مهرجان أجيال السينمائي التاسع.. ألق الشاشة الكبيرة يضيء سماء الدوحة

شدى سلهب

“يلا نبدأ”، هي بداية جديدة لمُحبي الفن السابع بعد أن توقفت عجلة الحياة في دور السينما والمهرجانات عن استقبال روّادها لمدة عام ونصف بسبب تفّشي جائحة كورونا، وهو شعار اتخذته الدورة التاسعة لمهرجان أجيال السينمائي الذي اختتمت فعالياته أمس الـ13 من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري في العاصمة القطرية الدوحة، بعد أن قدم أسبوعا يعجّ بعروض الأفلام والفعاليات.

المهرجان الذي تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام انطلق في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بمشاركة 85 فيلما من 44 دولة، ضمت 31 فيلما طويلا و54 فيلما قصيرا، من بينها 32 فيلما لصانعات أفلام نساء، و22 فيلما لصُنّاع أفلام عرب.

 

وتنوعت فعاليات المهرجان ما بين عروض الأفلام، وجلسات أجيال الحوارية، ولقاءات مع شخصيات بارزة في مجال السينما، إلى جانب العروض الموسيقية وسينما السيارات، ومعرض أجيال الفني “لن نرحل”، إضافة إلى “جيكدوم” التي تُعتبر أكبر فعاليات الثقافة الدارِجة في قطر.

“بطل”.. أسوار منصات التواصل أعلى من أسوار السجون

في ليلة افتتاح المهرجان عُرض فيلم “بطل” (A Hero)، وهو إنتاج إيراني فرنسي مُشترك يبلغ 127 دقيقة، وقام بإخراجه الإيراني أصغر فرهادي الحائز على جائزة الأوسكار مرتين، ونال أيضا الجائزة الكبرى في مهرجان “كان” السينمائي، وقد اختير الفيلم ليكون مدخل إيران رسميا لأفضل فيلم روائي دولي في حفل توزيع جوائز الأوسكار المقبلة.

 

يطرح الفيلم أسئلة أخلاقية في زمن سيطرت فيه منصات التواصل الاجتماعي على مُجريات الحياة، فالبطل “رحيم” (الممثل الإيراني أمير جديدي) يجد نفسه بين ليلة وضحاها قد أضحى مشهورا على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن كان سجينا تراكمت الديون عليه، إلا أنه وجد أن أسوار منصات التواصل الاجتماعي أعلى من جدران السجن الذي عاش وراء قضبانه.

“ريش”.. كوميديا سوداء في الفيلم المصري المثير للجدل

بعد عرضه في مهرجان الجونة السينمائي واتهامه بالإساءة لسُمعة مصر؛ عُرض فيلم “ريش” الذي يبلغ 112 دقيقة في مهرجان أجيال السينمائي، وهو من إخراج المصري عمر الزهيري، وقد حصل مؤخرا على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج السينمائي، بينما لم يحصل على أي جائزة في مهرجان أجيال السينمائي.

وفي إطار من الدراما والخيال يحكي الفيلم قصة تحوّل رجل إلى دجاجة في يوم عيد ميلاد ابنه الأكبر، وذلك حين قرر الأب إحضار ساحر لتقديم بعض الفقرات، حينها طلب الساحر من الأب أن يدخل في صندوق خشبي لعمل خِدعة تحوّله إلى دجاجة، وفعلا تحوّل الأب إلى دجاجة، ولم تتمكن عائلته من إرجاعه إلى حقيقته كأب.

 

لا تتجاوز ميزانية الفيلم 400 ألف يورو، لكنه استطاع بواقعيته الممزوجة بالفانتازيا والمُطعّمة بحِسّ الكوميديا السوداء، أن يتطرق للعشوائيات في مصر، للمشردين، للسُلطة الذكورية، لعدم المساواة بين الرجل والمرأة في العمل، لعمالة الأطفال، ولفساد مؤسسات الدولة.

جوائز لجنة التحكيم.. منافسات المحاق والهلال والبدر

تنقسم لجنة تحكيم مهرجان أجيال إلى ثلاثة أقسام وفق الفئات العمرية، وهي “محاق” و”هلال” و”بدر”، وتمنح كل لجنة من لجان التحكيم الثلاثة جائزتي أفضل فيلم قصير وأفضل فيلم طويل لأفلامهم المفضلة، أي ما مجموعه ست جوائز، ويحصل مخرجو الأفلام الفائزة على تمويل لمشروع فيلمهم القادم، في حين يصوّت الجمهور الصغير على أفلامه المفضلة.

فاز الفيلم الأمريكي “مظلات” (Umbrellas) للمخرجين “خوسيه براتس” و”ألفارو روبليز” عن فئة “محاق”، بينما فاز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل فيلم “بوبيل من مدينة المداخن” (Poupelle of Chimney Town) للمخرج الياباني يوسكي هيروتا .

وعن فئة “هلال” فاز فيلم “عليان” للمخرج القطري خليفة المري بجائزة أفضل فيلم قصير، بينما توج فيلم “كباتن الزعتري” للمخرج المصري علي العربي بجائزة أفضل فيلم روائي طويل.

مخرج فيلم “فلسطين الصغرى” عبد الله الخطيب الحائز على جائزة أفضل فيلم طويل في فئة “بدر”

 

وحصل فيلم “فلسطين الصغرى” (Little Palestine) للمخرج عبد الله الخطيب على جائزة أفضل فيلم طويل في فئة “بدر”، بينما ذهبت جائزة أفضل فيلم قصير عن فئة “بدر” لفيلم “لما بيروت كانت بيروت” للمخرجة أليساندرا الشنطي.

وحصل فيلم “أوركا” (إنتاج قطري إيراني مُشترك) للمخرجة سحر مصيبي على جائزة جمهور أجيال.

وفي برنامج “صُنع في قطر” فاز فيلم “ومن ثم سيحرقون البحر” للمخرج ماجد الرميحي بجائزة أفضل فيلم وثائقي.

“لن نرحل”.. معرض فني يحتفي بصمود حي الشيخ جرّاح

ضمن فعاليات المهرجان أقيم معرض أجيال الفني الذي حمل عنوان “لن نرحل”، وهي العبارة المُستلهمة من جدار منزل عائلة الكرد في منطقة حي الشيخ جراح في القدس، وهو الحي الذي يُحارب التهويد والاستيطان في المدينة.

ويرتكز المعرض على فن “الغرافيتي” الذي استخدمه الفلسطينيون رمزا للصمود في وجه المحتل، حيث يقدم أكثر من 27 فنانا في قطر قطعهم الفنية التي تُبين النضال اليومي للشعب الفلسطيني، وذلك تعبيرا عن مساندتهم للقضية الفلسطينية ودعمهم الفني لها.

المخرج الفلسطيني إيليا سليمان خلال جلسته الحوارية التي تحدث فيها عن تجربته في السينما الروائية

 

وإلى جانب معرض “لن نرحل” شهدت جلسات أجيال الحوارية ضمن معارض الفنانين سلسلة حوارات تُسلط الضوء على جانب مهم من النضال الفلسطيني، حيث استُضيف المخرج الفلسطيني إيليا سليمان للحديث عن تجربته في السينما الروائية وارتباطه العميق بفلسطين، في حين تحدثت مخرجة فيلم “الهدية” الحائز على جائزة البافتا البريطانية فرح نابلسي عن حاضر صناعة الأفلام الفلسطينية ومستقبلها.

إضافة إلى جلسة “صعود المناصرة الرقمية” التي استضافت أصواتا مسموعة شملت الناشطة منى الكرد ابنة حي الشيخ جرّاح، والباحث والموثّق الفلسطيني طارق البكري، والصحفية الفلسطينية منى حوا، كما استضافت جلسة “الحقيقة التي لا مفرّ منها: فلسطين على الإنترنت” صانعة الأفلام الفلسطينية الآء حمدان.

“جيكدوم”.. نافذة ترفيهية لجمهور الثقافة الدارجة

تضمن المهرجان فعالية “جيكدوم” التي تعتبر أكبر فعاليات الثقافة الدارجة في قطر، وتضم باقة متنوعة من الألعاب والأنشطة الترفيهية، وتشمل بطولات ألعاب الفيديو الحماسية، والعروض السينمائية التي يُشارك فيها الجمهور بالغناء، إضافة إلى لقاءات مع فنانين موهوبين.

 

وتعدّ هذه الفعالية نافذة مجتمعية تقدم للجمهور المُحب للفنون والألعاب وأفلام الرسوم المتحركة مساحة للتعبير عن نفسه والتواصل مع غيره من الجماهير، فهي تجذب كافة الأعمار والثقافات، وتجمع بين المتعة والمهارة الفنية والمجهود الفكري.

“سينما السيارات”.. مشاهدة الأفلام في الهواء الطلق

بعد نجاح تجربة “سينما السيارات” في دورة أجيال العام الماضي، باعتبارها الفعالية الأكثر شعبية وإقبالا في المهرجان؛ تُقدّم دورة العام الحالي مجموعة من الأفلام العائلية الكلاسيكية وأفلام الرعب التي تحبس أنفاس الجمهور.

عروض أفلام “سينما السيارات” في الدوحة، حيث يُشاهد الروّاد أفلامهم في الهواء الطلق

 

وقد تضمنت قائمة الأفلام أفلاما مثل فيلم “أنابيل” (Annabelle) و”الشعوذة” (The Conjuring) و”النحلة مايا” (Maya The Bee) و”هاري بوتر” (Harry Potter) وغيرهم، وتُتيح هذه الفعالية لروّاد الأفلام الفرصة بمشاهدة أفلامهم من سياراتهم وفي الهواء الطلق.