غزة: “أبرياء ولكن” في مهرجان “بعيون النساء”

غزة – أسماء الغول

فاز الفيلم الروائي “أبرياء ولكن”، بالجائزة الأولى في مهرجان “بعيون النساء” في موسمه الرابع، والذي نظمّه مركز شؤون المرأة، في قاعة رشاد الشوا بمدينة غزة، الأسبوع الماضي، ولم تتجاوز مدته يوم واحد على غير العادة حيث امتدّ في بعض الأحيان إلى ثلاثة أيام، خلال السنوات الماضية.
وربما يعود ذلك إلى الظروف السياسية التي تمرّ بها الأراضي الفلسطينية، تقول مسؤولة المهرجان، المخرجة اعتماد وشح “على الرغم من الظروف الحالية في الضفة وغزة والقدس، إلا أن المهرجان بقي على موعده، خاصة أن مواضيع أفلامه لا تخرج عن القضايا الوطنية أو الذاتية المغلفّة بهموم الوطن”.

وتضيف في حديث إلى الجزيرة الوثائقية “وصلتنا عشرات الأفلام من الأراضي الفلسطينية والدول العربية، وبعضها وصل متأخرا، وقد تم اختيار 11 فيلما منها، من قبل  لجنة المهرجان الاستشارية”.
وتتكون اللجنة الاستشارية التي اختارت الأفلام المعروضة والفائزة من المخرجات؛ نور الحلبي واعتماد وشح وعايدة الرواغ، والمخرجين؛ عبدالله الغول وخليل المزين وسعود مهنا.
ويتحدث فيلم “أبرياء ولكن” عن فتاة منعزلة اسمها “شريفة”، لا تختلط بأحد في الجامعة أو في حارتها، لكن يصادف يوم أن تصرّ إحدى زميلاتها أن تقلّها معها بسيارة شقيقها الذي سرعان ما يقع بحبها.
 
ويحاول الشاب مقابلة “شريفة” سعيدا أنه أرسل والدته لخطبتها، ولكنها لا تفرح بل تغضب، ليكتشف الجميع الحقيقة القاسية التي عرفتها والدته حين سألت عن عائلة الفتاة، فقد قُتل أبوها لكونه عميل للاحتلال الإسرائيلي.
يصر الشاب على اختياره وأنها بريئة وليس ذنبها، وكذلك تحاول والدته إقناع زوجها الرافض للفكرة تماما، وتُذكِّره بصديقه الذي قُتل بعد اتهامه بالعمالة ثم تظهر براءته بعد مرور عقد من الزمان، لكن زوجها يخشى كلام الناس على حد وصفه.
الفيلم الذي كتبه الأسير المُحرّر محمود عفانة، مباشر وبإنتاج بسيط، ولكن جرأة الفكرة أثرّت كثيرا بالمتلقي،  خاصة أنه انتهى بشكل إيجابي، حيث بقي الشاب مُصرّاً على الارتباط بـ”شريفة”، ومثّل دوره الممثل “أحمد مسلم”، الذي صفّق الحضور طويلا لعدد من مشاهده.

ولا يمكن إنكار أن الفيلم مسّ وترا حساسا، وهو التعاطف مع عائلات العملاء، وفتح أحد التابوهات المحرّمة في مجتمع غزة الضيق الذي تعتبر به سمعة العائلة هي الأهم، ولم يناقش القضية بشكل سطحي بل تطرّق إلى الأخطاء التي قامت بها بعض الفصائل بقتل من ظنّت أنهم عملاء.
 وتردّد على المخرجة حنين كلاب بعد استلام الجائزة، سؤال مُلحّ من قبل بعض الحاضرين؛ “ألم تخافي من النقد؟”
ترد المخرجة حنين للجزيرة الوثائقية “دائما ما نرى نظرة المجتمع الظالمة لعائلات العملاء، وهم لا ذنب لهم، فأردنا عرض القضية مباشرة، وكي لا تكون صادمة غلفنّاها بقصة الحب”.
وأضافت المخرجة التي في رصيدها خمسة أفلام روائية وثلاثة أفلام وثائقية أن الفيلم لقي صعوبات جمة سواء في إيجاد الممثلين، أو حثّهم على إيصال الإحساس، أو الإنتاج المادي.

بدورها تقول الممثلة حنان قويدر والتي مثلّت دور شريفة، واستطاعت بذكاء أدائها أن تكسب تعاطف المشاهد “في البداية قلقت، فالقضية جريئة، ولم أرد أن يلتصق بي الدور، ولكن تشجيع عائلتي، وإيماني إنسانيا بأهمية طرح القضية جعلني أقوم بالدور”.
وتوضح أن الهدف الأساسي من الفيلم كان خدمة المجتمع، مشيرة إلى أنهم حين تقدّموا للمسابقة، عرفوا أنهم سيفوزون، ولكن لم يتوقع أحدهم أنه سيكون المركز الأول.
وربما من الصعب طرح الوثائقي إلى جانب الروائي في مسابقة واحدة، خاصة أن اللجنة الاستشارية للمهرجان أشادت بأفلام أخرى كفيلم “سواقة الباص” للمخرج إياد الأسطل، و”بونجورك يا جارة” للمخرج المقدسي أكرم دويك.
تقول مسؤولة المهرجان وشح “خلال الأعوام الماضية كنا نحن ندرب المبدعات وصانعات الأفلام، على إخراج الأفلام، ونعرضها في المهرجان، هذه المرة أحببنا أن نعلن عن مسابقة للمهرجان لاستقبال أفلام مختلفة ومستقلّة، والعام القادم ستكون آلية مختلفة”

الفنان أحمد مسلم

أفلام عن النساء، أو أخرى صنعتها النساء هذا ما يُميز المهرجان الذي يأتي كل عام كإضافة إلى المشهد السينمائي الشحيح في قطاع غزة.
يقول الممثل أحمد مسلم الذي اعتاد المشاهدون متابعته في مسلسل “الفدائي” على شاشة فضائية الأقصى التابعة لحركة حماس “الممثل المحترف يقوم بجميع الأدوار، وربما بسبب الظروف التي تمرّ بها غزة، غالبا ما يكون الدور الأول الذي يقوم به الممثل الشاب هو دور وطني، ولكنها غالبا ما تكون مرحلة تأسيس لينطلق الممثل بعدها”.

ويعترف مسلم أن دوره في الفيلم وما يحمله هذا الدور من بعض الرومانسية لم يكن سهلا عليه فقد شعر أنه “متجمد” في بعض المشاهد، لكنه لم يتواجد في المهرجان حيث يمكنه رؤية ردود الأفعال الإيجابية تجاه آدائه.
تقول أسماء شاكر التي مثلّت دور أم “شريفة” للجزيرة الوثائقية “أنا أم وأشعر بالمأساة التي قد تعيشها هذه العائلات، وهي المرة الأولى في حياتي التي أقابل بها الكاميرا، فقد آمنت بالقضية بحق”.

جاء اختيار الممثلين بالصدفة المحضة أو عن طريق منتج الفيلم فتحي عمر الذي يوضح للجزيرة الوثائقية أن تصوير الفيلم كان في ظروف مادية صعبة جدا، مضيفاً “وضعت راتبي كله لصالح إنتاج الفيلم، إضافة إلى تبرُّع أقارب وأصدقاء بمنازلهم للتصوير، وسط استمرار قطع الكهرباء والحر الشديد”.
وقد عرض المهرجان أفلام أخرى متميزة، محلية وعربية منها؛ فيلم “نون والزيتون” للمخرجة امتياز دياب، وفيلم “الساعة الأخيرة” للمخرجة رؤى العزاوي، والفيلم الروائي “بنفسج”، للمخرج كريم الترتوري، والذي يحكي قصة امرأة ورثت عن أبيها مركبه، وتحاول الاحتفاظ به وسط أطماع رجال عائلتها.


إعلان