مهرجان الهواء الطلق في بيروت
Published On 16/8/2016

الجزيرة الوثائقية – بيروت
حطت الدورة الثالثة من مهرجان الهواء الطلق (كابريوليه) لعروض الأفلام السينمائية القصيرة، رحالها في ساحة المنخفض الروماني الذي يتوسط مدينة جبيل السياحية والأثرية.
فعاليات المهرجان جرت بالتعاون مع بلدية جبيل بهدف تقديم نخبة من الأفلام القصيرة كبديل متمم للتعبير السينمائي التقليدي الرائج الذي يجري في صالات السينما المغلقة، ولإتاحة الفرصة للشباب اللبناني والعربي الوصول إلى المنصات السينمائية العالمية، خصوصا منها المختّص بالأفلام القصيرة المميزة بالاقتصار على فكرة واحدة، تتيح لصاحبها إبراز مهاراته في تقديمها وعرضها غنية في مهلة زمنية، الأقصر منها هو الأفضل.
يستند “كابريوليه” في تقدمه في العروض المكشوفة على تجربة ثماني سنوات على أدراج الأشرفية في بيروت، ودورتين في جبيل، في ضوء الإقبال الشعبي الكبير على صيغة الهواء الطلق، علاوة على مشاركته في مختلف الأنشطة المشابهة على المستوى العالمي مثل فانكوفر في المانيا، وروما، ونيويورك.
اشترك في تنظيم المهرجان الجامعة الأنطونية، وجرى كالعادة بالتعاون مع معهد “غوته” الألماني، والمؤسسة الثقافية الإيطالية (Institut Italiano di Cultura).
أتاحت العروض القصيرة فرصة ترفيه واستراحة للجمهور، فقد كان أطول الأفلام من ٢١ دقيقة، وهما فيلم “سمير شيخ الشباب”، روائي للبنانية كريستيل يونس، يتناول قصة عجوز يستطيع خلال تشييعه أن يسمع ويرى ما يحدث حول نعشه، وكذلك يمكن أن يقرأ ما يفكر المحيطون فيكتشف المشاركين في جنازته على حقيقتهم ويدرك نياتهم الفعلية. والمميز في الفيلم أنه لقطة واحدة، إذ أن الكاميرا لا تتحرك لمدة 20 دقيقة.
وفيلم الافتتاح “مبروك” روائي للمخرجة سينتيا صوما من بطولة الممثلة جوليا قصار وعايدة صبرا، تلاه “المشتى” وثائقي لفراس الحسيني مع شروح وتعليق لكريستيان الحلو (١٥ دقيقة).
بالمقابل، عرض فيلمان من خمس دقائق لكل منهما، وهي المدة الأقصر للأفلام، الأول، “مع سبق الإصرار” للفلسطينيين طرزان وعرب ناصر، ٢٠١٤، والثاني، “أبيض” تحريك، لفروليان غروليك من ألمانيا.
من الأفلام العربية، “ميسي بغداد” للعراقي سميح خليفة، روائي من ١٩ دقيقة، حائز الجائزة الأولى في مهرجان الأفلام القصيرة العالمية في بلجيكا، ٢٠١٢. وفيلم “Apart” للفلسطيني سامي شحادة وهو وثائقي من٢٠ دقيقة.«Apart» لسامي شحادة «20» دقيقة، وفيه بطل القصة يوثق حكايته أمام الكاميرا. هو محمد قطاطي، شاب يعزف الأوكورديون. غادر غزة سنة 1995 لدراسة الموسيقى في الضفة الغربية. يروي قطاطي حياته المقطعة الأوصال بشاعرية مطلقة، كما موسيقاه. نفّس بعضا من احتقانه بتأليف مقطوعة موسيقية وأهداها للفتاة التي فقدت كامل عائلتها على شاطئ غزة بغارة.

تسعة أفلام دولية طغت على عدد الأفلام العربية غير اللبنانية، وهي من عدة جنسيات منها تحريك اسباني “لن أتحدث في السياسة” من عشر دقائق، ل Aitor Onederra. وأخرى من ألمانيا (تحريك) Christof &Wolfgang Lauenstein من ١١ دقيقة، وبقية الأفلام الدولية روائية من إيطاليا، وسويسرا، والمملكة المتحدة، والنروج.
مدير “كابريوليه” ابراهيم سماحة لفت في حديث ل”الجزيرة الوثائقية” أن “المميز في دورة هذا العام استضافتنا لأفلام من الدول العربية، وبالمناسبة نحتفل مع بلدية جبيل بانتخابها كأول مدينة تمثل المدن العربية على صعيد السياحة في العالم العربي. ومن هذا المنطلق كان اختيارنا أن تكون مجموعة الأفلام عربية، ومنها اللبناني. وفي العادة، تكون نصف المعروضات من الأفلام لبنانية، والنصف الآخر دولي، ونفس المعيار نعتمده هذا العام، فعندنا نصف الأفلام لبنانية، والبقية عربية أساسا، مع بعض الأفلام الالمانية، والإيطالية نظرا لمشاركة مؤسستين ثقافيتين المانية وإيطالية في المهرجان دائما، ونحن نرسل إلي��ما أكبر عدد من الأفلام اللبنانية”.
عن اتجاهات الأفلام المشاركة، قال سماحة: “ليس هناك من اتجاه محدد للأفلام، إذ بات يصلنا ستماية فيلم في السنة، وعلينا أن نختار أربعين منها في المهرجان المركزي الذي نقيمه على أدراج الأشرفية في بيروت، ومنها نختار ٢٠-٢٥ فيلم للعروض في جبيل. بذلك نعرض نحو ٢٣ فيلم من أصل ستماية فيلم، مما يعني أن كل الأفلام المعروضة في جبيل هي نخبة ممتازة من الأفلام”.
وتحدث عن انتشار المهرجان واتساع الإقبال عليه، قائلا: “بات منتشرا ومعروفا في العديد من البلدان، وبوجود وسائل التواصل الالكترونية، تصلنا أفلام من دون أن نبادر للتواصل مع أصحابها، وكلما زاد تواصلنا مع الخارج، يزداد عدد المهرجانات التي نتعاون معها، وبلغ عددها ٢٦ مهرجانا، ونرسل لهم أفلاما لبنانية، وهي فرصة للمخرجين اللبنانيين ليعرضوا أفلامهم على الصعيد العالمي”.
ما يميز كابريوليه أنه الوحيد الذي يقدم عروضه في الهواء الطلق، ومجانا، وبما فيها وسائل الترفيه والتسلية كالبزورات و”البوب كورن” وسواها. ويفيد سماحة أن “الأساس أننا لا نعرض افلام سينما فقط، بل نركز على الأفلام القصيرة التي تتناول موضوعا واحدا، ونترك معالجة الفكرة للجمهور في حواره مع المخرج”.
يفتح المهرجان مجالات للتعامل والتفاعل بين الناس في الساحات العامة، ومن دون أية قوانين، ولا ضوابط تخضعهم لشروطها، وليس من السهل الطلب من جمهور عريض الانضباط في ساحات مفتوحة، لذلك “تترك لهم حرية التصرف فيما بينهم، يتناقشون، ويتبادلون الآراء، وغالبا من دون تدخلنا، فالناس حضاريون، ومثقفون ويتقنون أساليب التفاعل اللائق فيما بينهم”، على ما قال سماحة، مضيفا: “سمعنا من كثيرين ان الناس تحدث فوضى وأقذار، وهذا غير صحيح، فها هي الساحة مرتبة ومنظمة، ونظيفة. ففي ظل السينما نشجع المساحات العامة، ونقدم الأفلام التي تتعرض للتابوهات الاجتماعية، بذلك نطلع على مختلف الآراء، التي تتعرض للعديد من الأفكار المعروضة في الأفلام ال٢٣ من جنسيات وثقافات مختلفة”.
عن سبب اقتصار المهرجان على بيروت وجبيل، يفيد سماحة: “السبب هو محدودية إمكاناته، وعندنا توجه أن نطور العمل للمستقبل، ونعرض في غير مدن، متى تم تعزيز قدراتنا المادية والعملانية، وهذا ما نسعى إليه”.
