مهرجان وهران.. السينما العربية في مكان مخصص لها

قيس قاسم

تنطلق الدورة الحادية عشرة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي خلال الفترة من 25 إلى 31 تموز/ يوليو الجاري.

تنطلق الدورة الحادية عشرة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي خلال الفترة من 25 إلى 31 تموز/ يوليو الجاري وهي محملة بدلالات الرقم الذي تحمله، وتكمن في طيات هذه الدورة تحديات تتجاوز تجربة عقد من الزمن ولم يعد أمام المهرجان خيار سوى تكريس نفسه كواحد من المهرجانات العربية المختصة. وبحكم تميّزه عن بقية المهرجانات الدولية فإنه مطالب بتقديم كل جديد وجيد في دورته هذه، وبتوسيع دائرة فعالياته من حيز العرض إلى التنشيط المعرفي والبحثي، انطلاقا من حقيقة أنّ المهرجان يظلّ بحكم تخصصه محكوما بما تنتجه السينما العربية من أفلام خلال العام الواحد صعودا أو هبوطا.

تشي مراجعة برنامج دورته الجديدة بانتباه المهرجان إلى ذلك الجانب، فإلى جانب مشاركة 38 فيلما في المسابقة الرسمية، منها 10 أفلام روائية طويلة و14 وثائقيا و14 روائيا قصيرا ستتنافس كلها على جوائز الوهر الذهبي. كما ارتأت إدارة المهرجان تنظيم عدد من الورشات والندوات السينمائية يُديرها مختصون من الجزائر والعالم العربي، ناهيك عن “ماستر كلاس” للممثلة الجزائرية نوال مدني، وورشة كبيرة يديرها مختصون في السينما من الولايات المتحدة الأمريكية.

فيلم "لم نكن أبطالا" للمخرج نصر الدين قنيفي المشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.

ويبدو أن الحضور الجزائري في الدورة الحالية سيكون لافتا، سواء على مستوى عدد الأفلام المعروضة أو التكريمات، ففي المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة هناك فيلم “لم نكن أبطالا” للمخرج نصر الدين قنيفي، إضافة إلى نص مقتبس من كتاب “المعتقل” لعبد الحميد بن زين الذي يتَذَكر ويوثق فيه تجربة المعتقلين الجزائريين في السجون الفرنسية الخاصة، إلى جانب فيلم “إلى آخر الزمان” لياسمين شويخ، وهو الفيلم المشحون بالعواطف والمجسد لمناخات رومانسية جرت في أمكنة شديدة الخصوصية وبعيدة عن المألوف.

وتضم المسابقة كذلك أعمالا عربية بعضها حصل على جوائز مهرجانات سينمائية مهمة، كفيلم “واجب” للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والفيلم التونسي “تونس في الليل”، والفيلم المغربي “كيليكيس.. دوار البوم”، إضافة إلى الفيلم المصري “فوتوكوبي”.

 

 

 

وثائقيات عربية

وفي المسابقة الوثائقية سيدخل المنافسة الفيلم الجزائري المهم “معركة الجزائر.. فيلم في التاريخ” للمخرج مالك بن إسماعيل، وهو الساعي إلى قراءة تاريخ النضال التحرري الجزائري من خلال الفيلم الشهير “معركة الجزائر” الحائز على جائزة الأسد الذهبي لمهرجان فينيسيا الدولي عام 1966.

وسبق لفيلم بن إسماعيل الجديد أن عُرض في مهرجانات عالمية كبيرة وحظي بترحيب نقدي لمحاولة مخرجه كشف خفايا وأسرار إنتاجه الشديدة الارتباط بمراحل تصاعد حركة التحرر الوطني الجزائرية من الاحتلال الفرنسي، والصراعات الداخلية لقادتها بعد انتصارها، وإشارته أيضا إلى قوة تأثيرها على حركات تحرر عالمية وعربية، إضافة لكفاءته الفنية لأنه لم يقصر قراءته على آراء من شاركوا فيها فحسب، بل تعداها إلى محاولته فهم معنى أن توثق فيلما سينمائيا غير عادي بكل المقاييس.

 

 

 

ومن بين الوثائقيات المعروضة فيلم “مرايا الشتات” للعراقي قاسم عبد، و”طعم الإسمنت” للسوري زياد كلثوم الذي يتناول فيه مقاطع من حياة العمال السوريين المهاجرين إلى لبنان وعُزلتهم عن المكان الذي يعملون فيه، ونال الفيلم العديد من الجوائز لقوة بنائه الفني، وهو ما رفع مستواه وجعله من بين أهم الأفلام الوثائقية العربية المنتجة مؤخرا.

يترأس لجنة تحكيم المسابقة الوثائقية المخرج العراقي قاسم حول، في حين يترأس المخرج الجزائري المرموق مرزاق علواش لجنة مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وتولت الممثلة اللبنانية تقلا شمعون رئاسة لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة التي اعتاد المهرجان على انتقاء الأفضل منها سنويا.

فيلم "مرايا الشتات" للعراقي قاسم عبد سيكون من بين الوثائقيات التي سيتم عرضها.

ورشات وندوات وفعاليات

ويحاول المهرجان خارج المنافسة توسيع دائرة عروضه إلى مناطق مختلفة من البلاد، حيث سيشهد هذا العام فعاليات موازية في ثلاث ولايات جزائرية قريبة من وهران هي معسكر ومستغانم وسيدي بلعباس، وستحتفي الأخيرة بتجربة المخرج الجزائري سي علي مازيف، كما ستشهد الولايات عروضا خاصة وتكريم شخصيات خارج البرنامج العام لوهران.

 

 

الورشات التدريبية التي ستقدم في هذه الدورة جديرة بالتنويه لتعدد مستوياتها وحرصها على إشراك أكبر عدد من المهتمين بالسينما وتطوير معارفهم النظرية في كافة حقولها مثل: ورشة “صناعة الفيلم القصير” بإشراف شوقي أبو بكر وصوفي بلانفيلان، و”احترافية كتابة سيناريو الفيلم السينمائي” يقدمها ناصر محمد عجاج، وورشة “سيناريو الفيلم الوثائقي” بإشراف إيفرينك بلاتاش ورشدي رضوان.

وفي حقل الندوات الفكرية والتقنية المتخصصة والموجهة للسينمائيين ومهنيي قطاع السينما والسمعي البصري والمهتمين والجمهور الواسع بشكل عام، قررت إدارة المهرجان تنظيم خمس ندوات يشارك فيها أساتذة وباحثون وسينمائيون ومهنيون مختصون في السينما والأدب من مختلف بلدان العالم.

ستُدشن هذه الدورة أعمالها بالفيلم المصري "كارما" للمخرج خالد يوسف الذي سيكون حاضرا في وهران مع صنّاع الفيلم.

شخصيات سينمائية

كعادته يكرّم المهرجان وفي كل دورة من دوراته شخصيات سينمائية متميزة بعطائها، حيث ستكرم دورة هذا العام فنانَين غابا عن عالمنا، وهما الممثلة والمطربة المصرية شادية، والمخرج الجزائري فاروق بلوفة صاحب الفيلم الوحيد “نهلة” الذي يعد منجزا سينمائيا متفردا، وذلك لتناوله الحرب الأهلية اللبنانية وانعكاساتها الخطيرة ليس على لبنان فحسب، بل على الوطن العربي كافة والجزائر خاصة كون بطله كان صحفيا جزائريا جاء إلى بلد عربي وعاش تناقضاته التي لا تنفصل كثيرا عن تناقضات مجتمعه الجزائري، وهو ما اضطره لعيش جزء طويل من حياته مبعدا عنه، فتكريمه في وهران سيكون بمثابة إعادة اعتبار له بعد حين.

هذا العام تقرر إقامة حفل الافتتاح في قاعة “سينما المغرب”، وستُدشن الدورة أعمالها بالفيلم المصري “كارما” للمخرج خالد يوسف الذي سيكون حاضرا في وهران مع صنّاع الفيلم.


إعلان