الوثائقي في مواجهة تحديات التلقّي والعرض الجماهيري


د. أمـل الجمل

على باب إحدى قاعات العرض السينمائي بمهرجان كان السينمائي في مستهل الألفية الثالثة وقف المخرج المصري إبراهيم البطوط الذي كان يشارك بفيلمه في السوق آنذاك، ممسكاً بنسخ من الأقراص المدمجة – DVD – تتضمن بعض أعماله الوثائقية وفيلمه “عين شمس” أول أعماله الروائية الطويلة ليوزعها على الجمهور أثناء خروجه من قاعة العرض.

يومها جن جنون المنتج المشارك الذي اشتكى لاحقاً من الضرر الذي وقع عليه جراء ذلك التصرف، مع الوضع في الاعتبار أن أفلام البطوط الوثائقية قليلة التكلفة، وأن فيلمه “عين شمس” ينتمي للسينما المستقلة ذات الميزانيات المحدودة جدا، فقد اعتمد أساسا على الجهود التطوعية من العاملين والممثلين الهواة، وحتى المحترفين منهم كانوا يعملون بالمجان، واقتصر الإنفاق على توفير وجبات الطعام لفريق العمل طوال أيام التصوير، وذلك وفق تصريح المخرج لكاتبة هذه السطور.  

تلك الواقعة على باب إحدى قاعات مهرجان كان والتي حكاها ذات يوم المنتج شريف مندور تكشف العلاقة الجدلية بين عالمين، عالم الإنتاج والصرف ودورة رأس المال، ذلك العالم وثيق الصلة بحسابات البيع والربح والخسارة وبين عالم الإبداع والرغبة الملحة التي تطوق إحساس المخرج بضرورة أن يصل عمله إلى الجمهور، والتي تذكرنا بالفكرة الشهيرة “العمل الذي لم يُشاهد، أو لم يُقرأ، لم يُنتج ولم يتواجد بعد”، فما قام به البطوط هو أبلغ تعبير عن رغبة المخرج في أن يصل منتجه إلى الجمهور، بغض النظر عن أي عائد مادي، خصوصا إذا كان المخرج في بداية مشواره في عالم الإخراج ويستحوذ عليه الشغف في أن يبدأ مسيرته بعد طول انتظار، والأمر ذاته يدفع عددا غير قليل من مخرجي الوثائقيات لأن يرفع أفلامه على المواقع المختلفة بالإنترنت للعرض المجاني للجمهور، لكن المخرجة المصرية نهى المعداوي تُشير إلى خطورة ذلك قائلة: “طبعاً اليوتيوب وسيط عرض مهم جدا، ومنتشر جدا، ويُروج بالطبع للأفلام، لكنه أيضاً مُضر، لأنه عندما يضع أي مخرج فيلمه عليه فهذا يعني أن تنعدم فرص مشاركته في المهرجانات أو البيع للمحطات التليفزيونية التي تشترط عدم وضع الفيلم على أي رابط للمشاهدة العامة المجانية.”  

قراءة الدراسة كاملة


إعلان