمد جسور التعاون والتواصل بين المخرجين والمهنيين من مختلف دول العالم العربي للتباحث ومناقشة واقع الإنتاج السينمائي ودراسة إمكانية تجسيد مشاريع سينمائية مشتركة مستقبلا، فمنذ الطبعة الأولى نسعى لتكون المهرجانات حافزا وقاطرة للإبداع، والدفع قدما بالمواهب التي يختزنها عالمنا العربي حتى نعبر بثقافة الصورة عن طموحات وأحلام هؤلاء الشباب الذين يمتلكون رؤية خاصة ومميزة عن واقعهم ومستقبلهم، وبالمقابل ستشكل الورشات التدريبية التي ستقام على الهامش روحا معرفية وتطبيقية لأبجديات السينما في مقدمتها الإخراج وكتابة السيناريو بتأطير من المخرج المصري “روبير عوني”، ومن الفقرات التي استحدثناها هذا العام “نساء مبدعات من الوطن العربي”، فقرة تم التنسيق لها بالتعاون مع مركز شؤون المرأة بغزة حيث سنسعى من خلال بعض العروض لإبراز أهمية الصورة عندما تستغل كسلاح يرصد أدق التفاصيل ويعبر بل يحقق العدالة لنصرة النساء الفلسطينيات من خلال يوميات تختلف في الشكل وتشترك في الجوهر، كما سيكون المهرجان نافدة يطل منها الجمهور على إبداعات أخرى من مصر، الإمارات العربية المتحدة، الجزائر وغيرها، وفي المجمل وصل عدد الدول المشاركة هذا العام 13 دولة، وسيسعى مخرجو الأفلام المنتقاة للظفر بإحدى الجوائز الأربع للمهرجان وهي كالتالي الجائزة الكبرى، جائزة القدس السينمائية، لجنة التحكيم والجمهور، وتشجيعا للأقلام الصحفية ستمنح إدارة المهرجان جائزة “الصحافة الفنية” لأحسن روبورتاج، أو تغطية أو أحسن حوار فني أو سينمائي، حيث سيتحصل الفائز على 10.000 درهم ودرع المهرجان.

بعد استحداث جائزة نظرة قصيرة العام الماضي، أدرجتم هذه السنة جائزة “القدس” فهل تندرج هذه الخطوة في إطار مساعيكم لتطوير المهرجان وإعطائه أبعادا عربية خالصة ؟
بالفعل المهرجان يحاول أن يجد لنفسه مكانا ويوجد بملامح عربية تجعله يتميز عن باقي المهرجانات المغربية والعربية، ففي الأساس تسعى هذه التظاهرة للدفاع عن قضايانا والقضية الفلسطينية في المقدمة، ولهذا وكالتفاتة بسيطة منا أدرجنا هذه الجائزة والتي تحمل اسم القدس الشريف وقد تم الإعداد لهذه الخطوة التي لقيت استحساناً كبيرا منذ الإعلان عنها بالتعاون مع العديد من المؤسسات الفلسطينية والعربية، ومن خلالها سنعمل على إبراز الهوية العربية للقدس والتنوع الثقافي المغيب للمدينة والذي تسعى قوات الاحتلال لطمسه بأي شكل من الأشكال، وهنا ستكون لنا إطلالة مميزة على الموضوع من خلال إنتاجات سينمائية عدة، أشير فقط  إلى أن مهرجان بصمات لسينما الإبداع قد يكون من أكثر المهرجانات بالمغرب حتى لا أقول المهرجان الوحيد الذي أبرم عقود تعاون مع عدد من المؤسسات والمهرجانات الفلسطينية كملتقى الفيلم الفلسطيني برئاسة المخرج “المقتدر سعود” و “مركز المرأة بغزة”، هذا وستمول جائزة القدس السينمائية مستقبلا من صناديق الثقافة العربية والدولية لما تحمله من معاني إنسانية كبيرة ومكانة لدى الفرد العربي.

ملصق المهرجان

كما سنخصص في كل دورة لقاءات فكرية حول رمزية المدينة في السينما العربية وكيفية تعامل السينمائيين مع أقدم مدن العالم التي تحمل إرثا تاريخيا عظيما يصنع الفارق والاستثناء دائما، فضلا على ذلك سيتم إنشاء موقع الكتروني كبنك للمعلومات عن مدينة القدس، كما يدعو المهرجان عن طريق جائزته إلى توسيع أشكال التعبير والتضامن تجاه هذه المدينة ومقدساتها بل توظيفها واستثمارها في فضح مخططات إسرائيل بلغة سينمائية محاكة جيدا، باعتبارها مركز إشعاع يفيض بمعان تاريخية ودينية وحضارية، فأن يسخر الفن لخدمة القضية الفلسطينية فهو واجب على كل مبدع.

كيف تم الاستفادة وتوظيف الشراكة التي جمعتكم بنادي السينما الكويتي سابقا، وهل ستكون لكم خطوة مماثلة مع مهنيين آخرين هذا العام ؟
صحيح كانت دولة الكويت ضيف شرف الطبعة الخامسة وكانت فعلا توأمة مميزة على كل المستويات، حيث كرمنا بالمناسبة المخرج الكويتي “هاشم محمد” وبدوره نادي الكويت للسينما منحنا الوسام بدرعه السينمائي، وخلصنا في الأخير لتوقيع بروتوكول تعاون بدأنا في تفعيله هذه السنة، وقد أتبع هذا التعاون بشراكة مع مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول المتوسط يقضي بتبادل أفلام وخبرات والزيارات الفنية أيضا، وبالفعل زود هذا الأخير المهرجان بأفلام مصرية وعربية قصيرة سنعرض الجزء الأكبر منها في بانوراما السينما المصرية وعلى المستوى المحلي أبرمنا منذ أسابيع اتفاقية مع مهرجان كلميم الدولي للفيلم الوثائقي بالمغرب، كما يتوسع المهرجان هذا العام على تجارب جديدة من خلال مرافقة “أربيل” عاصمة السياحة العربية لسنة 2014 وعرض سبعة أفلام على شرف السينما الكردية.

على خطى العديد من المهرجانات العربية برمجتم وقفة للمخرج المصري الراحل “محمد رمضان” فأي شكل من الأشكال ستتخذ هذه الالتفاتة هل ستكون بتكريمه أم جائزة تحمل اسمه ؟
يجمع الكثير على أن الراحل “محمد رمضان” صاحب فيلم “حواس” هو من بين أفضل المخرجين والسينمائيين الشباب على مستوى الوطن العربي إذ كان يمتلك موهبة ونظرة فنية راقية وحسا إنسانيا عاليا وكبيرا ولا يزال الجميع من عرفه لسنوات أو أيام يستذكره ويستحضره دائما، وانطلاقا من هذا المبدأ أردنا أن تكون للمهرجان لحظة وفاء لواحد من المبدعين الشباب الذين تركوا بصمة بأخلاقهم وبأعمالهم من خلال “جائزة الجمهور” والتي ستحمل اسم الفقيد “محمد رمضان” تكريما لما قدمه للسينما وللأثر الذي خلفه إنسانيا أو فنيا، وحتى يكون قدوة للسينمائيين الشباب الذين يمتلكون قدرات وطاقات تنتظر بصيص أمل لترجمة أفكارها وتقديم رؤيتهم لواقعنا العربي، فمثل هذه الأسماء لا تتكرر دائما.

محمد رمضان                                               رشا شربتجي

وبالمقابل اخترتم تكريم المخرجة السورية “رشا شربتحي” الحاضرة أكثر في الدراما الاجتماعية، على أي أساس وقع هذا الاختيار ؟
في الحقيقة أتت الفكرة بعدما استحدثنا فقرة “نساء مبدعات من الوطن العربي”، واخترنا أن تكون المخرجة السورية “رشا شربتجي” مكرمة في الدورة السادسة كاعتراف منا بالجهود التي بذلتها وتبذلها في سبيل الارتقاء بالفن العربي عموما والدراما السورية خصوصا في انتظار ما ستبدعه بأولى تجاربها في الدراما الخليجية، ولكونها أيضا تمتلك رؤية متجددة وأفكارا عميقة في فهم المجتمع وطرح قضايا المرأة بشكل متجدد بعيدا عن النمطية، كما أنها فرضت نفسها بجودة أعمالها وجعلت لتلك الأعمال بصمة تميزها عن بنات جيلها سواء في سوريا أو في دول عربية أخرى، فبناء على هذه المعطيات سيقف المهرجان لتكريمها كأحسن مخرجة عربية، على أن يشمل التكريم في الدورات المقبلة أسماء أخرى.

خلال لقاء جمعكم مؤخرا بوزير الاتصال المغربي ألح على ضرورة الاهتمام بموضوع الأسرة والطفل بسبب قلة وغياب الاهتمام بهذه المواضيع في مهرجانات أخرى فهل أخذتم ذلك بعين الاعتبار، وبالمناسبة هل رفعتم انشغالكم فيما يخص زيادة الدعم للمهرجان ؟
بالفعل كان لنا لقاء مع وزير الاتصال السيد “مصطفى خلفي” والذي لمسنا منه كل الدعم والتشجيع، وبناء على الحديث الذي دار بيننا خصصنا في هذه الدورة صبيحة سينمائية للأطفال بأفلام محترفة أبطالها أطفال ونماذج مأخوذة من دول عربية حتى يكون الطفل والناشئة على تواصل دائم مع السينما، من خلال صور إيجابية تنمي فكره وتطور نظرته المستقبلية حتى نغرس فيه ثقافة القاعات السينمائية، فهدفنا بالأساس أن تتصالح الأسرة المغربية والعربية مع السينما، فهذه الأخيرة بإمكانها تلقين الفرد خاصة الطفل دروسا في الأخلاق، المواطنة والإنسانية، وبهذا الشكل يمكننا المساهمة في صناعة وتكوين جيل سينمائي بأفكار إيجابية عن الحياة والمستقبل.

لماذا اخترتم سينما الإبداع محورا لمهرجانكم، وما هي آفاق مهرجان بصمات ورهاناته المستقبلية ؟
الإبداع هو جوهر الحياة الذي يدفعنا دوما للبحث والعمل أكثر لإيجاد البديل والتنقيب عن الأفضل، فالسينما التي نريدها تشبهنا، يكفي أنها تنطلق من محليتنا وتبدع في فك شفرة الإنسان والعالم نحو الحوار الثقافي العالمي ومواجهة العولمة القادمة بإبداع سينمائي مستقل ومتجدد بعيد عن السطحية والتلميع المجاني، هدفنا إبداع إنساني يحرك ما هو مشترك بين الثقافات الإنسانية والعربية خاصة نحو الحرية والديمقراطية والسلام، و بالتالي نعول كثيرا على هذا المكسب في المستقبل، فبعد فرض الوجود سنعمل على الاستمرارية وتحسين الأداء وتجديد الأسلوب وتقديم خدمات تستوفي كل شرائح المجتمع وتغطي كل مشاكل وأحلام الأمة العربية تحت سماء الرباط وفي ظل مهرجان بصمات لسينما الإبداع الذي يسعى دوما ليكون له بصمة خاصة تميزه عن باقي المهرجانات المغربية، العربية والدولية.


إعلان