مناهضة الأفلام الوثائقية للعولمة


• توطئة في صميم الموضوع..

” العولمة ” هو المصطلح الذي شاع الآن بين الناس وكان قد بدأ يُشكل خطوطه العامة في عقد الثمانينات من القرن الماضي لينتشر أكثر مع اندحار المعسكر الاشتراكي في شرق أوروبا وتم الاحتفال بازدياده عند سقوط جدار برلين الذي أسس لخريطة سياسية جديدة وبالتالي لجغرافية تواكبها في الاقتصاد وهو ما سيُعرف لاحقا بالنظام العالمي الجديد بالإعلان عن “المنظمة العالمية للتجارة الحرة”.
و” العولمة ” هي الصيغة الحديثة للاستعمار وامتدادا له ثم للإمبريالية بمضمون أقوى بحيث نفس جوهر الخطاب ساد إبان الحرب العالمية الثانية والسنوات التي تلتها
ويكون فن السينما دائما في الموعد مع مختلف الأحداث التي تظهر إلى الوجود فتواكبها بالتعبير عنها في أفلام روائية أو وثائقية كما نجد أفلاما جمعت بينهما وهي تُسمى ب “الدراما- الوثائقية”.
فقد ظهرت طيلة هذا العقد مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقية التي تناولت ظاهرة ” العولمة ” من زوايا مختلفة إلا أن جل هذه الأفلام ركزت أساسا على الاقتصاد في علاقته بالفلاحة والصناعة والأبناك وتهريب الأسلحة من جهة ومن جهة أخرى موضوع البيئة. وهناك أفلام وثائقية قليلة التي توقفت عند ما يُسمى “الإرهاب” كحالة عالمية (الأفلام الروائية هي التي اشتغلت أكثر على موضوع ما يسمى ب”الإرهاب” الدولي).
جل الأفلام الوثائقية حول ” العولمة ” تعتبر أن الاقتصاد هو جوهر المشاكل العالمية وبالتالي فهو مبتدأها وخبرها.

• بداية “النضال السينمائي” ضد “العولمة”

قبل تقديم نماذج من الأفلام، لا بأس من الإشارة إلى أن النقاش الذي كان دائرا في عقد التسعينات من القرن الماضي حول التبادل الحر للسلع وفتح الأسواق بالإعفاء الضريبي كتوطئة لتأسيس هذا النظام الاقتصادي الجديد عقد حينها كثير من السينمائيين الأوروبيين من منتجين ومخرجين وبعض نجوم السينما الذين استوعبوا الخطر القادم من أمريكا ليعبروا عن وجهة نظرهم الرافضة لتحويل السينما إلى سلعة مثلها مثل جميع السلع الاستهلاكية، ومن أشهر هذه الندوات اللقاء الذي جمعهم يوم الأربعاء 24 نوفمبر بعد أن تمكنوا من تعبئة الرأي العام الأوروبي بالاستثناء السينما من نظام ” العولمة “، ونجحت فرنسا في فرضه وبذلك تمكنت من إنقاذ فنها السابع من الموت بينما اختفت كثير من السينمات الوطنية في كل من إيطاليا وألمانيا وإسبانيا خاصة فضلا عن أقطار أخرى التي كان بها الإنتاج متواضع أصلا.
وبعد خمس سنوات من سيادة ” العولمة الاقتصادية “، ستصدر المجلة الفرنسية الفصلية “24 صورة” في عددها لفصل الربيع سنة 2005 ملفا بعنوان ” السينمات الوطنية في مواجهة العولمة” والذي تضمن نصوصا ولقاءات وندوات ودراسات تحلل نضال السينمائيين والرأي العام للدفاع عن الإنتاجات السينمائية المحلية وقد ساهم بعض السينمائيين الأفارقة والكنديين في هذا النضال.
منظمة اليونيسكو بدورها كانت طرفا أساسيا في النقاش لكن لم يكن البعض يثق في قدراتها لوقف الزحف الأمريكي. أما الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتيران فقد عبر بوضوح عن موقفه السياسي والاقتصادي والثقافي إبان تلك الفترة المشتعلة بالنقاش قائلا بأن ” من يفقد ثقافته وهويته يفقد سيادته واستقلاله”.
وعليه فالسينما كانت في قلب المعركة، إذ كانت تشكل المعارضة في الصراع ضد أن تصير الأفلام سلعا كالبطاطس والطماطم والأقمصة والمشروبات الغازية مثل كوكاكولا أو غيرها ومختلف أنواع السيارات.
وكان يرى المناهضون للعولمة أن ” تطبيقها سيؤدي حتما إلى إقصاء ثم قتل الثقافات الأخرى وتذويبها تحت شعارات تحاول إخفاء الشمس مثلا باستغلال مفاهيم إنسانية ك” المواطنة العالمية ” و” القرية العالمية ” و” القيم الكونية ” ليس بقيمتها الثقافية ومنافستها الثقافية وإنما من خلال قوتها المالية وقدرتها على التوزيع” كما جاء في عديد من المنشورات والبيانات المناهضة للعولمة.

كامل المقال


إعلان