الهامش في الفيلم الوثائقي العربي
![]() |
باسم قهار
مسرحي عراقي
لسنوات طويلة انشغلت الإبداعات العربية بكل وجوهها بالتركيز والتعبير والبحث بما سمي القضايا الكبرى ذات الاتصال المباشر بالمصير, مصير الشعوب والأنظمة والهوية والجغرافية, وبما يتصل بالحروب والثورات والاستعمار والتحرر والاحتلال والاستقلال, وصولاً إلى الشحذ الدائم للتاريخ والسكن في منعطفاته كرؤية ظلت تحكم الإبداع العربي المستنجد بحضارات غابرة وتراث غطاه الغبار إزاء تراجع وتردٍّ ونكوص غطى الحياة العربية بشكل كامل وغير منقوص.
وما بدا أنه انشغل أو اقترب من هامش الحياة, ببشرها وتفاصيلها, وما رشح من التردّيات الكبرى على حال الحرية والخبز والمواطنة لم يكن إلا بسيطاً وهامشياً بل ومتهماً بالانحراف أو خارجاً عن سياق المركزية في الهم والهدف والشعار.. أخذ هذا الحيز الأكبر من اشتغال الرواية والشعر والمسرح والموسيقى وحتى فنون البصر, لكنه بدا انشغالاً واعياً بعض الشيء للهامش من جانب السينما التي ركنت لكتابات روائية وقصصية عنيت به ولامسته وحاولت الغوص فيه كانعكاس للقضايا الكبرى وما جنته بحق الفرد المغيب والمسكوت عن ألمه, هكذا امتحنت السينما المصرية نفسها في نصوص نجيب محفوظ ويوسف إدريس وإخراجات يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وتوفيق صالح وصولاً للواقعية الجديدة من علي عبد الخالق وعاطف الطيب ومحمد خان وآخرين.
جرى استلال الهامش في السينما من قسوة التنكيل الذي مارسته القضايا الكبرى وطغيان الأولويات السياسية والدين ومحرمات المس أو النيل من قدسية الأنظمة وأيديولوجياتها. على أن هذا الانشغال بالهامش لم ترجح كفته ولم تهيئ لولوج قصدي وواع للتعامل معه وكشفه والتفكير به وإيقاف تأجيله وإبعاده, وما جرى بدا أنه نأي عنه (الهامش) في الإبداعات العربية فكان الفيلم الوثائقي العربي هو الآخر ليس على كثير اكتراث بملاحقته ووضعه أمام العدسة, فمع السيطرة شبه الكلية للأنظمة المؤدلجة وقوانينها الإعلامية المبرمجة على الكاميرا وما تكشف, كانت الأولويات (حسب الأنظمة) تسعى لتكريس هيمنتها وابتعادها عن الهامش بكل صوره, فالكاميرات الوثائقية والتسجيلية الرسمية التي بدأ معها الفيلم الوثائقي العربي انشغلت بالاحتفالات العسكرية وكرنفالات التنصيب وهتاف الجماهير وافتتاح المعامل وتعبيد الطريق وقدوم الجرارات وحاصدات القمح في سعي مستمر لتأكيد مفهوم الدولة المنجزة. نشأ عن هذا فقر فادح في كشف حياة الفرد وهواجسه, مخاوفه وآماله وحاجاته ولم تؤسس (منظومات) الإعلام البصري العربي الرسمي لأي مساحة جادة للتعبير عن الهامش لاغية حركة الفرد إلى حركة الجموع, جيوش وفلاحين وعمال وطلبة وأحزاب, وصراخ حشود تردد الشعارات وتسمع صداها.
لكن انفراط العقد بدا حتمياً مع ضغط القضايا الكبرى وسحقها للفرد, ومع تطور الاتصالات والتكنولوجيات البصرية وغزو الصورة للعالم واليسر الذي أتاحته في التخاطب والتعبير والتواصل, أتاح هذا للكثير من الفنانين والهواة العرب تورطاً بدا مسؤولاً في أحيان كثيرة للتعبير عن الهامش/ الفرد ومعاناته, عيشه, جروحه, وانخراطاً بالبحث عنه/ رغم أن الهامش وموضوعاته في الحياة العربية المعاشة يشكل أغلبية, إذ إن الفرد كان وما زال هامشاً أمام مرتبة القضية والشعار ومتطلبات الأمن القومي وصيغ الجمع في قاموس التعبير الرسمي كمصطلحات الجماهير والشعوب, فالفرد الذي وجد نفسه متورطاً بالحياة وتعسفها لم يجد اكتراثاً ملموساً بقضاياه, ولم يجد إلا ما يديم تهميشه, لذلك ركن مسالماً لتحقيق اليسر كقناعة في إقامة علاقة مسالمة مع الحياة..
وبلا تاريخ يدعم حركة التوجه للهامش في الفيلم الوثائقي العربي كانت هناك تجارب خجولة تسعى للتعبير عن القاع وتصطدم بموضوعاته دون دعم أو حتى تلقٍّ جماهيري معني, ذلك أن الفيلم الوثائقي لم يشكل ركناً أو ذاكرة لدى المتلقي العربي حتى سنوات قليلة مضت, وحتى الأفلام التي سعت للتعبير عن هموم كبرى كالمخيمات الفلسطينية وضحايا الحرب اللبنانية والضرائب الجسيمة التي دفعها الجزائريون ومعاناة المصريين وحروب العراق ربطت وظلت تدور في دائرة القضايا الكبرى حصراً /حروب واحتلالات وضحايا وثورات ولاجئين/
لكن السنوات العشر الأخيرة بدت الأكثر تركيزاً على الهامش والأكثر اقتراباً منه أو احتفاء به, في 2003 يحقق طارق هاشم فيلماً متوازناً وثري التفاصيل صور في العراق بعد أشهر من الاحتلال الأميركي أسماه 16 ساعة في بغداد, لا تستعين الكاميرا بغير التفاصيل العابرة, الخراب وغبار الحرب العالق بثياب المارين والحيرة في العيون المتسائلة والتائهة والأهم عندما ترصد الكاميرا بقالاً في ليل بغداد الدامس حيث يرفع هذا البقال البسيط فانوساً بالقرب من وجهه فيطلب منه المصور أن يقربه أكثر فيعيد البقال جمله وهو يحكي عن الخضار وأسعارها ثم يقرب الفانوس أكثر من وجهه في كل مرة يطلب منه المصور ذلك, المشهد الذي لا يمتد لسوى ثلاث دقائق يضع البقال والمصور في لحظة من الحيرة والتشتت بغياب الضوء (الكهرباء) فحل الفانوس بطلاً وهو يرتفع ويدور حول وجه البقال, تلاحقه الكاميرا لترصد الجانب شبه المضيء من الوجه, يرتفع الفانوس فيضيع الكلام ويتشتت الذهن لتعاد الكرة مرات.. بلاغة قادتها الصدفة وركّزها المخرج في عمل ارتجالي ذكي وجميل وفي كاميرا اصطدمت ليلاً برجل مركون يبيع الخضار في ليل بغداد الدامس, رجل وحيد ومبذول في شارع مظلم وميت وخضاره التي غطاها البارود. في حين لم يكن للكاميرا في هذه الحرب الكارثية من اكتراث إلا بالطائرات وصور الدمار وتصريحات القادة ومظاهرات الحشود, كان فيلم طارق هاشم الوثائقي هذا نبضاً سرياً فليس البشر وحدهم منْ على الهامش بل الأمكنة أيضاً فساحة التحرير (وهي الميدان الأشهر والأهم وسط بغداد) تكشفها الكاميرا في دوران بانورامي كمساحة صحراوية موحشة من الإسفلت مسورة بكونكريت البنايات الخرساء, الريح تحرك علب الصفيح الفارغة وصفحات الجرائد وأكياس النايلون وبعض صور المشاهير, هذا المكان الذي يلم أكثر من عشرين ألف شخص من الصباح للمساء يومياً ويعج بالأصوات والروائح والألوان غدا بلا أحد, فقيراً وموحشاً وصادماً.. تحول إلى هامش حين قررت الحرب أن يلوذ الناس ببيوتهم أو بقبورهم لا فرق.
يذكر هذا بمشهد رائع في فيلم (جمال أميركي) حيث يصور الفتى كيساً من النايلون يلف في الهواء في أحد أركان شارع، يظل الكيس طائراً في حركة دورانية لا تتوقف, إنها روح المراهق الذي يصور, إنه طائر يلف بلا استقرار, روح هائمة مكسورة تنشد السكينة إزاء سطوة أب مرعب صنعته حرب فيتنام وعنفها, وعالم استهلاكي يستعمر الروح ويفكك الذوات, إنها كلية كبرى في العالم الرأسمالي والتي تنتج هوامش بشرية لا تنتهي.
قد لا يختلف الهاجس هنا لدى المصرية هويدا طه التي تتورط بشجاعة بكشف التعذيب في السجون المصرية, فالضحايا (الهوامش) الذين تعرضوا لأساليب مختلفة من التعذيب والنيل من كرامتهم, جناة كانوا أم أبرياء يستجدون الاعتراف بكونهم بشراً, وإنهم لا يستحقون استعمالهم واستغلال أجسادهم واستعمار مواطنتهم وفرديتهم لتحقيق العدالة! عدالة اجتماعية اختارتها المنظومة السياسية للدولة بطريقتها, رابطة ما هو أمني سياسي بما هو جنائي قضائي, فرؤية هذه الأنظمة عن انتشار الجريمة هو ضعف الجهاز البوليسي, وبالتالي هو ضعف بالنظام السياسي حسب رأي هذه الحكومات.. قوة المادة التي تلجها وتدخلها هويدا طه طغت على فقر الصورة والضعف البصري والتأثيث المرئي للكادر وحركة الكاميرا كأنها ارتأت أن تعري فيلمها وشخوصها من أردية التأنيق البصري ليظهروا هم والكاميرا ضعفاء وفقراء ومغلوبين لا هدف لهم سوى أن يثبتوا أنهم ضحايا وهوامش ولا يريدون سوى اعتراف الآخر بأنهم بشر..
هذا الفيلم الذي أنتجته قناة الجزيرة وعرضته على شاشتها في جزئين يماثل الهجوم المقابل الذي تشنه أيديولوجيا حقوق البشر ضد أيديولوجيا الأنظمة ووسائلها المرتكبة جناية البقاء بكل المتاح وللنهاية, قد يبدو هذا الفيلم فضيحة في بلد أوروبي لكنه هنا يأتي ويمر وينسى, لأن ما نعيشه ليس أقل من فضيحة مستمرة اعتدنا عليها.
وليست الأنظمة والأيديولوجيات والقضايا الكبرى من ينتج الهوامش فقط, الحياة نفسها في حركتها الداخلية وفي سرية قوانينها تنتج هوامشها أيضاً ترشح وجود الهامش وتبتكر ديمومته وترسخ مكوثه في الحواف والنسيان مقترحة العيش كعبء.
(علي طه ولينا تقلا) السوريان, يكتبان ويخرجان فيلما عن أعمى وزوجته أسمياه يا ليل يا عين, يذهب الفيلم بعمق تاريخي وفلسفي عن فكرة العمى مستشهداً بالأعمى بورخس الشاعر والقاص الأرجنتيني اللامع, لكنه وبأناقة بصرية وبكاميرا أسميها حنونة ينعطف نحو شاعر أعمى وزوجته التي تعمل (ويا للمفارقة) خاطبة تزوج الآخرين دون أن تبصرهم ومعهم ابنتهم ذات العشر سنوات التي تحكي عن الألوان والضوء مجيبة على أسئلة أبويها في انسجام جميل وآسر بين العتمة الأبدية للأب والأم والبصر الفتى للصبية, يجلس الأب وزوجته في غرفة في بيتهما, يخترق الضوء الصباحي شباك الغرفة, ينكسر ويميل ويختفي, الزوجان في عتمتهما يتحدثان بهدوء وسكينة, حركة الكون في شمسه وضوئه وظلاله. دوران وتناظر, شروق ومغيب يبذله هذان الزوجان في عدم اكتراث، في كل مرة يعلن الضوء عن نفسه يجد تجاهلاً من ظلمة قاد الساكنين فيها تحدٍّ باسل ضده كأن الضوء عندما ينسحب من الشباك ينهزم خائباً ليبدأ حضوره القسري في الصباح ولينسحب مرة أخرى والظلمة في عيون هؤلاء لا تعترف به.. تستمر الأحاديث الهادئة وأطراف الحكايات والشمس تدور والأرض تدور لكنه الثبات الذي يكتنف روحين همشا الحياة وضوءها وألوانها, أهذا عزاء؟ أم عراك مع البقاء, عراك هادئ وسري على نقيض مع عمى بطل فيلم عطر امرأة فالجنرال الأعمى (آل بتشينو) يرتدي بدلته العسكرية ثم يحمل مسدسه محاولاً الانتحار في حركة أخرى ضد الحياة التي تقوده نحو التهميش, تلك الميزة في الفيلم الأميركي الروائي تستنهض عمى رجل يناضل راقصاً التانغو وقائداً لسيارة سريعة في شوارع نيويورك الخلفية لكنه في اللحظة التي يطوقه الشعور بالهامشية يحمل مسدسه محاولاً قتل فكرة أن يكون على الهامش..
لكن رؤية محمود عبد السيد في الفيلم المصري (الكيت كات) تبدو أكثر اشتباكاً مع الواقع وهي تحيل العمى إلى ميزة وربما موهبة وتفرد في صراع قد لا ينتهي بين البصر والبصيرة في مجتمع منهك وأرواح متهتكة قادها التاريخ إلى اللارؤية.
على أن الهامش البشري لا يترسخ كفرد بل قد يتحول إلى حشود, هوامش بشرية تتناسل وتتكاثر, فما بدا أنه تجمعات الجماهير الوطنية الهاتفة للأنظمة والصارخة بـ( يعيش ويسقط) هي نفسها بانفراطها إلى حاراتها وبيوتها وأماكن عملها قد أدت وظيفتها وعادت منسية بانتظار استدعائها لحشد آخر يستخدمها جمعاً ويفرقها أفراداً هوامش.
في فيلمي الذي كتبته وصورته في القاهرة (بريد المقهورين) كان الهامش الجمعي حاضراً بقوة الظاهرة التي دعتني لصنع هذا الفيلم, آلاف الرسائل من بشر يتوزعون على جغرافية مصر يكتبون أوجاعهم وعذاباتهم وأحلامهم وضعف حالهم والحيف الواقع عليهم, يكتبون للإمام الشافعي رسائل بالبريد وأخرى باليد توضع في ضريح الإمام, الضريح الذي أسميته صندوق البريد الأكبر في العالم, لماذا كان على هؤلاء الناس أن يخاطبوا رجلاً مات منذ أكثر من ألف سنة لماذا يستنجدون برجل سكن التاريخ ليطلبوا منه وظيفة أو زواجاً أو شفاء من مرض أو إنصافاً من ظالم.. هؤلاء البشر الذين قلت حيلتهم صنعتهم الحياة كالفائضين عن الحاجة, بعضهم ضرب فيستنجد بالإمام وبعضهم سرق وآخرون طردوا من بيوتهم, رسائل تدمي القلب عن ضعف الذات إزاء الحياة وقسوتها, وهي تشي بالهزيمة والخسارات أمام عالم لم ينصفهم ودولة عاجزة عن تلبية متطلبات مواطنيها في العيش سكناً وخبزاً وكرامة..
كانت الكاميرا تصور البشر وهم يبكون ويرجون إمامهم طالبين عونه بعد أن ضاع الاعتراف بهم وبآمالهم, كان بعضهم يعيش في المقابر يتزوج هناك ويتناسل هناك ويحلم هناك, وهناك يصنع هامشه مقترناً بالموت والعدم بعد أن فشل في أن يجد له حيزاً بسيطاً بين الأحياء, هؤلاء الذين ملأوا الضريح بالرسائل واستنجدوا بالإمام لم يوفروا جهداً للحصول على حقوقهم من دولتهم ومؤسساتها التي وبالنهاية إمعاناً بعدم الاعتراف بهم وبآلامهم تذهب لإحراق رسائلهم في حفلة من نار كل شهرين فتذهب الحقوق والطلبات والاستنجادات إلى اللاشيء إمعاناً في تأكيد أنهم هامش مسكوت عنه وعن ألمه وكرامته. قبله استوقفتني ظاهرة الرجل العراقي الذي يجلس منذ ثلاثين عاماً على نفس الطاولة في أشهر مقهى في دمشق (مقهى الروضة) رجل في أواخر الأربعينيات دخل مقهى في غير وطنه فاستوطنه جالساً مع نفسه وتاريخه وذاكرته على طاولة أصبحت تشبه مكتباً في سفارة.
أبو حالوب الذي يجلس أكثر من اثنتي عشرة ساعة يومياً ويحفظ أسماء وعناوين وأرقام هواتف الآلاف من العراقيين الذين يعيشون في سورية والذين يمرون بها إلى منافيهم أو يجعلونها طريقاً إلى وطنهم من جغرافيات الأرض التي توزعتهم تحول إلى أيقونة عراقية تقارب الحضور المجازي وتفارق المعنى الواقعي لهذا الرجل الذي تثقله ذاكرته ويضع وطنه على طاولته هامشاً معترفاً به من مئات الآلاف, سفير في مقهى وهو عنوان الفيلم صور في المقهى حصراً, دارت الكاميرا هناك واتخذت من (أبو حالوب) مركزاً, الهامش يتركز بقوة ليختصر الوطن والحروب وصراع القوى والأحزاب والمنفى (السفير أبو حالوب) ذو الروح المتوعكة والقلب الذي ركن لثلاثين سنة من الانتظار اختار العيش على طاولة تنكيلاً بفكرة الوطن والحزب الذي انتمى له يوماً. كانت الكاميرا تتلصص من زوايا المقهى على رجل أنهكه الانتظار وصراع الساسة فأنكر العيش خارج طاولة في مقهى كأنه إعلان عن قتل فكرة الوطن وللانتصار للذات لخيارها أن تكون هامشاً مع سبق الإصرار.. قدر ما استطعت أن أجعل من الكاميرا عيوناً تراقب تتلصص بلا استئذان.. كاميرا متطفلة على يوميات كئيبة لكائن اختار أن يكون رتيباً في زمنه وسلوكه على النقيض من حركته الداخلية الفائرة.
الآن وقد انفرط عقد احتكار السلطات للكاميرات والرؤى, يتخذ صناع الأفلام الوثائقية العرب مساراً استقلالياً وتوجهاً فيه الكثير من التحرر إزاء قضايا وإشكاليات وهواجس تتصل بالفرد وتتجه إليه في بيته أو حاراته أو مقهاه وتتبع خريطة أحلامه وعذاباته وتفيض بالتعبير عن آلامه. صارت الكاميرا في كل يد وهي توثق وتسجل وتدون تأريخاً آخر, ربما هو التأريخ السري للفرد العربي, التأريخ المسكوت عنه, خرجت الكاميرا إلى الشارع وستعود بالوثيقة التي تحكي عنا, إنه فيض الألم وساعة الصفر لقول الحقائق, من هنا فإن هناك تفاؤلاً كبيراً يتملك صناع الأفلام بغض النظر عن المستويات الفنية التي تتحرك فيها هذه الأفلام والتي لم تبلغ سن الرشد لصناعة فيلم متقدم تعبيرياً وجمالياً لكنها تؤسس لبنية تحتية ولصناعة سيكون لها حضورها الكبير في الإبداع العربي القادم.