أوبرا وينفري في البيت الأبيض!

محمد موسى

حازت كلمة " أوبرا وينفري " على اهتمام إعلامي واسع، واعتبرت إعلاناً غير رسمياً، ومن على منصة مناسبة سينمائية رفيعة، لدخول أوبرا معترك الحياة الأمريكية العامة.

استأثرت الكلمة التي ألقتها الإعلامية والممثلة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري في حفل جوائز “غولدن غلوب” الأخيرة، والتي جاءت على هامش منحها جائزة “سيسيل بي. ديميل”، على اهتمام إعلامي واسع، واعتبرت إعلاناً غير رسمي، ومن على منصة مناسبة سينمائية رفيعة، لدخول أوبرا معترك الحياة الأمريكية العامة. كما يُمكن أن الكلمة نفسها قد شرعت ضمنياً دخول الشخصية المعروفة عالم السياسة في بلدها، وهي التي تطاردها الشائعات في هذا المجال منذ سنوات، حيث طُرح اسمها مراراً كمرشحة محتملة لقيادة الولايات المتحدة. وازدادت حدة هذه التكهنات منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة منذ عام تقريباً. حيث إنهما يتشابهان، من حيث أن وراءهما سيرة تلفزيونية حافلة (علاوة لانشغالات ترامب الأخرى كرجل أعمال ناجح وجدليّ في بلده).

تناولت أوبرا قضية الساعة التي تشغل الصناعة الفنيّة، ونقصد هنا التحرشات الجنسية التي تتعرض لها النساء العاملات في هذه الصناعة، ومرَّت الكلمة على حضور الأمريكيين السود في الأعمال الفنيّة، وكيف أن رؤيتها للممثل الأمريكي الأسود المعروف سيدني بواتييه أثناء تسلمه جائزة الأوسكار في عام 1964 على شاشة التلفزيون، كان أحد الأسباب التي ألهمتها لدخول المجال الفني. تعرضت أوبرا أيضاً لقضية الحريات في الصحافة، وأهمية الأخيرة في الزمن الذي نعيشه، في إشارة واضحة لحكم دونالد ترامب الذي لا يخفي عداءه للصحافة الجادة، وتساهله مع الأخبار الكاذبة أو المبالغ فيها. بيد أن أهمية كلمة أوبرا تنطوي على دعمها لحملة جديدة باسم “انتهى الوقت” (Time’s Up)، والتي تعقب حملة “أنا أيضاً” (MeToo#). والحملتان تصنفان تحت ردود الأفعال التي مازالت متواصلة على قضية التحرشات الجنسية.

مرت "أوبرا" بمحطات صعبة في طفولتها، حيث تعرضت لاعتداء جنسي وهي في التاسعة من عمرها فقط. و دعمت حملة "انتهى الوقت" (Time's Up)، وكذلك حملة "أنا أيضاً" (Me Too#)، والحملتان تصنفان تحت ردود الأفعال التي مازالت متواصلة على قضية التحرشات الجنسية.

ركزت التغطيات التلفزيونية لكلمة أوبرا في غولدن غلوب على عاطفية وفصاحة ما جاء فيها، رغم أن الذين تابعوا بعض حلقات برنامج الإعلامية التلفزيوني (عرض بين أعوام 1986 – 2011 على قناة “أي بي سي” الأمريكية)، يتذكرون بالتأكيد أن العواطف واللغة التي خاطبت فيها أوبرا جمعا من نجوم السينما والتلفزيون في “غولدن غلوب”، لا تختلف كثيراً عن تلك التي توجهت بها إلى جمهورها طوال سنوات تقديم برنامجها التلفزيوني، سواء ذلك الذي كان يجلس في الأستديو أو أمام شاشات التلفزيون. إذ استعرضت وعكست المذيعة في سنوات عملها، كل العواطف الممكنة، من غضب وسعادة وتأثر، كما أنها شاركت مراراً حياتها الخاصة مع المشاهدين، وبالخصوص المحطات الصعبة من تلك الطفولة، كتعرضها لاعتداء جنسي وهي في التاسعة من عمرها فقط، والطريق الصعب الذي قطعته، وهي الآتية من بيئة فقيرة للغاية، قبل أن تصل إلى المجد التلفزيوني، وثروة تصل إلى بضعة مليارات من الدولارات.

ولعل واحدة من التحديات التي على أوبرا مواجهتها إذا قررت دخول معترك السياسة والمنافسة على منصب رئيس الولايات المتحدة في عام 2020، يتمثل في تعديل وتطوير صورتها العامة، والعمل على انتقال سلس من صورتها كشخصية تلفزيونية لها جمهورها الواسع إلى شخصية سياسية تلتزم بمعايير الحياة السياسية العامة، دون التفريط بالجوهر الإنساني والصفات التي جعلها محبوبة من جمهور واسع. هذا رغم أن هذا الانتقال لم يعد شرطاً لمشاهير آتين من عوالم الفن والتلفزيون وعند دخولهم الحياة العامة، إذ أثبت ترامب في العام الأخير أنه يستطيع حكم دولة بذهنية رجل الأعمال العصامي العنيد والغريب الأطوار أحياناً، حيث واصل ترامب في سنة حكمه للولايات المتحدة نفس طباعه قبلها، ولم يتخلّ مثلاً عن مشاكسة الجميع عبر حسابه على “تويتر”، كما لم يُعدِّل من آرائه العلنية المتطرفة، لتتلاءم مع موقعه كرئيس الدولة الأكثر نفوذاً في العالم.

ساعدت"أوبرا" الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حملتيه الانتخابيتين، وحضرت بعض اللقاءات الجماهيرية له، لجمع التأييد لأول رئيس أمريكي من أصول غير بيضاء. كما أنها كانت بصف السياسية هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية الأخيرة والتي خسرتها لصالح ترامب.

والحال أن أوبرا ليست الوحيدة من النجوم والشخصيات الشهيرة التي تدور التكهنات عن دخولها مجال السياسة، حيث ترددت في الفترة الأخيرة أخبار عن خطط في هذا الاتجاه للنجم السينمائي جورج كلوني، ومؤسس الفيسبوك مارك زوكربيرغ، وهناك أخبار عن طموح سياسي لنجم أفلام الإثارة دواين جونسون – المعروف بالصخرة – للمنافسة على منصب رئيس الولايات المتحدة. هذه الأخبار يتم نفيها حيناً من قبل النجوم المعنيين، وأحياناً يتم تركها تدور في عوالم الإنترنت لفترات طويلة. أما بخصوص أوبرا بالتحديد، فإن الحملات المطالبة لها بدخول السياسة بدأت منذ تركها برنامجها التلفزيوني في عام 2011. ولم تتوقف عندما أطلقت الإعلامية الامريكية قناة تلفزيونية خاصة بها تحت اسم “OWN “، والتي حجزت فيها برنامج حوارات خاص بها بعنوان “الفصل القادم”. والأخير لم يحظ كما القناة التلفزيونية بشعبية برنامجها السابق.

وحدها الولايات المتحدة من بين جميع الدول الغربية التي يكون الطموح لتولي منصب الرئاسة فيها لبعض المشاهير تكملة بديهية لسجلهم الحافل في المجالات الأصلية التي نجحوا بها. فشخصيات مثل أوبرا وينفري وجورج كلوني – وقبلهم دونالد ترامب نفسه – حققوا ما لم يحلموا به من شهرة ونجاحات مالية، ولم يبق إلا منصب رئيس الولايات المتحدة كهدف ختامي لحيواتهم الحافلة (باستثناء الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان الذي كانت سيرته في السينما لم تتعد الأدوار الثانوية التي لم تترك أثراً مهماً). كما أنه من اللافت أن اهتمام المشاهير يذهب دائماً نحو المنصب الأول في الحكم، ولم نسمع كثيراً عن رغبات مكبوتة لهؤلاء لتولي مناصب وزارية أو أقل ضمن التركيبة الإدارية في الولايات المتحدة.

وُلدت أوبرا وينفري في عام 1954 لعائلة فقيرة في ولاية مسيسيبي الأمريكية. كانت أُمّها تعمل كخادمة منازل وأبيها عاملاً في مناجم الفحم. هجر أبوها زوجته وعائلته وانتقل إلى مدينة أخرى، لتتربى أوبرا في بيت جدتها من طرف أُمّها. وعلى رغم أن أوبرا مثلت في عدد محدود من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية (أهمها دورها المهم في فيلم المخرج المعروف ستيفن سبيلبرغ “اللون القرمزي” في عام 1985)، إلا أن التقديم التلفزيوني هو الذي فتح الأبواب الواسعة لها، وحولها إلى واحدة من أشهر شخصيات العالم الإعلامية. لم تخف أوبرا قربها من الحزب الديمقراطي الأمريكي، وساعدت الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حملتيه الانتخابيتين، وحضرت بعض اللقاءات الجماهيرية له، لجمع التأييد لأول رئيس أمريكي من أصول غير بيضاء. كما أنها كانت بصف السياسية هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية الأخيرة والتي خسرتها لصالح ترامب.

طُرح اسم"أوبرا" مراراً كمرشحة محتملة لقيادة الولايات المتحدة. وازدادت حدة هذه التكهنات منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة منذ عام تقريباً.

 


إعلان