مهرجان أيام قرطاج.. مات نجيب والسينما حيّة لا تموت

بلال المازني

تعود أيام قرطاج السينمائية هذه السنة بطعم مُرّ وببعض العيون المُدمعة، وذلك بعد أن فقدت تونس اثنين من أعمدة السينما لديها، هما نجيب عيّاد المنتج ومدير المهرجان الذي أعاد له بريقه وقيمته العربية والأفريقية التي كادت أن تُفقد، والمخرج شوقي الماجري صاحب الدراما الراقية والصورة العالمية.

ومن داخل إطار شاشة عملاقة في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة في العاصمة التونسية، أطلّ المُنتج الراحل والمدير العام لأيام قرطاج السنيمائية نجيب عيّاد جنديَّ الثقافة الذي قتله التزامه المُفرط كما اختارت أن تصفه زوجته خلال تأبينه، وذلك بعد رحيله المفاجئ.

وتكريما لذكرى نجيب عيّاد بث المهرجان تسجيلا للراحل جال خلال دقائق في بعض ذكرياته، لينتهي بجملتين على لسانه: عاشت أيام قرطاج السنيمائية، وعاشت تونس.

في شهر أغسطس/آب الماضي غادر عيّاد الحياة وهو يضع اللمسات الأخيرة على برنامج هذه الدورة التي بدأت أمس السبت الموافق لـ26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتستمر حتى الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لينجز قرابة 80% من البرنامج الحالي.

ويتضمن البرنامج 170 فيلما عربيا وأفريقيا، منها 44 فيلما في المسابقة الرسمية تتوزع ما بين 12 فيلما روائيا طويلا و12 روائيا قصيرا، و12 فيلما وثائقيا طويلا و8 وثائقية قصيرة.

وقد أهدى المنتج التونسي حسن دلدول للراحل نجيب عياد “التانيت الذهبي” الخاص الذي تسلمه ابناه تكريما لذكراه.

المخرج نوري بوزيد في كلمة الافتتاح
المخرج نوري بوزيد في كلمة الافتتاح

“عرائس الخوف”.. فيلم الافتتاح

اختار الراحل نجيب عياد فيلم “عرائس الخوف” للمخرج النوري بوزيد ليفتتح المهرجان، ويروي قصة فتاتين من تونس عادتا من سوريا بعد هربهما من تنظيم الدولة لتواجها جحيم المجتمع الذي لفظهما. وكان بوزيد قد حاز مرتين على التانيت الذهبي عن فيلمي “ريح السد” و”آخر فيلم”.

وقد دعا المخرج السينغالي ألان غوميز الذي يترأس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة والقصيرة إلى مشاهدة الأفلام التي ستُعرض في هذا المهرجان، لأنه لن يكون هناك فضاء مناسب دون المهرجان لمشاهدتها.

رئيس لجنة التحكيم الان غوميز
رئيس لجنة التحكيم الان غوميز

أفلام متنافسة

ويشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة المخرج الجزائري أمين سيدي بومدين بفيلم “أبو ليلى”، والمخرجة مريم توزاني بفيلم “آدم”، والمخرج المصري هشام صقر بفيلم “بعلم الوصول”، وستكون السينما السورية حاضرة من خلال فيلم “بين أخوين” للمخرج جود سعيد.

كما سيشارك المخرج العراقي في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية بفيلم “شارع حيفا”، وسيعرض فيلم “سيدة البحر” للمخرجة السعودية شهد أمين في المسابقة، إلى جانب فيلم “نورا تحلم” للمخرجة هند بوجمعة، والذي تقوم فيه الممثلة التونسية هند صبري بدور البطولة.

وضمن برنامج المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة تتنافس العديد من الأفلام المتميزة من جنسيات مختلفة، وتشارك تونس بخمسة أفلام وثائقية طويلة وفيلمين قصيرين، من ضمنها الفيلم الوثائقي الطويل “غياب” للمخرجة فاطمة الرياحي، وفيلم “عالبار” للمخرج سامي التليلي، كما سيتنافس فيلمان من السودان على التانيت الذهبي وهما فيلم “تسلل الخرطوم” للمخرجة مروى زين، و”حديث عن الأشجار” للمخرج صهيب الباري.

أيام قرطاج السنيمائية هو مهرجان سينما المؤلف والالتزام،
أيام قرطاج السنيمائية هو مهرجان سينما المؤلف والالتزام،

هل يحافظ على ملامحه الأفريقية؟

أيام قرطاج السنيمائية هو مهرجان سينما المؤلف والالتزام، ولا يزال المهتمون بالشأن السينمائي الحاضرين في أيام قرطاج السينمائية يأملون بأن يحافظ المهرجان على هويته الأفريقية والعربية، رغم أنه قبل سنوات قليلة كاد أن يفقد ملامحه الأفريقية بسبب هاجس الانفتاح على التحديات التجارية، إضافة إلى المشاكل الكونية التي ترويها السينما العالمية.

ورغم الخسارة التي شهدتها السينما العربية برحيل فنانين ومخرجين كبار مثل المخرج التونسي شوقي الماجري، والذي كان يحتفظ بكلمة تأبين صديقه المنتج نجيب عيّاد ليوم افتتاح المهرجان قبل أن يختطفه الموت بدوره، والممثل المصري عزت أبو عوف، والمخرج المغربي عزيز ميهوب، والمخرجة اللبنانية جوسلين صعب وغيرهم؛ يتطلع صُنّاع السنيما في العالم العربي وفي أفريقيا أو ما يسمى بـ”سينما الضفة”، أن يصبح المهرجان بوصلة لصناعة الأفلام غير التجارية التي تحقق رواجا يتجاوز الضفة الجنوبية للعالم.


إعلان