عن الشــاشــات الـوثـائـقيــة و وعــودهـا

هـويـة مستعصية.. بأجـنـحـة مـن نـور
 
بم تعدُ شاشة التوثيقي والتسجيلي ؟
وكيف يمكن التفكير في هذه الوعود وإعادة إنتاجها ضمن فهمنا لوظيفة العمل الوثائقي في الحيز السوسيو- ثقافي العربي الذي نتحرك فيه؟
لايبدو الجواب على تلك الدرجة المرتجاة من السهولة أو البداهة، فنحن إزاء سينما كثيرا ما بدت عصية على التعريف، منقادة إلى التجريب والتجديد، تكتفي لتحديد هويتها بالإشارة إلى ذاتها بكونها وثائقية متخلصة فيما يبدو من شبهة أن يخالطها تعميمٌ ما، سينما تتعرف على نفسها خارج الدراما المركبة، وبخصائص فنية وجمالية تسموعلى التصنيف الثقافي والجغرافي.
و نحن أيضا إزاء سينما عبرت عقودا من التركيم الكمي تغيرت خلالها إلى حدّ الإرباك أنماط صناعة الفرجة وتعددت الإقتراحات التقنية والجمالية في صياغة المضامين وتكييفها، وتنوعت حيل الإقتراب من الواقع المعقّد والمتعدد.
ربما، عدا ممارسة الحق في الإختلاف عن السائد و المكرر من تعبيرات و خطابات و عدا مهمة إلتقاط الإستثنائي في الحياة ومنحه أجنحة من نور، عدا ذلك فلا تستطيع الأعمال التوثيقية والتسجيلية، إدعاء أي دور آخر ذي  بال.
فمجرد إدراك هذا المختَلِف المرتجى قد يبدو في حد ذاته رسالة بالغة الأهمية أمام آليات التنميط و التماثل الضخمة، و زمن تراجع الكيان الحر في العالم و إزاء تهديد الخصوصيات و تذويب الحس الإستثنائي بالحياة.
فضلا عن أن السرد السينمائي أو التلفزيوني الوثائقي  – وهو في الغالب رؤية الذات لما حولها – سينهض بمهمة تخليص المشاهد المتلقي من “بيداغوجيا الواقع” وتحريره من سلطة الحدث مثلما تعودت  إنتاجها تقاليد المعالجة الصحفية التلفزيونية، و التي غالبا ما تؤدي إلى تصورت نمطية لهذا الحدث وغالبا ما توصف حتى من مهنيي العمل الإخباري بأنها تسطيحية، ربما على الشريط الوثائقي والتسجيلي أن ينهض بكل ذلك، بل لعل البعض يعلق عليه مهمة التعبيرعن إنتظاراتنا كلها وشغفنا الأقصى وأسئلتنا الأصعب وألمنا الأقسى و لعبنا و وهمنا و ترددنا، وهو يطرق السياسي والإجتماعي والثقافي ويعيد تفحص التاريخي والعلمي  والإثنوغرافي، دون إدعاءات جمالية ولا أوهام معيارية.

بقية المقال


إعلان