المال السياسي في أمريكا.. الديمقراطية في خدمة الأثرياء
في عالمنا اليوم أصبح المال السياسي يتحكم بالديمقراطية واختيار الشعوب لحكامها عن طريق الكثير من القوانين التي تنتج تحالفات بين رجال المال ورجال الحكم، بحيث يوصل الأثرياءُ السياسيين إلى سدة الحكم عن طريق دعمهم السخي في حملاتهم الانتخابية، لكي يشرعوا لهم قوانين تسهل عليهم التهرب الضريبي، وما بين حلف الطرفين تضيع موارد الدولة وتُسحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تأكلها الضرائب.
في فيلم أُعد قبل وصول الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض في العام 2016، نستعرض هذه الظاهرة التي نرى بعد أربع سنوات من نجاح “ترامب” أنها ما زالت تزداد وتتفاحش وتتنامى، وقد تصل إلى مستويات خطيرة تهدد الديمقراطية في حديقة أقوى اقتصادات العالم.
“أعلن رسميا ترشحي للولايات المتحدة.. ولسوف نجعل بلدنا عظيما من جديد”.
اعتقد المراقبون أن هذا الإعلان لا يتعدى مجرد مناورة ذكية من رجل لا قِبل له بالسياسة، ولم يسبق أن شغل منصبا حكوميا، لقد توقعوا انسحاب الملياردير ونجم “تلفزيون الواقع” لكن ذلك لم يحصل، فقد تأكد أن المال يؤثر كثيرا في المشهد الديمقراطي الأمريكي.
واصل رجل الأعمال “دونالد ترامب” طريقه السريع نحو الرئاسة، متحديا الأعراف والتقاليد السياسية السائدة في الولايات المتحدة.
هذه المفارقة ترويها الجزيرة الوثائقية في فيلم تحت عنوان: “الديمقراطية الأمريكية: سلطة المال”.
وبعد إعلانه الترشح لرئاسيات 2016، ظهر “ترامب” ليقول “سأكون خير رئيس يوفر فرص العمل. تذكروا ذلك”. وفي جوانب أخرى كانت رسائل “ترامب” تسلط الضوء على تفاصيل محددة في السياسة العامة وتخاطب الهواجس الاقتصادية للناس.
ومن هذا المنطلق، قال نجم تلفزيون الواقع: عندما ترسل المكسيك أبناءها إلينا فإنها لا ترسل خيرتهم، بل ترسل أناسا لديهم الكثير من المشاكل، يأتون بالمخدرات والجريمة ويغتصبون كل امرأة أعجبتهم.
ولأن هذه القضية قضية تؤرق الناس، فقد وعد “ترامب” ببناء جدار عازل على طول الحديد مع المكسيك لمنع رعاياها من العبور للولايات المتحدة، فكان اللعب على العنصرية والشعبوية من استراتيجياته.
وفي خطاب آخر يدعو “دونالد ترامب” لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة بشكل شامل وكامل، إلى أن يتمكن المشرّعون من فهم ما يحدث ويدور.
جشع السياسيين.. تأجيج الغضب
يقول “وليام غالستون” من معهد بروكينز: إحدى المهام المنوطة بالرئيس تحويل الغضب إلى أمل، وما أخشاه أن “ترامب” لا يتحاشى الغضب بل يؤججه، وما فتئ العديد منا يكتبون عن فقدان الثقة في المؤسسات الحكومية وعن بعض المشاكل الاقتصادية، ولكني أعتقد أننا قللنا من حجم تلك العناصر التي ولدت استياء وقلقا وغضبا واضحا.
وعلى الضفة الأخرى، يظهر اليساري الديمقراطي “بيرني ساندرز” قائلا: إن جشع طبقة المليارديرات في عالم الشركات والأعمال الأمريكي يدمر هذه البلاد، وسوف نضع لذلك حدّا.
ويرى “غالستون” أن السياسات الأوروبية والأمريكية تتّسم بضعف الوسط، وحول ما إذا كان هذا التشخيص يؤشر لضعف الديمقراطية الأمريكي، أجاب: ربما، لقد أدى إضعاف الطبقة الوسطى في ألمانيا خلال عشرينيات القرن الماضي بسبب التضخم أولا ثم الركود، إلى تمهيد الطريق للإتيان بحكومة مستبدة.
وعما إذا كان يشعر بقلق إزاء وصول ترامب للسلطة، قال: ثمة مؤشرات على أن الضوابط العريقة التي تحافظ على كل ما هو محل احترام في المجتمع بدأت تتهاوى، وهذا قد يؤدي لسياسات عامة خطيرة، ما لم تكتب الغلبة للزعامات الأكثر تعقلا، وهو ما لا يبدو مرجحا، ولذلك فأنا قلق.
إلى فيغو.. المقاطعة التي لا تخسر
لمعرفة ما حدث للديمقراطية في أمريكا اتجه فريق الفيلم إلى مقاطعة فيغو في ولاية إنديانا، وتحدث لـ”راند جنتري” وهو سياسي من الحزب الجمهوري. يقول “جنتري”: إن هذه المقاطعة تتميز بكونها بوتقة تنصهر فيها خلفيات شتى، ومما يميزها أنها -باستثناء مرتين فقط- كانت دائما تختار المرشح الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية منذ 1880.
ويوضح “جنتري” أن سكان “فيغو” ليبراليون اجتماعيا ومحافظون ماليا، فلا عجب أن تجد مصنعا هنا بجانب حقل من الذرة، ولدينا ثلاث جامعات تجلب عناصر من مختلف أنحاء العالم إلى مجتمعنا، ولن تجد مجتمعا آخر يجمع كل هذه القوى المتحركة على طاولة واحدة.
وفي مقاطعة “فيغو” نسبة عالية من المقترعين الذين يصوّتون على أساس شخصية المترشح وأدائه في الانتخابات، وأثناء الحملات الانتخابية في 2016، اعتبر “جنتري” أن “ترامب” هو أكثر المترشحين إثارة للحماس. وفي أمسية جمهورية بالمقاطعة، اعتبر أحد الحاضرين أن “ترامب” يقول ما يفكر فيه الكثيرون، وسيصوت له الكثير من الديمقراطيين بسبب ما يقوله.
وعلق آخر: إنه يقول ما يؤمن به، وليس بحاجة لأن يتملق أيا كان، إذ يمكنه أن يفعل ما يريد، وهذا ما يعجب الكثيرين.
وفي مشهد آخر يظهر “ترامب” ليقول: أنا أنفق من مالي الخاص ولن أستخدم أموال جماعات الضغط ولا أموال المتبرعين.
ويتميز “ترامب” عن السياسيين العاديين بتسليطه الضوء على الفساد في مجال تمويل الحملات، وقال ذات مرة: لقد تفضلت على الديمقراطيين بتبرعي لهم وعلى “هيلاري”، تفضلت على الجميع لأن ذلك كان في مصلحة أعمالي، كان عليّ أن أعطيهم لأني كنت إن احتجت شيئا منهم حصلت عليه، وكانوا يفعلون ما بوسعهم لإرضائي.
تدفق المال في الانتخابات.. ديمقراطية في خدمة الأثرياء
“ساندرز” هو الآخر يسلط الضوء على التأثيرات الضارة التي تُلحقها السيولة النقدية بالحملات الانتخابية. يقول في مهرجان دعائي: هذه الليلة نبعث برسالة عميقة، بأن الشعب الأمريكي لن يستمر في قبول نظام فاسد لتمويل الحملات الانتخابية، فهو النظام الذي يتسبب في تقويض الديمقراطية.
ويلاحظ “مايكل ديموك” رئيس مركز “بيو” للأبحاث أن الشعور السائد بين الأمريكيين هو أن اللعبة الديمقراطية قد خضعت للتزوير وأصبحت تصب في مصالح الأثرياء”.
ويضيف: إننا نعيش حاليا حالة عميقة للغاية من انعدام الثقة في واشنطن، 19% من الأمريكيين يثقون في الحكومة الاتحادية، لقد خضع تجاوب المنتخبين مع منتخبيهم للمساومة تحت تأثير المال، واليوم يعتقد 75% من الشعب الأمريكي أن المشكلة باتت أشد سوءا مما كانت عليه في السابق.
يعود الفيلم إلى 2010، عندما أصدرت المحكمة العليا الأمريكية قرارها في قضية “المواطنون المتحدون”، وهو القرار الذي سمح بضخّ أموال هائلة في الحملات الانتخابية، وقد بات يمكن لاتحادات العمال والشركات الكبيرة أن تنفق أموالا كبيرة في الحملات الانتخابية الأمريكية.
وبعد ذلك صدر قرار آخر يسمح للأثرياء بتقديم تبرعات مالية غير محدودة للكيانات السياسية التي تدعم مرشحين، والمعروفة باسم “لجان العمل السياسي المستقلة”، التي تنفق اليوم مئات الملايين على الإعلانات السياسية.
أما الصحفي الاستقصائي “كين فوغل” من مجلة “بوليتيكو”، فيرى أن ما يميز طريقة تدفق الأموال في العملية هو أنها لا تأتي من خلال قنوات موجهة أو خاضعة لإشراف أو إدارة الأحزاب السياسية مباشرة ولا من مرشحيها، وقد لا نتمكن أبدا من معرفة الحجم الكلي للمبالغ.
ويقول “فوغل” الذي يركز في تحقيقاته على المال السياسي: إن تمكّن “ترامب” من تصدّر لائحة المتنافسين على ترشيح الحزب الجمهوري في 2016، فهو نتاج لنظامنا الجديد المتعلق باستخدام المال السياسي.
مرحلة ضعف الأحزاب.. إعادة التوزيع الوهمي
ردا على سؤال: لماذا تسببت القواعد الجديدة في إضعاف الأحزاب الأمريكية؟ قال الصحفي الاستقصائي: إن قرار المحكمة العليا في قضية “المواطنون المتحدون” قد عجّل نوعا ما بنزوح المال والسلطة، بعيدا عن الأحزاب السياسية المنظمة إلى أصحاب المليارات والمجموعات غير الحزبية التي تمثل تلك الأحزاب.
وبدلا من استهداف “ترامب” الوافد على السياسة، قامت لجان العمل السياسي بمهاجمة بقية المتنافسين على أصوات الجمهوريين، ومن أهم الشخصيات التي ساعدت في صعود هذه اللجان المحامي “جيمز بوب”، وهو مستشار خاص للّجنة الوطنية للحزب الجمهوري.
يقول بوب: رفعتُ القضية نيابة عن “المواطنون المتحدون” وتوليتُها في محكمة المقاطعة، وقد قبلت المحكمة العليا تلك القضية.
ويضيف: أرى أن تلك القيود تتعارض مع نص التعديل الأول للدستور، وأنه لم يكن ينفق في الانتخابات ما يكفي من المال، ونتيجة لذلك كان الناس يجهلون حتى الحقائق الأساسية لنظامنا الانتخابي.
ويقرّ بأن صعود اللجان السياسية ساهم في ضعف الحزب، ويرى أن الحل هو إلغاء القيود على الأحزاب السياسية بحيث تتمكن من المنافسة مثلما حصل مع هذه اللجان، ولكنه يرفض القول إن القوانين أصبحت تسنّ لصالح الأثرياء، وأن المال يقوض العملية الديمقراطية.
وبالنسبة له فإن الثقة في الحكومة ليست مهمة، بل على العكس من ذلك فما نحتاج إليه هو الشك في الحكومة، وأن ندرك أن الحكومة موجودة لأخذ أموالنا لإعطائها لأصدقائها، وهذا ما يفعله الديمقراطيون ويسمونه إعادة التوزيع.
ما يطلب الأغنياء من الكونغرس
إن مشروعات القوانين الضريبية في الكونغرس هي -في الواقع- الأداة المناسبة لمن يمتلك السلطة والنفوذ في واشنطن العاصمة، وفي هذا الجانب يقول “فرانك كلمنتيه” المدير التنفيذي لمنظمة “أمريكيون من أجل عدل ضريبي”: قد تكون معركة الضرائب كبرى المعارك على الإطلاق، فهناك حلبة لمصالح الأثرياء من شركات وأفراد في مواجهة كل ما عداهم.
ويضيف: لقد اقترعنا مرارا على الضرائب، المستند (A) الموجه للجمهور عرض لأسباب زيف النظام وأسباب فساده في نظرهم، وكيف أن النظام الضريبي أُعدّ لصالح الأثرياء والشركات الكبيرة.
وفي عام 2014، أطلقت مجموعة “كلمنتيه” تقريرا تحليليا حول الضغط الذي تمارسه الشركات والمؤسسات المالية في “وول ستريت” على الوسط السياسي. ويقول “كلمنتيه”: فاجأني عدد جماعات الضغط، هناك 1400 جماعة ضاغطة، وهذا عدد كبير، فهم يمارسون ضغطا متواصلا في الكونغرس من أجل هذه القضايا.
إن الشركات الأمريكية تحرص بشدة على شراء النفوذ في الكونغرس، لكون ذلك يتيح لها تمرير التشريعات ذات المنافع المالية الضخمة.
وقد اطّلع فريق الفيلم على جدول يضم 30 شركة ومجموعة صناعية كانت تضغط طيلة ثلاث سنوات في الكونغرس، من أجل الإعفاء الضريبي المسمى “استثناء التمويل النشط”، وعلى رأسها “جنرال إلكتريك”. ويغطي هذا التقرير الضغط الممارس في الكونغرس في الفترة من 2011 وحتى 2013.
وكشف الفريق أن الشركات أنفقت مليارا و100 مليون دولار لممارسة ضغوطها على الوسط السياسي في واشنطن في سبيل “استثناء التمويل النشط” من الضرائب.
ويوضح “كلمنتيه” أن الطريقة المنطقية للتفكير في تبرعات الحملات الانتخابية هي إدراكك أنها تفتح لك بابا كبيرا، وتجعل مكالماتك الهاتفية موضع ترحيب وتخصص لك وقتا لمقابلة عضو مجلس الشيوخ وجها لوجه، وبالنسبة للبعض فإن هذا يشكل مقتلا للديمقراطية الأمريكية؛ ففي 2016 وافق الكونغرس على مشروع قانون “استثناء التمويل النشط”.
أموال مكدسة في جزر كيمان.. وكر التهرب
حصلت الشركات على هبة ضريبية من الكونغرس قدرها 78 مليار دولار، معظمها للمؤسسات المالية في “وول ستريت”، وهذه أموال كان يمكن استخدامها في استثمارات هامة أو للمساعدة في تخفيض العجز، وتذهب هذه الأموال إلى “جزر كيمان”، وهي ليست مقصدا للسياح فحسب، بل قبلة الأثرياء والمتهربين من الضرائب والشركات المدرجة في قائمة “فورتين الـ500” الأمريكية.
وقد زار فريق الفيلم هذه الجزر ليقف على حقيقة مركز “أوغلاند هاوس” الذي يضم 20 ألف شركة حول العالم، ومن ضمنها رُبع شركات “فورتين الـ500” الأمريكية. وتحدث الفريق إلى “ريتشارد فيليبس”، وهو المعدّ الرئيس لتقرير “ألعاب ثلاث ورقات خارج البلاد”. يقول “ريتشارد”: إن هذه الشركات تحتفظ بترليونين و100 مليار دولار في الخارج، ونعتقد أنها مدينة للحكومة بنحو 620 مليار دولار.
تحرص الشركات على التسجيل في هذا المركز للاستفادة من الإعفاءات الضريبية، وتوضح بيانات ضريبية أن الشركات الأمريكية في هذه الجزر تفصح عن أرباح سنوية تبلغ 51 مليار دولار. وبحسب السياسة الضريبية، فإن هذه الشركات تتقيد بنص القانون حرفيا.
ويتحدث في الفيلم المحامي “باتريك تشمد” رئيس الخدمات القانونية في مؤسسة “آلابس” وكان قد ساعد العديد من الشركات في افتتاح فروع لها في “جزر كيمان”، ويقول إنه لا يعرف المقصود بالقول إن هذه الجزر ملاذ للتهرب الضريبي، ويضيف أن الشركات لا تخبرهم أصلا بالتفاصيل، “فما نحن إلا جزء صغير من مجمل العملية”.
وقد حاول الفريق إجراء مقابلات مع الشركات التجارية والمجموعات الصناعية التي ضغطت في الكونغرس من أجل قانون استثناء التمويل النشط، ولكنها رفضت الحديث. ويوضح “فيليبس” أن الشركات كانت تدفع نحو ثلت نفقات الحكومة الاتحادية في الخمسينيات، ثم انخفض ذلك إلى نحو العُشر.
ويضيف: أعتقد أن الأمر زاد من شكوك الناس الذين يدفعون آلاف الدولارات سنويا، بينما هذه الشركات التي تربح المليارات لا تدفع شيئا.
ويعود مخرج الفيلم إلى “ترامب” عندما كان مرشحا للرئاسيات في 2016، حيث يقول: إنها تقلل أو تزيل معظم التخفيضات والثغرات المتاحة للمصالح الخاصة والأثرياء ثراء فاحشا.
إن السياسة الاقتصادية التي وضعها “ترامب” هي خطة ترفع الضرائب عن كاهل الملايين، ويقول: إن كنتَ متزوجا ودخلك مع زوجتك أقل من 50 ألف دولار سنويا، فإنك لن تدفع أي ضريبة عن الدخل.
ويومها كانت التقديرات تشير إلى أن خطة “ترامب” سوف تتسبب في زيادة الديون إلى نحو 10 تريليونات دولار، ولكنها ستمنع الشركات من وضع المال في ملاذات ضريبية مثل “كيمان”.
وكان “ساندرز” المرشح الرئاسي يومها يريد التخلص من الثغرات الضريبية للنشاطات المالية الخارجية، وفي أحد مهرجاناته الانتخابية قال: لديكم شركات كبرى تخبئ أموالها في جزر “كيمان” وغيرها تهربا من الملاذات الضريبية، وهي لا تدفع فلسا واحدا طيلة السنة للضرائب الاتحادية، سنجعلهم يدفعون الضرائب المستحقة عليهم.
وبخلاف “ترامب”، فإن “ساندز” كان يشدد على أنه لن يخفض ضرائب الشركات، ولن يسمح بإعادة تريليونات الدولار إلى البلاد بسعر مخفض.
لأجل لقمة العيش.. أنين الطبقة العاملة
اختار فريق الفيلم إشراك الطبقة العاملة في النقاش، وتحدث لمجموعة من عمال الكهرباء أثناء مشاركتهم في برنامج تدريبي في مدينة “تيراهوت” بمقاطعة “فيغو”.
أحد هؤلاء العمال هو “توم سيزمانسكي” الذي قال: يتوجب علينا كأفراد من الطبقة العاملة والمتوسطة أن نقف مع المترشحين الذين يفكّرون حقا بمصلحتنا، وليس مع أصحاب المليارات. وحينها لاحظ “سيزمانسكي” أن اتحادات العمال منقسمة بين “ترامب” و”ساندرز”، علل حب البعض لـ”ترامب” بمواقفه من الهجرة التي يعتقدون أنها تؤثر في الأجور، ويعتبر أن الأوضاع المالية صعبة بالنسبة للطبقة المتوسطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بسبب العوامل الاقتصادية المختلفة.
ويشكل الناخبون البيض من الطبقة العاملة المحور الأساسي الداعم لـ”ترامب”، وكثيرون منهم ساخطون على الظروف الاقتصادية الحالية. وقد استثمر “ترامب” الغضب الناتج عن انهيار “وول ستريت” عام 2008، حيث فقد الناس أملاكهم ومدخراتهم دون أن يتحمل شخص معين المسؤولية عما جرى، ولم تعد الطبقة الوسطى تمثل الأغلبية في الولايات المتحدة، وهذا الوضع كانت المرشحة الديمقراطية “كلينتون” تعد بتغييره.
وتظهر “هيلاري كلينتون” في مهرجان دعائي تخطب في أنصارها قائلة: الطبقة المتوسطة تحتاج إلى زيادة مداخيلها وإلى توفير المزيد من الوظائف الجيدة.
ويقول “وليام غالستون” من معهد بروكينز: إنه من غير المفيد أن تسمح الحكومات الديمقراطية بالتجاهل المتمادي لاحتياجات الطبقة الوسطى، وأولئك الذين يسعون بجد لمستوى هذه الطبقة.
وفي محطة وقود “بتراهوت” يقول جامع تبرعات: نحتاج أحيانا إلى رجل أعمال لكي يفاوض وليس إلى سياسي. وتعلق سيدة من ذات المكان: الجميع يسعى لأجل لقمة العيش في هذه الأيام، والعوز يشتد أكثر فأكثر.
ويذكر ثالث أنه من عائلة تدين بالولاء للحزب الديمقراطي، ولكنه قرر أن يمنح صوته لـ”ترامب”. ويضيف رابع: لا نحتاج لشخص ذي خلفية سياسية، وإنما لشخص يجيد التعامل مع الأرقام.
ولكن “وليام غالستون” يرى أنه من غير المجدي نقل مهارات مدير شركة إلى المكتب البيضاوي بهذه السرعة “فالأمور لا تدار بهذه الطريقة”.