بشار إبراهيم.. وداعا

تنعى الجزيرة الوثائقية بإدارتها وطاقمها وكُتابها، الناقد والكاتب الفلسطيني، سوري المولد بشار إبراهيم، الذي وافته المنية، صباح اليوم الخميس، عن عمر ناهز الأربعة والخمسين عاماً، في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث كان يقيم.

وقد كان لخبر وفاته وقع الصدمة على الجميع، فبشار الذي كان دائم السؤال عن أحوال أصدقائه وزملائه من الوسط، يغيب عن العالم دون مقدمات، تاركاً خلفه؛ مؤلفات وكتابات مهمة في السينما العربية والفلسطينية والعالمية، ومحبة شملت الجميع.

بقي هم بشار على الدوام جمع أرشيف السينما الفلسطيني وحفظه والكتابة عنه، كما لم يكن يفوت فيلماً فلسطينيا إلا وشاهده وكتب عنه، سواء كان لأحد كبار المخرجين، أو من حديثي العهد بالإخراج.

ابن الأرض مات في يوم الأرض

يعتبر بشار إبراهيم أبا وجامعا للسينما الفلسطينية التي طالما فرقتها الأحداث السياسية، وبعثرها الاحتلال الإسرائيلي، هذا الرجل الطيب جمع شتات سينما أرضه، ليتوفى في يوم الأرض.

وُلد عام 1962 في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بريف دمشق. وبدأ مشواره الفني مع كتابة القصة القصيرة قبل أن ينتقل إلى النقد السينمائي منتصف التسعينيات، ويعود ليكتب القصة القصيرة مؤخراً فقد كانت مجموعته القصصية الأخيرة قيد الطبع في دار المتوسط للنشر.

قضى حياته يجمع أرشيف السينما الفلسطينية؛ سواء سينما الثورة الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات، ويحفظها لديه نسخاً رقمية، كما عمل على توثيق المرحلة السينمائية زمنياً بحسب سنوات الإنتاج.

والفقيد من الكتاب الرواد لموقع الجزيرة الوثائقية منذ عام 2011  إذ خط بقلمه الرشيق وأسلوبه الرصين عشرات المقالات والدراسات الأكاديمية المعمقة في الفن السينمائي عموما والسينما الفلسطينية على نحو خاص، ومن آخر المقالات التي نشرها على موقعنا:

http://trib.al/oANyurb نبيل-المالح-رائد-في-الثقافة-السورية-الحديثة

http://trib.al/EmNmj89 سينما-الضدّ-السوري

http://trib.al/uhmTTkw فلسطين-في-السينما-السورية

http://trib.al/cHdEr3e  جمال-سليمان-فنان-الوثيقة-السينمائية

http://trib.al/tmO8EFp مؤبد-مفتوح-ملامح-من-سيرة-فارس

للفقيد عدد من المؤلفات المهمة في توثيق تاريخ السينما الفلسطينية

مؤلفاته

من أبرز مؤلفاته (السينما الفلسطينية في القرن العشرين) و(ثلاث علامات في السينما الفلسطينية الجديدة؛ ميشيل خليفي ورشيد مشهراوي وإيليا سليمان) و(فلسطين في السينما العربية)، كما أصدر مؤلفات عن السينما السورية من بينها (سينما القطاع الخاص في سورية) و(رؤى ومواقف في السينما السورية) و(ألوان السينما السورية).

تولى رئاسة تحرير النشرة اليومية لمهرجان دبي السينمائي الدولي، كما أشرف على إنتاج الأفلام والبرامج والدراما في قناة الشروق بمدينة دبي للإعلام من 2007 إلى 2012.

وساهم في تأسيس مجلة سينماتوغراف المتخصصة في الثقافة السينمائية بدولة الإمارات، وعمل محررا تنفيذيا في صحيفة الحياة اللندنية.

كما شارك في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية دولية في سوريا ومصر والجزائر وسلطنة عمان والإمارات، وكتب بشكل دائم متابعاته ونقده للأفلام والمهرجانات في عدد من المواقع والصحف من بنيها الجزيرة الوثائقية.

قال أصدقاؤه

نعاه اليوم أصدقاؤه على مواقع التواصل الاجتماعي بالصدمة والحزن:

فقد كتب صانع الأفلام مهند صلاحات “وداعاً يا صديقي بشار ابراهيم، يا حارس ذاكرتنا البصرية”.

وكتب الشاعر راسم المدهون: “بشار ابراهيم صديقي الغالي ..هل يكفي أن أبكيك؟”، ثم أهدى إليه هذه الأبيات الشعرية:

 ” حين ضاقت بنا الأرض
أهديتني خيالك
فأهديتك الريح
وضحكنا..
ربما كنت أحب الخيال والريح
وربما كنت أمضي بعيدا إلى اهلك الذين أتوا من الغور ..
ربما ..
غير أنني في ساعة غيابك
ابكي وحيدا
واكتب في لوحة الريح : بشار ابراهيم”

كان بشار من أوائل كُتّاب موقع الجزيرة الوثائقية، وواحدا من أهم النقاد العرب

أما الناقدة والمخرجة نسرين الزيات فعبرت عن صدمتها في عدد من المنشورات، قالت في أحدها: “..طب أعمل إيه وإنت مشيت وكنت قايلي أنا زي الحديد بقاوم، تتجاهل كلامي عن حالك وتلهيني بالحكي عن الفيلم وعن ماما وعني.. وبعدين تمشي كدة من غير وداع ولا سلام..”.

كما كتب صديقه حسن مرزوقي: ” رحمه الله كان صديقا رائعا مات يوم الأرض نادته أرضه اليوم”.

وقال المخرج رشيد مشهراوي على صفحته في الفيسبوك ” وداعا بشار إبراهيم 
وداعا يا صديقي لروحك السلام”

كما كتب الروائي الفلسطيني سليم البيك قائلاً “خسرت السينما الفلسطينية (وكذلك السورية) أحد أهم العارفين بها. بشار، الرجل الطيّب، كان بمثابة مؤسسة كاملة لحفظ أرشيف هذه السينما ونقدها وتقديمها.

وكتب المخرج نصري حجاج ” عرفت الآن من الأصدقاء برحيل بشار إبراهيم الناقد السينمائي الفلسطيني وحافظ أرشيف السينما الفلسطينية في مقر إقامته في الإمارات بعد معاناة مع المرض، بشار ينتمي إلى قرية في سهل الحولة، مات ابن الأرض بعيداً عن الأرض وهي تحتفل بيومها”.