رشيد الوالي: “يما” تكريم للمرأة ونبذ لتسلط الذكور

ضاوية خليفة – الجزائر

اختتم أول فيلم مطول للمغربي “رشيد الوالي” الموسوم ب “يما” عروض الدورة الثانية من مهرجان الجزائر للسينما المغاربية ليتوج في اليوم الذي بعده أي أمس بجائزة أحسن سيناريو وينال عنه الوالي جائزة أحسن أداء رجالي بعدما ظهر هذه المرة كممثلا، مخرجا ومنتجا في نفس الوقت، وقد لقي العمل قبول كبير من الجمهور والمشاركين، وما ساعده للوصول الى هذه النتيجة فضلا عن المواضيع الاجتماعية التي انتقاها وقدمها في مئة دقيقة -والتي تطرح بعض العقليات والسلوكيات التي لا تزال تسيطر على الانسان العربي في مجتمع ذكوري- زوايا التصوير والأماكن التي تمت بها العملية، الأمر الذي زاد المدن المغربية حتى الريفية منها جمالا، واتجاه “رشيد الوالي” الى الاخراج وإدارة الانتاج يعكس رغبة سينمائيو المغرب في النهوض والارتقاء أكثر بالقطاع الذي يحض اليوم بدعم كبير من الدولة، وهو ما يؤكده “رشيد الوالي” في حوار أجري على هامش المهرجان.

رشيد الوالي

رشيد الوالي في أول فيلم مطول له يكرم المرأة والأم بشكل خاص أي الأشكال اتخذ هذا التكريم ؟
التكريم كان بالاعتراف وباختيار “يما” كعنوان لهذا العمل، هو تكريم لكل الأمهات بداية من أمي التي فعلت الكثير لأجلي، واعتقادا وإيمانا مني بأن المرأة في الوطن العربي لم تأخذ حقها بشكل كامل ومستحق، فلا تقدم ولا نهضة ولا تحرر ولا استقرار يمكن أن يكون بهذه المجتمعات ما لم يتم يمنحها كامل حقوقها وإعطاءها الأهمية التي تليق بها وإنصافها بطبيعة الحال، فأنا من خلال فيلمي حاولت أن أبرز المجالات التي وصلت اليها المرأة المغربية خاصة في ظل الحرية الممنوحة لها ولكن هذا في المدن الكبرى فقط، بينما كلما ابتعدنا عن هذه المدن باتجاه المناطق النائية نجد واقع أخر، نساء لا يستطعن حتى البوح باختياراتهن في الحياة أو تحديدها، كما أن القصة تعري بعض الذهنيات التي لا تزال تحكم الأفراد بالقرى والمدن الداخلية، بدل أن تتفتح على أفكار جديدة تعكس التطور الذي وصلت اليه المرأة اليوم، أما بالنسبة للتصوير فقد تم بين المغرب وجزيرة كورسيكا التي شملتها أحداث القصة.

هل كان من الصعب عليك أن تكون ممثلا وتدير الانتاج والإخراج في نفس الوقت ؟
بطبيعة الحال كان الأمر صعبا فليس من السهل أبدا أن تكون منتجا وممثلا ومخرجا في نفس الوقت، ولكن التحضيرات المكثفة وفريق العمل القوي والمحترف الذي اشتغل معي في هذا الفيلم سهل عليا المأمورية وساعدني كثيرا، وأصلا لما يكون لديك هدف وتكون مقتنع ومؤمن به فستسعى جاهدا لتحقيقه وستنجح في ذلك، لأن الايمان بالشيء جزء من المشروع.

الملصق

على ذكر المرأة وقضاياها هل يعترف رشيد الوالي بسينما المرأة أم أنت ضد هذا التصنيف ؟
 لا أعترف بهذه المسميات أو المصطلحات، لأن السينما واحدة يمكن لها أن تطرح مواضيع عن المرأة والرجل والطفل والبيئة وما الى ذلك، فهذه التسميات أظنها تتعدى حدود التصنيف الى الاجحاف.

أغلب جوائز المهرجان في دورتيه الأولى والثانية كانت مغربية، فما هي الأسباب التي ساعدتكم للوصول الى هذه المكانة والنتيجة اليوم ؟
أعتقد أن السبب الأول هو الانتاجات الكبيرة والمتواصلة والفضل يعود لمبدعيها الذين لديهم رغبة في تطوير السينما المغربية، كما أن الفضل الأكبر يرجع الى الدعم الذي تقدمه الدولة، كما يعلم الكثير أن المركز السينمائي المغربي -وهذا الإنفراد يمنحنا الفرصة لإنتاج أزيد من 25 فيلم في السنة، اذن هذا الدعم والزخم أعطانا تجربة، وكما يقال لا بد من الفوضى لاكتشاف الذات، فالفوضى التي عشناها منذ سنوات والتجارب المختلفة وانفتاحنا على الأخر أكسبنا خبرة وجعلنا نتمكن من انتاج وانجاز أعمال في المستوى.

كيف وجدت المهرجان وما هي خصوصيته أو بالأحرى ماذا يميز هذه الفعالية التي تحتفى بالسينما المغاربية بكل أشكالها وفي أصنافها الثلاث مقارنة بمهرجانات أخرى تختص في نوع واحد ؟
وجدته مهرجانا جيدا وما أتمناه أن يحافظ على طابعه الشعبي حتى يكون الممثل والمخرج والسينمائي عموما قريب من الجمهور وعلى تواصل دائم ومباشر مع الصحفيين، فأنا شخصيا أميل الى مثل هذه المهرجانات التي تجعلنا نتقارب أكثر ونناقش قضايانا ولا أحبذ المهرجانات الكبرى التي تهتم بالأضواء والنجوم أكثر، لأن هذا يحدث ثغرة بين الفنان وجمهوره فنحن كل ما نقوم به لا لشيء إلا لنيل رضى الجمهور حتى يرى نفسه وقضاياه في أفلامنا لأنه هو المستهدف والمحرك الأول لكل أعمالنا وابداعاتنا، ما أتمناه أن يحافظ مهرجان الجزائر للسينما المغاربية على هذه الخصوصية حتى يكون مكسبا لكل المبدعين في المنطقة المغاربية، ولنجعل من أحلامنا وطموحاتنا واحدة ومتقاربة.

نلاحظ أن المخرج المغربي لديه انتاج واهتمام كبير بالفيلم القصير والطويل مقارنة بالوثائقي، هنا أتساءل عن محل السينما الوثائقية في المغرب ؟
أعتقد أنه هناك أفلام وثائقية ذات نوعية ولكن للأسف لم تأخذ حقها كما يجب، أتمنى أن يتزايد الاهتمام بهذا النوع وتحض بالمكانة التي تليق بها وأن يقصد الجمهور صالات العرض لمتابعة ما يقدم من أفلام وثائقية على غرار ما هو معمول به في فرنسا مثلا.

هل سيتجه “رشيد الوالي” مستقبلا للاقتباس من الأعمال الأدبية مع العلم أن الكثير من المهنيين في المغرب تحدثوا عن ظاهرة عزوف أو بالأحرى عدم توجه السينمائيين الى الأعمال الأدبية ؟
أظن أن أغلبية الأعمال التي تم اقتباسها لم تنجح وهو الأمر الذي يجعلنا نتفادى ولا نغامر بخطوة كهذه، بل نتجه أكثر الى سينما المؤلف، السينما التي تعنينا بشكل مباشر ونشعر أنها تعبر عنا، بالنسبة لي تهمني أكثر القضايا التي أقابلها يوميا، أعيشها وأطرحها بطريقتي الخاصة، ربما يوم أجد رواية أو كتاب يلامس احساسي فسأتعامل معه ولا مشكل في ذلك.


إعلان