الكوميديا كسلاح إيراني في باريس

ندى الأزهري

تشهد باريس اليوم الأربعاء انطلاق النسخة الرّابعة من مهرجان السينما الإيرانية ويستمر إلى السابع من يونيو الجاري، نسخة هذه السنة ستتيح للمهتمين اكتشاف عوالم أخرى لهذه السينما كما الإطلاع على نوعية جديدة من أفلامها غير تلك التي اعتادوا مشاهدتها في دور العرض الفرنسية.

الملصق الترويجي للمهرجان

يندر الحديث عن أفلام “فكاهية” إيرانية، فالمواضيع الاجتماعية، الرصينة في معظم الأحوال، هي الغالبة في السينما الإيرانية، لكن تلك السينما ليست مخصصة فقط للميلودراما والنقد الاجتماعي الجاد كما يعتقد كثيرون، فثمة سينما أخرى شعبية جدا في إيران لا أحد يعرفها تقريبا لاسيما في الغرب يكشف ستارها مهرجان هذه السنة.

بين كوميديا اجتماعية وأخرى أخلاقية مكتفية ببساطتها أو على العكس تثير التأمل باستعاراتها، تسمح أفلام من هذا النوع بالقاء نظرة مسلية على الأوجاع الاجتماعية التي تمر بها البلاد وقد لا تكتفي بهذه النظرة بل توجه أيضا انتقادا جارحا أحيانا للأوضاع عبر استخدام الضحكة كسلاح! مخرجون إيراينون يستغلون الكوميديا بحرفية وهذا في ثمانية أفلام مختارة للعرض في المهرجان، أفلام مختلفة جدا في مضمونها وأسلوبها تمثل عدة مراحل من تاريخ السينما الإيرانية. أقدمها ” ليلة من الجحيم”  من عام 1956عن بخيل يريد إجبار ابنته على الزواج  برجل غني فيقضي ليلته في كوابيس لا تنتهي.

من فيلم "محن إيراني في سيارة ليموزين"

من الثمانينات يعرض ” المستأجرون” لدريوش مهرجوي  وهو عن انهيار مبنى كامل بسبب اهمال صاحبه اصلاحه، بما في ذلك من استعارة ربما للبلد نفسه. من التسعينات ” ليلي معي” للمخرج كمال تبريزي الذي برع في الأفلام الفكاهية. الفيلم يتابع مصور تلفزيوني يختار الذهاب للجبهة أثناء الحرب العراقية الإيرانية للتخلص من مشاكله المادية. يريد تصوير فيلم عن الأسرى العراقيين ومجرد هذه الفكرة تصيبه بذعر شديد.

ثمة فيلم آخر لتبريزي يعتبر من أشهر الأفلام الإيرانية الكوميدية، ليس فقط بسبب منعه من العرض في إيران، بل لجودته ونجاحه بالتعبير عن تصديق الناس لرجال الدين حتى حين يكونون مزيفيين. في” السحلية” لتبريزي( 2004)، ثمة سجين لم يجد وسيلة للهرب سوى التنكر بثياب مُلّا، لكن ما اعتقده وسيلة سريعة للهرب، ستكون أطول مما توقع وأشد محنة، فقد تشبث به كل من رآه ليطرح عليه تساؤلاته حول الدين هو الذي لا يفقه شيئا، ما أوقعه في مواقف شديدة الحرج والطرافة.

من الفيلم الكوميدي "السحلية" لتبريزي (2004)

لعب دور البطولة الممثل المحبوب في إيران والحائز على جوائز عديدة وطنية ودولية بارفيز برستويي، هذا الممثل الذي يطلق عليه في بلده تعبير ” الرجل ذو الألف وجه”، نظرا للتنوع الكبير في الأدوار التي يؤديها، فهو يتنقل من زيّ الملا إلى زيّ الجندي المزعور في الجبهة مرورا برجل الأعمال وسائق التاكسي.. وفي كل هذه الأدوار يدهش المشاهدين بأدائه وتجسيده اللافت للدور وحضوره القوي. 

كما سيعرض ” وقف النار” 2006 للمخرجة تهمينة ميلاني المعروفة بمواقفها المناصرة للمرأة في إيران، والفيلم عن مهندسة معمارية تريد طلب الطلاق وحين تقرر اسشارة محامي، تجد نفسها بالخطأ في عيادة طبيب نفسي يحاول كشف بعض الحقائق عن حياتها الزوجية.

أما فيلم ” التمبورين” أو الدف 2008 فيسرد مشاكل شيرين التي تريد اصلاح سيارة والدها قبل أن يكتشف تعرضها لحادث ولذلك تطلب من صديق لها ساذج بعض الشيء مساعدتها في الحصول على المال الكافي فيقرر اللجوء إلى تركيب الأطباق اللاقطة على سطوح المنازل، ما يظنه كسبا سريعا لأن تلك تباع في السوق السوداء في إيران لأنها ممنوعة! ولكن المطلات ستكون بانتظاره!

من فيلم "التمبورين" أو الدف 2008

كما ثمة فيلم جديد للمخرج نادر همايون المقيم بفرنسا عنوانه ” الأقدام في السجادة” وهو عن تاجر كبير في السوق في طهران يموت بسكتة قلبية خلال رحلة لكوريا للاسترخاء، مفاجآت تنتظر الابن والزوجة عند قدومهما لفرنسا لنقل الرفات والتحقيق بالملابسات.

ثمة قسم للأفلام القصيرة أيضا وآخر للوثائقية في المهرجان، وكذلك قسم” بانوراما أفلام معاصرة لم يسبق لها العرض” وهي ثمانية أفلام من إنتاج عامي 2015 و2016 ومنها” الزبون” فيلم أصغر فرهادي الجديد الذي عرض في كان مؤخرا وفاز بجائزة السيناريو وجائزة التمثيل وفيلم” تعاكس” فيلم بهمن بهزادي الذي شارك في ” نظرة ما.


إعلان