كيدون : فيلم اسرائيلي يسخر من اغتيال المبحوح

أنا أحب أنا أكون جزءا من الموساد وربما أنا كذلك فعلا”.. هكذا صرحت بطلة فيلم “كيدون” عارضة الأزياء الإسرائيلية بار رافيئيلي.. و”كيدون” هي اسم لوحدة في الاستخبارات الإسرائيلية –الموساد- المكلفة بالاغتيالات. هذا التصريح يعكس هدف الفيلم الفرنسي الإسرائيلي الذي يتوقع صدوره في 2013 ويتناول القصة الشهيرة لاغتيال القيادي العسكري في حماس محمود المبحوح اثناء تواجده في دبي.
يتضمن الفيلم رؤية اسرائيلية للموضوع بحيث شوّه شخصية المناضل الفلسطيني إلى أقصى حد فقدّمه في صورة مهرّب أسلحة ورجل يميل إلى اللهو والنساء. وأنه تم استدراجه إلى دبي ليلتقي فتاة جميلة تتمكن من إغرائه واستدراجه ومن ثم تتم تصفيته. في ظروف غامضة يتفاجأ بها عميلا الاستخبارات الإسرائيلية الذين كانا يتابعان تحركات المبحوح.
هذه الصورة لاقت استياء في الأوساط الفلسطينية وخاصة لدى عائلة الشهيد. ففي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية  قال فائق المبحوح شقيق محمود المبحوح  “سترفع قضية ذم وتشهير امام المحاكم الاسرائيلية ضد منتجي الفيلم الذي يعمل على تشويه صورة الشهيد محمود المبحوح”. واضاف “الفيلم يظهره بانه يعاقر الخمر وبان هناك عارضة ازياء اسرائيلية تلتقي معه على البار ثم تغريه وتستدرجه ليتم اغتياله”. وتابع “نحن عائلة محافظة ومتدينة ونحترم سمعة الميت سيما ان شقيقنا يمثل رمزا مشرفا من رموز المقاومة”. وكانت الصحف الإسرائيلية تحدثت في شهر مارس الماضي عن انطلاق الإعداد لفيلم ساخر من عملية اغتيال المبحوح.

وكان المبحوح قد وجد مقتولا في أحد فنادق دبي في 20 يناير 2010 وقد ضبطت كاميرات الفندق المجموعة التي شاركت في الاغتيال. وأصدرت شرطة دبي حينها برقية دولية في القبض عليهم واتهمت رسميا الموساد الإسرائيلي بالتورط في هذا العمل المجرم. وقد فجرت تلك القضية مشاكل دبلوماسية بين اسرائيل وعدة دول أوروبية اتهمت الدولة العبرية بتزوير جوازات سفر تلك الدول.

بطلة الفيلم بار رافئيلي

يأتي هذا الفيلم ليحول وجهة نظر الرأي العام من أصل الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل خارج اراضيها وتقلب الحقائق وتحول المقتول إلى مجرم. وتخرجه في صورة زعيم العصابة والرجل الفاسد الذي لا يحمل أي قضية وهو مجرد مجرم إرهابي. واستعملت في ذلك شخصية عارضة الأزياء الحسناء المشهورة عالميا بار رافائيلي لتضفي الإثارة على الفيلم وترسخ صورة المبحوح المجرم وتمحو صورته كمقاوم. كما أن كل أحداث الفيلم تسير في اتجاه تبرئة اسرائيل من عملية الاغتيال وأن الموساد نفسها تفاجأت من العملية.

وتبلغ تكلفة الفيلم أكثر من خمسة مليون دولار مسخرة كلها لإقناع الرأي العام العالمي ببراءة إسرائيل من عملية الاغتيال التي أحرجت حلفاءها الأوربيين خاصة. وفي نفس الوقت تبين أن موت المبحوح كان ضرورة ملحة وأمرا حتميا لا يستدعي الاحتجاج أو الاستنكار.
 وقال مخرج الفيلم إيمانويل ناكاش الفرنسي من أصل يهودي “إن الفيلم ليس وثائقيا ولا تاريخيا وإنما هو تصوري الخاص لمسألة المبحوح”. ومن خلال تصريح المخرج وبطلة الفيلم، تبدو هذه النظرة الذاتية للفيلم التي تعكس موقف السلطات الإسرائيلية قبل أن تعكس رؤية سينمائية جمالية. ومن هنا تأتي خطورة السينما في تحويل الحقائق والتلاعب بمآسي الشعوب. ويبدو أن هذا من الدروس التي لم يتقنها العرب بعد. فمتى ستكون السينما العربية عاكسة حقيقة للقضايا العربية؟؟ وسفيرا فنيا للعرب في العالم. لتخاطب العالم بلغة الصورة وتساهم في كشف الحقائق التي يتم التلاعب بها استخباراتيا وسياسيا ثم سينمائيا.