طريق السموني يفوز بـ”العين الذهبية” في مهرجان كان

أسماء الغول

 

استعاد المخرج ستيفانو سافونا أفراد عائلة السموني الذين رحلوا خلال حرب غزة التي بدأت في ديسمبر 2008 كشخصيات كرتونية تسرد حكايتها من جديد، في الوقت الذي تحاول عائلة السموني في غزة أن تتابع حياتها بعد مأساة فقد 29 فرداً منها عقب قصف إسرائيلي لمنزل يحتمون به في الرابع من يناير 2009، واستغرق المخرج الإيطالي سافونا تسع سنوات في صناعة الفيلم بين غزة وفرنسا وإيطاليا، وكان قد بدأ إنتاجه عام 2009 حين تواجد في غزة وقابل أفرادا من العائلة بعد انتشال جثث أفراد عائلتهم مباشرة.

ونجح المخرج في أن يجمع بين التصوير الوثائقي لحياة العائلة، وتحريك الرسوم اليدوية في فيلم “طريق السموني” الذي حصل على جائزة “العين الذهبية” لأفضل وثائقي في مهرجان “كان” من بين 17 فيلماً مؤهلاً للحصول على الجائزة.

 واعتمد على رسوم يدوية رسمها الرسام والمخرج العالمي “سيمون ماسي” ومن ثم تحريكها في مقاطع استغرقت 45 دقيقة من فيلم تزيد مدته على الساعتين، وذلك في محاولة لوضع صورة تخيلية لإعدام العائلة عبر الرسوم المتحركة.

حصل الفيلم على جائزة "العين الذهبية" لأفضل وثائقي في مهرجان "كان" من بين 17 فيلماً مؤهلاً للحصول على الجائزة.

وبدأت قصة الفيلم حين سمع سافونا بما حدث للعائلة أثناء وجوده في غزة قبل انتهاء حرب “الرصاص المصبوب” بأسبوع، وكان دخلها عن طريق مصر. في البداية لم يصدق سافونا ما يقوله الناس وشعر بأنه ربما يكون هناك مبالغة، لكنه حين ذهب وتعرف على قصة الطفلة أمل السموني وكيف أعدم جيش الاحتلال والدها أمامها، وقابل الأطفال الذي عُلقوا مع جثث أقاربهم ثلاثة أيام إلى أن دخل الصليب الأحمر، تأكد أن الحقيقة أكثر فظاعة مما يمكن وصفه.

بقي سافونا مع العائلة لنحو شهر يصور ما يحدث، ثم عاد في 2010 ليصور من جديد حياة أفرادها بعد سنة، ووجدهم عادوا لزرع حقولهم، كما حضر أول حفل زفاف للعائلة بعد المأساة، ومن هنا ولأن المخرج خشي من أن ينسى أحد ما حدث، وما قاله الموتى، فكر أن يبقيهم أحياء في فيلمه حتى لو عبر الرسومات.

وركز الفيلم على حياة عائلة السموني ومنطقتهم التي تشبه القرى الصغيرة، عبر مرور الوقت، وكيف غيرتهم الحرب وغيرت شارعهم.

وحرص المخرج وفريق العمل ألا يذهب الفيلم إلى منطقة التوثيق الإخباري، أو البكاء على الضحية واستجداء المشاعر. بل يبني حياة العائلة خلال ثلاثة أزمنة؛ إعادة آل السموني إلى ما قبل الحرب في حي الزيتون عبر إحياء للموتى باستخدام الرسوم وتحريكها “أنيميشن”، ومن ثم سرد ما حدث لهم في الحرب وقصص الشهداء بلقطات تجمع بين الوثائقي والرسوم المتحركة، وأخيرا كيف أصبحت حياتهم بعد الخسارة.

وفي تصريح للـ”جزيرة الوثائقية” قال المخرج سافونا تعليقا على جائزة مهرجان كان “إنها مسؤولية كبيرة وشرف فريد، بعد كل هذه السنوات من العمل الشاق، قصة يصعب تصديقها من هذه العائلة”. وأضاف “آمل أن يكون فيلمي على مستوى ما منحتني إياه الطفلة أمل وأسرتها من ثقة وفرصة لرواية ألمهم”، مشيراً إلى أن الفيلم استغرق وقت عمل طويل بسبب الرسومات اليدوية التي يتم تحريكها، فـ45 دقيقة من رسوم يدوية يعني جهدا ووقتا مضاعفين.

استغرق المخرج الإيطالي ستيفانو سافونا تسع سنوات في صناعة الفيلم بين غزة وفرنسا وإيطاليا.

واعتبرت لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج الحائز على “جائزة سيزار” إيمانويل فينكيل أن الفيلم فيه عدة عناصر تخوله للحصول على الجائزة؛ “الطريقة الذكية للتصوير، والنظرة الحساسة، والاستخدام الدقيق للرسوم المتحركة لتعزيز رواية القصة، إنها عناصر تسهم في انغماس أنفسنا في تقارب استثنائي مع الكائنات المحبوسة في واقع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي لا يطاق”.

ولم يقتصر حضور غزة في مهرجان “كان” على فيلم “طريق السموني”، بل كان لأحداث مسيرات العودة أثرها على أيام المهرجان، خاصة عقب استشهاد 62 شاباً وشابة خلال مسيرات سلمية على طول حدود قطاع غزة بنيران جنود إسرائيليين في الرابع عشر من مايو الجاري. وشارك العديد من النجوم والمخرجين والنجمات العالميين في وقفة احتجاج وصمت على الأحداث أمام الجناح الفلسطيني في المهرجان؛ ومنهم الممثل بينيشيو ديل تورو والممثلة الفرنسية فيرجين ليدوين.

 كما حملت الممثلة اللبنانية منال عيسى لافتة احتجاج كتبت عليها “أوقفوا الهجوم على غزة” خلال وجودها على السجادة الحمراء حيث تشارك في فيلم “قماشتي المفضلة” الذي كان ينافس على جائزة الكاميرا الذهبية في المهرجان.

 


إعلان