التتويج.. الملكة إليزابيث تروي قصة تتويجها على عرش بريطانيا

في عام 1953 وفي واحد من أبرد أيام شهر يونيو/حزيران التي مرت خلال القرن الماضي، وبعد 16 شهرا من التخطيط، وعلى مرأى ملايين الناس في العالم استعدت “إليزابيث الثانية” للتتويج كملكة لبريطانيا، في واحد من أقدم الاحتفالات في العالم، ليبشر هذه المرة ببزوغ عصر إليزابيثي جديد.

في فيلم التتويج الذي تبثه قناة الجزيرة الوثائقية، تتحدث الملكة لأول مرة عن ذلك اليوم بوصفها صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ بريطانيا، وستكشف عن معرفتها الوثيقة بجواهر التاج، فلم يسبق أن تحدث أي من ملوك بريطانيا عن تتويجه حتى الآن، وسيكشف هذا البرنامج أسرار ذلك الاحتفال القديم.

وافقت الملكة “إليزابيث” على التحدث للكاميرات عن حفل تتويجها قبل 66 عاما، يرافقها في ذلك خبير الحفلات “إلستر بروس”. في هذا الفيلم ستعيد الملكة تعريف نفسها من خلال التاج، التي لم تضعه على رأسها إلا مرة واحدة، وكان ذلك خلال حفل التتويج.

إيقاظ التاج من مرقده ذي الحراسة المشددة

في ذلك اليوم، غادر التاجان المستخدمان في تتويج الملكة مكانهما ذا الحراسة المشددة في برج لندن، ليصلا إلى قصر “باكنغهام” المقر الرئيسي لملوك بريطانيا. هذه القطعة الثمينة المبهرة التي تعرف بتاج القديس إدوارد صنعت عام 1661 من أجل تتويج الملك تشارلز الثاني، ولا يسمح بالتعامل معها إلا من قبل الملكة ورئيس أساقفة كاتدرائية “كانتربيري”، ومسؤول مجوهرات التاج.

في هذا البرنامج، سُمح بجلب التاج من مكانه المحصن إلى غرفة العرش الخاصة بالملكة، وها هي تجلس بالقرب من “إلستر بروس” يتجاذبان أطراف الحديث أمام الكاميرا، وأمامها تاج مرصع بأكثر من 440 حجرا ثمينا، تُحمل كل هذه الأحجار على إطار من الذهب الخالص يزن 2.5 كيلوغراما.

التاج الإمبراطوري مكون من 140 قطعة تحتوي على 23 ألف حجر كريم

تتمحور طقوس التتويج حول ارتداء تاج القديس إدوارد، الذي يجدد بدوره الاعتراف بالعاهل الجديد أمام الرب والشعب.

تقول “آنا كاي” مؤلفة كتاب جواهر التاج: إن طقوس التتويج تؤدى بالطريقة ذاتها، باستثناء ترجمتها من اللاتينية إلى الإنجليزية منذ الفترة الأنغلوساكسونية، ومنذ العصور الوسطى حُدد الاحتفال بخمس مراحل سنتعرف عليها خلال عرض هذا الفيلم.

التاج الملكي.. تاريخ ألف عام من الملكية

يُعد التاج والجواهر التابعة له شيئا أساسيا في كل مرحلة من مراحل عملية التتويج، وتضم مجموعة التتويج 140 قطعة، تحتوي على 23 ألف حجر كريم، وهي جزء مما يعرف بالشعارات الملكية.

يعود مفهوم التتويج لألفي عام على الأقل، لكن كان في البداية عبارة عن شريط بسيط وهالة من الضوء، يرمز إلى أن الملك حاكم للأمة، وهناك العناصر المقدسة التي ترمز لجوانب مختلفة من سلطات الملك، فالكرة تعبير عن السلطة الدينية والمعنوية، أما الصولجان فيمثل القوة، بينما يرمز الإناء والملعقة إلى الجزء الأكثر قداسة من الحفل، حيث يمسح الملك بزيت التتويج، أما خاتم الملك المسمى بخاتم الزواج في إنجلترا فهو تعبير عن الالتزام مدى الحياة.

التاج.. تفاصيل دقيقة

يحمل التاج تاريخ ألف عام من الملكية البريطانية، ويقال إن حجر الياقوت الموجود فيه جلب من أفغانستان، وقد ارتداه هنري الخامس عام 1415 في معركة آجن كورد، وكان يضع في الفراغ المحفور في الحجر ريشة، وتعلق الملكة على ذلك بقولها: إن وضع هذا الحجر على الخوذة أراه أمرا مبالغا فيه، لكنهم هكذا كانوا يفعلون في تلك الأيام.

يضم التاج الملكي لؤلؤتين تعودان إلى الملكة ماري ملكة أسكوتلندا (خالة إليزابيث)

هناك أربع لآلئ معلقة تحت أقواس التاج، يقال إن اثنتين منهما تعودان للملكة ميري ملكة اسكتلندا، وقد اشترتهما غريمتها “إليزابيث الأولى” الملكة الأم بعد إعدامها، وتعلق “إليزابيث الثانية” على ذلك قائلة: إنهما كانتا أقراطا لوالدتي الملكة “إليزابيث الأولى”، تبدو اللآلئ غير سعيدة، فهي كائنات حية تقبع هنا منذ سنوات وتحتاج للدفء.. هذا شيء محزن.

التتويج الأول.. فرحة لم تكتمل

بدأت علاقة الملكة بالشعارات الملكية عام 1937 في حفل تتويج والدها “جورج السادس” لم يكن يسير حسب الخطة، حيث ظن رئيس أساقفة “كانتربيري” الذي أدار الحفل أنه وضع علامة على مقدمة التاج ليميزها عند وضعه على رأس الملك لكنه لم يجدها مما سبب حرجا أثناء ذلك الحفل.

حضرت الملكة تتويج والدها وكان عمرها 11 عاما، وقد طلب منها والدها كتابة ما تتذكره من الحفل، وفي دفتر أنشطة للأطفال خطت الملكة بطريقة رائعة عبارات تقول فيها: أعتقد أن كل شيء كان رائعا، كذلك الكنيسة والأقواس والعوارض في الأعلى تعلوها سحابة من الإعجاب حين تم تتويج والدي.

ارتباك الملك جورج السادس ورئيس الأساقفة لحظة التتويج لعدم معرفة اتجاه وضع التاج فوق رأس الملك

في الحرب العالمية الثانية واجهت بريطانيا تهديد الغزو النازي، فوضع الملك خططا لإخفاء المجوهرات عن يد هتلر، وتكشف المراسلات الخاصة أنها وضعت تحت قلعة وينستر، وقد نزعت أكبر وأثمن المجوهرات من أماكنها ووضعت في علبة بسكويت لتنقل بسهولة.

كانت الملكة تتعجب من القصة حين سردها “إلستر بروس” أمامها، فلم تكن تعلم بها، إذ أنها كانت صغيرة حينها وبقي الأمر سرا، وتخبر الملكة أن اللوحات والصور كذلك اختفت، ولم تكن تدرك وقتها أن المجوهرات كانت مدفونة تحت قدميها.

في كينيا.. “إليزابيث” تصبح ملكة

في شهر فبراير/ شباط عام 1952 ذهبت الملكة في رحلة إلى كينيا نيابة عن والدها الذي كان يعاني من سرطان الرئة، وهنا يعرض الفيلم صورا في منتجع تري توبس، وهي لقطات استثنائية صورتها في وقت كانت حياتها تتغير دون أن تدري ففي تلك اللحظة أصبحت ملكة، إذ أُعلِنت وفاة والدها جورج السادس.

بعد فترة الحداد حُدد يوم التتويج، ليكون الثلاثاء الثاني من يونيو/حزيران لعام 1953، فكان أمامهم 16 شهرا للتحضير لحفل التتويج.

بطاقة تتويج الملكة إليزابيث خلفا لوالدها جورج السادس (يمينا) وإليزابيث وهي طفلة (يسارا)

أشرفت لجنة تتويج على سير الاستعدادات برئاسة دوق أدنبره، بينما كان المسؤول عن تنظيم الحفل دوق نورفولك “برنارد”، وهو نفسه الذي كان مسؤولا عن تتويج أبيها جورج السادس، ومنذ عام 1386 كان المتعاقبون على منصب دوق نورفولك هم المسؤولين عن تنظيم أهم مناسبات الدولة.

في هذه المرة، كان الترتيب مثاليا لعصر إليزابيثي جديد، وقد كان يتضمن تقديم الطعام والإقامة لثلاثين ألف جندي من كافة أنحاء دول الكومنولث، ورصّ قاعدة تمتد 45 كيلومترا على طول مسيرة الموكب، لقد عملت البلاد بكاملها لإنجاح هذا الحدث.

كاتدرائية التتويج.. تاريخ الملوك

اختيرت كاتدرائية ويستمنستر مكانا للحفل، وقد شهدت كل حفلات التتويج منذ تولي الملك “هارولد” عام 1066، ومنذ ذلك الحين فقد شهد هذا المكان التاريخي تتويج 39 ملكا وملكة. تغلق الكاتدرائية ستة أشهر من أجل ترتيبات الحفل، ويمد خط سكة حديدي إلى مركزها لجلب أطنان من الخشب والحديد من أجل حفل التنصيب.

كاتدرائية “ويستمنستر” شهدت كل حفلات تتويج ملوك إنجلترا منذ الملك هارولد عام 1066

تسمى المنصة التي تجرى عليها عملية التنصيب “المسرح”، وتقع في نهاية الممر الرئيس للكاتدرائية، وقد تم تحويل الباقي لمدرجات كي تتسع لآلاف الضيوف، ومن بينهم الكورال الذي كان يضم أربعمئة شخص وهو في الجزء الأعلى، بينما وضعت الأوركسترا على الشرفة.

الاستعدادات تتم على قدم وساق، وسيحضر حفل التتويج نحو 8 آلاف مدعو، لكن لا ضمانات لنجاح الحفل. يقول “جون هول” عميد ويستمنستر: لقد ارتُكبت أخطاء في الماضي فقد كان تتويج الملكة فيكتوريا غريبا.

تدريبات الحفل السرية.. لندن تستعد لتتويج الملكة

في مايو عام 1953 اكتملت أعمال البناء والتجهيز للحفل، كانت لندن تتحول لاستيعاب الحدث، فقد بُنيت قوائم عملاقة للمتفرجين، وأماكن إقامة مؤقتة في ملاجئ الغارات التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية، وبُنيت مدينة كاملة من الخيام.

كانت التدريبات تتواصل بشكل محموم، وكانت الملكة تتدرب في قصر باكنغهام، وتحضر بعض جلسات التدريب سرا، وقد اختيرت “آن غلين كونر” كواحدة من وصيفات الشرف للملكة في ذلك الحفل.

الليدي “آن كونر” واحدة من وصيفات الشرف للملكة في حفل التتويج تحاول إخفاء فستانها المزركش

تقول “آن غلين”: كان لابد أن تتمتع الوصيفة بالقوام الممشوق، ولا بد أن تكون من بنات حاملي الألقاب الماركيز أو الدوق، لقد كان عرضا مبهرا في تلك الأيام وقد انتشرت صورنا في كل الصحف.

وتشير “آن غلين” إلى الصندوق الذي تحتفظ فيه بالفستان الذي ارتدته في حفل التتويج، والذي قام بتصميمه “نورمن هارديل” وهو مصمم فستان الملكة، لقد كان الثوب رقيقا مطرزا بالكامل بشكل ملفت من اللؤلؤ والذهب والزركون. تقول “آن غلين”: لقد نشأنا في فترة الحرب، ولم يكن بمقدورنا امتلاك مثل هذا الفستان الرائع.

كانت التدريبات سرية للغاية، وفي جلسة التدريب الأخيرة جُمع كل المشتركين باستثناء الملكة، لقد كان الدوق “برناند” ملتزما وصارما وكان يعرف كل تفاصيل الحفل، وكانت المخططات لديه أشبه بالنوتات الموسيقية، كان كل شيء يسير بدقة متناهية.

ومع بزوغ الثاني من يونيو/حزيران عام 1953 تم إعداد المكان لأكبر عرض على وجه الأرض حينها، فتسابق أكثر من 8000 شخص لأخذ مواقعهم بالكاتدرائية قبل الساعة الثامنة والنصف صباحا. كان الحضور من الملوك الأوروبيين والشيوخ والسلاطين وأمراء الهند، وشق آلاف الأرستقراطيين الذين يرتدون الفراء طريقهم عبر برك الماء وكان بعضهم يخفي مشروبات وفطائر في تيجانهم لتناولها خلال اليوم.

استقبال في الكاتدرائية.. وأخيرا وصلت نجمة الحفل

في الساعة الحادية عشر كانت الكاتدرائية جاهزة لاستقبال الملكة. يقول “جيمس ويلكنسون” -وهو أحد المشاركين- إنه عندما وصل موكب الملكة الأم “مارغريت” وصل الحماس ذروته، لأن الموكب التالي سيكون للملكة، وظهر صخب بالجهة الغربية، فوقف الجميع، لكن في تلك اللحظة خرج أربعة عمال لتنظيف السجادة قبل مرور الملكة، فضحك الجميع.

تقول الملكة: “كان يوما طويلا، فأنت عندما تكون داخل الحدث فإنك لا تراه”، لقد غادرت الملكة يومها القصر وبقي طفلاها في الداخل، كانت العربة التي تركبها تزن أربعة أطنان، لكنها لم تكن مريحة للتنقل.

الملكة إليزابيث تغادر قصرها في عربة ملكية تجرها الخيول وتزن أربعة أطنان

وصلت العربة إلى الكاتدرائية، وبدا دوق أدنبره متوترا لكنه ظل حازما، ومضى كل شيء على ما يرام، كان الناس في الكاتدرائية مصطفّين لاستقبال الملكة التي تبلغ من العمر 27 عاما، لقد طُرّز ثوب الملكة بالحرير واللؤلؤ وخيوط الذهب والفضة.

يبدأ الحفل بمرحلة الاعتراف، ويعود هذا التقليد إلى عام 973، وفيه تواجه الملكة أولا مُلاك الأراضي لتبرهن على صدقها، وبعد ذلك تأتي مرحلة توقيع القسم، ثم جُردت من كل شعاراتها الملكية، وارتدت ثوبا بسيطا لطقس المسح بالزيت، وهو المرحلة الثالثة.

الزيت رمز القداسة.. تجسيد الإنجيل

مسح الملكة بالزيت مهم للغاية لدرجة أنه يتم تحت مظلة خاصة، تُحوِّل السرية التجربة إلى “علاقة عميقة بين الملكة والرب”، وقد وصفت مسرحية ريتشارد الثاني لشكسبير قوتها بالقول “لا تستطيع كل مياه البحر القوية أن تغسل أثر الزيت عن الملك”، في تلك الأثناء أشاحت الكاميرات بعدساتها عن المشهد.

يوضع الزيت الخاص بقارورة ذهبية طولها 16 سم وشكلها يشبه النسر. يقول “إلستر بروس”: لقد أرادوا تجسيد الانطباع الإنجيلي بأن كلمة الرب نُقلت إلينا من السماء على ظهر واحد من أعظم الكائنات الحية، وبالتالي فالزيت مرسل من الرب.

زيت الملكة مزيج من زيت الزيتون وزيت السمسم وعطر الورد والبرتقال والزهور والياسمين وعبير المسك والعنبر

يُسكب الزيت بملعقة ذهبية وهي أقدم عنصر من الشعارات الملكية، وهي الوحيدة التي نجت في أحلك ظروف النظام الملكي البريطاني ففي عام 1694 حين أعدم الملك “تشارلز الأول” وهو الملك الوحيد الذي تم إعدامه بعدما نشأت الجمهورية عقب الحرب الأهلية برئاسة “أوليفر كرومويل”؛ عندها أذيبت رموز التاج وشعارات الملكية وبيعت من قبل البرلمان، لكن بعد وفاة “كرومويل” استُرجعت المملكة على يد نجل “تشارلز”، الملك “تشارلز الثاني”.

شعارات الملكة.. أدوات تشهد على تتويج عشرات الملوك

تعتبر كل الشعارات الملكية ذات دلالات رمزية مهمة في التتويج، وتعتبر من أهمها الملعقة التي يسكب بها الزيت المقدس، فهي مميزة للغاية لكونها أقدم من كل القطع الأخرى بأربعمائة عام على الأقل، ويُحفظ زيت التتويج بمكان سري في صندوق من قبل عميد ويستمنستر بالكاتدرائية، أما مكوناته فهي زيت الزيتون وزيت السمسم وعطر الورد والبرتقال والزهور والياسمين وعبير المسك والعنبر وهي وصفه تعود للقرن السابع عشر.

أما السيف المرصع بالجواهر، فقد صمم لتتويج “جورج الرابع”، وتم تزيين المقبض بالزمرد والألماس على شكل شجر الجوز الإنجليزي وأوراق السنديان، وهو يمثل دفاع الأسرة الحاكمة عن المملكة.

الملكة تتسلم الصولجان الذي يعبّر عن الحكمة والسلطة

بعد ذلك وقبيل التتويج تسلم الملكة مجسم الكرة والصولجان، وهما أهم عنصرين بعد التاج، ويمثل جسم الكرة الثقيل المرصع بالمجوهرات واجباتها الدنيوية، والصليب الذي يعلوها يمثل السلطة الدينية والمعنوية، وتحمل الملكة الصولجان وهي ترتدي القفاز، ويعبّر الصولجان عن الحكمة والسلطة.

يحتوي الصولجان على أكبر قطعة ماس في العالم وهو واحد من بين تسعة أحجار كريمة مصنوعة بعيار ثلاثة آلاف قيراط، وهناك آخر يستقر في تاج الملكة الإمبراطوري، في عام 1908 أُسندت عملية قطع الألماس لـ”جوزيف آشر” أشهر صائغ ماس في العالم.

تاج القديس إدوارد.. عودة الملكية

حانت اللحظة الأهم في حفل التتويج، وهي المرحلة الرابعة، هناك تاج القديس إدوارد الذي يستخدم في التتويج فقط، حيث يباركه كبير أساقفة “كانتربيري” وهو يقول: لقد توجك الرب بتاج المجد والعدل، ومع تمتعك بإيمان قوي وثمار متعددة من الأعمال الصالحة بإمكانك الحصول على تاج مملكة أبدية بمباركة الرب الذي لديه مملكة خالدة.

كبير الأساقفة “كانتر بيري” يتوّج الملكة بقوله “لقد توّجك الرب بتاج المجد والعدل”

صنع تاج القديس إدوارد عام 1661 وهو يمثل عودة الملكية، إنه ليس مجرد شكل وإنما مؤسسة أعيد تأسيسها، وقد سمي بذلك الاسم ليحل محل تاج إدوارد المعترف، وهو يمثل مئات السنين من التقاليد التي انتهت مع الحرب الأهلية.

وهذا التراث ذو أهمية خاصة لأولئك الذين أعادوا تشارلز الثاني للحكم، وهو عمل فني رفيع من صناع المجوهرات في القرن السابع عشر وقد كان مهما أن يتم على أعلى المعايير ليعبّر عن شعب أراد عودة الحكم الملكي.

تولي العرش وإعلان الولاء.. آخر مراحل التتويج

المرحلة الخامسة الأخيرة هي تولي العرش وإعلان الولاء، إذ تُرفع الملكة إلى منصة مرتفعة من قبل أساقفة باث وويلز ودارم، بعد ذلك تتوجه إلى الضريح خلف المذبح، ضريح إدوارد المعترف، وهو مكان دُفن فيه خمسة ملوك وخمس ملكات.

هنا تم استبدال تاج القديس بالتاج الإمبراطوري المهيب الماسي الذي يحمل بداخله صليبا فيه حجر ياقوت أزرق أُخذ من خاتم إدوارد المعترف قبل وضعه بالضريح، وهناك دائرة يوجد فيها أكبر حجر ياقوت بقيراط 104، والذي يعرف بياقوت ستيوارت.

التاج الإمبراطوري الماسي يعلوه صليب به حجر ياقوت أزرق

تقول الملكة: يبدو الحجر شاحبا ولكنه مفيد يظهر جوانب التاج وقد شرحت كيف يتم تسليم التاج لها عند وضعه، وتضيف أنه ثقيل وقد اخترعه “جورج الرابع” الذي كان معروفا بحب الجواهر والألوان.

كان تتويج “جورج الرابع” الأكثر إسرافا وبذخا في التاريخ الملكي، كان ذلك في أعقاب الثورة والحركة الجمهورية في القرن الثامن عشر في كل من فرنسا وأمريكا، فأقام احتفالا مهيبا تميز بالفخامة الملكية.

في حفل التتويج وبعد التأمل الخاص في داخل الضريح القديس تظهر الملكة وهي تعتمر تاج الدولة الإمبراطوري، ثم تخرج من الكاتدرائية.

العودة إلى القصر.. بداية مسابقة الفروسية

لقد نُفذت الطقوس بشكل لائق، وبينما كانت الملكة تتلقى التحية من أكثر من مليوني شخص، بدأ الموكب بالمسير لمدة ساعتين وخلفها 29 ألف جندي، وبعد خمس ساعات ونصف عادت الملكة إلى القصر الذي تدافعت الحشود على أبوابه.

موكب الملكة بعد التتويج يسير لمدة ساعتين وخلفه 29 ألف جندي

للمرة الأولى بعد 65 عاما تضيف الملكة صوتها الفريد لتلك الأحداث التي أعلنت بداية عهدها وشهدت بداية حقبة جديدة للملكة.

تختم الملكة بقولها: أعتقد أن بداية جديدة للمملكة تشبه مسابقة فروسية لتأدية حياة كلاسيكية، لقد استمتعت كثيرا بالمشاهدة، لقد شهدت حفل تتويج واحد وكنت الملكة في الثاني.


إعلان