هل هناك نظرية لنقد الأفلام الوثائقية؟
عبد الكريم قابوس
بدأنا دراستنا بسؤال يبدو عفويا لكنه يحتوي على عدّة الغام نظرية وابستيمية إذ أن النقد في حدّ ذاته مازال كالرمال المتحركة لا يستقر على قرار في اتجاهاته، سواء طبقنا ذلك على النقد الأدبي أو المسرحي أو السينمائي أو التلفزي فما بالك في هذه الثنائية الملغومة نقد/وثائقيات وكما قمنا به في دراسات سابقة(1) – والمعذرة عن الاستشهار الذّاتي –
والثنائية هنا نقد/وثائقي ثنائية سياسية وعرة التفكيك قوامها وتدان ابستمائيان :
• الأوّل : النقد، ضارب في قدم الفعل الإبداعي وفي تراث العقل العربي الإسلامي المهددّ اليوم بالاغتيال كما برهن منذ أمد برهان غليون.
• أمّا الثاني : الوثائقي وهو الوتد الـرخو الذي يمارس انتاجا وتوزيعا ومشاهدة ونقدا بطرق مختلفة إذ أنه متقلب كما يقول الحريري: “كالقلمون في كل لون يكون”.
ولا يدّ من تفكيك آليات الربط بين مكونات ثنائية نقد/وثائقي بالاعتماد على مكونات بحث عدّة لا بدّ أن تأخذ بعين الاعتبار :
– التقنية
– التاريخ
– الاستيتقيا
– المال
– الابداع
– الفكر وحتى السياسة
– واللغة طبعا (فرنسية، عربية، انقليزية وإيطالية)
وهكذا يبدو حقل هذه الدّراسة ملغوما أساسا ويتعدى حيز دراسة آنية خاصة وإن ربطت ثنائية نقد/وثائقي بالحث عن منهج للوصول إلى الاجابة على “هنالك أو هناك، نقد للوثائقي؟”.
الوثائقي ومدونته.
يكتشف المتأني في المدونة الممكنة وفي المتناول حول الفلم الوثائقي في المطبوعات السيارة منها والأكاديمية، والمسموعة اليوم والمتلفزة ثم المتناثرة عبر شبكة “الانترنات”؛ يكتشف نفسه أمام ممارسة تأليفية / توليفية، عند العرب أساسا، في حين أن المدارس الغربية بدأت منذ فجر السينما في تفجير رسالة الفلم عامة وخاصّة الوثائقي إذ أن السينما بدأت وثائقية تعبيرية شعرية وغرائبية في آن حتى آتى رأس المال عام 1911 عندما انفصلت آلة التصوير على آلة العرض وتخصص المنتج في التأليف والإعداد والعارض في التسويق والتوزيع وهكذا كلما دخل رأس المال في إبداع جديد يتحوّل طبعا دور الرسالة ونحت طبيعة المتلقي وهو ما سحب عن الأدب والمسرح والسينما والتلفزيون والأنترنات وكلها بدأت وسائل تعبيرية اختلاجية لتتحوّل إلى سلعة يتحكم فيها الناشر/المنتج والكتبي / الموزع والقنوات / الباثون.
فالسينما لم تخرج إلى الناس إلا ومعها نقدها كمثال جريدة ” البريد” التي نشرت نقدا أو عرضا في اليوم الموالي لعرض أوّل شريط في التاريخ ومجلة الرادكالي
وقد حشر الوثائقي في خانتين خانقتينز
أولا كان على الوثائقي لا بد أن يكون قصيرا حتى انفجر الفلم الوثائقي وتخطى كل حواجز الزمن وكأنه يتمرّد على مفهوم الزمن لدى “هايد غير” وها نحن نشاهد أفلاما في دقيقة وأخرى في 11 ساعة كفلم مفروزة . الذي صورته المخرجة الفرنسية “أما نويل ديموريس” وصورته على مدى عشر سنوات في مصر.
والوثائقي هو أصلا اسم فضفاض يحتوي على عدّة أرهاط من الأفلام سنتناولها في ما بعد شكلا وأسلوبا وتركيبا وابستمولوجيا.
![]() |