“أيام بيروت السينمائية” يعكس الواقع الراهن
الجزيرة الوثائقية – بيروت

كسرت الدورة الثامنة لمهرجان “أيام بيروت السينمائية” الركود السينمائي في بيروت، وقدّمت 41 فيلما جرى اختيارها من أصل 115 فيلما تقدمت للمشاركة، تحت عنوان “مهرجان الأفلام العربية”.
تنظم المهرجان “جمعية دي سي” للسينما، وتعاونت مع عدد من المؤسسات المهتمة كاليونيسيف التي ساهمت في عرض 15 فيلما قصيرا من دقيقة إلى خمس دقائق لناشئة لبنانيين وسوريين حضروا العرض وناقشوا العروض، و”ملتقى بيروت السينمائي” الذي تم فيه اختيار 14 فيلما روائيا ووثائقيا من مصر والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا وتونس، منها ما هو في مرحلة التطوير، ومنها ما هو في مرحلة التنفيذ النهائي، وبحث الملتقى كيفية تحويل المشاريع إلى أفلام، و”مؤسسة سينما لبنان” التي أقامت ورشة عمل لكتابة السيناريو، واسمها “مواهب من المتوسط” (Medi – talent).
كما قُدّمت مجموعة أنشطة من ضمن فعاليات الدورة، أبرزها ندوة للمخرج المغربي هشام العسري عن أسلوبه المتميز في صناعة الأفلام، وجلسة تعارف جمعت سينمائيين لبنانيين وعرب وأجانب بهدف تأمين فرص إنتاجية للأفلام، وجرى توقيع فيلم “ليال بلا نوم” لإليان الراهب، وكلاسيكيات السينما العربية كفقرة تضمنت عرض فيلمين للمخرج المصري هنري بركات، هما “القلب له واحد” بطولة الفنانة الراحلة صباح، وأنور وجدي (1945)، و”أفواه وأرانب” من بطولة فاتن حمامة (1977).

وقالت زينة صفير، المديرة الفنية للدورة الثانية من المهرجان، في حديث لـ “الجزيرة الوثائقية” أن فريق جمعيتها، وجله من المتخصصين في السينما، يحمل هاجس إيجاد حركة سينمائية في بلدنا، ومنطقتنا، ولذلك وجه مهرجاننا عربي على الدوام”.
ورأت أن “التحديات الكبيرة تجعلنا نبحث عن آخرين تجمعنا معهم هموم نشر السينما المشتركة في المنطقة”.
وفي سؤال عن المعايير المعتمدة في اختيار الأفلام قالت: “لا معايير محددة في السينما، بل هناك القيمة الفنية السينمائية، أولا، وكوننا مهرجانا عربيا، جاءت الأفلام مرآة تشبه ما يجري حولنا”.
توزعت الأفلام بين الروائي الطويل في 11 فيلم، وقد عُرض فيلم “سلم إلى دمشق” في حضور مخرجه محمد ملص في ختام المهرجان، والروائي القصير في 12 فيلم، والوثائقي.
الأفلام الوثائقية

احتلّت الأفلام الوثائقية الحيز الأكبر من العروض، فعرض فيها 18 فيلما، والتبست هويتها بين الروائي المستند إلى قصة حقيقية، وهي أغلبها، والوثائقي التقليدي الذي يقدم المعلومات حول موضوع معين.
فيلم “يوميات كلب طائر” (75 د)، للبناني باسم فياض، يعرض الحياة في ظروف حرب متغيرة يوميا، و”هوم سويت هوم” (75 د) للبنانية نادين نعوس وفيه نقاش بين ابنة عائدة من السفر ووالدها عن تطورات الحال اللبنانية ومتغيراتها، و”الرقيب الخالد” (75 د) للسوري زياد كلثوم الذي سئِم الخدمة العسكرية، وأخبار الدمار والعنف لينشقّ عن الجيش رافضا حمل السلاح. “لي قبور في هذه الأرض” (110 د)، للبنانية رين متري تعكس فيه مخاوف فئات واسعة من الجو المشحون في بلد تنتشر فيه الكراهية والحقد، و”الأوديسا العراقية” (90 د)، للمخرج العراقي سمير الذي قضى خمس سنوات يجمع ذكريات عائلته المنتشرة في أصقاع الأرض، مستخدما تقنية الأبعاد الثلاثية. و”رسائل من اليرموك” (59 د)، للفلسطيني رشيد مشهراوي، وهي رسائل المنفى والوطن التي انحازت للحياة على حساب الموت في زمن الحروب، “مومنتوم” (80 د) للبناني فادي يني تورك وفيه معالجة لقيام نصوب في المناطق المختلفة تفاقم الانقسام في البلد بينما هوت الكثير من النصوب في الدول العربية، “أم غايب” (85 د) للمصرية نادين صليب وفيه معاناة فتاة تريد الإنجاب، ويعالج الفيلم صراعها بين الأحلام والحقيقة.
“أنا مع العروسة” (98 د) فيلم مشترك للفلسطيني السوري خالد سليمان الناصري، والإيطاليين غابرييل دل غراندي و أنطونيو أوجوجليارو، تروي قصة استضافة شابين فلسطيني وصحافي إيطالي لخمسة سوريين وفلسطينيين هربوا من الحرب السورية، وسهلّا لهم العبور إلى مكان آمن في السويد. “العودة إلى حمص” (87 د) للسوري طلال الديركي، صُوِّر الفيلم في حمص على مدى ثلاث سنوات، حلم شابان بإبقاء التظاهرات السورية في إطار سلمي، باسط (19 عاما) حارس مرمى تحول إلى زعيم تظاهرات ومغنِّي، وأسامة (24 عاما) مصور انتقادي مسالم وساخر، إلى أن وجدا نفسيهما في خيارات مغايرة، تضطرهما للتحول إلى مقاتلين.

ساكن” (90 د) للفلسطينية ساندرا ماضي، يروي قصة إبراهيم سلامة الفلسطيني المقيم في الكويت،والذي يرغب في الالتحاق بالثورة الفلسطينية ويصاب فيفقد الأمل في أن يكون جزءا من الثورة. و”ماء الفضة” (92 د)، مشترك بين الفرنسية وئام باديركسن، والسوري أسامة محمد، قصة لقاء المخرج، الذي يصور أفلام اليوتيوب لسماء بلاده، مع امرأة كردية تسأله عما كان يصوره لو كانت كاميرته معه في حمص.
“المجلس” (80 د)، للأردني يحيي العبدالله، رحلة طالبين تبدأ مع الإعلان عن انتخابات مجلس الطلبة ويعالج العلاقة بين المعلم والتلاميذ. ,”المرحلة الرابعة” (37 د) للبناني أحمد غصين، ينسج الاتحاد المستبعد بين الوهم والخرافة، وعوالم متزامنة هي السينما وسحر الطبيعة المتغيرة في الجنوب اللبناني.
“شباب اليرموك” (78 د)، للفرنسي ألكس سلفاتوري سينز، يحكي قصة شباب من اليرموك الفلسطيني من الجيل الثالث الذي لم يعد يحلم بالعودة، ويناقشون همومهم ومصيرهم. و”المطلوبون الـ 18″ (75 د) للفلسطيني عامر شوملي والكندي بول كوان، يخلق الاثنان قصة حقيقية عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى، من خلال المزج بين تقنية الستوب موشن، والرسوم، والمقابلات.
المخرج اللبناني أكرم الزعتري يهوى المطولات، شارك بعنوان طويل “ثمانية وعشرون ليلا وبيت من الشعر”، في 105 دقائق، وفيه دراسة لممارسة مصور استوديو في منتصف القرن الماضي، والبحث عن جوهر أرشيف اليوم، في محاولة لفهم آلية عمل هذا النمط من إنتاج الصور، والحياة التي خدمها وكيف استمرت.
وقالت صفير عن سبب خيار الوثائقي كأكبر مجموعة: “في العالم العربي، الإنتاج الأكبر هو للوثائقي، ولم يكن ذلك مقصودا من قبلنا”.
وعن الفرق بين الفيلم الوثائقي والفيلم المستند إلى رواية واقعية حقيقية، قالت: “لم تعد هناك حدود تفصل بين نوعية الأفلام، وربما لم يعد الفيلم الوثائقي الكلاسيكي رائجا، فالأفلام الإبداعية تتخطى الحدود”.