وثائقي الموبيل .. صراحة الرصاصة وشفافية الشبح

أسامة صفار

وثائقي الموبيل ليس مجرد صور متحركة وموسيقي أو أصوات علي ملف رقمي في ذاكرة جهاز أحدهم ولكنه مكون بصري متوحش القدرة والامكانية وشديد الجرأة والصراحة إلى حد التشابه مع الرصاصة اذا انطلق. وهو ملجأ الأفلام الفقيرة التي ازدادت قدرتها وعددها وأصبحت تيارا معترفا به في عالم السينما والوثائقيات منذ ظهرت كاميرا الديجيتال التي أعلنت بها التكنولوجيا حربها علي احتكار الصورة السينمائية من قبل سلطة رأس المال من جهة وسلطة الرقابة من جهة أخري .
وبينما كانت كاميرا الديجيتال بمثابة القلم الذي كتب به هواة السينما وخاصة الوثائقية شهاداتهم علي عالم لم يكن لهم حظ اقتحامه من قبل فإن كاميرا المحمول قد جاءت لتدشن مرحلة جديدة أكثر ثورية من سابقتها اذ أتاحت للأفراد العاديين تلك الفرصة المدهشة لرصد الوقائع وتوثيقها ومراقبة الواقع لضبطه .
كاميرا المحمول اذن هي الأكثر عفوية و انطلاقا وفردية وصانع وثائقي المحمول يمكن ألا يكون محترفا أو هاويا ذلك أن العنصر الأهم هو” الدليل ” ” EVIDENCE ” ورغم ذلك فإن ثمة محاولات محمومة تهدف الي ” مأسسة ” فيلم الموبيل ليصبح فعلا هادفا ضمن أطر معرفة ومعروفة و اذا كان أقرب تعريف للفيلم الوثائقي بشكل عام هو ” الشريط المصور الذي يهدف الي المعرفة ولا يخلو من متعة فنية ” فان وثائقي الموبيل هو ذلك الملف الرقمي المصور الذي يهدف الي المعرفة والتوثيق والتسجيل ” .

وفي هذا الإطار يمكن التأكيد علي أن ولادة وثائقي الموبيل في الدول العربية شهدتها نهاية عامي 2010 في ثورة الياسمين بتونس وبداية عام 2011 في ثورة يناير بمصر واستمرت في كل من اليمن وسوريا وليبيا حيث الموبيل قد يصبح الوسيلة الوحيدة المتاحة والجسر الذي تعبر عليه الحقيقة الي العالم .
وكان فيلم الموبيل بشكل عام قد ظهر في العالم قبل الثورة التونسية بأربعة بأقل من خمسة أعوام ورغم الأسلوب الثوري – حينها في تصوير العمل بكاميرا الموبيل – الا أن المخرج الجنوب افريقي اريان كاجانوف قدم عملا روائيا كاملا ليس فيه من ملامح المحمول الا عيوب الصوت والصورة !
رجل السكر
ظهر أول فيلم صور بكاميرا المحمول بين عامي 2005- 2006 وهو روائي طويل باسم ” رجل السكر ” للمخرج الجنوب أفريقي اريان كاجانوف, وصور بكامير نوكيا ( N8) واعتبر بديلا ثوريا لصنع الأفلام رغم القيود التي تفرضها طبيعة كاميرا الموبيل واعتبر الشاعر والروائي والمخرج الجنوب افريقي رائدا لأفلام الموبيل بهذا الفيلم واريان كاجانوف المولود عام   1964باسم  إيان كيركوف قام بتغييراسمه في عام 1999 و هو مخرج وروائي وشاعر من جنوب افريقيا.
 وقد بدأ مشواره السينمائي عام 1994بالفبلم الهولندي  “10مونولوجات من حياة السفاحين” وفي عام 1999 قدم فيلم (مرثية الملقب طوكيو) ثم  (قدرة الله في الداخل) وحصل على جائزة العجل الذهبي لجنة التحكيم الخاصة في سباق الجائزة الكبرى للسينما الهولندي ويعتبر ” رجل السكر ” هو فيلمه السابع ,    لكن الايطاليين مارسيلو مينسريني وباربرا سيجيزي قدما فيلما آخر هو ” لقاءت جديدة للحب” عام 2006 ليتنازعا الريادة معه.
وأدّى ظهور هذين الفيلمين إلى تسليط الضوء على استخدام التكنولوجيا الجديدة في تصوير الأفلام وحدودها التي يفترض أن تشارك في تأسيس قواعد جمالية متعلقة بالامكانيات التي تظهر في المنتج الجديد – القديم  وهو الفيلم.
وكان أن أدرك السينمائيون المهتمون بهذا النوع من التصوير “إن الضعف الظاهر في التصوير بكاميرا المحمول ويتلخص في  الحاجة إلى تصوير من مسافة قريبة، وضعف التقاط الصوت والاهتزاز الذي يلاحظ في الصورة قد تصبح  مزايا بالنسبة لهم، لكن السمة الأهم أن تلك الكاميرا ستصبح متاحة ليس فقط للسينمائي المحترف أو هواة السينما لكنها ستكون في يد أغلب أفراد المجتمع العاديين جدا وهو ما يؤدي إلى فتح نوافذ تسجيل الواقع وتوثيق الوقائع بشكل لا متناه .

وتحول الاهتمام إلى قياس مصداقية الفيلم مع القضية التي يناقشها ويصور الأحداث المتعلقة بها وهنا ربحت كاميرا الموبيل الرهان، ليس بسبب انخفاض جودة الصورة الذي يؤكد على المصداقية ولكن لأن المحمول  أصبح مألوفا تماما حيث يحمله الجميع في جيوبهم أو بين أيديهم .. وصورته بالتالي مألوفة لدى العين ويملك كل واحد من هؤلاء امكانية التقاطها بمهارات متفاوتة .
ولفتت أفلام المحمول أنظار الجميع  خلال السنوات الماضية، لذلك أقيمت من أجلها العروض والمهرجانات وعُرضت في المنتديات المختلفة واهتم بها الأكاديميون لدراسة جمالياتها واللغة الجديدة التي تتبلور علي شاشات صغيرة سرعان ما تصبح أكبر وأكثر انتشارا ورغم ذلك فإن ثمة  اتجاه لاستئصال هذه الفكرة داخل بعض الهيئات الكلاسيكية لصناعة الأفلام لما تُشكّله من صدام هائل مع صناعة السينما ذات التكلفة العالية ، وقد حاول مُنظرّون سينمائيون اخضاع فيلم الموبيل للتصنيف والتقييم  لتحديد الخصائص الجمالية والأسلوبية لفيلم المحمول، مما أدى إلى خلق فئات وتحديد الاتجاهات الممكنة.

 

والجانب الأكثر أهمية في فهم ما قدّمه الموبيل للأفلام بغض النظر عن استخدام السينمائيين له  وبما للموبيل من تطور تكنولوجي متسارع هو تلك السمات الخاصة به فهي في حد ذاتها ملفتة للنظر ولعل أبرز من اهتم بالظاهرة هو المفكر والكاتب الفرنسي روجيه أودين وهو أول من حاول تصنيف أفلام الموبيل.
وقد نشرت صحيفة الجارديان  تقريرا عن فيلم “لقاءات جديدة للحب”  في 14 يونيو 2006 أكدت خلاله علي جماليات التصوير بالمحمول للأفلام خلصت من خلاله إلى أن مواطن الضعف في صورة كاميرا المحمول وصوته تشكل بحد ذاتها لغة جديدة  و خاصة لذلك النوع الصاعد بقوة من الأفلام في العالم وهو الأفلام الفقيرة.
وإذا كان  روجر أودين هو أول مهتم بالتنظير لفيلم الموبيل متجاوزا تلك المسافة الزمنية التي كان ينبغي لها أن تمر لتتراكم الأعمال التي يمكن دراستها والقياس عليها، فإن كلا من  كميل بيكر واليساندرو أمادوتشي قد ساهما في دراسة جوانب وسائل الإعلام الإلكترونية والرقمية وناقشا العناصر التي يمكن أن تُشكّل دعما للمبدعين الطلاب في أفلامهم وبالتحديد تلك التي تتعلق بانخفاض مستوي الجودة أو اهتزاز الصورة .
ويشير أودين إلى أنه داخل السينما بسبب المحمول الذي يبرز كعنصر، فإن الكاميرا لا تصبح مماثلة لتلك التي يستخدمها المصور السينمائي سواء كاميرا التصوير السينمائي أو الديجيتال لكنها تصبح أقرب شبها إلى العين الصناعية الممسوكة في اليد وتصبح امتدادا للجسم وهذا التميز يستحق اهتماما خاصا و يترجم ببساطة في أسلوب التصوير.

 
و لعل المعايير التي رصدها كل من أودين وكميل بيكر واليساندرو أماديتشي تحمل الكثير من الصدق والدقة لكنها تبدو كما لو كانت أكثر شبها بموديلات المحمول القديمة وكاميراتها ذات الجودة المنخفضة , فيُعدّ ظهور كاميرا  Hd  يمكننا أن نتحدث عن نقاط الضعف في التصوير بالمحمول دون الاشارة إلى ضعف جودة الصورة التي رافقت إنتاج 2005 – 2006 لكن الأمر قد لا يقتصر على ذلك إذ تبدو تكنولوجيا المحمول في تقدّم مستمر وبالتالي فإن فرضية الضعف التكنولوجي تنتفي لتبقي لدينا معايير دون عيوب دائمة , لكن الذي لاشك فيه وطبقا لتاريخ الإنتاج السينمائي في العالم ومعاييره الجمالية فإن معايير مثل انخفاض جودة الصورة أو اهتزازها تبقى جمالية في سياقات محددة يتطلبها العمل الفني .
و الأمر هنا أشبه بالتعبير اللغوي فكل ألفاظ اللغة متاحة أمام الكاتب وهناك من الأساليب والكلمات ما يمكن اعتباره ينمّ عن أناقة ورقي كاتبه أو قائله لكن الكاتب قد يضطر الى استخدام أسلوب و قاموس لغوي مختلف للتعبير عن حالة ما يمر بها أحد أبطال عمل روائي مثلا .

جماليات محددة
• تسأل نفسك : هل الصورة جيدة ؟.. ولكن قبل الإجابة سوف يتحول انتباهك إلى فهم أعمق للهوية نتيجة العلاقة الحميمة، والفورية و اليومية التي تعيشها مع المحمول، فالاستخدام اليومي للجهاز أصبح الآن عناصر لتحديد جماليات النقالة.
• تؤثر الهواتف المحمولة على لغة الجسد وهذه السمة تجمع بين جماليات وسائل الإعلام الجديدة و نظرية التجسيد حيث لا يقتصر الأمر على رؤيتنا للفيلم بالعين فقط ولكن ينطوي على الجسم كله.
• الهواتف المحمولة مرتبطة الصفات و الوظائف فهي تتنقل بين التصوير الفوتوغرافي والفيديو وشبكة الإنترنت  في وقت واحد أثناء تأسيس روابط وهذا يترجم إلى التفكير فيه ليس فقط كأداة لالتقاط الصور أو جعل الأفلام  ممكنة ولأن كل الوجود المادي جزء لا يتجزأ فهو مرشح دائما للتفاعل في الأفكار .
وقد استبعد الكثير من النقاد فكرة النقد التكنولوجي ” لحساب المعنى الفلسفي للجماليات ولحساب الموضوع نفسه خاصة أنه – حتي عيوب الصوت – يمكن معالجتها بمكون خارجي هو المايك بحيث يصبح الفيلم الذي تم تصويره بكاميرا المحمول أقرب إلى ذلك الذي صور بكاميرا ديجيتال حديثة وهو ما يؤكد علي المميزات التي أوردها أودين باعتبارها الحقائق الثابتة لفيلم الموبيل وهي انتشار الذائقة الخاصة بكاميرا الموبيل نظرا لانتشاره وبالتالي اعتياد العين الانسانية عليه وهو ما يرشحه للنجاح باعتباره كاميرا وشاشة كما نجح كوسيلة تواصل شفاهي بين متحدثين أما السمة الأهم فهي توفره للمصادفة والقدرة على التصوير مخترقا حواجز الرقيب الرسمي وغير الرسمي .
وبصورة مبسطة فإن المحمول مُرشّح للاستخدام ليس لصنع أفلام تقليدية لكن من أجل تلك الأفلام العفوية التي تتمتع بطريقة فريدة للنظر إلى الواقع وإعادة اكتشافه وبعد كل هذه النماذج من أجهزة المحمول والتي تتغير باستمرار فإن طريقة تواصلنا تأخذ طابعا مختلفا قد يؤدي في النهاية إلى أفلام المحمول التي يشاهدها مالك المحمول .

 
ظهور مفاجيء

كانت كاميرا الديجيتال قد ساهمت بشكل كبير في حل مشكلات ارتفاع تكلفة الإنتاج السينمائي و حصلت علي شرعية فنية بجمالياتها المختلفة وبينما كانت قد أنشئت صناعة للديجيتال في دول أوروبية وفي الولايات المتحدة كان المخرجون المصريون – علي سبيل المثال – يناطحون ترسانة القوانين والتقاليد التي وقفت حجر عثرة في سبيل استخدامها في الصناعة وإن أجبر الظرف الاقتصادي الجميع علي الخضوع له بعد ذلك .
وظهر المحمول ذي الكاميرا واعتبرت للاستخدام الشخصي لكن الامكانيات الكبيرة التي يتطلبها انتاج فيلم سينمائي في دول تعتبر الأفلام خارج جدول أولوياتها فضلا عن حذرها تجاه الصورة بشكل عام فإن الامكانيات تصبح أقل وحين ظهرت المدونات علي الشبكة العنكبوتية استعان بعض المدونين بكاميرا الديجيتال لتسجيل ملاحظاتهم علي الواقع في مصر و تطور الأمر الى استخدام كاميرا المحمول و قبيل الثورة المصرية في يناير 2010 فرضت كاميرا المحمول وجودها اذ انفجرت ثورة الفيديوهات الخاصة بالتعذيب في الأقسام وغيرها من التجاوزات وثبت للجميع أن الحاجة أم الاختراع فمن قلب الاستخدام الشخصي للموبيل خرجت فيديوهات التوعية واطلاق الحقائق على القلوب .
وعلي التوازي قدم المخرج الجزائري السويدي الراحل مالك بن جلول في عام 2012 فيلما وثائقيا تحت اسم ” البحث عن رجل السكر ” وحصل عنه علي أوسكار أفضل فيلم وقال أنه اضطر الي استخدام هاتفه المحمول في تصوير نحو ثلث العمل بعد قطع الشركة الممولة لتمويلها لطول فترة التصوير .

وبينما يحاول الفيلم الوثائقي في معظم أرجاء الوطن العربي خلق سوق ولا تتبنى الأفلام الوثائقية سوي محطة كالجزيرة أو بعض القنوات فإن صانع وثائقي الموبيل يعرف جيدا أنه سوف يقوم برفعه علي الشبكة العنكبوتية عبر قناته على اليوتيوب إن لم ينجح في توزيعه فإن الفيلم الوثائقي يبحث عن دار عرض ونادرا ما ينجح في الوصول إليها أو يعرض على قناة فضائية وفي الحالين فإن شروط كل نوع منهما مرتبطة بظروف صناعته فضلا عن أسلوب الصناعة .
فطبقا لما سبق يبقى وثائقي الموبيل رهين فكرة الدليل أو ” evidence” حيث يشهد على واقعة أو يرصد تفاصيل وهو” ابن مزاج”  صانعه إلى حد كبير بينما يُصنع الوثائقي خارج إطار الذات إلى حد كبير وإن نبعت الرؤية من المبدع بالطبع وبالتالي فثمة توازي في الموضوع وفي التوزيع بين النوعين يصعب أن يصبح تقاطعا والا تحول أحدهما إلى الآخر إما بارتفاع التكلفة أو انخفاضها تماما .
وإذا كان الوثائقي العادي مرشح وظيفيا لمطاردة الحقائق أينما كانت و إذا كان النقاد قد أجازوا اهتزاز الصورة فيه فإن الأمر يُعدّ استثناءا طبقا لموضوعه لكن وثائقي الموبيل يبقى على العكس تماما حيث لا يستطيع أن يتخلى عن اهتزازه الذي هو واحدا من مميزات طبيعته ولعل طبيعة موضوعات الوثائقي تتطلب بحثا واعدادا بشكل أساسي و من ثم كاميرا عالية الجودة وفريق إنتاج ومونتاج وغيره بينما المحمول لا يتطلب سوي البحث ويكفيه فردان فقط – يكون المصور هو المخرج غالبا – و قد أدخلت التكنولوجيا الرقمية برامج المونتاج على المحمول أيضا .
نستطيع ببساطة أن نطلق علي الوثائقي ” فيلم متأمل ” بينما وثائقي الموبيل هو ذلك المراسل الصحفي الطامح دائما للانفراد و السبق والتخفي بعيدا عن كل أنواع السلطة بما فيها سلطة رأس المال ولعل واحدا من أسباب استقلاله وتحرره وعبقريته وعفويته هي أن ميزانيته بسيطة بالمقارنة بغيره . 
وقد يجد كل من الوثائقي ووثائقي الموبيل طريقه الى شاشة العرض أو شاشة التليفزيون أو الكمبيوتر لكنهما لن يقفا في المواجهة ذلك أن شاشة التليفزيون كفيلة بإبقاء ذائقة الديجيتال حاضرة في مواجهة ذائقة الموبيل المستقلة طبقا لجماليات أفلام الموبيل عند روجير أودين .

التفاعلية مستقبل مشترك

يطمح كل عمل فني إلى ردود الأفعال ويبحث المبدع عن متلقي إيجابي و قد حققت التكنولوجيا الرقمية هذا الطموح في حدود المتاح لكن المستقبل يحمل تحولات تجعل من المرجّح أن ينضم كل ما هو وثائقي إلى قافلة الميديا التفاعلية على الشبكة العنكبوتية سواء عبر مواقع التواصل أو اليوتيوب أو غيرها ولعل الانتشار الأفقي عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي أحدث منذ ما قبل الثورة المصرية اهتزازا في الذهنية الجماعية السائدة، وأحدث تصدعاً في العقل الفردي المتمحور حول نفسه، وأعاد الاعتبار للتواصل المجتمعي والمشاركة ، وكان لهذه الشبكات دور كبير في إحداث التحوّل الثوري عبر حشد تراكم معرفي وطاقات. و قد ارتقت هذه الشبكات إلى أن تصبح ثقافة تمر عبر مواقع ميديا اجتماعية وتؤسّس لمجتمع تفاعلي بالضرورة يستوعب ويوحّد أنواع الأفلام كما يوحد جهازي الكمبيوتر والتليفزيون لإحداث التفاعل المجتمعي الهادف.


إعلان