سُلطة التوثيق وأزمة الوثائقي

أسامة صفار

الصورة صريحة .. لا تحتمل التأويل، أما الكلمة فكثيرا ما يتم تأويلها أو استخدامها للدوران حول الحقائق بهدف عكسي تماما وهو إخفاء الحقيقة، وحين تكون الصورة في فيلم وثائقي فهي شهادة مزدوجة التأكيد والوضوح والصراحة على واقع تعيشه الكاميرا وتعايشه.
والسلطة بشكل عام تكره الشاهد والشهيد والشهادة، وتكره كل ما يخبر بالحقيقة وتفضِّل أن تنقلها بنفسها أو بمن ينوب عنها وهو جزء من طبيعة السلطة وبنيتها لا يستوجب اللوم إذ لا يلام الثعبان علي كونه ثعبان ولا العقرب علي كونه عقربا, والسلطة هنا قد تكون سياسية أو مجتمعية.

ورغم اتفاق التجربة البشرية في الكثير من الكليات إلا أن الخصوصية الثقافية لكل مجتمع توضِّح تماما تلك الفروق بين مجتمع يقبل الحقيقة كما هي و آخر يقبل كل ما سواها ويصادر عليها وهي فروق تتدرج بين مجتمعات الأرض كلها.
وهنا يصبح الفيلم الوثائقي مقبولا بشكل ما في مجتمعات بينما ترفضه أخرى إلى حد كبير، ويتوقف ذلك بالطبع على موضوعه ومقاربته لكن المؤكد أن له اهتمام خاص لدى كل سلطات الرقابة رسمية كانت أو غير رسمية.
وإذا كانت التجربة الآنية علي أرض الكنانة تؤكد أن عين السلطة لا تطيق رؤية كاميرا تصوير، فإن للأمر جذوره الممتدة في عمق التاريخ كما أن له مبرراته التي لا يمكن أن تتسِّق وعصر السماوات المفتوحة .

ولعلّ التجربة المصرية منذ عام 1952 وحتى الآن هي الأكثر ثراء بتحولاتها المجتمعية والسياسية والاقتصادية الجبارة، وقد كانت مصر منذ اختراع كاميرا السينما هي البيئة الأكثر ملاءمة للتوثيق بما تحويه من كنوز أثرية وآثار تشهد على آلاف السنين لبشر أقاموا أول دولة في التاريخ.

قراءة بقية المقال PDF


إعلان