لماذا تحتاج إلى الكاميرا؟
قراءة في تحديات صناعة الفيلم الوثائقي
رامي عبد الرازق

“في السينما التسجيلية يجب أن نضع كلمة حقائق بين قوسين عن عمد لأن كون الصورة حقيقية أي ُتصِّور حدث حقيقي لا يعني أنها حقيقة، فالحدث الحقيقي يصور من زاوية تصوير معينة في إضاءة معينة واستخدامه في فيلم يعني استخدامه للتعبير عن وجهة نظر محددة بل إن الحدث المصور في إطار الجريدة الإخبارية أيضا يعبر عن وجهة نظر لأن صانع الجريدة يختار هذا الحدث من بين أحداث متعددة وقعت في نفس الوقت وربما في نفس المكان وطالما هناك اختيار فليست هناك حقيقة مجردة.”
سمير فريد
قد تبدو الفقرة السابقة حديثا حول فلسفة الفيلم الوثائقي بشكل عام ولكنها في حقيقة الأمر تمثل مدخل جيد للحديث عن تحديات صناعة الفيلم الوثائقي في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي شهدته الأوساط السينمائية والتقنية خلال السنوات الأخيرة والذي جعل من السهل على أي شخص أن يصنع مادته الوثائقية الخاصة بل ويقوم بعرضها من خلال إنشاء قناة خاصة على أي من مواقع الفيديوهات- وأشهرها اليوتيوب بالطبع- ليضع كلمة مخرج وثائقي قبل اسمه.
الوثائقية موقف وليست نوع، ولو أضفنا هذا التعريف إلى وجهة نظر الناقد الكبير سمير فريد عن السينما الوثائقية فسوف نجد أن النقاد ومتخذِّي الموقف الوثائقي يركزون بالأساس على وجهة النظر صناع الفيلم في(الحقيقة) أو (الحدث) الذي يصوِّره وعن فكرة (الاختيار) بتعبير سمير فريد الذي ينفي فكرة (الحقيقة المجردة)عن كل حدث أو سياق مصور وبالتالي لا يحاسب صانع الفيلم الوثائقي عن الواقع ولكن يحاسب على وجهة نظره في هذا الواقع وموقفه منه سواء الموقف البصري (زاوية التصوير والإضاءة) أو الموقف الفكري والشعوري أو كما قال بريخت (أن من يريد تقديم الحقيقة عليه أن يعرف لماذا ولمن يقدم هذه الحقيقة).
إذن فإن الثورة الحقيقة التي يجب أن نتتبع مساراتها في السياق الوثائقي ليست ثورة كاميرا بل ثورة فكر، وبالتالي يصبح السؤال كيف أصبح التطور التكنولوجي تحديا لصناع الفيلم الوثائقي وليس داعما لمسيرة النوع الأول في تاريخ السينما؟
![]() |