صناعة السينما العالمية

100 مليار دولار عوائد ..بوليوود و هوليوود في الصدارة ..
و الفن السابع العربي تائه
محمد عمار
 محلل اقتصادي

الرأي عند كثير من المهتمين بشؤون السينما، أن صناعة السينما تهيئ مجالاً هاماً للبحث الاقتصادي بالنظر لخاصية الناتج الفردي لكل دولة.. بيد أن السينما تحولت إلى صناعة حقيقية ذات مقومات اقتصادية لا يمكن الاستهانة بها حيث أصبحت تلعب دوراً هاماً في اقتصادات الدول والمجتمعات التي تهتم بهذه الصناعة المتميزة كأحد مصادر التمويل أو أحد مصادر الدخل القومي مثلها مثل أي صناعة قومية أخرى تشكل نسبة هامة في إجمالي الناتج القومي لتلك البلدان مثل الولايات المتحدة الامريكية والهند وغيرها من البلدان الآخرى التي أولت هذه الصناعة جل اهتمامها حتى أصبحت تؤدي عدة وظائف مختلفة منها الثقافية التنويرية إلى جانب الوظيفة الأبرز وهي الاقتصادية التي زادت قيمتها تأثيراً مع ظهور أشكالٍ جديدة للسينما أكثر رقياً في مجال الأجهزة والمعدات التقنية وظهرت أيضاً أشكال تنظيمية جديدة في مجال الإنتاج السينمائي تتطابق وتتماشى مع طبيعة التطور التقني وتلبي حاجاته ومستلزمات استخداماته في التصوير الداخلي والخارجي على السواء.
ومن المعروف في علم الاقتصاد وعلم السينما أن الاستخدام الصحيح لهذه الوسائل والتوظيف الدقيق لها يحدد الوتائر الإنتاجية للعمل ويرفعها ويرفع إنتاجية العاملين في كل فيلم على حده وفي كل الأفلام معاً. وفي هذه الحالة نرى أن اختصار الزمن الكامل لإنتاج الفيلم وخفضه لأقل حد ممكن مهمة أساسية اقتصادية من مهام الاستوديو السينمائي وإدارته الإنتاجية التنظيمية بشكل خاص وتعتبر مهمة دائمة لكل مؤسسة أو استديو أو قطاع إنتاجي اقتصادي أياً كان هيكله ووظيفته وهدفه..
رغم شح المعلومات، فإنه بحسب البحوث التي أجريناها تتراوح مداخيل صناعة السينما العالمية بين 70 و 100 مليار دولار سنويا حيث تحقق صناعة السينما الأميركية مداخيل مالية تقدر ب 10 مليارات دولار أميريكي سنوياً داخلياً فقط (دون احتساب ما يوزع خارجيا) بينما من المتوقع أن تحقق إيرادات السينما الهندية في العام 2014 مداخيل مالية تقدر ب 25 مليار دولار مقارنة بما حققته في العام 2010 من مداخيل مالية بلغت 16 مليار دولار، وهناك العديد من الدول الصاعدة في صناعة الأفلام لا سيما كوريا الجنوبية ونيجيريا حيث تعتبر كوريا الجنوبية المحرك الرئيس لصناعة الأفلام في جنوب شرق آسيا وتحقق مداخيل مالية من صناعة الأفلام والتلفزيون تقدر ب 7 مليارات دولار وتحقق فرص عمل مباشرة تقدر ب 67 ألف فرصة عمل بينما أنتجت نيجيريا في العام 2006 نحو 876 فيلما وهو ضعف الإنتاج الأمريكي تقريباً وتتم دبجلة تلك الأفلام إلى اللغة الإنجليزية. أما العالم العربي فلا يزال بعيدا عن اقتصاد هذه الصناعة التي لم تتجاوز في أحسن أحوالها نصف مليار دولار ..)
إن صناعة الأفلام ليست للترفيه فقط بل تحمل مضامين اقتصادية تتمثل في فرص عمل وتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني والأهم من كل ذلك تعزيز دعامة القوة الناعمة للدول وتعزيز الأهداف الوطنية ولرسالتها الخارجية وثقافتها. صناعة الأفلام باتت مكان تنافس دولي ففي تركيا يتم تصوير أكثر من 40 فيلما سنوياً بتكاليف إنتاج تقدر ب 50 مليون دولار ونشطت مؤخراً في اكتساح أسواق جديدة تتمثل في العالم العربي بالإضافة إلى انتشارها في الأسواق الأوروبية وغيرها من الأسواق.
في كوريا الجنوبية تم تسجيل فيلم في العام 2000 يعنى بأمن الكوريتين وتدور أحداث الفيلم حول علاقة إيجابية سادت بين جنود الكوريتين وهو ما يوضح ما يمكن أن تحققه صناعة الأفلام في سبيل نبذ العنف على المستوى الإقليمي والدولي وعلى مستوى صناعة وعي الأمم.
في العالم العربي ولدينا كذلك قواعد التأثير تغيرت فالإعلام التقليدي لم يعد ذا تأثير عال على مستوى وعي الأجيال الذين هم وقود التقدم فأفلام الإستاند أب كوميدي تحقق انتشار عالياً ومشاهدة وتأثيرا أعلى وتلك المعدلات التي تحققها ليست على المستوى الوطني بل من أعلى معدلات المشاهدة على مستوى العالم العربي وشهد بمعدلات المشاهدة تلك تصنيف هيئة الإذاعة البريطانية وكذلك مجلة فوربس العربية وهو ما يعني أن مقومات النجاح في صناعة الأفلام والإستاند كوميدي المتمثلة في الموهبة متوفرة وهي بكل تأكيد واعدة يبقى صقلها واستثمارها بتدريب المبدعين من خلال دورات تدريبية نوعية والابتعاث الخارجي وتأسيس كليات للفنون لتحقيق غايات اقتصادية ووطنية لاسيما مع انتشار المعرفات الوهمية على شبكات التواصل الاجتماعي التي تقوم بأدوار سلبية وهو ما يوضح أهمية تطوير أدوات تعزيز الهوية الوطنية وحماية وعي الأجيال بأدوات العصر..

كامل المقال


إعلان