نيوزيلندا.. “جنة” المسلمين التي دنّسها “شيطان” الإرهاب

يونس مسكين

لم يكن الإرهابي برايتون ترانت يتوقع أن جريمته التي نفذها بدم بارد داخل مسجد النور النيوزيلندي وقتل فيها 50 مسلما، ستحوّل هذا البلد إلى “قبلة” جديدة للمسلمين

لم يكن الإرهابي برايتون ترانت[1] يتوقع أن جريمته التي نفذها بدم بارد داخل مسجد النور النيوزيلندي وقتل فيها 50 مسلما، ستحوّل هذا البلد إلى “قبلة” جديدة للمسلمين.

ففي الوقت الذي تنتشر فيه الإسلاموفوبيا واستهداف المسلمين عبر “شيطنتهم وإلباسهم تهمة الإرهاب في بقاع الأرض التي هاجروا إليها واستوطنوها منذ قرون؛ تحوّلت نيوزيلندا بعد هجوم 15 مارس/آذار 2019 الإرهابي إلى صخرة تكسّرت عليها موجة المد اليميني والشعبوي الآخذة في الصعود سياسيا في العالم الغربي.

وشهدت نيوزيلندا -التي لم تستقبل الهجرة الإسلامية إلا حديثا- موجة تضامن وتعاطف كبيرين مع المسلمين عقب هجوم مسجد النور، سواء على المستوى الرسمي أو في الأوساط الشعبية.

جاسيندا.. وجه نيوزلندا

“لقد تغير تاريخنا إلى الأبد. الآن سوف نغير قوانيننا أيضا”[2].. هكذا عبرت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن السيدة التي أبهرت العالم بمن فيه المسلمون بارتدائها الحجاب الإسلامي وخروجها لاحتضان مسلمي بلدها المكلومين إثر الجريمة الدامية.

وفي الوقت الذي يتحسّس جلّ السياسيين الغربيين أسلحتهم تأهبا للانتقام من المسلمين بمجرّد صدور شرارة تفجير أو إطلاق نار منسوب لشخص مسلم، قالت جاسيندا في أحد مؤتمراتها الصحفية “بعد ستة أيام من هذا الهجوم نعلن عن فرض حظر على جميع الأسلحة النصف الآلية شبه العسكرية والبنادق الهجومية في نيوزيلندا”.

هكذا قلبت نيوزيلندا محاولة الإرهابي ترانت ومن يقف خلفه لتنفير المسلمين من أحد أكثر دول العالم استقبالا للمهاجرين واللاجئين، إلى فرصة تعرّف معها أكثر من مليار مسلم على بلد لم يكن أغلبهم قادرا على تحديد موقعه الجغرافي فوق الخريطة.

قصة هذا البلد أقرب إلى المعجزة الإنسانية، فنيوزيلندا واحد من آخر المواقع الجغرافية التي اكتشفها الإنسان الغربي في العصر الحديث، وهي أبعد نقطة مأهولة عن القارات الكبرى، وتكاد تكون المحطة الأخيرة في طريق السفر نحو القطب الجنوبي.

أقل من قرنين بعد وصول المستكشفين والغزاة البريطانيين إلى هذه الجزر العجيبة كانا كافيين لصنع قصة تتطلّب روايتها الحفر تحت قشرة التاريخ والجغرافيا لفهم كيف تحوّلت هذه الأرض القصية إلى ملاذ لخليط بشري من جميع الأديان والأعراق، وواحدة من جنات حقوق الإنسان وملاذات اللاجئين، وأول رقعة أرضية سكنها الإنسان منحت المرأة حق التصويت في الانتخابات، وفوق كل ذلك قصة المسلمين مع هذا الأرخبيل منذ أقدَم أول مهاجر مسلم على أداء يمين المواطنة أمام المحكمة، وإلى غاية مجزرة مسجد النور الأليمة.

الأرض البعيدة

تقع جزر نيوزيلندا شرق وجنوب شرق أستراليا، وتتألف من جزيرتين رئيسيتين هما الجزيرة الشمالية والجزيرة الجنوبية، فضلا عن مجموعة من الجزر الصغيرة[3].

تبلغ مساحة نيوزيلندا 218 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل حجم اليابان أو الجزر البريطانية. وتشير الدراسات إلى أن اكتشاف نيوزيلندا من طرف الإنسان يعود إلى حوالي ألف عام، وذلك على يد بعض القبائل النيولينيزية، أي القبائل الأصلية التي تعيش في جزر المحيط الهادي.

ظلت نيوزيلندا تلفها العزلة إلى أن تم اكتشافها في العصر الحديث على يد مستكشف هولندي يدعى “آبل تسمان”، وذلك عام 1642 ميلادية، ثم أكمل اكتشافها الإنجليزي جيمس كوك عام 1769 ميلادية.

في موقعها المعزول عن بقية العالم، احتضنت نيوزيلندا أنواعا غريبة من الكائنات لا شبيه لها بين باقي المخلوقات الموجودة فوق الأرض، حيث تم التوصل إليها بفضل الأحافير والمتحجرات الشاهدة عليها.

من غرائب أرض الجزر النيوزيلندية، أنها كانت تؤوي نحو 70 نوعاً من الطيور التي لم تعرف في أي مكان آخر من العالم، ثلثها لا يطير (بسبب عدم وجود أعداء وبالتالي عدم الحاجة إلى التحليق والهرب) [4].

كما هو الحال في أستراليا، تعتبر الفصول في نيوزيلندا معاكسة لما هو عليه الحال في القسم الشمالي من الكرة الأرضية، فأكثر الشهور دفئا هما شهرا يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، وأكثرها برودة شهر يوليو/تموز.

تتكون تضاريس نيوزيلندا من سهول شاسعة وهضبة بركانية في الجزيرة الشمالية، بينما تتكون الجزيرة الجنوبية من سلسلة جبال الألب الجنوبية النيوزيلندية. وتتكون هذه السلسلة من 17 جبلا يقترب كل منها من ارتفاع ثلاثة آلاف متر، ويتميز مناخ نيوزيلندا بأنه دافئ ورطب.

نظرا لامتدادها طوليا، تشهد نيوزيلندا ظروفا مناخية مختلفة من أمطار غزيرة في جبال الألب إلى ثلوج شبه دائمة في الجبال الشرقية، بينما ينتمي الجزء الشمالي من الجزيرة الشمالية -وهو شبه جزيرة “أوكلاند”- بمناخ متوسطي[5].

تقول الأبحاث إنه ومنذ نحو 100 مليون سنة انفصلت نيوزيلندا عن قارة غوندوانالاند العملاقة، فنشأ فيها تنوع نباتي وحيواني فريد. وهناك حيوانات تحدرت مباشرة من الأنواع المنقرضة، ومنها الحلزونيات العملاقة والتواتارا، وهو حيوان زاحف شوكي كبير من ذوات الأربع قوائم، وله عين مجهولة الوظيفة في وسط الجبين تمثل الغدة الصنوبرية، وهو الوحيد المنقاري الرأس بين الزواحف، وقد يعيش أكثر من مئة سنة[6].

“الاكتشاف” البريطاني

في سنة 1840 قامت بريطانيا بغزو الجزر النيوزيلندية وإخضاعها لسيطرتها بعد حرب دموية مع سكانها الأصليين من قبائل الماوري، والذي اضطروا إلى توقيع اتفاقية مع بريطانيا تخلّوا بموجبها عن السيادة مقابل حفظ أرواحهم وممتلكاتهم.

تُعرف الاتفاقية باسم اتفاقية “وايتانغي”، والتي تم توقيعها باللغتين الإنجليزية والموارية بين التاج البريطاني ونحو 540 من رؤساء القبائل المحلية الموارية[7].

إثر ذلك، أسندت بريطانيا مهمة تدبير نيوزيلندا إلى شركة بريطانية تولت استقدام المستوطنين وتوطينهم مع استصلاح الأراضي وزراعتها. ونتيجة للبطش الذي مارسه البريطانيون، كان السكان الأصليون يقومون ببعض الثورات بين الفينة والأخرى، لكنها لم تكن تؤدي إلا إلى بسط مزيد من السيطرة البريطانية، إلى أن باتت تشمل كامل الجزر النيوزيلندية.

وبفضل الموقع الجغرافي المعزول للجزر النيوزيلندية، أعلن حكامها المحليون حكما ذاتيا عام 1852 مستقلا عن لندن، وهو ما اضطرت الحكومة البريطانية إلى قبوله في العام 1907، فأصبحت نيوزيلندا منذ ذلك الحين دولة مستقلة تابعة للتاج البريطاني تتشكل من تسع ولايات[8].

وكانت نيوزيلندا أول دولة في العالم تمنح حق التصويت للنساء، وقد احتفلت عام 2013 بمرور 120 سنة على منح النساء هذا الحق[9].

وتكتسب نيوزيلندا هوية وطنية فريدة من نوعها، تتمثل في أن شعبها متعدد الثقافات قوامه التنوع، يعيش في منطقة جنوب المحيط الهادي، وتتعايش فيه طوائف الأوروبيين والشعب الماوري وسكان المحيط الهادي والآسيويين والأفارقة والأمريكيين.

وعلى غرار بريطانيا التي تستلهم منها جزءا كبيرا من نظامها السياسي، ليس لدى نيوزيلندا دستور مكتوب. وتُستمد القواعد الدستورية المعمول بها في نيوزيلندا من اتفاقية “وايتانغي” وقرارات المحاكم والممارسة الدستورية والالتزامات الدولية لنيوزيلندا.

وتتسم البنية الدستورية لنيوزلندا بالتطور الدائم، وذلك بهدف الاعتراف أكثر بحقوق المواريين عبر التفاوض الدائم على التزامات دولية جديدة بشأنها وتنفيذها.

وتمنح نيوزلندا مكانة سامية للالتزامات الدولية، ليس من خلال النصوص القانونية فقط بل من خلال القرارات والأحكام القضائية أيضا. ويُعتبر قانون شرعة الحقوق النيوزيلندي الذي صدر عام 1990 اللبنة الأساسية لتشريعات حقوق الإنسان في نيوزيلندا، وهو يقضي بقيام المدعي العام بتنبيه البرلمان إلى أي تشريع لا ينسجم مع الالتزامات الدولية في حقوق الإنسان[10].

يعيش أكثر من نصف سكان نيوزيلندا في ثلاث مناطق حضرية رئيسية، هي كل من أوكلاند وكانتربري ولنغتون

خليط بشري

يعيش أكثر من نصف سكان نيوزيلندا في ثلاث مناطق حضرية رئيسية، هي كل من أوكلاند وكانتربري ولنغتون، ويعيش باقي السكان في مدن مختلفة، وقلة قليلة من سكان البلاد يعيشون في الأرياف.

80% من سكان نيوزلندا ينحدرون من أصول أوروبية، خاصة منها الأصول البريطانية، بينما ينحدر حوالي 13% من السكان من القبائل الأصلية لنيوزيلندا، أي الشعب الماوري، أما بقية السكان فينحدرون من أصول تعود إلى جزر المحيط الهادي.

تعاقبت الهجرات على نيوزلندا في العقود الماضية، وعرفت بعض السنوات موجات هجرة مكثفة، مثل ثلاثينيات القرن الـ20 وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، خاصة من جانب اليهود والبولنديين[11].

يمثل المسيحيون أغلبية الساكنة النيوزيلندية بنسبة تفوق 44% من مجموع السكان، بينما يحتل الـ”لا دينيون” المرتبة الثانية بنسبة 38.5%، ويتوزع بقية السكان بين ديانات ومعتقدات متنوعة[12].

تتميز البنية الديمغرافية لنيوزيلندا بدينامية جد نشيطة، حيث تسجل هذه الدولة ولادة جديدة كل ثماني دقائق مقابل وفاة واحدة كل 16 دقيقة. وفيما يستمر تدفق الهجرة الأجنبية على الجزر النيوزيلندية، تسجل الإحصائيات الرسمية زيادة مهاجر صاف إضافي كل 37 دقيقة (أي بعد خصم عدد المهاجرين الذين يغادرون البلاد). وهذه المعطيات تعني زيادة نسبة واحدة في تعداد السكان النيوزيلنديين كل 12 دقيقة[13].

تعتبر نيوزيلندا واحدة من عدد محدود من البلدان التي تقبل إعادة توطين حصة سنوية من اللاجئين، أي 750 لاجئا بما يمثل 10% من اللاجئين الذين ترسلهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين[14].

الهجرة الإسلامية

يوجد تشابه كبير يقترب من التطابق بين وصول الهجرة الإسلامية إلى نيوزيلندا وبين أستراليا. وتعود الهجرات الإسلامية الأولى نحو نيوزيلندا إلى النصف الثاني من القرن الـ19، حيث يسجّل أول أثر لإنسان مسلم في هذه الجزر عام 1874، فيما تسجل الإحصاءات الرسمية وصول ثلاثة رجال مسلمين إلى الجزر في الفترة ما بين 1907 و1911، وكانوا قادمين من منطقة واقعة غرب الهند[15].

استقر أول هؤلاء المسلمين الثلاثة، ويدعى محمد سليمان كارا، في مدينة كرايست شيرش، بينما استقر الرجلان الآخران، وهما كل من إسماعيل بهيكو وعيسى موسى، في منطقة “نورث آيلند”، وقاما تدريجيا بتوسيع تجارتيهما في المنطقة، ثم استقدما أسرتيهما مدشنين موجة هجرة صغيرة من منطقة “كجرات” الهندية.

ثاني أهم مصادر الهجرة المسلمة نحو نيوزيلندا المسجلة تاريخيا، هو تركيا، حيث سافر عدد من المسلمين من تركيا ومنطقة البلقان خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ويقدّر عددهم ما بين 20 و30 شخصا استقروا في منطقة “أوكلاند”. وهو رقم سرعان ما ارتفع ليفوق 260 شخصا وصلوا إلى غاية 1961، ثم أصبح تعداد هذه الساكنة يتضاعف تدريجيا.

ثالث مصدر للهجرة الإسلامية نحو نيوزيلندا يتمثل في موجات الطلاب المسلمين الذين يغادرون أوطانهم بحثا عن العلم. هذه الفئة من المهاجرين كان لها دور كبير في النشاط الإسلامي داخل نيوزيلندا من خلال تأسيس الجمعيات وبناء المساجد وإيواء المهاجرين المسلمين الوافدين.. ومن خلال هؤلاء الطلاب بدأت الهيئات المختصة في الدعوة للإسلام تنشط داخل نيوزيلندا.

تقول المنظمة الوطنية الإسلامية النيوزيلندية -وهي عبارة عن اتحاد للجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا- إن خمسينيات القرن التاسع عشر سجلت أول وافد مسلم على هذه الجزر، من خلال أسرة مهاجر قدم من الهند، واستقر في كرايتست شيرش تحديدا.

وتسجل صحيفة “ليتلتون تايمز” في عددها ليوم 13 مارس/آذار 1858، أن المحكمة العليا في بلدة ليتلتون القريبة من  كرايتست شيرش شهدت حضور شاهدين اثنين عملية أداء القسم من طرف رجل مسلم وزوجته، وذلك بواسطة نسخة من القرآن المترجم إلى اللغة الإنجليزية[16].

تضاعف عدد المسلمين في نيوزيلندا ست مرات بين 1991 و2006 ليصل عددهم نحو 50 ألفا تقريبا

حضور إسلامي كبير رغم القلة

منذ التسعينيات، أصبحت الساكنة المسلمة من بين أكثر الفئات تزايدا رغم أنهم لا يمثلون سوى 1% من مجموع السكان، حيث تضاعف عددهم ست مرات بين 1991 و2006[17] ليصل عددهم نحو ـ50 ألفا تقريبا يتوزعون بين أصول مختلفة، فيمثل المنحدرون من أصول هندية نحو 29%، يليهم المسلمون المنحدرون من منطقة الشرق الأوسط أي العرب والايرانيون بنحو 21%. لكن السمة الأساسية لمسلمي نيوزيلندا هي أن أغلبهم ولدوا خارج هذا البلد ثم هاجروا إليه.

النشاط الذي تتميز به الساكنة المسلمة لنيوزيلندا يجعلها تبدو أكبر من حجمها، ففي آخر استطلاع أجراه معهد إبسوس (Ipsos) عن تمثل النيوزيلنديين للوجود الإسلامي، كان معدل أجوبة المشاركين عن نسبة المسلمين من بين النيوزيلنديين هو 11%[18].

تستند إستراتيجيات الحكومة لتوطين المهاجرين واللاجئين الجدد إلى مبدأ أن نتائج التوطين هي ثمرة التزام من الجانبين يفي به القادمون الجدد والمجتمع المضيف

أبواب نيوزيلندا مفتوحة

تستند إستراتيجيات الحكومة لتوطين المهاجرين واللاجئين الجدد إلى مبدأ أن نتائج التوطين هي ثمرة التزام من الجانبين يفي به القادمون الجدد والمجتمع المضيف. وقدّمت نيوزيلندا موارد خاصة بتوطين المهاجرين من أجل فهم كيف تسير الأمور في أماكن العمل في نيوزيلندا، وكيف يختلف النيوزيلنديون في طريقة عملهم عن غيرهم، ولإعلام هؤلاء المهاجرين بحقوقهم ومسؤولياتهم كمستخدمين[19].

وفي العام 2012، وافقت الحكومة على إستراتيجية إعادة توطين اللاجئين في نيوزيلندا التي تمثل نهجا تشارك فيه جميع الوكالات الحكومية بهدف تحقيق نتائج أفضل في إعادة توطين اللاجئين، حتى يتمكن هؤلاء من تحقيق الاكتفاء الذاتي والاندماج الاجتماعي والاستقلالية بصورة أسرع.

يمكن لأي شخص التقدم بطلب لجوء إلى نيوزيلندا، شريطة ألا يكون بمقدوره العودة لبلده، لسبب -أو أكثر- من الأسباب التالية: الخوف من القتل، أو الخوف من التعذيب، أو الخوف من السجن، أو الخوف من الاضطهاد.

أسباب الخوف المذكورة تكون بسبب الانتماء السياسي أو الديني أو العرقي أو بسبب الميول الجنسية، أو لأي سبب آخر تقتنع به دائرة الهجرة النيوزلندية[20].

ويجب على طالب اللجوء في نيوزيلندا تقديم ما يثبت صحة الأسباب التي دفعته لتقديم طلب اللجوء، فمجرد الحديث بهذه الأسباب لا يكفي لقبول طلب اللجوء، وطالبي اللجوء الذين تكون مواقفهم لا تحتاج إلى إثباتات قوية هم طالبو اللجوء الذين ينحدرون من الدول والمناطق “الساخنة”.

ما لم يحسب الإرهابي برايتون ترانت حسابه وهو يقدم على جريمته الدموية، هو أن الوضع في نيوزيلندا على النقيض مما تعيشه المجتمعات الغربية

مفعول عكسي

ما لم يحسب الإرهابي برايتون ترانت حسابه وهو يقدم على جريمته الدموية داخل مسجد النور، هو أن الوضع في نيوزيلندا على النقيض مما تعيشه المجتمعات الغربية حيث ينمو اليمين الشعبوي المتطرف، فالاستزادة من المهاجرين الأجانب في هذه الجزر مطلب شعبي ملحّ تعمل الحكومة على “مقاومته” وعقلنته، على عكس الدول الغربية التي تكابد فيها الحكومات من أجل إقناع مجتمعاتها باستقبال وافدين أجانب.

منذ 2013 تنادي حملة “القيام بدورنا” (Doing Our Bit) بمضاعفة نيوزيلندا لحصتها من اللاجئين من 750 إلى 1500. وقبل استقبال كندا للاجئين السوريين، كانت نيوزيلندا الدولة الوحيدة في العالم التي استقبلت أعداداً من اللاجئين من خلال منظومة إعادة التوطين لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تفوق أعداد من قبلتهم من خلال طلبات اللجوء[21].

في عام 2015، بدأت مجموعات مناصرة أخرى إطلاق حملاتها الداعية إلى مضاعفة حصة نيوزيلندا من اللجوء. ومع مرور الوقت حصلت هذه الحملة على دعم المشاهير ورؤساء البلديات وغيرهم من الهيئات المعنية بتقديم الخدمات للاجئين.

وبعد سنتين من بدء الحملة، وقبل وصول أزمة الهجرة إلى أوروبا، أظهرت إحدى دراسات استطلاع الرأي أنّ 53% من النيوزيلنديين أيدوا رفع حصة اللجوء. وفي سبتمبر/أيلول 2015 أعلنت الحكومة عزمها توفير 600 مكان إضافي في حصة اللاجئين للسوريين على مدى ثلاث سنوات. وفي يونيو/حزيران 2016 أعلنت الحكومة أنّ حصة اللاجئين سوف تزداد زيادة دائمة إلى ألف بدءاً من العام 2018 مع تنامي الفرص أمام الكفالة المجتمعية المحلية[22].

وتكشف أرقام الهجرة إلى نيوزيلندا صورة لافتة، فبحلول نهاية يناير/كانون الثاني 2019 وصل 151600 مهاجر إلى نيوزيلندا، بينما غادر 93200 منهم البلاد، وفي المحصلة بقي 58400  مهاجر في نيوزيلندا خلال 2018 – 2019، بزيادة 1600 مهاجر مقارنة بالعام السابق[23].

المصادر:


[1] https://www.aljazeera.com/news/2019/03/zealand-mosque-attacks-brenton-tarrant-190316093149803.html

[2] http://www.bbc.com/arabic/world-47680576

[3] http://www.bbc.com/arabic/world-47680576

[4] http://www.bbc.com/arabic/world-47680576

[5] http://www.bbc.com/arabic/world-47680576

[6] http://www.afedmag.com/web/tabi3aFiSouwar-details.aspx?id=1570&type=5&issue=172

[7] https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=52ea092a4

[8] https://ia800809.us.archive.org/2/items/mogoalisPDF/14-1_mogoalis.pdf

[9] https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=52ea092a4

[10] https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=52ea092a4

[11] https://ia800809.us.archive.org/2/items/mogoalisPDF/14-1_mogoalis.pdf

[12] http://worldpopulationreview.com/countries/new-zealand-population/

[13] http://worldpopulationreview.com/countries/new-zealand-population/

[15] https://ia800809.us.archive.org/2/items/mogoalisPDF/14-1_mogoalis.pdf

[16] http://theconversation.com/from-mahometan-to-kiwi-muslim-history-of-nzs-muslim-population-114067

[17] https://www.victoria.ac.nz/cacr/research/identity/muslims-in-new-zealand

[18] https://www.statista.com/statistics/953909/new-zealand-perceived-and-actual-share-of-muslim-population/

[23] https://aawsat.com/home/article/1643326/%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9%D8%9F


إعلان