“غزيّة” يمثل المغرب في الأوسكار

زبيدة الخواتري

لا يفتأ نبيل عيوش يثير الجدل بأفلامه ذات الطبيعة الصادمة.

لم تكد تهدأ الضجة التي أثارها فيلم المخرج المغربي نبيل عيوش ” الزين اللي فيك”، حتى بدأ اللغط حول فيلمه الجديد “غزيّة” الذي أعلن المركز السينمائي المغربي اختياره للتنافس على جوائز الأوسكار الأمريكية لعام 2018، في فئة “أفضل فيلم أجنبي”.

إذ أثار الترشيح ضجة في الوسط الفني والسينمائي بالمغرب، واتهمت اللجنة المكلفة بالانتقاء، بالمحاباة وتغليب العلاقات الشخصية إضافة إلى عدم استجابة الفيلم إلى شروط المشاركة في المسابقة، وهي الاتهامات التي واجهتها اللجنة بنفي قاطع.

وقوبل قرار الترشيح بالرفض من طرف عدد من السينمائيين والنقاد الذين ندّدوا بالطريقة التي وقع بها الاختيار، ووصفوها بغير القانونية، لأنه فيلم لا تتوفر فيه شروط المشاركة على حد قولهم إذ لم يعرض في القاعات السينمائية، مثلما تنص على ذلك قوانين مسابقة جوائز الأوسكار، كما كان الاحتجاج على اللجنة التي وقع تكليفها للاختيار، حيث ترأسها الكاتب والتشكيلي “ماحي بنبين”، وتكونت من المخرجة “زكية الطاهري” والممثلة”سامية أقريو” والموزعتين السينمائيتين” منية العيادي” و”سهام الفايدي”ثم الناقد”عمر بلخمار”، إضافة إلى “خديجة فضي” ممثلة المركز السينمائي المغربي.

موضوع الفيلم هو عالم النساء، وشخصياته تتمثل في عدة شابات مغربيات في بلجيكا ينشدن الحرية بأشكال فردية واجتماعية.

نكتة الأوسكار

سينمائيون مغاربة ومهتمون وإعلاميون ونقاد استاءوا لاختيار فيلم نبيل عيوش بل ثمة من وصف الاختيار بنكتة الأوسكار. ومنهم من تساءل أصلا عن دور اللجنة: “هل فعلا نحتاج في بلدنا إلى تكوين لجنة لاختيار الفيلم الذي يمثلنا في الدور التمهيدي للأوسكار؟ وهل نحسن اختيار من يختارون الفيلم الذي يمثلنا، أم أننا نمنح الفرصة لأي كان لكي يقوم بأي شيء بطريقة تبعث على الريبة؟” للأسف الشديد، يتابع نقاد ومحللون، بأن المركز السينمائي المغربي صار له هدف واحد هو تصفية السينما.

المكتب التنفيذي “للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام” في المغرب، وصف عملية الانتقاء التي وقع إثرها ترشيح فيلم “نبيل عيوش” لجوائز الأوسكار بـ”الفضيحة” بسبب ما اعتبره طريقة غريبة وغير قانونية عينت بها لجنة اختيار الفيلم الذي سيمثل المغرب في المسابقة، حيث تحكمت فيها العلاقات الشخصية وغابت فيها الشفافية.

وأضاف أن اللجنة التي قامت بعملية الاختيار تشكلت من أفراد غير منتمين إلى أية غرفة أو هيئة مهنية، حيث جرى اختيار أشخاص، لهم علاقات عمل مباشرة مع منتج الفيلم الذي تم اختياره. كما أكدت العرفة أن الفيلم المعني لم يقدم إلى حد الآن أي عرض عمومي في المغرب.حيث تشير اللوائح التنظيمية للأوسكار أن من الشروط المطلوبة للترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي أن يكون العمل السينمائي قد عرض على الأقل لمدة أسبوع في بلد الإنتاج.

رئيس اللجنة “ماحي بنبين” تربطه بالمخرج علاقة وثيقة، إذ يشتركان في مجمع ثقافي في الدار البيضاء، كما أن فيلم المخرج “عيوش” السابق “يا خيل الله” مقتبس من رواية للكاتب “ماحي بنبين”، وابنة رئيس اللجنة “دنيا” تلعب دورا في فيلم “غزية”، والفنانة”سامية أقريو”هي عضو اللجنة قدمت المسلسل التلفزيوني “سر المرجان” وهو من إنتاج شركة يملكها “نبيل عيوش” خلال موسمين.

لقطة من الفيلم

لجنة الاختيار:

الانتقادات لم تقف عند الفيلم وخطوة اللجنة، بل حتى عند طريقة تشكيلها، فالطريقة التي عينت بها لجنة اختيار الفيلم الذي يمثل المغرب في جوائز الأوسكار الأمريكية ، عرفت في البداية اختيار أفراد غير منتمين لأية غرفة أو هيأة مهنية، في حين ينص القانون على ضرورة إشراك الغرف والهيئات المهنية، ثم اختيار أشخاص، لهم علاقات عمل مباشرة مع منتج الفيلم الذي تم اختياره رغم عدم استجابته لشرط العرض الرسمي بالقاعات السينمائية حيث يعلم الجميع أن الفيلم المعني لم يقدم له إلى حد الآن أي عرض عمومي بالمغرب.

وصف “الاتحاد الوطني لتنمية الصناعة السينمائية والسمعية البصرية” في بيان له، الاختيار بالخطأ الجسيم والتصرف المخالف للقانون وللأخلاق المهنية لإدارة المركز السينمائي المغربي ومنتج الفيلم واللجنة. ففي ظل الجدل المسيطر على المشهد المغربي، طالب المهنيون في قطاع السينما، وزير الثقافة والاتصال “محمد الأعرج” بفتح تحقيق في شأن ترشيح فيلم “نبيل عيوش” لتمثيل المغرب في مسابقة الأوسكار، والطريقة التي أحاطت بالعملية، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب هذا السلوك في المستقبل.

اللجنة ترد

رئيس اللجنة “ماحي بينبين”، في تصريحات صحفية نفى الاتهامات الموجهة للجنة، موضحا أنها تداولت بشأن عشرة أفلام مرشحة، انحصر التنافس ضمنها بين “غزية” و”عرق الشتا”، ليتم الاختيار في النهاية فيلم “غزية” عن طريق أوراق سرية، و”بالإجماع تقريبا”، مؤكدا أن فيلم “غزية” يعد الفرصة الوحيدة للسينما المغربية بالأوسكار.

من جانبه  خرج الناقد عمر بلخمار عضو اللجنة للدفاع عن نفسه ، ففي توضيح له حول اختيار فيلم “غزية” :”سلمت لي لائحة الأفلام العشرة المرشحة ، وشاءت الظروف أن لا ألتقي إطلاقا بأعضاء اللجنة  أو أن أشاهد معهم الأفلام المرشحة، بل شاهدت وحدي الأفلام بتنسيق مع ممثلة المركز السينمائي المغربي في اللجنة، كما لم أحضر في المداولات لوجودي حينها بإفران في إطار الأيام الدراسية مع زملائي النقاد في الجمعية المغربية لنقاد السينما.”

وأضاف بلخمار بأن الفيلم الذي رشحه لم يكن فيلم نبيل عيوش:” بعثت لهذه اللجنة بواسطة البريد الإلكتروني عبر مدير المركز السينمائي المغربي بعنوان الفيلم الذي اخترته كمرشح لمسابقة الأوسكار، ولم يكن هو الفيلم الذي تم اختياره من طرف اللجنة، كما أن محضر المداولات لا يحمل توقيعي، ما يوضح أنني بريء من كل الاتهامات المجانية والمهينة الموجهة إليّ بشكل مباشر حول اختيار الفيلم.”

من فيلم "الزين اللي فيك" لنبيل عيوش الذي أثار هو الآخر ضجة كبرى لدى عرضه.

فيلم مثير من جديد:

فيلم المخرج “نبيل عيوش” الجديد لن يقل في إثارته للجدل عن عمله السابق، فموضوعه هو عالم النساء، وشخصياته تتمثل في عدة شابات مغربيات في بلجيكا ينشدن الحرية بأشكال فردية واجتماعية. وذكر أن بعض مشاهد الفيلم مستوحاة من الحراك الاحتجاجي في مدينة الحسيمة شمال المغرب، غير أن المخرج في تصريحاته للصحافة أكد أن الفيلم كتب منذ ثلاثة أعوام تقريباً، وأن أي تشابه مع حراك الحسيمة هو صدفة، فموضوعه المتناول يسلط الضوء على الظلم الاجتماعي والجهل وتقبل الآخر وغير ذلك من الحريات، بالتالي ليس مستبعداً أن يلتقي مع أي حراك.

“غزية” هو الفيلم الطويل الثامن في مسيرة عيوش بعد “مكتوب” و”لحظة ظلام” و”علي زوا” و”كل ما تريده لولا” و”أراضي” و”خيل الله”، و”الزين اللي فيك”.

يشارك في بطولة فيلم “غزية” زوجة المخرج نفسه “مريم التوزاني”، وهي مخرجة أيضاً شاركته كتابة السيناريو، وتمثل فيه أيضا “دنيا بينبين” ابنة الروائي”ماحي بينبين”، إلى جانب الممثل “أمين الناجي”.

الفيلم صور في جبال الأطلس بورزازات ، وفي الدار البيضاء وفي بلجيكا. ويتكوّن العمل من خمس قصص متفرقة بعضها يبدأ في الثمانينيات والآخر في الدار البيضاء في العصر الراهن، ويربط بين الشخصيات أستاذ يدرس في مدرسة قرية صغيرة في جبال الأطلس.


إعلان