مهرجان القاهرة.. هل أصبح عالميًا فعلا؟

خاص-الجزيرة الوثائقية

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعتبر واحدًا من أعرق وأقدم الفعاليات السينمائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

يعتبر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي واحدًا من أعرق وأقدم الفعاليات السينمائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحمل دورته الـ40 هذا العام عدة مفاجآت بدأت بالإعلان عن إدارة جديدة للمهرجان بقيادة المنتج والسيناريست محمد حفظي، وصولا لكون المهرجان هذا العام وصل إلى دورته الأربعين، وهو رقم لم يصل له أيّ مهرجان في المنطقة حتى الآن، بما فيها مهرجان عريق كمهرجان قرطاج الذي تابعنا فعالياته قبل أيام.

أثار مهرجان القاهرة الجدل مبكرا هذا العام، وذلك بعد إعلان القائمين على المهرجان نيتهم تكريم المخرج العالمي كلود لولوش، حيث أطلقت صفحة “مقاطعة إسرائيل” حملة تطالب إدارة المهرجان بالتراجع عن تكريم مخرج يُطبّع مع إسرائيل بحسب وصفها، وتحت ضغط توسّع الحملة اعتذرت إدارة المهرجان عن التكريم.

الأمر لقي تغطية إعلامية واسعة فيما يمكن اعتباره الاختبار الأول الذي واجهه محمد حفظي رئيسا للمهرجان، لكنه نجح في تجاوزه دون خسائر كبيرة. ويرى حفظي أن أكبر العقبات التي واجهته أثناء إدارته للمهرجان -الذي ينطلق اليوم (20/11) ويستمر حتى التاسع والعشرين- كانت الدعم المادي المحدود، وكذلك تخوفه من العمل مع مؤسسات بيروقراطية في أروقة وزارة الثقافة بحسب تصريحاته لعدة مواقع عربية.

المنتج محمد حفظي عازم على تقديم دورة مميزة يحاول من خلالها تقديم نفسه بأفضل صورة ممكنة كأحد البارزين والمؤثرين في مجال صناعة السينما في الشرق الأوسط

مهرجان القاهرة.. محاولات مستمرة للتطوير

تستمر عروض مهرجان القاهرة السينمائي لمدة عشرة أيام يُعرض خلالها ما يزيد على 160 فيلما جاءت من قرابة 60 دولة، وتصل العروض اليومية إلى 39 عرضا متنوعا، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المهرجان.

أما الجمهور فسيكون قادرًا على مشاهدة عروض المهرجان هذا العام في الموقع المعتاد؛ القاعات المختلفة لدار الأوبرا المصرية. والجديد أن إدارة المهرجان قررت زيادة أماكن العرض لتشمل عدة مناطق في أرجاء القاهرة، لهذا تُعرض الأفلام في مناطق وسط البلد مثل الزمالك والسادس من أكتوبر والتجمع الخامس، وذلك لضمان وصول أفلام المهرجان للمشاهدين في كل مكان بالعاصمة.

يضيف المهرجان ولأول مرة جائزة للجمهور بقيمة مالية كبيرة نسبيًا تبلغ 20 ألف دولار تُمنح للفيلم الذي يُصوّت له جمهور القاهرة، وتذهب جائزة الفيلم الفائز بالمناصفة بين منتج الفيلم وموزعه المحلي، حيث تحاول إدارة المهرجان دعم الصناعة وترويجها من خلال تلك الفكرة، فالفيلم الذي سيحظى باهتمام الجمهور وتصويتهم سيحصل بالتأكيد على حضور أقوى في دور العرض المصرية.

يحاول المهرجان أيضًا دعم الصناعة بشكل آخر، وذلك عبر إطلاق النسخة الأولى من أيام القاهرة السينمائية، وهي المنصة التي تستمر خمسة أيام وفيها العديد من الأنشطة التي تهدف لدعم صناعة السينما في مصر والمنطقة العربية، وهي نسخة جديدة من ملتقى القاهرة السينمائي تتنافس فيها مشروعات بمرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج، وذلك على جوائز تتجاوز قيمتها 110 آلاف دولار أمريكي.

حرصت إدارة المهرجان على إقامة مجموعة كبيرة من المحاضرات وحلقات النقاش ودروس السينما التي يلقيها خبراء المستوى الأول في العالم، بالإضافة إلى ما يتيحه المهرجان من تواصل وتشبيك بين صناع السينما المصريين والعرب وأهم جهات الدعم والمهرجانات وصناع القرار السينمائي في العالم، وذلك بحسب ما صرحت به إدارة المهرجان في الملف الصحفي.

وضمن سعيها المستمر لمحاولة تطوير المهرجان، استحدثت إدارته جائزة جديدة هذا العام، وهي جائزة “أفضل فيلم عربي” يمنحها المهرجان للمرة الأولى بقيمة مالية تبلغ 15 ألف دولار، تتنافس عليها الأفلام العربية الطويلة في جميع المسابقات.

المخرج الدانماركي الأبرز بيل أوغوست يترأس لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي

أربع مسابقات تتقدمها السينما الدولية

احتفظ المهرجان في برنامجه لهذا العام بأربع مسابقات رسمية تأتي في مقدمتها المسابقة الدولية التابعة للاتحاد الدولي للمنتجين (فياف)، والتي يتسابق فيها 16 فيلمًا جميعها يُعرض للمرة الأولى في مسابقة دولية لمهرجان.

هذه الأفلام ستشاهدها لجنة تحكيم عالمية يرأسها واحد من قلائل فازوا بسعفة كان الذهبية مرتين؛ هو المخرج الدانماركي الأبرز بيل أوغوست، لتقرر اللجنة في النهاية فيما بينها أي الأفلام سيتوّج بالهرم الذهبي، وهو أكبر جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأهمها على الإطلاق.

من بين أبرز الأفلام المتسابقة الفيلم التايلندي “مانتا راي” للمخرج بوتيبونغ أرونبينغ، والفيلم الإيطالي “نشوة” للمخرجة فاليريا جولينو، بالإضافة لفيلم المخرج المصري أحمد عبد السيد الجديد “ليل/خارجي”.

 

آفاق السينما العربية.. ثمانية أفلام تتنافس

تهتم مسابقة آفاق السينما العربية بتقديم أحدث أعمال السينما من العالم العربي، حيث يتنافس هذا العام ثمانية أفلام جديدة سبعة منها روائية وتسجيلي واحد، وذلك من عدة دول عربية مثل مصر والمغرب ولبنان وتونس والسعودية.

كما أن أبرز المتنافسين على الجائزة هذا العام هو المخرج التونسي محمود بن محمود الذي يعرض المهرجان فيلمه الجديد “فتوى”، والمخرج السعودي محمود صباغ الذي يشارك بفيلمه “عمرة والعرس الثاني” في عرضه الأول في الشرق الأوسط.

 

أسبوع النقاد.. بانوراما السينما الشابة

يسلط قسم “أسبوع النقاد” الضوء على الأعمال الأولى والثانية لصناعها، وتُمثل في مجملها بانوراما مصغرة لأحوال السينما الشابة والمغايرة في العالم، وذلك على مدار سبعة أيام تُعرض فيها سبعة أفلام عمل أول وثان مميزة، وتهدف هذه الفاعلية تحديدا إلى دعم المخرجين الجدد في بداية مسيرتهم الفنية. وأبرز الأفلام ضمن المسابقة هي الفيلم المصري “لا أحد هناك ” للمخرج أحمد مجدي، والفيلم اليوناني “شفقة” للمخرج بابيس مكريديس.

 

سينما الغد.. مسابقة الأفلام القصيرة

ظل المهرجان طوال تاريخه تقتصر مسابقاته الرسمية على عروض الأفلام الطويلة، الأمر الذي تغير منذ خمسة أعوام فقط، وذلك بتخصيص هذه المسابقة للأفلام القصيرة، حيث تعرض مسابقة سينما الغد مجموعة مختارة من 20 فيلمًا قصيرًا لصناع شباب حول العالم يُعوّل عليهم المهرجان في أن يكونوا رواد الصناعة في المستقبل القريب. وأبرز هذه الأفلام “هي” من إنتاج فرنسي، و”التدريبات القصوى لتحسين الأداء” من إنتاج مصري، و”ذاكرة الأسماك” من كولومبيا.

 

خارج المسابقة.. وجبات سينمائية لا تقاوم

خارج المسابقات يُقدم مهرجان القاهرة مجموعة من برامج العروض المهمة والجماهيرية التي لقيت حفاوة نقدية كبيرة عند عرضها في المهرجانات العالمية، يتقدمها قسم الاختيار الرسمي خارج المسابقة، والذي يضم 12 فيلمًا من أهم أفلام العام أبرزها فيلم “روما” للمخرج المكسيكي ألفونسو كوران، وهو الفيلم الذي نال جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وهي واحدة من أرفع الجوائز السينمائية.

يعد برنامج هذا العام واحدًا من أفضل برامج عروض الأفلام في تاريخ المهرجان في الفترة الماضية، حيث يبدو أن المنتج محمد حفظي عازم على تقديم دورة مميزة يحاول من خلالها تقديم نفسه بأفضل صورة ممكنة كأحد البارزين والمؤثرين في مجال صناعة السينما في الشرق الأوسط، وربما ينجح في القضاء على الصورة السلبية التي طالما طاردت المهرجان في الأعوام السابقة، لا سيما مع ما حدث في حفل افتتاح المهرجان العام الماضي، والذي ترك فيه الفنانون الفيلم الافتتاحي من أجل اللحاق “بالبوفيه”، لكن يبدو أن مهرجان القاهرة هذا العام سيقدم وجبات سينمائية لا تقاوم


إعلان