“مسكون” .. مهرجان أول للرعب والفانتازيا

الجزيرة الوثائقية – بيروت
المهرجان السينمائي الأول من نوعه شهدته العاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان “مسكون”، وجرى بالتعاون بين أربع مؤسسات إنتاجية وسينمائية وأكاديمية هي: شركة “أبوط للإنتاج” (Abbout Productions)، وجمعية متروبوليس، والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة -جامعة البلمند ALBA))، وموقع “سينموز” Cinemoz الإلكتروني.
وكما تشي العنونة، فإن أصناف الأفلام التي تناولها المهرجان ترتبط بالغيب، والماورائيات، والخيال، وتحديدا أفلام الرعب، والفانتازيا، والإثارة، والخيال العلمي.
تقول مديرة المهرجان ميريام ساسين إنه “الأول لهذه المجموعة من أنواع الأفلام التي تجمع أفلام الرعب والفانتازيا والخيال العلمي في العالم العربي”.
وقالت في تصريح لـ”الجزيرة الوثائقية”، إنه “في بداية التخطيط للمهرجان بحثنا في تسمية ملائمة، تعبر عن هذه العوالم، وعن العالم الآخر غير الواقعي بكلمة واحدة، واستقر الرأي على كلمة “مسكون” التي تعبر عن كل هذ الأمور، وبإمكان الأجانب لفظها بسهولة، وكتابتها وقراءتها بوضوح وبساطة”.

كلمة “مسكون” يمكن أن تعبر عن سينما الأشباح، مثلا، لأنه عالم يمكن أن يكون مسكونا افتراضا من عالم آخر، أو حتى يمكن أن يكون فكرة مسكونة بالرأس. تعتقد ساسين أن “الكلمة تعبر عن كل ما يمكن للمهرجان أن يكونه، ويترك صدى قويا لما يعنيه”.
ورغم التطور الكبير للسينما اللبنانية والعربية، لكن الأفلام التي يستهدفها المهرجان لا يزال إنتاجها قليل، كما تلاحظ ساسين، ذاكرة أن “وجود عدد من المبادرات الناجحة تستدعي أن يتطور هذا النوع من الأفلام”، وقدمت مثالا فيلم “زنزانة” الإماراتي الذي لقي إقبالا كبيرا، وعرض في “مهرجان فانتاستيك أوستن” (Fantastic Fest Austin)، في تكساس”.
لماذا هذا الصنف من الأفلام، تقول ساسين إن “الفكرة أن نخلق تنوعا في السينما العربية، لكي نتمكن من جذب الجمهور لأن هناك الكثير من الجمهور الذي يحب هذا النوع من الأفلام، ولا يجدها في السينما العربية”.
والسينما يمكن أن تكون للتسلية ويمكن أن تكون انتقادية تعالج الواقع، وبالنسبة لهذا النوع من الأفلام، قد لا تعبر عن حاجات اجتماعية، لكن ساسين ترفض ذلك وتقول إن “سينما الخيال العلمي، والفانتازيا، والرعب يمكنها أن تعبر عن مشاكل المجتمع، وتعالجها، وتنقد الواقع كالفيلم الإيراني Under the Shadows، الذي ينطلق من واقع الحرب العراقية – الإيرانية، ويدخل إلى أمور أخرى برمزية مدروسة. وهناك “باسكن” التركي الذي ينتقد السلطة البوليسية اليوم في تركيا، ويعكس التوتر الموجود في تركيا حاليا”.
ولا يستطيع أحد إنكار أن للمهرجانات السينمائية بُعدا تجاريا، ولذلك عمد منظمو المهرجان إلى اختيار حيز سينمائي قليل الحضور، لكن مادته مرغوبة من الجمهور، فيسعون لجذبه على أمل تأمين حضور شعبي واسع، وأرباح عالية.
ساسين قالت بهذا الخصوص إن “هذا المهرجان يسعى وراء هذه الأفلام المطلوبة من الجمهور، فهي تقدم تنوعا جيدا، وأفكارا مهمة، ويمكن التشجيع عليها”.
لأفلام الرعب تأثير يفاقم التوتر في ظروف قاسية تعيشها المنطقة، وللسينما دور في التوتير أو التخفيف منه بخيارات سينمائية مدروسة، وتعلق ساسين على هذه الناحية بالقول: “بالتأكيد هناك أعمال يمكن أن تخفف من وطأة التوترات، والآثار السلبية، لكن هناك الفن الذي يجب أن يكون مرآة الواقع، وانعكاسا لما يجري، وإذا فكرنا بالتعبيرية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى، أي فترة التوترات والمأساة التي عاشتها ألمانيا، ظهرت أفلام هي من أهم أفلام الفانتازيا في العالم، مثل أفلام “فرايديز لونغ”، و”عيادة الدكتور كاليغاري”، واستطاعت أن تجذب الجمهور وتشعر أنه من خلال هذا الأسلوب يمكن الكشف عن المأساة”، مضيفة: “من هنا للفن أكثر من وظيفة، ويجب تشجيع أنواع مختلفة من الأفلام، كي لا يتوجه العمل إلى جمهور من لون واحد”.
وبالنسبة للربح التجاري، قالت إن “مسكون” يمكن أن يغير فكرة أن هذه الأصناف هي إنتاجات هوليوودية، وأنها تكلف الكثير من المال، فهذه الصناعة باتت عالمية أولا، وبميزانيات ضئيلة، ثانيا، وهي مطلوبة في السوق العالمية، وتشارك بأكبر المهرجانات مثل كان وساندانس وتورنتو وسواها”.
ولفتت إلى أن “أفلام الرعب هي من الأكثر مبيعا في العالم، ويمكن إنتاج فيلم بميزانية محدودة، لكن المردود سيكون عشرة أضعاف مثل فيلم “هالووين” للمخرج جون كاربنتر (١٩٧٨)”.
من أهداف المهرجان أيضا، تقول ساسين إنه “تعريف ما الذي يمكن عمله على هذا الصعيد من الأفلام، وكيف تنتج بميزانيات ضئيلة، وجودة عالية عبر أفلام من مختلف دول العالم من الهند، فتركيا، والولايات المتحدة، ودول أوروبا، وإيران، واليونان، وكذلك تشجيع مخرجي الأفلام اللبنانيين لكي يخططوا لإنتاج أفلام من هذه الأصناف، ولذلك أقمنا ورشتي عمل، إحداهما لخبير المؤثرات الخاصة، والقوالب الاصطناعية دان فراي، والثانية لخبير المؤثرات البصرية شادي أبو”.
وشهد المهرجان ندوة مختصة لمخرجي ومنتجي الأفلام، نظمتها مؤسسة السينما اللبنانية، وتناولت الأحاديث فيها الأفلام التي تحتاجها المهرجانات، وكيف يفكر منظموها، وكيف يمكن لمخرج أن يروج فيلما على طريقة المهرجانات العالمية.
وقالت ساسين إن “المهرجان الأول لم يتضمن مسابقات، وهذا أمر بديهي، إلا أننا سنسعى إلى ذلك في الدورات المقبلة”.
من ضيوف المهرجان مخرج فيلم Baskin كان إيفرينول الذي كتب وأنتج وأخرج أفلام رعب عدة، ونال مجموعة من الجوائز في هذا المجال، والناقد السينمائي المصري جوزف فهيم، وهو عضو في أسبوع برلين للنقاد ، والتشيكي كاريل أوخ، المدير الفني لمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي، إضافة إلى إفريم ايرسوي، المخرج والسيناريست والخبير في برمجة مهرجانات أفلام الفانتازيا، ومنها مهرجان الفانتازيا في أوستن – تكساس .
كما أقيمت في صالات “متروبوليس أمبير صوفيل” أجنحة عرض لمتاجر متخصصة في أغراض مستوحاة من أجواء هذه الأفلام، وتولى رسامون لبنانيون عرض أعمالهم المستوحاة من الأجواء نفسها.