“ذكريات الأخ الأكبر”.. أرشيف عائلي يسرد تاريخ الصعود والسقوط السوفياتي

هنالك ملايين من الناس حول العالم يتبنون فكرة “الدولة الفاضلة”، ويؤمنون بإمكانية وجودها على الأرض يوما ما، حيث ينشدون حياة يسودها العدل والمساواة.

وما فتئ البشر منذ وجودهم على ظهر هذه البسيطة يقتتلون ويتنازعون، أفرادا وجماعاتٍ، بعضهم يبتغي الخير المطلق، وآخرون ينزعون إلى الشرِّ المحض، ولن يزالوا يصطرعون حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

نستعرض فيما يلي فيلم “ذكريات الأخ الأكبر” الذي عرضته الجزيرة الوثائقية على شاشتها، ويحكي قصة الاتحاد السوفياتي، بعيونِ صحفيةٍ وصانعة أفلام، ترك لها والداها أرشيفا غنيا من الصور والأفلام، استغنت بها -إلى حدٍّ ما- عن الرواية الرسمية للحكاية، سواء من الإعلام السوفياتي المنحاز، أو من الإعلام الغربي المتمالئ على الفكرة الاشتراكية برُمَّتها.

الأرض الموعودة.. هجرة عن وطن قلّما يبتسم فيه الناس

لم تذكر الصحفية اسمها، واكتفت بالتعريف عن نفسها قائلة: أنا صانعة أفلام، ومصدري الأول هو أفلام والديّ الخاصة، فما الذي تخبرنا به تلك الأفلام ويختلف عن الدعاية الرسمية؟

في 1965 توجه والداي إلى موسكو لإكمال دراستهما، وهما في العشرينيات من العمر، كانا يعيشان في ألمانيا الشرقية، حيث الاتحاد السوفياتي يمثل الأخ الأكبر لبلدهما، وكانت والدتي تريد أن تكون معلمة “باليه”، بينما والدي يريد أن يتعلّم ترميم اللوحات الفنية، وغالبا ما كانا يتذكران المدينة الكبيرة موسكو وكآبة سكانها.

والدا الصحفية ينتقلان إلى روسيا للدراسة

ففي أرض “لينين” الموعودة نادرا ما يبتسم الناس، وفي يوم بارد انضم والداي إلى طابور طويل من الناس ينتظرون زيارة ضريح “لينين”، ذلك النصب الغرانيتي في الساحة الحمراء الذي أصبح رمزا عالميا يصوِّر عظمة الاتحاد السوفياتي وزعمائه.

لقد أرادت آلة الدعاية السوفياتية، من خلال الضريح وطوابير الزائرين المنتظرين، تكريسَ فكرة المعجزة السوفياتية المتمثلة بالشيوعية، فقد بدأ تأسيس الضريح بعد يومٍ واحد من وفاة “فلاديمير لينين” في 1924، وتقرر حفظ الجثمان تأكيدا لرمزية “لينين”، وإمعانا في عبادة الفرد والفكرة، وبعد ذلك بأيام تغير اسم مدينة سانت بطرسبرغ إلى لينينغراد، فهي مهد الثورة الاشتراكية العظمى.

ألوف الناس يصطفون لزيارة ضريح لينين

كنت في عامي الثامن عندما ركبت الطائرة لأول مرة باتجاه لينينغراد، لم أكن حينها أعرف الكثير عن الإتحاد السوفياتي، ويومها التقيت “مارات”، صديق والديّ الذي شَبَّهته بنجوم السينما، وأخذَنا يومها لزيارة القصر الصيفي للقيصر الروسي، تلك الحقبة البائدة التي انتهت في أكتوبر/ تشرين أول 1917، عندما عصفت ثورة الجياع بالقيصر.

“لينين”.. رمز البطولة الذي أسقط النظام القيصري

كان “لينين” -وهو ابن أحد النبلاء- يُعد الرجلَ المناسب في الوقت المناسب، وكان يصور نفسَه رجلَ أفعال لا مُنظِّرا، فدعا إلى ثورةٍ شاملة، وكانت الثورة خلال 10 أيام كفيلة بتغيير العالم، لكن المحفوظ في الذاكرة الجمعية عن الثورة هي تلك المشاهد البطولية “الملفَّقة” التي صوّرتها لنا الأعمال الفنية، مثل فيلم المخرج “سيرغي إيزنشتاين”، عن ثوّارٍ اقتحموا قصر القيصر واستشهدوا وانتصروا.

لكنّ الأحداث الحقيقية للثورة لم تكن تصلح لأن تبقى في الذاكرة، وهكذا صُوّر “لينين” رمزا للبطولة، لأنه أطاح بالنظام القيصري، وأنه البلشفي الصالح الذي أقام الدولة الفاضلة، لكن الحقيقة أنه أرسى دعائم دكتاتورية مرعبة.

الكهرباء تصل إلى القرى النائية في أقاصي حدود الإمبراطورية

ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 1920 استطاع العالم أن يشاهد التغيير في روسيا بوتيرة مذهلة، وهيمنت روح الاشتراكية على أخبار الاتحاد السوفياتي في العالم على مدى عقود، فالمياه تتدفق عبر السدود إلى الصحارى والسهول، والكهرباء تصل إلى القرى النائية في أقاصي حدود الإمبراطورية، فقد كانت عقيدة “لينين” مبنية على المعادلة: (الشيوعية = القوة السوفياتية + الكهرباء). ومن هنا ولدت فكرة “الهوموسوفيات”، أو الإنسان السوفياتي الذي ينتمي إلى بلد مكون من 15 أمة كبيرة.

“ستالين”.. رجل الأرقام الضخمة والدعاية الزائفة

جاء “جوزيف ستالين” خليفة “لينين”، ليقدِّم نفسه مُخلِّصا، وابتدع أسطورة الشعب السوفياتي الموحد، فقد كان شغوفا بكل ما هو أعظم وأكبر وأسرع، فتبني فكرة شق قناة “بيالوموركانال” العملاقة، بطول 227 كيلومترا، لتربط لينينغراد بالبحر المتوسط.

“لينين” ابتدع أسطورة الشعب السوفياتي الموحد

وتعيَّن إزالة 21 مليون متر مكعب من الأتربة، وتدمير كل ما يقف في طريق القناة، وبسواعد عدد هائل من القوى العاملة من عمّال السخرة والسجناء، بلغ عددهم أكثر من 250 ألف عامل، كانوا يسمّون “حثالة المجتمع”، وهم من مناهضي الثورة من فنانين ومثقفين ونساء الطبقة المخملية، وحتى اللصوص وبائعات الهوى، فقد أعيد تشكيلهم جميعا، ليظهروا على صورة العامل السوفياتي المثالي.

وبين 1928-1932 مات 12.800 شخص بسبب العمل الشاق في القناة التي لم تحقق الأمل في النهاية بسبب قلة عمقها، لكن “ستالين دشّن على أنقاضها مشروع “الغولاغ”، وهو عبارة عن معسكرات اعتقال وحشية لإصلاح أو تدجين المعارضين.

ستالين يسخر أكثر من 250 ألف عامل للعمل الشاق

رفع “ستالين” -وهو سارق البنوك في جورجيا سابقا، والرجل الفولاذي اليوم- شعارَ “الأعمال العظيمة بحاجة لتضحيات عظيمة”، حيث تنصهر القيمة الفردية المهملة في الفكر الجمعي لصنع المعجزات، وكان من هذه الأعمال مدينةُ الصُّلب، “ماغنيتوغوسك” على بُعد 1200 كيلومتر من موسكو، وكانت آلة الدعاية السوفياتية تتباهى بها، على أنها أعظم نتاج للاشتراكية، ولكنها أخفت عن الجمهور حقيقة أن هذه التكنولوجيا أمريكية.

معسكرات الغولاغ.. مجد على ركامٍ من الجثث

اجتمعت الأسطورة والفن الرديء والأكاذيب لإنتاج البطولة السوفياتية الخارقة، لكن مشاهد الرعب والموت كانت غائبة تماما، وأحيط نظام “الغولاغ” بالصمت في أنحاء السوفيات، لكن خيوط الفضيحة تسربت، ليعرف العالم بأسره أن هنالك أكثر من 18 مليون شخص احتجزهم نظام “ستالين” في معسكرات الاعتقال تلك.

أكثر من 18 مليون شخص احتجزهم نظام “ستالين” في معسكرات “الغولاغ”

كان من بين هؤلاء الكاتب “ألكساندر سولجنيتسن”، الذي اشتهر عنه انتقاد “ستالين” في رسائله، وقد عرضت مسرحيته الشهيرة “جمهورية العمل” في ألمانيا الغربية عام 1975، وكشفت لأول مرة عن حجم الرعب الذي سيطر على معسكرات الغولاغ. وقد كلفه هذا نفيه عن منزله في موسكو إلى ألمانيا.

في أواسط الثلاثينيات أراد “ستالين” أن يستعرض بعضا من مظاهر الرفاهية والترف الذي يعيشه الاشتراكيون الجدد في موسكو، فألغى بطاقات التموين، وبنى المساكن ودشَّن القطارات في المدن الكبيرة، ولكنه أحاط جمهوريته الفاضلة بستار حديدي من الخوف والغموض، فكان يُعدِم أقرب معاونيه إذا رأى في تعابير وجوههم ما يثير شكوكه.

مسرحية “جمهورية العمل” في ألمانيا الغربية تنتقد سجون “الغولاغ”  التي أقامها ستالين

بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية عام 1945 قدّم “ستالين” نفسه منقذا للبشرية، وأتاحت له معاهدات ما بعد الحرب الاستيلاء على أكثر من نصف أوروبا، وأصبحت أعياد النصر السنوية مناسَبة لتجسيد انتصار الخير على الشر، وبَثِّ الروح الوطنية بين الجماهير.

مات “ستالين” في 5 مارس/آذار 1953، وتركت أكاذيبُه وحروبُه الدعائية المواطنين وهم لا يستطيعون التمييز بين الحقيقة والكذب، ولكن الحقيقة تكشفت شيئا فشيئا بعد موته.

حقبة الانفتاح.. تصدير البطولات السوفياتية إلى العالم

في أواسط الستينيات، أدرك والداي أن البلاد بدأت تفك شرنقة عزلتها عن العالم، وقدّمت موسكو نفسها مدينة عالمية، ويكاد يكون فنّ رقص الباليه الكلاسيكي العريق هو الوحيد الذي خرج من الثورة الشيوعية سالما، واحتفت أوروبا والعالم بالباليه الروسي، لكونه أفضل هدية قدمتها الاشتراكية للعالم.

ولكونه مرمِّمَ لوحات أثرية، فقد أتيح لوالدي التنقل بين الأديرة والكنائس الروسية القديمة، واحتفظ بأيقونات تذكارية منها، وحينها عرف والدي أن التقدم الذي فرضه السوفيات قسرا لم يكد يتخطى حدود المدن الروسية الكبيرة، فهنا في الريف توقف الزمن، وكأن الثورة لم تحدث قط.

في عصر ستالين، تحولت القصور البلشفية إلى منتجعات للشعب

ولذا فقد أولت القيادة السوفياتية اعتناء كبيرا لموضوع نشر الثقافة الاشتراكية في كل مدينة وبلدة من أقصى البلاد إلى أقصاها، وبات اكتشاف المواهب القادرة على توصيل الفكرة الشيوعية هو الشغل الشاغل لقادة الكرملين، فعلى بُعد 2000 كيلومتر إلى الشرق من موسكو تأسس في تبليسي -عاصمة جورجيا- مصنع المواهب للموسيقى الكلاسيكية في أواسط السبعينيات.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، نقلت القطارات المتطورة العمّالَ السوفيات إلى وجهة الأحلام وريفيرا الشرق “سوتشي”، على شواطئ البحر الأسود، فأُمّمت القصور الفخمة التابعة لنبلاء الحقبة القيصرية في روسيا، وحُوّلت إلى مزارات ومنتجعات يقصدها الشعب السوفياتي للاستجمام، وصارت علامة على انتصار وقوة الاشتراكية واهتمامها بالشعب.

الاتحاد السوفياتي يتفوق على أمريكا في سباق الفضاء بدوران يوري غاغارين حول الأرض

اهتم السوفيات بصناعة الأبطال من كل لون واهتمام، وكانت التضحية والجهد العظيم شعار كل بطولة، فسطع نجم أبطالٍ سوفيات في كل المجالات، لكن “يوري غاغارين” كان بطل الأبطال، فقد دار رائد الفضاء هذا حول الأرض مدة 108 دقائق، في أبريل/ نيسان 1961، فكان أول رجل يصعد إلى الفضاء، وتفوقت إمبراطورية السوفيات لأول مرة على الغرب، ونظرت إليها البشرية كلها بإعجاب.

ومع عودة “غاغارين” إلى الأرض أصبح الاتحاد السوفياتي مُلهِم البطولة الأول وممثلَ العالم الأفضل، مشرقا وتقدميا لم يسبقه وطنٌ آخر قط، حيث سجَّل “نيكيتا خروتشوف” فوزا جديدا على الولايات المتحدة الأمريكية، ووصل تمجيد “غاغارين” وبلده حد التقديس، بعد أن نال 6924 جائزة وميدالية ووساما فخريا، وأصبح غزو الفضاء الركيزة الدعائية الثالثة، بعد الثورة البلشفية، وانتصار الحرب العالمية الثانية.

جيل الخمسينيات.. البطولات لا تشبع الأمعاء الخالية

شكّلت برلين المقسَّمة مشكلة متفاقمة تهدد عصر ازدهار الحقبة السوفياتية، فبعد الحرب اقتسم الحلفاء المنتصرون المدينةَ، فأخذ الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون الأجزاء الغربية منها، واحتفظ الاتحاد السوفياتي بالقسم الشرقي، لكنّ المدينة أصبحت بمثابة عينٍ سرّية يتجسس الغرب من خلالها على السوفيات.

وفي 1961، طالَب “خروتشوف” -بالتعاون مع ألمانيا الديموقراطية “الشرقية”- الغربَ بالانسحاب من برلين، لكن القوى الغربية لم تذعن للمطالبات، فبدأ السوفيات ببناء “جدار برلين”، والغريب أن الشرقيين كانوا متحمسين آنذاك لهذا الفصل، ولكن مع مرور السنوات اكتشفوا أن الوجه المَقيت للاشتراكية لم يكن أفضل حالا من الرأسمالية.

السوفيات يبنون “جدار برلين” في 1961

كانت الشقق المصنَّعة مسبقا هي النظام المعماري الذي واجهت به الاشتراكية أزمة المساكن في المدن الكبرى، وكان هذا النظام الموحد من البناء مناقضا للمدن الطبيعية التي عرفها البشر على مرّ العصور. وفي مثل هذه المدن الوظيفية المصطنعة عاش الملايين من الشعب السوفياتي.

ومع انتهاء الحروب وأساطير البطولة والانتصارات، نشأ جيل من السوفيات يهتمون بملء ثلاجاتهم بالطعام أكثر من التغني بالاشتراكية وبطولاتها. وقد أدرك ذلك “خروتشوف”، فلم يقف في وجه شعبه، بل أرخى لهم الحبل -على عكس سلفه- في بعض صور الحريات السياسية، مما حل بعض الجمود السياسي المعقد في الخمسينيات.

“خروتشوف” يتباهى بتفوق الاتحاد السوفياتي على أمريكا

كان “خورتشوف” يحب أن يقارن بين الحلم الأمريكي الذي صنعته الولايات المتحدة في 300 عام، وبين الحلم الاشتراكي الذي سيسبق أمريكا في غضون 50 عاما من تأسيس الاتحاد السوفياتي. هذا التفاؤل المفرط بقوة الاشتراكية السوفياتية دفع العالم إلى لحظات حرجة للغاية في بعض الأحيان، وكانت استعراضات الصواريخ والصناعات العسكرية السوفياتية تبعث برسائل مختلفة إلى العالم.

انفجار تشيرنوبيل.. نهاية الحلم الاشتراكي والإمبراطورية السوفياتية

في 26 أبريل/نيسان 1986 تعثرت خطى المارد السوفياتي العظيم، فبعد سنواتٍ من أسطورة الأكبر والأعلى والأسرع، وفي تمام الدقيقة 23 بعد الساعة الواحدة صباحا انصهر قلب المفاعل النووي الرابع في محطة تشيرنوبل النووية، على بُعد 120 كيلومترا من العاصمة الأوكرانية كييف، وانفجرت أنابيب الضغط واشتعلت النيران في كتل الغرافيت المحيطة، لقد وقع الحدث الأسوأ على الإطلاق.

في 1986، حدثت كارثة محطة تشيرنوبل النووية

وبعد بضعة أيام أيقن العالم أن البلدات المحيطة بالحادث قد تعرضت لأسوأ كارثةٍ نووية، لقد توسعت الكتلة الشرقية في استخدام الطاقة النووية بدرجةٍ لم تتخذ خلالها أي احتياطات لدفع الأخطار النووية، أو التخلص من النفايات النووية السامة بطرق صحية. وبهذا آلت السردية الخالدة عن التقدم الاشتراكي الذي لا يضاهى إلى نهايةٍ مأساوية.

في 7 أكتوبر/تشرين أول 1989 أُحييت الذكرى الأربعين لتأسيس دولة ألمانيا الديموقراطية “الشرقية”، واستُقبِل “غورباتشوف” استقبال الفاتحين في شوارع برلين الشرقية، وبانتهاجه سياسة الانفتاح والتحول، زرع “غورباتشوف” بذور الشك في إمكانية استمرار الاشتراكية، بوصفها مشروع حياةٍ لإنسانٍ أفضل وعالم أعدل.

وبعد هذه الزيارة بأربعة أسابيع فقط سقط جدار برلين، إيذانا بسقوط الكتلة الشرقية بأسرها، ونهاية فكرة الشيوعية العظيمة، لقد جلب “غورباتشوف” الحرية لأوروبا، أما في بلده فسيذكره التاريخ بوصفه الرجل الذي دمر الاتحاد السوفياتي وخان الحلم الاشتراكي.

وثَّقت سجلات تلك الفترة أصوات النشوة تماما مثلما سجلت أصوات التفكير العميق، ربما كان الناس يتطلعون للانعتاق من قيود الاشتراكية وقسوتها، ولكنهم واجهوا تيها وتخبطا في كيفية رسم مستقبلهم الجديد، لدرجة أنهم عادوا يحنون إلى الاشتراكية من جديد.

مواطنون روس يتظاهرون ضد غورباتشوف

وفي يوم مشمس من أغسطس/ آب 1991، استيقظ العالم على وقع ذلك الانقلاب العسكري الفاشل لمجموعة من القيادات السوفياتية المحافِظة، في محاولةٍ لاسترداد هيبة الإمبراطورية التي آلت شمسها للمغيب، كان ذلك البلد الضخم على حافة التشظّي بعد أن أيقظت الضائقة الاقتصادية التوق إلى الهوية الوطنية.

كان “غورباتشوف” قبل عامٍ من الانقلاب، وتحديدا في مايو/ أيار 1990 قد استُقبل بصيحات الاستهجان في احتفالات عيد العمّال، وفي 25 من ديسمبر/ كانون أول من العام التالي 1991 أعلن استقالته، وفي اليوم التالي حُلّ الاتحاد السوفياتي، ولم يبقَ من هذا الحلم العظيم سوى أطلال عالَم اندثر.


إعلان