سلاح الغاز.. القيصر يفعل ما يريد بأوروبا

“يشتري منه الألمان ويبيعه الفرنسيون، ويقبل البريطانيون بتبييض أمواله، وكل بلد في أوروبا يخشى من غضبه”، “صاحب عقل خارق ومثال لضبط النفس وعلى الغرب أن يتعلم منه”.

العبارة الأولى للمحلل البريطاني “إدوارد لوكا” والثانية للباحث الفرنسي “إيمانويل تود”، بينما الرجل المقصود رئيس روسيا “فلاديمير بوتين” الذي يبدو في كثير من الأزمات مستعدا للمواجهة مع الغرب ولا يعبأ بكون قوات الناتو ترابط على مرمى حجر من حدوده.

ونعرض هنا للفيلم الذي أنتجته الجزيرة بعنوان “الغاز.. سلاح القيصر” قضية إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي سيشهد عصره تحوّل الغاز إلى جزء من السياسة الخارجية سواء بالضغط أو المكافأة.

تمثل صادرات النفط والغاز أكثر من 50% من مجموع الناتج المحلي لروسيا، فيما يتركز 35% من الثروة في أيدي نحو 110 أفراد، على خلاف الولايات المتحدة التي يشترك فيها ثلاثة ملايين شخص في نفس هذه الحصة من الثروة.

وحتى عام 2011 كان ثلثا صادرات الطاقة الروسية تمر من أوكرانيا ولا تستطيع كييف خرق قواعد اللعبة التي تمليها شركة “غاز بروم” الخاضعة لسيطرة أشخاص مقربين من الرئيس فلاديمير بوتين.

يقول الصحفي الاستقصائي يورغن روث “غاز بروم ليست شركة عادية للطاقة بل هي سلاح سياسي واقتصادي وعسكري في يد الكرملين”.

خريطة الاعتماد الدولي على الغاز الروسي

وقد ظهر بوتين بنفسه في الوثائقي متحدثا “في عام 2009 وقع حادث بسبب مطالب غير مشروعة وغير عادلة من جانب أوكرانيا. طلبٌ لا يمكن تصوره للحد من سعر الاستهلاك المحلي، مما أدى لوقف صادرات الغاز المتجهة إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية”.

لكن موسكو تمكنت لاحقا من إيجاد ممرات بديلة للأراضي الأوكرانية، بينما لا يلوح في الأفق أن بإمكان أوروبا إيجاد بديل للغاز الروسي.

في عام 2010 انتُخب فيكتور يانكوفيتش رئيسا لأوكرانيا، ورغم أنه كان حليفا قويا لروسيا فإنه وعد الناخبين بالانضمام إلى أوروبا.

الحفاظ على البحر الأسود هو مفتاح احتكار روسيا لتصدير الغاز إلى أوروبا

بعد ثلاث سنوات تورطت حكومة ياكوفيتش في مستويات غير مسبوقة من الفساد، فغسلت المليارات أو حولتها للخارج، ويومها كانت أوكرانيا تدين لروسيا بأموال كثيرة من صادرات الغاز.

وقد احتل الشباب الميدان وسرعان ما انضمت لهم مختلف الفصائل السياسية بما في ذلك أعضاء من اليمين المتطرف الذين كانوا يأملون في الاستفادة من الارتباك.

لا يُعرف من بدأ في إطلاق النار، لكن مئات من الناس قتلوا بالرصاص في العشرين من فبراير/شباط 2014، وبعد يومين هرب الرئيس.

وقد وجدت موسكو في هذا الوضع ذريعة لفرض تحول سياسي قبيل التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت تفكر فقط في الحفاظ على احتكارها لتصدير الغاز إلى أوروبا. والخطوة الأولى لضمان ذلك هي الحفاظ على البحر الأسود ومفتاح ذلك القاعدة العسكرية الروسية في سيفاس يبول.

الغرب أمام اختبار

تتحول الكاميرا إلى دبابات وعربات للجيش الروسي فيما يبدو استعراضا عسكريا ولكنه ليس كذلك، إنه دخول القوات الروسية لجزيرة شبه القرم الأوكرانية وإعلان ضمها للأراضي الروسية في أوائل عام 2014. كان تحركا عسكريا حاسما وخاطفا توّج باستفتاء سريع بعد أسبوعين.

هذه النقطة يعلق عليها الكاتب والدبلوماسي الروسي السابق فلاديمير فوسكي بالقول “بوتين بالنسبة لي ليس إستراتيجيا، إنه رجلُ تكتيك يرد على الضربة بضربة مقابلة. لم يكن في سيطرته على جزيرة القرم أي دليل على مهارته الإستراتيجية”.

لكن المخرج أعطى لبوتين فرصة الرد حيث يظهر مباشرة ليقول “يجب أن نعيد العدالة التاريخية التي غابت عندما أُلحقت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني بأوكرانيا”.

عربات عسكرية روسية تدخل شبه جزيرة القرم وتضمها إلى الأراضي الروسية على مرأى من العالم الغربي

بعد ضم شبه جزيرة القرم خرجت المناطق الشرقية عن سيطرة الحكومة المركزية في كييف، وكان ذلك أيضا بمساعدة عسكرية من روسيا. وعلى الفور ظهرت في وسائل الإعلام رايات وخرائط جديدة لفرض أمر واقع في الشرق الأوكراني.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014 انتُخبت حكومة انفصالية جديدة في دونيتسك، “وباتت أوكرانيا مبتورة ومجردة من صناعاتها الثقيلة وتشعر بأن الغرب خانها”.

تبدو هذه الحسابات سياسية وعسكرية ولكن الغاز وقودها، ويظل في صلب سياسات بوتين تجاه الأوروبيين.

الخوف الأوروبي

يقول المحلل السياسي البريطاني إدوارد لوكا “روسيا مورّد رئيسي للغاز ولكنها ليست المورد الوحيد، يمكن أن نضع احتياطنا الإستراتيجي في فصل الصيف، ويمكننا شراء المزيد من النرويج وفعل أشياء كثيرة. كل هذه الحلول لها ثمن وقد يكون باهظا، ولسنا على استعداد لدفعه، نفضل (نحن الأوروبيين) أن يفوز بوتين بدل الشعور بالبرد أو أن نصبح أكثر فقرا”.

عند هذه النقطة تطل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتعترف بأن “الغاز جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية لروسيا وليس سرا أنها تستغل اعتماد الدول الأوروبية على غازها لإبقائها (أوروبا) ودودة أو خائفة”.

وعبر الغاز تهيمن روسيا على دول الاتحاد السوفياتي السابق، وهذا ما يحاربه الرئيس التنفيذي السابق لشركة “غاز بلغاريا” فاسيل فيليبوف.

يقول فيليبوف إنه اكتشف أنه كان يخدم روسيا وليس بلده، وقد نجا من محاولات اغتيال بعد تصريحات أدان فيها هذا الوضع. حاليا يحمل معه سلاحه بشكل دائم ولديه عشرة هواتف لمحاربة التنصت على مكالماته، فيما يجهز مكتبه بنوافذ واقية من الرصاص.

يضيف “حتى الآن لم تتمكن بلغاريا من الاستقلال في مجال الطاقة. لقد سمَحَت دائما للاتحاد السوفياتي باستغلالها أو إعاقتها، وروسيا اليوم وريث هذه الدولة الاستعمارية”.

لدى روسيا احتياطات هائلة من الغاز وتجد من يشتريه في أوروبا، وتهدف “غاز بروم” لبقاء الوضع على ما هو عليه. وفي عام 2011 قامت “غاز بروم” وشركاؤها الأوروبيون بالالتفاف على أوكرانيا من الشمال عبر خط أنابيب تحت بحر البلطيق يحمل اسم “نورث ستريم”.

كان بوتين أيضا يعتزم الذهاب إلى أبعد من ذلك عبر مشروع آخر من الجنوب يدعى “ساوث ستريم”، حتى يصل الغاز في قاع البحر الأسود إلى الأراضي البلغارية.

ويرى النائب البلغاري السابق “ديمتار إيفانوف” أن “خط ساوث ستريم ليس مربحا مطلقا، إنه مشروع سياسي بحت لتوسيع إمدادات الغاز الروسي”.

مرة ثانية يعود المخرج إلى الرئيس بوتين ويظهر محاطا بعدد من الساسة ورجال الأمن والصحفيين، ولكنه لا يتفقد قاعدة عسكرية وإنما يدشن أنبوبا ينقل الغاز إلى أوروبا.

الآليات الروسية تمد أنابيب الغاز عبر البلدان

تسعى قواعد الاتحاد الأوروبي لمنع غاز بروم من احتكار الغاز في أوروبا، ولكن الوضع يبدو صعبا لكون الشركة هي المنتج والموزع في ذات الوقت وتمتلك حق المرور في ست دول أوروبية هي النمسا وهنغاريا وبلغاريا وكرواتيا وسلوفينيا واليونان. ويرفض بوتين تطبيق القواعد الداخلية للاتحاد الأوروبي على الشركة الروسية.

وبالنسبة لإيفانوف فإن بلغاريا وجدت نفسها بين الشيطان وقاع البحر الأزرق “فمن جهة لديها التزامات تجاه الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى يجب أن تدافع عن مصالح روسيا التي تؤثر بشكل واضح على سياستها واقتصادها”.

في مرحلة لاحقة دفعت الضغوط الأميركية والأوروبية بوتين للتخلي عن مشروع “ساوث ستريم”، وبدلا منه قررت غاز بروم بناء أنبوب يمر عبر أراض أكثر خضوعا لرغبة الكرملين، إنها أراضي رومانيا.

وفي الوقت نفسه وقّع بوتين تحالفا مع تركيا، البلد العضو في شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما زرع المزيد من الشقاق بين موسكو والغرب.

أثرياء ومتنفذون

وفقا لصحفيين وسياسيين فإن الأنابيب الروسية لا تنقل الغاز فقط وإنما الفساد أيضا، وهذا ما يوضحه الصحفي الاستقصائي آسين يوردانوف “إذا كان هناك الكثير من الكلام عن الفساد في بلغاريا، فإن المسؤولين الحقيقيين هي تلك الكيانات الاقتصادية الخاضعة لسيطرة الهياكل السياسية المرتبطة بأمن الدولة وأجهزة الاستخبارات والـ كي جي بي الذي ينتمي إليه السيد بوتين”.

غريغور ليلوف هو الآخر صحفي تحقيقات، ويرى أنه “ليس مستغربا وجود مليارديرات في بلغاريا، فقد ذهبت الأموال إلى جيوب الزعماء والمحيطين بهم خلال سنوات الانتقال الديمقراطي، وتقدر هذه الأموال بـ18 إلى 25 مليار دولار، وهذا رقم كبير بالنسبة لبلد فقير”.

تنفق بلغاريا في الحملات الانتخابية أكثر مما تنفق أمريكا، وبلغاريا هي البلد الأكثر امتلاكا للسيارات الفخمة في أوروبا وبها شواطئ فاخرة وأنماط حياة غنية.

هذه الأنماط تناقض حقيقة أن غالبية السكان يعيشون على عتبة الفقر، بينما النظام المصرفي في حالة حرجة جدا، فأسعار الفائدة على القروض تتراوح بين 12 و18% بينما لا تتجاوز 2% في أوروبا، وفق المقاول البلغاري نيكولا زهاريف.

ويضيف “وبعد سقوط جدار برلين بدأنا من الصفر، والذين لم يكن لديهم نشاط غسيل أموال ولا يحظون بدعم بعض الأطراف النافذة وجدوا أنفسهم في وضع صعب جدا”. الأطراف النافذة تعني المقربين من الروس وبالذات أولئك الذين تربطهم علاقات وثيقة بشركة “غاز بروم”.

النبش في وشائج السلطات البلغارية والـ كي جي بي جلب للصحفي الاستقصائي “خريستو خريستوف” الكثير من المتاعب، فقد تعرض بيته للتخريب وكذلك سيارته، وهُدد هو وأسرته بشكل مباشر في العديد من المناسبات.

يقول خريستوف “الأجهزة الحالية تعتقد أنها فوق القانون، ويعملون بأدوات ما قبل 25 عاما ولا يخدمون المصلحة العامة. إنهم يتلقون الأوامر من أشخاص توجههم موسكو”.

سلطة الغاز

من يتحكم في الغاز يتحكّم في السلطة. في النموذج الروسي فإن غالبية من يحكمون اليوم هم ورثة أولئك الذين كانوا يتحكمون في خيوط اللعبة.

وإلى جانب الغاز يمتلك بوتين مهارات شخصية تضمن له التأثير على أوروبا وزعمائها، وفق العديد من المحللين والباحثين.

يقول المحلل البريطاني لوكا “بوتين يتوفق في تحديد الناس الضعفاء، بعضهم لديهم مشاعر معادية لأمريكا وآخرون أكثر تقبلا للإطراء، وفي بعض الأحيان هناك مصلحة تجارية. بوتين يعرف مكامن الضعف، يتلاعب بالناس بحكم تجربته في الاستخبارات، وفي بعض الأحيان يستخدم علم النفس”.

ولأكثر من 25 عاما أجرى “يورغين روث” تحقيقا عن عصابات المافيا في روسيا وأوروبا الشرقية، ونشر أكثر من ثلاثين كتابا عن الموضوع.

يرى روث -الذي تعرض لتهديدات بعضها من وزير الداخلية البلغاري أن حكومات الدول الغربية ليست مقتنعة حقا بأن النظم الغربية تكون عرضة للخطر عندما تكون هناك علاقات بين جماعات الجريمة المنظمة والمافيا وممثلي الدولة. “وفي الجبل الأسود وبلغاريا وكوسوفو نلاحظ في جميع هذه الحالات وجود علاقة وثيقة بين الجريمة المنظمة والنخبة السياسية والفساد”.

وإذ كنت تبحث عن مقارنة بين حجم تأثير موسكو والاتحاد الأوروبي في بلغاريا، فإن الصحفي “غريغور ليلوف” يستطيع أن يجيبك. لكن هذا الجواب غريب وصادم جدا “الاتحاد الأوروبي هو أكبر مستثمر في منطقتنا؛ في بلغاريا ورومانيا. إنه مستثمر أساسي ولكن في الوقت ذاته ليس له تأثير يقارن بتأثير رجل أعمال نافذ مثل رئيس شركة غاز بروم”.

مأزق الأطلسي

يبدو الأمر أكثر غرابة إذا علمنا أن روسيا تمارس هذا النفوذ على مقربة من قاعدة عسكرية للناتو في بلغاريا.

عند هذه النقطة يفسح مخرج الفيلم المجال لمسؤولي حلف الناتو للرد على محدودية تأثيرهم أمام قوة روسيا ونفوذها المتعاظم في أوروبا. يقول “روبرت كامنسكي” وهو نائب أميرال وقائد في البحر الأسود “أوضح الناتو في بيان قوي أن دول الحلف متحدةٌ ردا على الوضع بين روسيا وأوكرانيا، ولإثبات ذلك أجرينا مناورات بحرية أكدنا فيها حضورنا على أرض الواقع”.

أما الفريق “شارل بوشار” وهو قائد سابق في حلف الناتو، فتساءل: هل يمثل الحلف قوة ردع لمنع بوتين من القيام بشيء؟

ويجيب على تساؤله بالقول “إن المادة رقم 5 هي الفاصل، ولكن بوتين يعرف أنه لا يمكن أن يتجاوز هذا الخط”. وتنص المادة الخامسة من ميثاق الناتو على أنه إذا تعرض أحد بلدان الحلف للغزو يجب على باقي الدول الأعضاء أن تهب لنجدته والدفاع عنه بأفضل ما تملك.

ويعلق “جيمس أباتوراي” الممثل الخاص لأمين عام الحلف “نعرف جميعا أن دول البلطيق ضعيفة وكنا دائما مدركين ضرورة الدفاع عنها وهذا أمر محسوم وليس من فراغ. أنا على يقين أنه إذا حدث شيء ما في إستونيا فإن الناتو لن يتخلى عن الرد المناسب”.

هذه الحسابات لا تغيب عن بوتين، إذ يقول في الوثائقي “إذا انضمت أوكرانيا لحلف الناتو على سبيل المثال فإن البنية التحتية للحلف ستقترب أكثر من حدودنا ولن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء هذا الوضع”.

لكن المحلل البريطاني لوكا لا يثق بأحاديث قادة الحلف لأن “روسيا تلعب على هذا الوتر، وتعرف أننا لا نريد المواجهة بينما هي لا مانع لديها من المواجهة، ومن المغري جدا لبوتين تقويض مصداقية الناتو بعد أزمة أوكرانيا”.

ويرى أن أوروبا لا تريد الضغط على بوتين لتغيير سلوكه، بل على العكس من ذلك “الألمان يريدون شراء الغاز منه والفرنسيون يريدون بيعه سفنهم والبريطانيون لا يمانعون في تبييض أمواله، وكل بلد في أوروبا يخشى من إغضابه، وهو يعلم ذلك”.

العقل الخارق

ومن الدلائل على هذا أن بوتين يعرف مشاغل القادة الأوروبيين، وعندما كان الرئيس الفرنسي الأسبق “نيكولا ساركوزي” بحاجة لخلق فرص عمل، بادر بوتين فاشترى منه سفن ميسترال التي تمثل المعيار الجديد لقوة الردع في حلف الناتو. وقبل اكتمال الصفقة “حضر 400 من البحرية الروسية لنقل التكنولوجيا”.

ووفق الباحث الفرنسي إيمانويل تود فإن بوتين “صاحب عقل خارق ومثال لضبط النفس وحظي بتدريب ممتاز في الكي جي بي”.

ينقل تود عن مؤرخة فرنسية قولها إن الكي ج بي شبيه بالمدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا. ولكنه يرى أنه “ليس في الحكومة الفرنسية من يرقى لمستوى بوتين، وفي رأيي ينبغي أن يتعلم الغرب بعض الدروس من روسيا اليوم”.

ويلفت الصحفي روث إلى أن بوتين يؤثر في أحزاب اليمين واليسار بأوروبا “ويتوددون له ربما بسبب الدعم المالي أو بسبب كراهيتهم المتأصلة لأمريكا والاتحاد الأوروبي، وروسيا تلعب هذه الأوراق بطريقة فعالة جدا”.

مرة أخرى يطل بوتين على الشاشة وبصحبته كبار الجنرالات ليقول بنبرة هادئة “معا نستطيع التغلب على كل شيء، فلنبق متحدين، المجد لروسيا”.

بعض المعلقين الغربيين هاجموا استبدادية بوتين وغياب الديمقراطية وحرية التعبير في روسيا، لكن القيصر يعرف كيف يسوّق نفسه لمواطنيه المغرمين بصلابته إزاء الغرب.

ظهر في برنامج تلفزيوني بعنوان “خط مباشر مع بوتين” يجيب على أسئلة مواطنيه، وهذه المرة استقبل مكالمة قيل إنها مفاجئة من عميل المخابرات الأميركية السابق “إدوارد سنودن” المقيم في روسيا؛ سأل: “أود أن أسألكم عن التجسس على الاتصالات عبر الإنترنت وجمع البيانات الشخصية من طرف الاستخبارات والشرطة”.

رد بوتين “عزيزي سنودن أنت عميل سابق، جاسوس، وأنا عملت سابقا في جهاز استخبارات، يمكننا أن نتحدث بلغة مهنية واضحة، جهودنا الاستخبارية مقيدة بما يسمح به القانون، ليس لدينا نظام يسمح بالتنصت على مواطنينا على نطاق واسع، ولا يمكن أن يكون في ظل قوانيننا”.

وحتى لو كان بوتين عدوا للديمقراطية وقيم الغرب كلها، فإن حاجة أوروبا للغاز وبالذات في فصل الشتاء تجعلها تستبعد فكرة المواجهة مع موسكو.

وبالنسبة للمحلل لوكا يبقى “الكابوس هو أن تنجح روسيا فيما فشل فيه الاتحاد السوفياتي السابق وهو تحييد القارة الأوروبية والهيمنة عليها”.


إعلان