الوثائقي في المدرسة السوفياتية: لفرتوف نموذجا
قراءة جديدة في فيلم قديم:” الرجل صاحب الكاميرا”
أحمد القاسمي*
![]() |
يقتضي منّا تقبل العمل السينمائيّ استعدادا ما قبليّا يستحضر مجملا من الأساليب والتقنيات المنتجة للمعنى حتّى ننزّله ضمنها ونحدّد وفقها انتظاراتنا من العمل المعروض على أن نعمل باستمرار على مراجعة هذا الاستعداد وفق كيفيّة استجابته لهذه الانتظارات أو خرقها. ولا يتمّ استدعاء هذه الأساليب أو الآليات المنتجة للمعنى خارج عمل تصنيفي ينضّد المادة السينمائيّة، وإن إجرائيّا، إلى أصول وفروع وأنواع ومراحل.
تفتح بنا هذه المسلمة على ما فيها من البداهة على صعوبات جمّة حالما ننتقل من الخطاب النظريّ المتعالي إلى الاختبار الميداني المحسوس. ومردّ الصعوبة في تقديرنا، يكمن في الاصطلاح أساسا. فالاطمئنان الذي يوحي به عنوان مبحثنا (الوثائقي في المدرسة السوفياتية) سطح خادع يخفي ركوده قلقا ثنائي الأبعاد. فبيّنٌ أن المصطلح، شأن مدرسة أو وثائقي، مائع ما لم يضبط الضبط الدقيق. وهل للمرء أن يدّعي الحسم في ما بات يعدّ من الإشكالات العصيّة على الدراسات السينمائيّة عامة لتعدّد المقاربات المنهجيّة والخلفيات المعرفيّة؟.
وواضح أن انتخاب عمل مّا ومنحه شرف تمثيل الكل مغامرة محفوفة بالمخاطر من شأنها أن تقصي التنوع المخصب الذي يسم الإبداع عامة. ومع ذلك نظل نعتقد أن مشروعيّة مبحثنا تستمدّ من محاولة اختراق المسلمات بإعادة التفكير في فيلم يعتبر من أهمّ الكلاسيكيات المؤسسة لِسينما اخترق تأثيرها حدود الزمان والمكان لما تضمنه من رؤى جماليّة وفكريّة هو فيلم المخرج السوفياتي دزيقا فرتوف “الرجل صاحب الكاميرا”
ومن محاولة النظر إلى مرحلة خصبة من السينما الوثائقيّة السوفيتية هي المرحلة الممتدّة بين عشرينات القرن الماضي وأر بعيناته، قبل أن يفقرها استنادها الكليّ لمفهوم الواقعيّة الاشتراكيّة.
![]() |
دزيقا فرتوف
* أحمد القاسمي باحث وأكاديمي من تونس
![]() |