“قضية رقم 23” ينبش ماضي دويري

أسماء الغول

زياد دويري

كان من المقرر عرض فيلم “قضية رقم23” للمخرج اللبناني الفرنسي زياد دويري، مساء الاثنين 23 أكتوبر/تشرين الأول في ختام مهرجان “أيام سينمائية” بقصر رام الله الثقافي إلا أنه تم إلغاء العرض من قبل بلدية مدينة رام الله بسبب دعوات إلى منعه من قبل نشطاء في مقاطعة إسرائيل تحت وسم “#لن يعرض”، ففي رصيد المخرج السينمائي فيلم تطبيعي وهو “الصدمة”2012.

ووصف البيان الأول الصادر عن حركة مقاطعة إسرائيل BDS، فيلم “قضية رقم 23” للمخرج زياد دويري  بأنه “لا يخضع للمعايير الحالية للمقاطعة، وبالتالي لا تعتبر أن المهرجان يخالف المعايير”.

أما في البيان الثاني قالت ” قيام أي مهرجان عربي أو فلسطيني، وبغض النظر عن النوايا، بعرض فيلم لمخرج أنتج فيلمًا سابقًا جزئياً في تل أبيب، ممارسًا حرية التطبيع، لا حرية التعبير، ولا يزال يروّج للتطبيع، يشجع هذا المخرج على الاستمرار في نهجه التطبيعي المدمّر”

وكان دويري صاحب فيلم “بيروت الغربية 1998، وكاتبة السيناريو جويل توما انتهيا مؤخراً من فيلم “قضية رقم 23” الذي يحكي عن مشادة حادة تقع بين طوني (يؤدي دوره عادل كرم) المسيحي اليميني وياسر (كامل الباشا) اللاجئ الفلسطيني المسلم المقيم في لبنان في أحد أحياء بيروت.

 وسرعان ما تتحول هذه المشادة إلى قضية رأي عام وتقود الرجلين إلى مواجهة في المحكمة، وعبر جلسات المحاكمة كل واحد منهما يسترجع ماضيه وتجربته في لبنان مع السياسة والحرب، ونال عن الفيلم الفنان الفلسطيني كامل الباشا جائزة أحسن ممثل في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته الرابعة والسبعين.

وقد ساهم قرار عرض الفيلم للمخرج المثير للجدل  في مهرجان فلسطيني، إضافة إلى بيانات الحركة في إذكاء الجدل، وإعادة النقاش حول فيلم “الصدمة” فقد صور المخرج جزءاً منه في إسرائيل، كما كان جزء من فريق التمثيل من الممثلين الإسرائيليين، ناهيك عن أنه مقتبس عن رواية “الاعتداء”2005 للكاتب ياسمينة خضرا، والتي تأتي روايته في سلسلة روايات سابقة له عن الإرهاب في العراق وأفغانستان والجزائر.

 وتدور الحكاية حول جراح عربي إسرائيلي له تقديره في دولة إسرائيل، يعالج ذات يوم المصابين في هجوم انتحاري في “تل أبيب”، وسرعان ما يكتشف أن منفذة الهجوم هي زوجته الفلسطينية، ويبدأ يعاني من صراع بين مجتمعيّن يرفضانه؛ المجتمع الإسرائيلي الذي أصبح ينظر إليه باعتباره إرهابيا محتملاً، والمجتمع الفلسطيني الذي ينظر إليه باعتباره عميلاً محتملاً.

ونال فيلم “الصدمة” جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان سان سيباستيان والجائزة نفسها في فئة “نظرة أخرى” بمهرجان تيلورايد، وأفضل فيلم في مهرجان مراكش الدولي، في حين رشح لبنان فيلم “قضية رقم 23″، لجوائز أوسكار السينمائية لسنة 2018 عن فئة أفضل فيلم أجنبي.

وكانت بلدية رام الله التي اتخذت قرار إلغاء العرض في ختام مهرجان “أيام سينمائية” بررت ذلك بـ «الحفاظ على السلم الأهلي”، عقب تصاعد الدعوات لإلغاء عرض الفيلم، كما عبرت مؤسسة ” فيلم لاب” التي تدير المهرجان وتنظمه أنها فوجئت بصدور قرار إلغاء العرض، رافضة منطق التخويف والترهيب.

ملصق الفيلم

 كما عبر الممثل كامل باشا عن غضبه من المنع عدة مرات على حسابه في “الفيسبوك”، وقال في بيان نشره أيضاً على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “بناء على البيان الصادر عن لجنة مقاطعة إسرائيل BDS والخاص بالمخرج اللبناني زياد دويري بمنع عرض فيلم “قضية رقم “٢٣ في فلسطين، أعلن مقاطعتي للحركة وأطالب بتشكيل جمعية من المثقفين الفلسطينيين المناهضة لفكرها الإقصائي والانتقائي داخل فلسطين التاريخية وفي الوطن العربي”.

وأضاف الباشا في البيان ” هذا النهج الإقصائي المتعمد يعني استهانتهم بالفن والفنانين وأنا احترم نفسي ولن أدعم من لا يحترمني ولا يقبل الحوار معي، لقد التزمت طوال السنوات السابقة بمعاييرهم التي فرضوها احتراما لجهودهم، ولكني أعلن منذ هذه اللحظة عدم التزامي بأي من قراراتهم”.

وكانت السلطات اللبنانية في العاشر من سبتمبر الماضي، أوقفت في مطار بيروت الدولي، المخرج اللبناني-الفرنسي، زياد الدويري، ثم أطلقت سراحه على أن يمثل أمام المحكمة العسكرية في بيروت، بعد حجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي، وكان ذلك بعد ساعات من فوزه بجائزة في مهرجان البندقية السينمائي عن فيلمه “قضية رقم 23″، وقبل يومين من العرض الأول للفيلم في لبنان.

ورصدت “الجزيرة الوثائقية” آراء مختلفة تم نشرها على مختلف الصحف العربية والمواقع الإلكترونية حول قضية زياد الدويري وأفلامه، ونعرضها هنا كالتالي:

الروائي إلياس خوري: “خطأ زياد الدويري في فيلمه السابق «الصدمة»، عبر اختيار رواية ياسمينة خضرا والتصوير في تل أبيب، ليس قانونيا فقط بل هو خطأ ثقافي لا يمكن السماح له بأن يتحول إلى سابقة، وهذه مسؤولية ثقافية أولا، ويجب مواجهته على المستوى الثقافي والفكري”

الكاتب بيار أبي صعب: ” حين علمنا بأنّ دويري يصوّر فيلماً جديداً عن «المصالحة»، ابتسمنا، ولم نطالب بتوقيفه ومحاكمته حسب القانون اللبناني. فكرنا بكل نية طيّبة أنّه سيطوي تلك الصفحة الآثمة، ويعتذر عنها، ويواصل مسيرته كأحد أبرز السينمائيين اللبنانيين والعرب، وأكثرهم موهبة”.

الصحافي اللبناني حازم الأمين : ” في بيروت، قوبل فيلم المخرج اللبناني زياد الدويري «القضية رقم 23» بحماسة مسيحية وفتور سني واستنكار شيعي، ذاك أن الفيلم يتبنى المروية المسيحية للحرب الأهلية اللبنانية، أو على الأقل يلقي ضوءاً على صورة ووجه منها. صالات السينما في بيروت الشرقية اختنقت بالمشاهدين، أما في الغربية فكان الإقبال أقل”.

 

 


إعلان