“شباب إلى الأبد”.. أسلحة جديدة في معركة الإنسان ضد الشيخوخة

لماذا يبدو بعض الأشخاص أكبر سنا مما هم عليه فعليا، وآخرون أصغر سنا، ما هو السر في ذلك، وما هي الحقائق العلمية الكامنة وراء ذلك.

في هذا الفيلم الذي تبثه الجزيرة الوثائقية، تأخذنا الدكتورة روزينا علي -وهي استشارية جراحة التجميل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية- في رحلة طويلة نخترق فيها حدود علم الجلد، ونتعرف فيها على أسرار البشرة.

تثير الطريقة التي يشيخ بها الجلد تساؤلات كثيرة لدى المهتمين في هذا المجال، لكن ما يثير الانتباه بقدر أكبر، هو السؤال عن كيفية علاج هذه المسألة؟ وهل هناك طرق أخرى غير العمليات الجراحية.

في البداية، لا بد أن ننثر بعض التفاؤل، فيبدو أن الأمور ميسرة في مجالات غير الجراحة، فالرحلة مع الدكتورة روزينا خلال دقائق هذا الفيلم تقودنا إلى طرق متعددة نحافظ بها على مظهر جميل، وشباب دائم.

بشرة الإنسان.. معركة يومية مع المحيط الخارجي المتوحش

سننطلق من نقطة اكتشاف نظام قد يساعدنا جميعا على أن نبدو أكثر شبابا، ثمة شيء نحب جميعنا تناوله، وفي ذات الوقت له تأثير كبير على سلامة البشرة، وقد يحدث “ثورة في عالم الشيخوخة”. فالبشرة تشبه أي عضو من أعضاء الجسم، إنها مثل القلب والرئتين، ولكن ما يجعلها مميزة إلى هذا الحد هو أننا نستطيع رؤيتها، عكس معظم الأعضاء الداخلية الأخرى.

فهي العضو الأكبر في جسم الإنسان، ويبلغ حجمها نحو عشرين قدما مربعا، لكن ليس هذا ما يميزها فقط، فهي العضو الأول الأكثر نموا في الجسم، وهي التي تحدد هويتنا العمرية، وهي التي تكشف عن باقي أمراض الجسم لدى الفاحص الخبير.

من خلال النظر إلى بشرة الوجه، يمكن تقدير عمر الإنسان

تواجه بشراتنا على نحو يومي حربا ضروسا مع العالم المحيط، وأول معركة تخوضها مع تلك القوة غير المرئية لأشعة الشمس، إذ تجعل الإنسان يبدو أكبر سنا، ويظهر مفعولها جليا على مادة الكولاجين التي تمنح البشرة امتلائها، وعندما تتضاءل تتجعد البشرة وترتخي.

إذن فنحن بصدد الكشف عن واحد من الأسرار المتعلقة بتأثير أشعة الشمس على أجسادنا، وها هي ذي تجربة علمية يجريها بعض الخبراء على سائقي الشاحنات “روبي” و”ألين”.

سائقو الشاحنات.. أجساد تحرقها الشمس خلف الزجاج

يسوق “روبي” و”ألين” الشاحنات، ويتجولان حول بريطانيا وأوروبا منذ نحو 50 عاما، هناك سمات في وجهيهما تعطينا مفاتيح عن قوة الشمس الخفية.

يبدو “روبي” شابا وسيما، ولدى سؤاله عن مستحضرات العناية بالبشرة التي يستخدم، كانت الإجابة مثيرة للدهشة، إنه لا يستخدم سوى الماء والصابون، ولم يتعرض لأي مشاكل في البشرة خلال عقود من الزمن عمل فيها سائقا للشاحنات.

مقارنة بين وجهين يتعرض أحدهما لأشعة الشمس ولا يتعرض إليها الآخر

يقول “روبي” إنه يقضي أوقاتا طويلة داخل الشاحنة أثناء العمل، ولا يخرج منها إلا قليلا، فهو لا يتعرض لفترة طويلة لأشعة الشمس. وهنا يكتشف الخبراء أن زجاج الشاحنة الذي يجلس خلفه يتولى تصفية الأشعة التي تسبب ضربة الشمس، وهي الأشعة فوق البنفسجية ذات الموجة المتوسطة (يو في بي).

تتمتع هذه الأشعة بطول موجي قصير جدا لا يحرق سوى الجزء العلوي من البشرة، ولا يمكنها أن تخترق البشرة في العمق، كما أنها لا تستطيع اختراق زجاج النوافذ.

فحص البشرة.. أسرار لوحة التجعد التي ترسمها الأشعة

يُجري أهم علماء الجلد في بريطانيا البروفيسور “كريس غرفت” فحصا لبشرتي “روبي” و”ألين” في مركز طب الأمراض الجلدية التابع لجامعة مانشستر، للكشف عن بعض الأسرار المتعلقة بتأثير الشمس على شيخوخة بشرتنا.

تجاعيد على بشرة السائق “ألين” تبدو أكثر عمقا من الجهة اليمنى مقارنة بالجهة اليسرى

يظهر الفحص وجود تجاعيد على بشرة “ألين”، وتبدو أكثر عمقا من الجهة اليمنى مقارنة بالجهة اليسرى، والحاجب أكثر انخفاضا، ويبدو الخط الشفوي الأنفي أكثر عمقا، ويمتد حتى أسفل الشفتين، ويستمر حتى الذقن، وتعرف هذه بخيوط الدمية، والأنسجة لديه في هذه المنطقة أقل مطاطية بكثير، أما “روبي” فلديه عدد أكبر من التجاعيد رغم أنه أصغر منه سنا، لكنها رفيعة جدا.

وكما يظهر في الفحص، فإن لكليهما جزءا واحدا أكثر تجعدا من الآخر. ولم يكن هذا مفاجئا للبروفيسور “غرفت”، فلقد أجرى عدة دراسات على سائقي الشاحنات الذين يتعرضون لكمية مكثفة وكبيرة من أشعة الشمس على جهة واحدة من الوجه، أكثر من الجزء الآخر.

فقد يظن الكثيرون أنهم محميون خلف الزجاج الأمامي، لكن هنالك نوعا آخر من أشعة الشمس يستطيع اختراق الزجاج، ويسمى بالأشعة ما فوق البنفسجية الطويلة أو الضوء الأسود (يو في أي). هذا النوع من الأشعة له طول موجي أكبر يسمح لها باختراق الجلد بشكل أكثر عمقا، ويساهم في تقليل الكولاجين في البشرة فتظهر التجاعيد.

الأشعة فوق البنفسجية الطويلة والقصيرة تساهمان في حرق البشرة وشيخوختها

وليس الأمر متعلقا بسائقي الشاحنات فحسب، فالقيادة اليومية للسيارة لها نفس التأثير، فالأشعة ما فوق البنفسجية الطويلة والقصيرة تساهم في حرق البشرة وشيخوختها، لذا يجب أن يحتوي الواقي الشمسي على المضاد للأشعة فوق البنفسجية، وللوقاية القصوى من الأشعة يجب وضع الكريم الواقي من أشعة الشمس في الداخل والخارج.

“الجذور الحرة”.. بقايا الأنفاس التي تنحت الجسد

لا تقتصر التغيرات الجديدة على الوقاية من أشعة الشمس، فهناك مزيد من الأبحاث اكتشف العلماء من خلالها عاملا جوهريا آخر لظهور الشيخوخة على الجلد، وهو عامل سامّ جدا، لكن ليس للإنسان أن يعيش من دونه، ألا وهو الأوكسجين الذي نستنشقه في كل لحظة.

يُجري عالم الأحياء البروفيسور “جون كايسي” -الذي يعمل في مركز يونيليفر العلمي- دراسة عن إشكالية الصلة بين الأوكسجين والشيخوخة الجلدية منذ أكثر من عشرين عاما، ويدرس كيفية تسبب عمليات تجري في عمق الجسم البشري في ظهور علامات الشيخوخة على ظاهر البشرة.

حين تغزو الشيخوخة أجسادنا، تعجز البشرة عن مواجهة الأضرار الناجمة عن تراكم الخلايا المتضررة

ويشرح “كايسي” تأثير الأوكسجين على بشرتنا، فيقول: في كل مرة نتنفس فيها، فإننا على الأرجح نستخدم نسبة 98% من الأوكسجين الذي نستنشقه في حرق الطعام الذي نتناوله، وهو يطلق جزيئات صغيرة نحتاج إليها في تجديد الخلايا، كما يطلق كمية كبيرة من الطاقة لجعل عضلاتنا تعمل، لكن نسبة 1-2% من هذا الأوكسجين تذهب إلى قسم مختلف وخطير، إذ تتولى هذه النسبة الصغيرة من الأوكسجين المعروفة باسم “الجذور الحرة” مهاجمة الحمض النووي للإنسان، ثم يبدأ الضرر الذي تخلفه بالتراكم مع مرور الزمن، فتظهر العلامات التقليدية للشيخوخة على البشرة.

وتحمل أجسادنا قوة دفاعية ضد هذه الجذور الحرة، لكنها غير كافية، فنظام جسمنا يتعرض باستمرار إلى ضرر طفيف بسبب الأوكسجين النشط، كما يوجد نظام آخر هو نظام دفاع الخلايا الذي يعمل على مواجهة الضرر وإعادة الأمور إلى نصابها، مما يخلق توازنا نسبيا بين الاثنين، لكن لا بد في النهاية من أن تغزو الشيخوخة أجسادنا، إذ تعجز البشرة في النهاية عن مواجهة الأضرار الناجمة عن تراكم الخلايا المتضررة والخلايا المختلة وظيفيا، فيشيخ جسم الإنسان ببطء تدريجيا.

رفض الكولاجين.. بشرة تتحول إلى وعاء معكرونة

يدرس الدكتور “كايسي” في مختبره عمليات تجري في عمق الجسم البشري، وتؤدي لظهور علامات الشيخوخة، ويستخدم خزعة لبشرة حقيقية تسهل رؤية الطبقتين السطحيتين؛ البشرة الفوقية باللون الأسود المظلل، أما الأدمة أو باطن الجلد في الأسفل فهي أفتح لونا، حيث يجرى إنتاج الكولاجين، وهو البروتين الذي يساعد على أن نبدو أكثر شبابا.

تتولى الخلايا الليفية إنتاج الكولاجين في البشرة الشابة المشدودة، فيما يشبه خيوط العنكبوت المترابطة، ومن خلال الدفع القوي للخلايا الليفية تبدو البشرة على منظرها الشاب المشدود الناعم، لكن بتقادم الزمن تتقطع الصلة بين الخلايا الليفية والكولاجين.

خلية ليفية محاطة بشبكة كبيرة من خيوط الكولاجين التي تحافظ على إبقاء خلايا الجلد مشدودة

يقول “جون كايسي”: ما تتجه الخلايا الليفية إلى فعله عندما تشيخ البشرة هو أنها تبدأ برفض خيوط الكولاجين، فتبدأ بالدوران وتبدأ إسقاطاتها خارج الخلايا بالاختفاء، فيبدو الكولاجين أشبه بوعاء من المعكرونة، أكثر من كونه شبكة مشدودة بطريقة جيدة.

درع الحماية.. قواعد الأكل الأربع تصنع المعجزة

يحاول العلماء إيجاد طريقة لإصلاح وترميم بشرتنا وإعادة شبابها، ويبدو أن جزءا من الإجابة يكمن فيما نأكله. وقد عملت الدكتورة “غيل جنكيز” طيلة عقد من الزمن على ما يسميه العلماء الإجهاد التأكسدي، وهي مقتنعة بأن ما نستهلكه هو المفتاح لحماية خلايانا الليفية وإعادة إحيائها.

وقد استنتجت 4 قواعد لجعل حياتنا أسهل:

القاعدة الأولى: البحث دائما عن الفواكه والخضار ذات الألوان الزاهية، ومن أهمها الطماطم، فهي غنية بمادة الليكوبين التي تعطيها لونها الزاهي، وتستطيع امتصاص أنواع الأوكسجين التفاعلية، وتمنعها من التأكسد.

القاعدة الثانية: البحث عن الفاكهة والخضراوات مرة المذاق مثل البروكلي، فهي غنية بمادة الغنوسوليت، ويمثل الفجل أيضا مصدرا ممتازا لهذه المادة، ومن خلال أكل هذه المكونات وجعلها تتموضع في البشرة يمكن لخلايا البشرة أن تدافع عن نفسها وتحميها من الشيخوخة.

تناول الفاكهة والخضراوات الملونة باستمرار يساعد على جعل الخلايا نضرة ويحميها من الشيخوخة

القاعدة الثالثة: تناول كمية كبيرة من الأسماك الزيتية، فهي مفيدة بشكل ممتاز للبشرة، وتحتوي على مكونات الأوميغا 3، وهي أحماض دهنية أساسية مضادة للالتهاب، وتخفف من حدته في خلايا البشرة، وكل ما يخفف من الالتهاب يخفف من ظهور الشيخوخة.

القاعدة الرابعة: تجنب النشويات كالأرز والبطاطا والمعكرونة، لكن المشكلة تكمن في الكميات التي يجب أن نتناولها من هذه الأصناف للحصول على الفائدة المرجوة، وهي كميات كبيرة نسبيا، وربما يصعب تناولها لدى كثيرين.

مضاد الأكسدة.. حبوب طبيعية تمتص تجاعيد الشيخوخة

لدى العلماء في مركز الأبحاث يونيليفر حل لمشكلة كميات الطعام على ما يبدو، ويكمن هذا الحل في تناول كبسولة مضادة للأكسدة، وهم يرون أنها تحتوي على كافة الاحتياجات في النظام الغذائي، لكن يبقى السؤال قائما هل هذه الكبسولات ناجحة؟

نعود إلى المختبر للبحث عن جواب لهذا السؤال، حيث يتولى البروفيسور “كايسي” إجراء الاختبارات على محتويات الحبة، لمعرفة آثارها على خلايا البشرة الأكبر سنا، بالفعل لقد بدأت الخلايا النائمة تنتج مادة الكولاجين من جديد.

بعد ذلك أجرى العلماء دراسة على 480 امرأة كبيرة في السن في أنحاء أوروبا، من أجل اختبار مفعول الحبوب، إذ لا يمكن التعرف على كافة التفاصيل بمجرد النظر للصور الناتجة عن الاختبار، لكنها نقطة مناسبة للانطلاق، لقد أظهرت الصور بعد 14 أسبوعا فرقا كبيرا في البشرة.

في دراسة على الكبسولة المضادة للأكسدة، وجد الباحثون أنها تحمي الخلايا من الهرم

وبالنظر لصور عين امرأة متقدمة في العمر، تبين أن نوعية البشرة تحسنت، وأصبحت التجاعيد أقصر وأكثر سطحية، وقد لا تكون هذه الحبة بأهمية الجراحة، لكنها مقنعة لمجرد كونها حبوبا طبيعية.

تمكن الفريق بعد عدة سنوات من استرجاع البيانات السريرية، وجربت الحبوب على مئات النساء وكانت النتيجة ناجحة، ويخطط العلماء المسؤولون عن الحبوب في مركز يونيليفر العلمي لنشر نتائج الدراسة في مجلة علمية، ليقوم بمراجعتها علماء آخرون زملاء لهم، من أجل التأكد من قابلية النتائج للتكرار والاستمرار في النجاح.

تأثير السكر.. ساحر يحمل الأجساد في رحلة عبر الزمن

الآن دعونا نتعرف على أثر واحد من الأطعمة التي يحبها الجميع على بشرتنا، إنه السكر، فلا يقتصر تأثيره على زيادة الوزن، بل أيضا يمكن أن يجعل الإنسان يبدو أكبر سنا، فكيف للسكر أن يحدث فرقا هائلا في هذه المسألة؟

لقد أذهل مفعول السكر على شيخوخة البشرة عالِم الأحياء الدكتور “ديفيد غن” من جامعة لايدن بهولندا، فقد ابتكر تجربة لهذا الغرض، إذ طلب من مجموعة من الأشخاص تقدير عمر الوجوه باستخدام الصور الرقمية الموحدة.

وبالنظر في وجوه الخريجين القدامى لإحدى المدارس نرى بعض الأشخاص الذين يبلون بلاء حسنا في دراستهم يبدون أكثر سنا، ويظهر أيضا بعض الأشخاص الذين أبدعوا في دراستهم، لكنهم حافظوا على مظهرهم الشاب بعد ما تقدموا في العمر.

تتوافر الغليكانات في كافة أنحاء السطح الخارجي للخلايا، وبدونها لا تستطيع الخلايا أن تتواصل فيما بينها

أثارت هذه الملاحظات اهتمام الدكتور “ديفيد غن” على نحو كبير، وعندما بحث في الأسباب تبينت -عند قياس مستويات السكر لدى الأشخاص- العلاقة العكسية بين شيخوخة الجلد ونسبة السكر في الدم، فمرضى السكري أو من لديهم زيادة في مستوى السكر يبدون أكبر بسنتين مما هم عليه فعليا.

لكن لماذا تجعلنا نسب السكر نبدو أكبر سنا؟

تكمن الإجابة في كيفية تعلق السكر في الكولاجين مما يجعله أكثر هشاشة وأكثر قابلية للتكسر، فيصعب على البشرة أن تصلح نفسها بنفسها، وحال حدوث هذا الأمر يصبح المرء على طريق الشيخوخة المبكرة للبشرة.

لقاح الملاريا.. سر خفي يحمل دلائل مبهرة للبشرة

إن الأغذية ليست المقاربة الوحيدة للظهور بمظهر شاب، فثمة علم جديد قوي وجذري له القدرة على تغيير فهمنا لكيفية حصول الشيخوخة للبشرة، إنه العلم الذي يساعد الإنسان على أن يظهر بمظهر أكثر شبابا، وأكثر جاذبية.

هذا الحقل الجديد في العلوم هو علم الأحياء الغليكوجينية، وهو علم دراسة السكريات المركبة في أنسجتنا، ويطلق عليها العلماء اسم الغليكانات. ولا يغير هذا العلم فهمنا للبيولوجيا البشرية فحسب، بل يخلق فرصا لتغيير حياة الإنسان بطريقة لا يتصورها عقل، وها هم العلماء على وشك معرفة القوة الهائلة لعلم الأحياء الغليكوجينية.

تخفيض تناول السكريات في النظام الغذائي هو أحد عوامل حماية البشرة من الشيخوخة

بدأ الاهتمام بهذا العلم من تطوير لقاح ضد مرض الملاريا الذي يسبب الكوارث في الدول النامية، وقد حمل تطوير اللقاح دلائل حيوية لحل لغز إعادة الشباب إلى البشرة المتقدمة في السن. وتجري دراسات رائدة في مجال هذا العلم في معهد ماكس بلانك الشهير في العاصمة الألمانية برلين، وهناك البروفيسور “بيتر سيبيرغر” المسؤول عن علم الأبحاث المتطورة والحديثة يرى أن هذا العلم يحمل إمكانيات ضخمة، وقد بدأ الاهتمام مؤخرا بفهم الميزات التي تتوافر في الغليكانات.

تتوافر الغليكانات في كافة أنحاء السطح الخارجي للخلايا، وبدونها لا تستطيع الخلايا أن تتواصل فيما بينها، وباتصال الغليكانات فيما بينها تستطيع الخلايا أن تتناقل الرسائل فيما بينها عن كافة الأمور، من صناعة الأعضاء إلى نمو الشعر.

سحر الغليكانات.. ثورة في علم الأحياء الغليكوجينية

قام البروفيسور “بيتر سبيرغر” بعمل ثوري من خلال إنتاج لقاح مضاد للملاريا عبر صناعة غليكانات توقف سم طفيلي الملاريا دون أن تقتله، بحيث يبقى في جسد المريض، لكن من دون أضرار، وقد أثبتت المعامل نجاح الأمر بنسبة 100%، وقد يساعد هذا الاكتشاف بإنقاذ حياة الملايين في الدول النامية، فقد يؤدي إلى فك شيفرة تواصل خلايانا جذريا فيما بينها.

وأكثر ما يثير الاهتمام في هذه الأبحاث، أن العلماء اكتشفوا أنه عندما تغيب تلك الغليكانات، فإن التواصل بين الخلايا ينقطع، ولا يمكن أن يحدث أي تفاعل بينها، مما يؤدي لكافة التداعيات المؤذية للبشرة.

زيادة عدد الغليكانات في الوصلة الموجودة بين الأدمة والطبقة السطحية يعيد ترميم الكولاجين المتضائل ويزيل الترهلات

وفي مختبرات شركة لوريال العلمية في ضواحي باريس، يقوم الدكتور “برونو بيرنار” بإجراء دراسات في علم الأحياء الغليكوجينية، لمعرفة ما إذا كان قادرا على إعادة نضارة الشباب ورونقه إلى البشرة، إذ يرى أن استخدام الغليكان سيحدث ثورة في علم الأحياء.

يقول الدكتور “برونو بيرنار”: تدخل الغليكانات في كافة العمليات البيولوجية الكبرى في كل الأنسجة البشرية، ومن ضمنها البشرة، وبالطبع لا يمكن للإنسان أن يعيش دون هذه الغليكانات.

وحش الشيخوخة.. مرض جلدي قابل للعلاج

تبقى شركة “لوريال” رائدة في مجال البشرة الصناعية، إذ يمكنها صنع الطبقتين المكونتين للجلد البشرة والأدمة، أما ما تعمل عليه أبحاث الشركة حاليا فهو كيفية اتصال هاتين الطبقتين وتفاعلهما مع بعضهما، ويجري هذا التواصل عبر الناقل الذي يفصل بين الطبقتين الغني بالغليكانات التي تتضاءل كل ما كبر الإنسان، وتتوقف الرسائل التي تحافظ على صناعة مادة الكولاجين الحيوية المهمة للبشرة فتتجعد وتترهل.

وتقول الخبيرة “لارين” إنها تمكنت في المختبر من استبدال الغليكانات المتسببة بالشيخوخة من خلال إعادة الاتصال بين الأدمة والطبقة السطحية للبشرة، وقد صنعت مرهما تقول إنه يزيد من عدد الغليكانات في الوصلة الموجودة بين الأدمة والطبقة السطحية، وهو ما يؤدي إلى إعادة ترميم الكولاجين المتضائل وإزالة الترهلات وشد التجاعيد.

كما أجرت هذه المختبرات مجموعة من الفحوص على بشرة حقيقية، وتظهر صور الأشخاص الذين أجروا هذه الفحوص نجاحا بعد فترة زمنية قصيرة في بعض الأماكن، مثل منطقة العين، حيث طبقة الجلد رفيعة جدا، وقد أصبحت خطوط التجاعيد أقصر وأكثر سطحية، وأصبحت البشرة أفضل جودة.

دراسات في علم الأحياء الغليكوجينية بمختبرات شركة لوريال لمحاولة إعادة نضارة الشباب ورونقه إلى البشرة

يثير هذا التقدم اهتمام الدكتورة روزينا ويحمّسها بوصفها امرأة، لكنه من جهة أخرى يزيد شكوكها كطبيبه جراحه لأن معظم كريمات البشرة لا تدخل إلى عمق البشرةبما يكفي، كما أنها لا تحتوي على المواد الفعالة، لكنها ربما تبقى أفضل من العلاج بالقشط أو الليزر، ولكن قبل استخدام المرهم لا بد من معرفه أن لوريال لم تشمل سوى 60 امرأة في الدراسة، ولم تنشر أبحاثها في مجلة علمية لمراجعتها، لذا لا بد من المزيد من البيانات.

وكم هو مثير للحماسة هذا الكم من العلم الذي وصلت إليه الأبحاث في علم الأحياء الغليكوجينية في شركة لوريال العملاقة، فقد أصبحت الشيخوخة في مظهرها الخارجي مجرد مرض جلدي قابل للتعافي.

يقول البروفيسور “بيتر سبيرغر” رائد المشروع في الشركة: انتابني الشك وشعرت بالقلق في البداية فيما يتعلق بالمستوى العلمي الذي تعمل بموجبه شركات مستحضرات التجميل، ولكنني اكتشفت أن بعض الموظفين يعملون في حقل علم الأحياء الغليكوجينية منذ 25 عاما، وهم يستخدمون التقنيات نفسها التي تستخدم في المختبرات الأكاديمية.

آثار الحياة.. بقايا رسومات الزمان الخالدة

في الختام نستمع إلى الدكتورة روزينا وهي تقول رأيها بصراحة: يرغب الكثيرون بالظهور أصغر سنا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، لكن الزمن لا يسير إلا باتجاه واحد، ولا يعود إلى الوراء، وتبقى آثاره محفورة على بشرتنا.

أبحاث علمية مستمرة في سبيل إخراج منتج يساعد على تقليل مظاهر الشيخوخة

لطالما آمنتُ بوصفي طبيبة جراحة بقوة هذا الفن، لكنني أعرف أنها ليست الحل الوحيد، فلم أكن أتوقع ما الذي سيحدث عندما انطلقت في هذه المسيرة، لقد فتحت مسألة تأثير النظام الغذائي على شيخوخة البشرة عينيّ، وجعلتني أكثر تفكيرا بشأن ما أتناوله، وشعرت بخيبة أمل أمام قوة المفعول الذي يسببه التعرض للشمس، لكنني آمل أن يغير علم الأحياء الغليكوجينية على نحو كامل طريقة معالجة شيخوخة البشرة، ولنأمل أن تسير الحلول إلى مزيد من التقدم في المستقبل.