سينما عالدرج: عروض أفلام في مدرجات طبيعية
بيروت- الجزيرة الوثائقية
شهدت المناطق الوسيطة بين الأحياء المرتفعة والمنخفضة في طرابلس اللبنانية سلسلة عروض سينمائية جرت على الأدراج الموصلة بينها في العديد من نقاط التواصل في المدينة، وحملت عنوان “سينما عالدرج”.
![]() |
منظم المشروع “إلياس خلاط”
|
والعروض أشبه بعروض الهواء الطلق، بدأت في طرابلس إثر انتهاء الأحداث الأمنية فيها، ورأت “مؤسسة طرابلس” المنظمة لسلسلة العروض، في تقديم عروض الأفلام في أحياء شهدت صراعات عسكرية فيما بينها، إمكانية لتجاوز مؤثرات الأحداث، وقامت بتنفيذ عروض جمعت أبناء الأحياء المتقابلة في ساحات مشتركة بينها.
لمست المؤسسة بحسب مؤسسها الياس خلاط إقبالا على السينما في أحياء هجرتها السينما، كما قال، لكنها في الحقيقة، لم تعرف أجيالها الجديدة السينما سابقا، لأن الدور التي كانت موجودة في المناطق التي تحولت خطوط تماس، أصيبت بالأضرار الكبيرة، واحترقت وتوقفت عن العمل منذ أوائل الثمانينات، منها سينما الأهرام وسينما سارولا في باب التبانة، أما محلة جبل محسن فلم تعرف السينما سابقا.
لكن أبناء الأجيال المخضرمة ارتادوا السينما قبل أواسط السبعينات في العديد من الدور التي كانت منتشرة بكثرة في طرابلس، والتي شهدت عروضا عالمية، وإقبالا شعبيا كبيرا دفع بإدارات الدور لأن تعرض العديد من الأفلام لأكثر من أسبوعين، منها على سبيل المثال: ذهب مع الريح، لحن الموسيقى، سيدتي الجميلة، في حر الليل، قصة حب، أبي فوق الشجرة، وغيرها الكثير.
سينما عالدرج
“سينما عالدرج” مهرجان سينمائي مصغر، يستكمل الدور الذي يلعبه “مهرجان طرابلس للأفلام” الذي تنظمه “مؤسسة طرابلس”، بدأت عروضه على الدرج الموصل بين باب التبانة وجبل محسن، ويقام بالتعاون مع شركاء محليين في كل موقع وهم:”مجلس شباب التبانة”، “أكاديمية شباب القبة”، “جمعية شباب الغد”، وفرقة “One Voice Team”.?
شهدت أولى العروض حضورا كبيرا من الاطفال والشباب والمهتمين والاهالي الذين اصطحبوا ابناءهم من مناطق مجاورة للمشاركة في حضور فيلم “غدي” (لبنان) للمخرج أمين درة وفيلم “وردية يناير” (مصر) للمخرج عماد مبروك، وقد نالا اعجاب الحضور.
عرضت الحلقة الثانية من عروض الهواء الطلق على درج الملولة – جبل محسن 3 أفلام هي: السوق المركزى” (البحرين) لصالح ناس، “وهلأ لوين؟” (لبنان) لنادين لبكي و”كابتن أبو رائد” (الأردن) لأمين مطالقه.
![]() |
يافعون في أحد العروض
|
وقد تجمع الاطفال والشبان والاهالي من الاحياء المجاورة على الدرج، والكثير منهم لازموا بيوتهم، وافترشوا الدرجات، ووضعوا الكراسي على الشرفات، وامام باحات البيوت للمشاركة في هذا الحدث الذي يدخل الى منطقتهم للمرة الأولى، وحضور السينما التي لم يقصدوها منذ زمن. كما عمد البعض من الاهالي الى توزيع القهوة، والحلويات على العاملين في الجمعية، وعلى الحضور من وسائل الاعلام، والضيوف تعبيراً عن فرحتهم وترحيبهم بالنشاط والقائمين عليه.
العرض الثالث جرى في نقطة بعيدة نسبيا من باب التبانة-جبل محسن، على الدرج المعروف بدرج الراهبات، حيث توجد مدرسة ودير للراهبات، وهو يوصل نهر أبو علي في محلة الجسر مع منطقة القبة. عرضت في الدفعة الثالثة والأخيرة، أفلام: “ريح شتوي” للمصري محمد كامل، واللبناني-الفرنسي “إنسان شريف” لجان كلود قدسي، والأردني “كابتن أبو رائد” لأمين مطالقة.
شهدت العروض حشودا شبابية، وعائلية حيث جرت مع بداية العتمة، ووجد فيها أبناء الأحياء متنفسا في مشهد من الحياة الطبيعية لم يعرفوه منذ زمن.
خلاط
![]() |
ملصق سينما عالدرج
|
الياس خلاط مؤسس تريبولي فاونديشن، تحدث عن مبادرة “سينما عالدرج”، وقال ل”الجزيرة الوثائقية” أن “مؤسسة طرابلس التي ننظم بها مهرجان طرابلس للأفلام، وضمن إطار الأنشطة التي نقوم بها خارج المسابقة، نظمنا عدة نشاطات خارج المهرجان، هدفها الأساسي الترويج لثقافة السينما خصوصا في أماكن هجرتها السينما، منها مناطق الأدراج الكثيرة، والمنتشرة في طرابلس. وعندما فكرنا بمشروع “سينما عالدرج”، أخذنا بعين الاعتبار أن كل المناطق في لبنان فيها أدراج، وهي نائية، وبما أن الأدراج أشبه بالسينما الطبيعية، رأينا أنه يمكن تقديم عروض سينمائية ترويجا للسينما فيها”.
وعن اختيار الأفلام، قال: “غالبية الأفلام باللغة العربية حتى يتمكن الجمهور من فهمها، وكل يوم عندنا أفلام متنوعة الهويات. لبنانية ومصرية وبحرينية وسواها”.
وعما لمسه من نتائج العروض قال: “النتائج المرجوة نلمسها في استمرار إقامة المهرجانات السينمائية في الهواء الطلق مع إقبال شعبي عليها. لذلك أحببنا أن نواظب على إقامة الحفلات والعروض، ضمن منظور أنه يجب أن ننقل السينما للناس لأن السينما هجرتهم. ونجاح التجربة مرتبط بالإقبال الذي لاحظناه جيدا، ففي كل عرض حضر ما يناهز المائة وخمسين شخصا. وبالطبع فهذا النشاط صيفي الطابع، وفي فصل الأمطار والبرد، نعود للصالات. ومع بداية الربيع يبدأ مهرجاننا، وله جولات في المناطق المفتوحة”.