فلسفة الصورة.. مقدمات نظرية
قيس الزبيدي مقدمة جاء زمن الصورة! ما هي الحاجة إلى الكتابة عن ماهية صورة “الفوتوغرافيا” أو “صورة السينماتوغرافيا”، عن مغزى كل منهما أو جدواهما في آلية الفهم الإبداعية، التي يمكن أن يفيد منها دارسو فن السينما وصناعُه؟ ما هي أساليب النقد في تطور الصورة وأنواعها وما هي طبيعة الصورة وخصوصيتها؟ وكيف هي قدرة الصورة في التعبير عما هو واقعي وخيالي وهل يمكن تفسير مصدر قوتها وشرحه؟ هل هناك مناهج نقدية وفلسفية ملموسة رُسخت في تناول ماهية الصورة وجوهر التعبير بوساطتها من الناحيتين النظرية والعملية؟ وأي من هذه المناهج ترسّخ في كتابتنا وأغفل بالمقابل مناهج أخرى؟ وهل من باب الصدفة أن يتصدى فيلسوف كبير معاصر مثل جيليه دولوز ليؤلف كتابين في فلسفة صورة -الحركة وحركة -الصورة في السينما؟ الصور1 تغيّر واقعنا. الصور تؤثر على إدراكنا الذاتي، لكن أيضا على إدراكنا البصري للبيئة المحيطة بنا، وتجعلنا- أردنا ذلك أو لم نرد- محكومين بانطباعاتنا البصرية! كيف لنا أن نصل إلى تصور واضح حول تنوع وظيفة الصورة والأشكال التعبيرية التي تجسدت في عملية تطور فن الفيلم التسجيلي والروائي وكيف تطورت في التلفزيون؟ ما الذي حصل حينما تم اختراع الصورة الفوتوغرافية الثابتة: الميلاد الأول لصورة تحفظ لحظة زمنية لأي شيء ثابت ومتحرك في الواقع الفيزيائي، وكيف تحولت لحظات الزمن الثابتة، في الميلاد الثاني للصورة، إلى صور مليئة بزمن، يبث فيها الحياة. من الصعب أن يتم فهم السينما، كوسيط بصري، بدون المرور بمراحل ولادتها وصباها وشبابها وشيخوختها وموتها ومن ثم إعادة بث الحياة فيها وبعثها من جديد في كل مرة تموت فيها أو تُقتل؟ متى استطاعت الصور السينماتوغرافية أن تأخذ موقعها كنظام اتصال، إلى جانب نُظم الاتصال الأخرى؟ لنذكر نبوءة ابيل غانس2: “إن عصا الساحر موجودة في كل كاميرا وعين ميرلين تحولت إلى عدسة… لقد جاء زمن الصورة!”. وها قد مر الآن أكثر من مئة عام على ميلاد الصورة، وما زلنا نستطيع أن نؤكد أن الصورة تنتشر في كل مرافق الحياة وتتوغل فيها، لدرجة أن أصبح البشر لا يمكنهم أن يعيشوا حياتهم بدونها، ولا يمكنهم أن يعرفوا أو أن يُضلّلوا بدون أن تخاطبهم الصورة أيضا. هل يمكن للصور أن تخاطبنا كلغة؟ وكيف يتسنى لنا أن نفهم ما تقوله لنا لغة الصور؟ | ||
| ||
|