“الطنطورة”.. رواية إسرائيلية تكشف خبايا مجزرة مخفية منذ 74 عاما

خاص- الوثائقية
كشف الفيلم الوثائقي “الطنطورة” لمخرجه الإسرائيلي “ألون شفارتس” خبايا تُعرض لأول مرة عن المجزرة التي ارتُكبت في قرية الطنطورة الفلسطينية الواقعة جنوب حيفا، والتي هُجّر معظم سكانها البالغ عددهم 1200 نسمة في نكبة عام 1948.
عُرض الفيلم أول مرة في مهرجان صندانس السينمائي في الولايات المتحدة الشهر الماضي، ويكشف شهادات لجنود كتيبة الإسكندروني الإسرائيلية التي يعترف جنودها بارتكابهم مجازر بحق الفلسطينيين في الطنطورة.
يعتمد الفيلم على روايات وإفادات امتدت لـ140 ساعة لناجين من المجزرة، ولمشاركين في ارتكابها، كما استندت إلى الكشف عن وثائق بالأرشيف الإسرائيلي تتضمن اعترافات لبعض الضباط خلال المراسلات بينهم بارتكاب المجزرة وقتل السكان، وذلك من دون الإشارة إلى عدد الضحايا ووضع الجثث في قبر جماعي، وينشر كذلك شهادات مُسجلة أجراها الباحث الإسرائيلي “تيدي كاتس” نهاية تسعينيات القرن الماضي.
كما يزيل الفيلم الستار عن مكان المقبرة الجماعية، مشيرا إلى أن المقبرة اليوم تقع في مكان يستخدم كموقف لسيارات المستوطنين في مستوطنتي “كيبوتس نحشوليم” و”موشاف دور” اللتين أقيمتا عام 1949 على أنقاض قرية الطنطورة المهجرة.
وتشير التحقيقات التي يعرضها الفيلم إلى أن هناك جهة رسمية أو مدنية مجهولة حرصت بعد عام من المجزرة على إخفاء الجريمة، وذلك بتفريغها المقبرة الجماعية من رفات الشهداء عام 1949.

يذكر أنه نهاية سنوات التسعينيات من القرن الماضي، أجرى الطالب الجامعي “تيدي كاتس” بحثا ضمن دراسته للماجستير في جامعة حيفا حول القتل الجماعي الذي حدث في الطنطورة عام 1948. وفي أعقاب البحث نشب جدل أكاديمي وقضائي وسياسي واجتماعي وإعلامي عاصف حول مصداقية الحقائق في بحثه، وتسبب الجدل بتداعيات كثيرة، من ضمنها شطب بحثه الأكاديمي وجزه وإلغاء لقبه للماجستير.
وثّق “كاتس” خلال بحثه عشرات الشهادات للناجين من أهل الطنطورة وأخرى ليهود وجنود شاركوا في المجزرة، وبعد أكثر من عقدين ينفض مخرج الفيلم “شفارتس” الغبار عن تسجيلات لشهادات وُثقت في التسعينيات، والتي لم تُعمم ولم يسمعها الجمهور الواسع قط.
ينجح المخرج من خلال دمج الشهادات المسجلة مع مقابلات مصورة وإسماع التسجيلات للجنود الذين تناهز أعمارهم التسعين عاما في سرد قصة القرية ورواية الحرب عام 1948.
ومن الجدير بالذكر أن الفيلم يتناول مسألة أكثر شمولية تخص تصميم الذاكرة في المجتمع الإسرائيلي، ويعرض قصة مجتمع لا يعرف الحقيقة بالكامل، وتصعُب عليه مواجهة الفجوات بين روايته الأسطورية، وبين ما يكشف في السنوات الأخيرة حول الجرائم والوقائع التي حصلت عام 1948.