ديربي برشلونة.. منافسة رياضية تعكس ألاعيب السياسة وأحلام الانفصال

ديربي مدينة برشلونة بين فريقي إسبانيول وبرشلونة ليست مباراة كروية عادية ولا صراعا فوق المستطيل الأخضر، بل مواجهة رياضية بأبعاد سياسية وعسكرية بين عدوين لدودين.

وضمن سلسلة أفلام “ديربي الكبار” التي عرضتها الجزيرة الوثائقية يصحبنا النجم السابق للكرة الفرنسية “إريك كانتونا” إلى عدة مدن حول العالم تشهد ديربياتها أجواء نارية وغير مألوفة، وفي هذا الفيلم ينتقل إلى برشلونة وقصة ديربي المدينة المثيرة والاستثنائية في آن.

“البارسا عدو وليس خصما”

يزور “كانتونا” جسر الشيطان في قرية مارتوريل الكتالونية الصغيرة خارج برشلونة، الذي دمر خلال الحرب الأهلية لإبطاء تقدم قوات الجنرال الإسباني “فرانكو” نحو إقليم كتالونيا لاحتلاله، وتسبب تدمير هذا الجسر بنزوح جماعي إلى فرنسا.

وتلخص دماء ودموع النازحين قصة كتالونيا وعاصمتها برشلونة، حيث بقي الكوليز مشجعو فريق البارسا والبريكوس مشجعو فريق إسبانيول، يقتتلون لمدة قرن على السيادة الكتالونية.

الديربي الإسباني ليس مجرد صراع على بطولة، بل يتعداه إلى حقد وكراهية ومعاداة للنادي الخصم

يقول أحد مشجعين إسبانيول إن المشكلة هي أن الكوليز معادون لإسبانيول، والبريكوس معادون لبرشلونة إنها “أكثر من مجرد منافسة، هو الشعور بالعداء، وهذا ما يميز هذا الديربي، وهي معاداة الجماهير للنادي الآخر”.

ويقول آخر: إن البارسا عدو وليس خصما، لا نحبهم ولا يوجد شيء نفعله حيال ذلك.

ويقول ثالث: نادي برشلونة أشبه بديزني لاند، إنه للسياح ولا يعتبر ذلك عيبه الأكبر، كل شيء في برشلونة مخصص للبارسا، ويمكنك أيضا إيجاد أشياء خاصة بريال مدريد، لكن لا يوجد شيء لإسبانيول، نشجع الفريق لأننا نحبه، وهم يحبون البارسا لحبهم بالألقاب. ولأن اسم النادي “إسبانيول”، فإن الناس يتهموننا بأننا فاشيون، لكنني لست كذلك، أنا من كتالونيا وأتكلم لغتها، وليس لدي أي شيء ضد كتالونيا، ومن السخيف الخلط بين السياسة والرياضة.

“يمكن أن تحصل مجددا يوما ما”.. ذكرى السداسية الخالدة

تأسس نادي برشلونة عام 1899 على يد السويسري “جوان هانز غامبر” الذي منح النادي ألوان “البلوغرانا” (الأزرق والأحمر) الخاصة بنادي بازل السويسري، وبعد عام على تأسيس البارسا، أسس “أنخيل رودريغيز” وطلاب كتالونيون آخرون نادي إسبانيول، ومنحوه اللونين الأزرق والأبيض الخاصين بالمرتزقة الكتالونين المشهورين “الموغباريس”، ولقّب مشجعو إسبانيول بالبريكوس في إشارة إلى الببغاوات التي كانت تعيش على الأشجار المحيطة بملعبهم الأول.

تأسس نادي برشلونة عام 1899 على يد السويسري “جوان هانز غامبر” الذي منح النادي ألوان “البلوغرانا”

في ذلك الوقت، كانت المنافسة مبنية على المهارات الرياضية فقط، وكان مشجعو برشلونة يحتشدون على أسوار الملعب، فأطلق عليهم لقب الكوليز، في إشارة إلى “الأرداف البارزة” فوق السور.

ورغم تراجع مستوى إسبانيول وعدم قدرته على منافسة “البلوغرانا” كرويا، فإن هناك ديربيات لا تزال عالقة في الأذهان من بينها ديربي عام 2009، ففي ذلك العام كان ريال مدريد يلعب في سرقسطة والبارسا في “الكامب نو” (ملعب فريق برشلونة) ضد إسبانيول، وكان على برشلونة الفوز للتتويج بلقب الدوري الإسباني.

وشهدت هذا المباراة هدفا سجله النجم الأرجنتيني “ليونيل ميسي” بيده كما فعل “مارادونا” في كأس العالم عام 1986 ضد إنجلترا، وانتهت المباراة وقتها بالتعادل 2-2، فحُرمت البارسا من الفوز بلقب “الليغا” وذهابه إلى ريال مدريد الغريم التقليدي.

يقول أحد مشجعي إسبانيول: إن مجرد حرمان البارسا من التتويج باللقب كان حلما تحقق، وكان أشبه بسيناريو فيلم، لأن إسبانيول سجل هدفا في الدقيقة الأخيرة من المباراة الأخيرة في البطولة.

كان مشجعو برشلونة يحتشدون على أسوار الملعب، فأطلق عليهم لقب الكوليز، في إشارة إلى “الأرداف البارزة” فوق السور

والديربي الآخر الذي لا يزال في الذاكرة ويحتفظ كل مشجعي إسبانيول بصورة له في منازلهم، هو الديربي الذي فاز فيه فريقهم فوزا ساحقا على برشلونة بسداسية نظيفة، ويعود هذا الانتصار الأسطوري لإسبانيول في مباراة الديربي عام 1951.

ورغم إقرار جماهير إسبانيول أن هذه النتيجة ضد برشلونة اليوم تبدو شبه مستحيلة ولكن “يمكن أن تحصل مجددا يوما ما”.

“واحة تشعرهم بأنهم لا يزالون على قيد الحياة”

في عام 1931، فاز الجمهوريون بأغلبية المدن، ليتنازل الملك ألفونسو الثالث عشر عن العرش.

وفي برشلونة شعر الكتالونيون بأنهم في حلم، وأعلنت الجمهورية وحصلت كتالونيا على حرية رائدة، لكن انتصار الجبهة الشعبية عام 1936 وجه ضربة للمحافظين الإسبان (الكاثوليك والملكيون والقوميون)، فقد كان تطور البلاد يتعارض مع قيمهم، وغرقت البلاد في حرب أهلية مروعة استمرت 3 سنوات، ووصل “فرانكو” من المغرب وتلقى الدعم من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. وبقيت الديمقراطيات الغربية محايدة، بينما تقدم أتباع الجنرال “فرانكو” إلى الأمام، وانهارت برشلونة عام 1938، وسرعان ما تبعتها كتالونيا آخر معقل للجمهوريين. واغتيل رئيس كتالونيا “لويس كومبانيس” عام 1940.

ارتفع عدد مشجعي برشلونة والأعضاء أضعافا مضاعفة لأنهم شعروا أنهم في مواجهة فقدانهم للحرية

يقول المؤرخ “جوردي فينيستر” إنه خلال الحرب الأهلية اشتهرت قصة برشلونة بوفاة رئيسها “جوسيب صانيول”، فقد اغتيل عام 1936 لأنه كان ديمقراطيا وانفصاليا كتالونيا ورئيس فريق برشلونة، ولأنه لم يخف أبدا ارتباطه السياسي والعاطفي بكتالونيا.

وأضاف: الغريب أنه في مواجهة عداء النظام للبرسا، ارتفع عدد مشجعي برشلونة والأعضاء حتى أصبحوا أكثر من العهد الجمهوري، لأن البرشلونيين شعروا أنهم في مواجهة فقدانهم للحرية، كان تشجيع برشلونة والذهاب للملعب أشبه بدخول واحة تشعرهم بأنهم لا يزالون على قيد الحياة.

ويقول المؤرخ “كارلوس سانتاكانا”: قبل الحرب الأهلية، كانت الأحداث الرياضية تنظم بطريقة مستقلة ولم تكن الدولة تتدخل بالرياضة، ولكن في عهد “فرانكو” -كما كان الحال في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية- استحوذت دولة الحزب الواحد على صناعة الرياضة، حتى أصبحت أداة سياسية، وحاولت السلطات تحويل إسبانيول إلى نادي برشلونة الأول.

“كوبالا”.. لاعب مجري يغير تاريخ البارسا

استعاد قطاع الرياضة حقوقه، وهبط إسبانيول لدوري الدرجة الثانية، واستعان البارسا بخدمات اللاعب المجري “كوبالا” الذي غيّر مفهوم كرة القدم عند الناس، وأدخل ممارسة لم يرها الإسبان من قبل، إذ لم يكن فن المراوغة موجودا من قبل، وكانت هذه المهارة قادمة من المدرسة المجرية، لأن اللاعبين كانوا يتلقون الكرات ويمررونها دون مراوغة المنافسين.

وعن “كوبالا” يقول الرئيس السابق لمجلس إدارة برشلونة “جوزيف تريلا”: لقد أعاد ابتكار طريقة لعب الكرة، وكشف عن أخرى جديدة، وكان يلعب ورأسه مرفوع.

بانضمام كوبالا إلى برشلونة، أعاد ابتكار طريقة لعب الكرة، وكشف عن أخرى جديدة، وكان يلعب ورأسه مرفوع

إضافة إلى “كوبالا” كان برشلونة وقتها يضم لاعبين مميزين فازوا بكل الألقاب وسمي بفريق “الكؤوس الخمسة”، لأنهم ظفروا بثلاثة ألقاب من كأس إسبانيا ودوريين، وبسبب “كوبالا” أصبح ملعب “ليس كورتيس” -معقل برشلونة- صغيرا، لأن الجميع كان يريد مشاهدة النجم المجري يلعب، ولهذا السبب بني الكامب نو، وقد اختار المهاجرون الذين توافدوا من المناطق الفقيرة في إسبانيا تشجيع برشلونة لرؤية “كوبالا” يلعب، كما أنها أفضل فرصة لهم للاندماج في المجتمع الكتالوني.

اتحد أعضاء برشلونة معا لتمويل “الكامب نو”، لكن أعمال البناء تأخرت وازدادت الميزانية كثيرا، الأمر الذي أدى لمديونية النادي، ومع ذلك افتتح الملعب عام 1957.

“دي ستيفانو”.. غنيمة معركة رياضية بنكهة سياسية

يشير المؤرخ “سانتاكانا” إلى أن ارتفاع عدد أعضاء نادي برشلونة، منع “الفرانكويين” من أن يكون إسبانيول النادي الرئيسي لبرشلونة.

ولتسمية ملعب “الكامب نو” قصة يرويها المؤرخ “فينيستر”، إذ يقول: لم يكن للملعب اسم، وقبل عام واحد من افتتاحه اتفق على أن يطلق عليه اسم مؤسس النادي “خوان غامبر”، ولكن أمرا جاء من مدريد بمنع تسمية الملعب على اسم شخصية كتالونية انفصالية أجنبية وثورية.

قُمعت المؤسسات الكتالونية، وفرض النظام رقابة مشددة على برشلونة، واختفت اللغة الكتالونية من شوارع برشلونة، لكن الممنوعين من استخدام هذه اللغة اختاروا التحدث بها في السر في منازلهم وفي “الكامب نو” معقل الفريق.

ويكشف المؤرخ “فينيستر” تفاصيل التعاقد والاستغناء في برشلونة عن النجم الأرجنتيني الراحل “ألفريدو دي ستيفانو”.

اللاعب “ألفريدو دي ستيفانو” الذي تخلى عنه نادي برشلونة لصالح ريال مدريد فأصبح نجمها المتألق

ويقول “فينيستر”: عام 1953 حصل برشلونة على خدمات اللاعب “ألفريدو دي ستيفانو”، وكان كل شيء مهيئا لتكوين أفضل فريق بالتاريخ يضم “كوبالا” و”دي ستيفانو” معا، غير أن حكومة مدريد تدخلت ورفضت إتمام الصفقة، والسبب أن هيمنة برشلونة ستكون كاملة، ولن يقبل الحكم في أن يكون فريق العاصمة أضعف من فريق مقاطعة ما.

وقد اتخذ مجلس الوزراء قرارا غير اعتيادي نص على أن يلعب “دي ستيفانو” عاما مع برشلونة وآخر مع مدريد، غير أن قادة برشلونة رفضوا هذا العرض رغم التهديدات التي تلقاها رئيس النادي، وادعى برشلونة وقتها أنه ليس بحاجة لهذا اللاعب، وأن النادي أكبر من أي لاعب، ولن يقبل بمشاركة لاعبه مع أي فريق، وخصوصا إذا كان ريال مدريد.

في نهاية المطاف وقع “دي ستيفانو” مع مدريد، ومنذ تلك اللحظة أصبحت المنافسة بين الفريقين شرسة، وباتت المواجهة بين برشلونة بقيادة “كوبالا” ضد ريال مدريد بقيادة “دي ستيفانو”.

“كرويف”.. مدرسة هولندية تحطم نادي العاصمة

شارك الريال منذ تأسيسه عام 1959 في بطولة أوروبا للأندية وحقق لقبها 5 مرات، ورغم أن برشلونة كان غارقا في ديونه فقد حقق لقب الدوري مرتين، لكن سيطرة مدريد استمرت على إسبانيا وأوروبا لـ15 عاما حتى وصول “يوهان كرويف” إلى برشلونة عام 1973، فوقّع على شهادة ميلاد نادي برشلونة الجديد.

وعن “كرويف” يقول المؤرخ “فينيستر”: أتى إلى برشلونة شاب هولندي يشبه أعضاء فريق البيتلز، وبعد شهرين لعبنا ضد مدريد، وكان فرانكو في المدرجات وفاز البارسا حينها بخمسة أهداف نظيفة، وتبع ذلك 20 مباراة من دون هزيمة، بينها مباراة كانت حاسمة، فهزمنا الريال وتوجنا بلقب البطولة.. كانت تلك فرحة لا تنسى.

في عام 1973 وصل “يوهان كرويف” إلى برشلونة فوقّع على شهادة ميلاد نادي برشلونة الجديد

وبعد سنوات من القمع والصمت، انتشر الفرح بين الشعب الكتالوني، وأعاد “كرويف” لبرشلونة والشعب الكتالوني ثقتهم بأنفسهم. ويقول عنه “رافا مارنون” اللاعب السابق لبرشلونة: “كرويف” كان لاعبا هائلا مثل “بيليه” و”مارادونا” و”دي ستيفانو”، والآن مثل “ميسي” و”رونالدو”. وقد أضاف جانبا جديدا تمثل في تغيير الإيقاع والأسلوب.

وصول “كرويف” لاعبا والهولندي “رينوس ميشيلز” مدربا، غيّرا كل شيء، فقد أحضرا معهما مهارة التمرير من لمسة واحدة، إذ ورثاها من المنتخب الهولندي الذي شارك في مونديال 1974، وبمساعدتهما تطور أسلوب لعب برشلونة.

تشجيع برشلونة.. بطاقة هوية ترمز إلى الانفصال الكتالوني

يقول مشجع لبرشلونة: إن تشجيع برشلونة وتأييد الانفصال قضيتان مترابطتان، فحب برشلونة يأتي من حب كتالونيا، فهناك أكثر من 180 ألف عضو في نادي برشلونة، وجميعهم يحملون بطاقات عضوية، ويعتبرها بعض الكتالونيين بطاقة هويتهم، ويستخدمونها في التعريف عن أنفسهم. وفي ملعب “الكامب نو” يمكنك العثور على لوحات بأسماء أعضاء نادي برشلونة.

فعندما توفي فرانكو عام 1975، بدأ التحول الديمقراطي في إسبانيا وولدت كتالونيا من جديد، ويقول المؤرخ “سانتاكانا”: في السنوات الأخيرة من ديكتاتورية “فرانكو” كان البعد الرمزي بين الناديين واضحا جدا، وكتب نشيد برشلونة عام 1974، ويتحدث عن الاندماج والمشاعر الكتالونية، وبعد عام احتفل إسبانيول بذكرى تأسيسه الـ75 بنشيد ثنائي اللغة (الإسبانية والكتالونية) وملصقات تحمل العلمين الكتالوني والإسباني.

وبعد انتخاب “جوردي بويول” أول رئيس للمنطقة عام 1980، بدأت كتالونيا تكسب استقلالها من السلطة المركزية تدريجيا، وبدأت النوادي تتذوق طعم الحرية.

“ميسي”.. ميلاد جديد بقدوم أهم لاعب في التاريخ

في عام 1978 أجرى برشلونة أول انتخابات لرئاسة النادي منذ الحرب، وفاز بها “خوسيه لويس نونيز” الذي منح النادي بنى تحتية متطورة وقوة اقتصادية جديدة، ورغم قدوم نجوم عالميين مثل “مارادونا” و”شوستر”، فإن برشلونة لم يتألق.

“خوسيه لويس نونيز” أول رئيس منتخب منذ الحرب لنادي برشلونة

وكان “نونيز” خلف فكرة جمع الشباب في مكان واحد، وأسس أكاديمية “لاماسيا” التي تعتبر أشهر الأكاديميات في عالم كرة القدم.

وفي عام 1988 عاد “كرويف” إلى برشلونة مدربا، ومعه فاز برشلونة بأربعة ألقاب محلية، إضافة إلى أول ألقاب الفريق في دوري أبطال أوروبا عام 1992 في ويمبلي، بعد فوزه على سامبدوريا الإيطالي بهدف نظيف.

ويشرح “خوان لابورتا” الرئيس الحالي لبرشلونة أسباب تألق الفريق بأن “كرويف” رسخ فكرة اللعب من لمسة واحدة، ونقلها إلى “بيب غوارديولا” الذي كان قائدا ومدربا للفريق في فترته الذهبية حين فاز بكل الألقاب.

انضمام “ميسي” إلى برشلونة رفع النادي إلى مصاف الأوائل بلا منازع

وأضاف: بعد ذلك ظهر الأرجنتيني “ليونيل” أهم لاعب في تاريخ كرة القدم، وصعد وهو ابن 16 عاما إلى الفريق الأول. وبفضل جهود المدربين الهولندي “فرانك ريكارد” والإسباني “غوارديولا” اندمج “ميسي” سريعا في الفريق الأول، وبات برشلونة أفضل فريق في التاريخ.

كان وصول “ميسي” علامة على نجاح أكاديمية “لاماسيا”، ولكن لا يمكن نسيان فضل لاعبين مثل “إنيستا” و”تشافي” و”بويول” و”فالديز” و”بيكيه” و”بوسكيتس” و”بيدرو”، أصبح الفريق مصنعا للمواهب وعروض كرة القدم الحقيقية والكثير من الألقاب، حتى وصلنا إلى الموسم المثالي عام 2009 عندما فاز برشلونة بكل شيء، إنه رقم إعجازي ممكن تكراره ولا يمكن تحطيمه أبدا.

وختم “لابورتا” قائلا: كان من المنطقي بالنسبة لي إزالة العلم الإسباني من أكاديمية “لاماسيا” والملعب، لأن برشلونة هو ناد كتالوني.

إسبانيول.. تجاهل وتهميش وحنين للديكتاتورية

في الملعب الآخر، لم تستوعب جماهير إسبانيول التجاهل والتهميش من قبل المؤسسات ووسائل الإعلام، وخاصة بعد انهيار الديكتاتورية، ولوثت فرقة “بلانكو أتزول” المفعمة بالحنين إلى عهد الديكتاتورية اسم النادي الذي خسر عددا كبيرا من جماهيره.

ورغم أن المنافسة بين برشلونة وريال مدريد باتت تخطف الأضواء، فإن مباريات الديربي كانت لها نكهة خاصة، ويتخللها كثير من الحماسة، وكان إسبانيول يحقق انتصارات متتالية على البارسا. لكن في فترة الثمانينيات والتسعينيات هبط إسبانيول إلى الدرجة الثانية، ودمر ملعب “سارية” التاريخي.

عملية تدمير ملعب “سارية” التاريخي الذي كان ملعب نادي إسبانيول

ويكشف “خوان كوليت رئيس إسبانيول الحالة السيئة التي وصل إليها النادي، إذ يقول: بعد قرن من تأسيسه لم يكن لدى إسبانيول إلا 15 ألف عضو عام 1997، كنا محطمين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا دون أي ممتلكات أو أصول، وكان علينا الانتقال إلى ملعب ليس ملكا لنا، ومن كان يدّعي حبنا في برشلونة في الواقع كان ينتظر أن يختفي النادي، ولكن بفضل “داني سانشيز” أفضل رئيس بتاريخ النادي بدأنا نستعيد قوتنا. وعام 2000 فزنا بكأس الملك بعد 60 عاما من الانتظار.

افتتاح الملعب.. ألقاب وتألق وفاجعة مؤلمة

فاز إسبانيول مرة أخرى بكأس الملك عام 2006، ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في العام التالي للمرة الثانية في تاريخه، وكان “راؤول تامودو” وراء هذا الإنجاز، وهو أفضل هدافي إسبانيول، وتعتبره جماهير النادي أيقونة ورمزا له، وقد صمد بفضل هذا اللاعب عشر سنوات، وكان يواجه وحده مدافعي الخصم، لأن الفريق كان يلعب بأسلوب دفاعي.

وقد رفع النجاح الرياضي وعملية “كتلنة” النادي تحت قيادة “داني سانشيز” عدد أعضاء الفريق إلى أكثر من 35 ألفا، وهم من موّلوا بناء ملعب الفريق الجديد، دون تلقي أي مساعدات محلية أو خارجية، وهؤلاء هم الذين أبقوا على اسم النادي الذي كان سببا في تهميشهم، مؤكدين وفائهم للاسم ولتاريخ النادي.

وبعد أيام من مشاهدتهم لافتتاح ملعب “كورنيلا”، عادت الجماهير إلى الملعب، ولكن في ظروف مأساوية، وهي وفاة قائد الفريق الشاب “داني خاركي” بسبب نوبة قلبية وهو ابن 23 عاما، وتسبب بحزن لا يوصف لكل مشجعي النادي.

“أندريس إنييستا” لاعب برشلونة يخلع قميصه تكريما لزميله الراحل “داني خاركي” من نادي إسبانيول

غيّر الحزنُ الفرحَ الذي جلبه تأهل إسبانيا إلى نهائي مونديال جنوب أفريقيا عام 2010، لكن شعورا فريدا وجميلا مُنح لمشجعي إسبانيول، عندما سجل “أندريس إنييستا” لاعب برشلونة هدف الفوز في نهائي المونديال ضد هولندا.

وبعد تسجيله للهدف خلع “إنييستا” قميصه الأساسي، وأظهر قميصا كتب عليه اسم صديقه “خاركي”، وأهدى الهدف إلى قائد إسبانيول العدو اللدود لبرشلونة. وأصبح “إنييستا” بعد هذه الحادثة اللاعب البرشلوني الوحيد الذي وقفت وصفقت له جماهير إسبانيول في المدرجات.


إعلان