“حرب الموانئ”.. تحقيق يكشف تلاعب الإمارات بموانئ أفريقية

يكشف الفيلم خفايا صراع الإمارات للسيطرة على موانئ القرن الأفريقي

بثت قناة الجزيرة الإخبارية أمس الأحد 17 مارس/آذار فيلما وثائقيا بعنوان “حرب الموانئ” ضمن برنامجها التحقيقي “المسافة صفر” الذي تقدمه الصحفية سلام هنداوي؛ يحقق في الصراع المسعور والمحتدم من قبل بعض الدول على موانئ القارة السمراء في سبيل السيطرة على خطوط الملاحة البحرية وحجز مواقع لها على الخريطة.

ويذهب الفيلم الاستقصائي إلى أكثر موانئ القرن الأفريقي أهمية وهو ميناء دوراليه للحاويات في جيبوتي التي تعد المركز الرئيسي للتجارة في أفريقيا.

وتقع جيبوتي على الساحل الشرقي لأفريقيا وتبلغ مساحتها 23200 كيلومتر مربع، ويبلغ تعداد سكانها 900 ألف نسمة، وهي من أصغر دول القرن الأفريقي الذي يضم أربع دول هي جيبوتي والصومال وأريتريا وأثيوبيا.

موقع جيبوتي الإستراتيجي جعلها مطمعا لأنها تقع عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ويحدها من الشمال أريتريا، ومن الجهة الجنوبية الشرقية الصومال، ومن الشرق مضيق باب المندب وخليج عدن، وهو ما جعلها بوابة شحن هامة للسلع المتبادلة بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.

 

 

خداع الشريك

ومنذ استقلال أريتريا عام 1993 وفقدان أثيوبيا منفذها البحري الوحيد على البحر الأحمر، عملت جيبوتي على توسيع موانئها لتلبيه احتياجات أثيوبيا، فأوكلت إدارة الميناء القديم إلى شركة موانئ دبي عام 2000.

وفي عام 2006 أسست جيبوتي ميناء دوراليه الذي افتتح عام 2009 بالشراكة مع شركة موانئ دبي التي قامت بتصميمه وتشغيله بعد منحها امتياز الحصول على 33% من حصة الميناء لمدة 30 عاما.

ومع التطور الاقتصادي حاولت جيبوتي المنافسة مع الموانئ الأخرى الموجودة في المنطقة مثل ميناء جدة السعودي وميناء صلالة العماني وميناء جبل علي الإماراتي الذي يسع 22 مليون حاوية متفوقا على جميع الموانئ الأخرى، لكن هذا الأمر لم يعجب شركة موانئ دبي التي عارضت إنشاء أي ميناء آخر في جيبوتي التي عزمت على إنشاء ميناء “دوراليه المتعدد الأغراض” بالتعاون مع شركة صينية ويتعامل مع 29 مليون طن سنويا.

كما أنشأت منطقة حرة بالتعاون مع الصين وتركيا بكلفة ثلاثة مليارات دولار، وهو الأمر الذي أزعج الإمارات ورفع من حدة الخلاف معها.

وفي 22 فبراير/شباط 2018 قررت جيبوتي تجريد شركة موانئ دبي من الامتيازات التي حصلت عليها بسبب تعارضها مع مصالح الدولة.

وقال أبو بكر عمر رئيس هيئة الموانئ والمنطقة الحرة في جيبوتي “نص العقد مع الإمارات على أنه لا يحق لحكومة جيبوتي تطوير البنية التحتية على طول الساحل الجيبوتي كاملا لمدة 50 سنة، ولم يكن هذا مقبولا لدى الحكومة، كيف يمكن لشركة أن تعيق مستقبل شعب كامل أو تأخذه رهينة”.

وأضاف “قلة الخبرة وحسن النية مع الشريك سببت هذا الخطأ، كما أن مشكلة الإمارات ليست مع الميناء بل مع تطوير جيبوتي نفسها”.

صور أقمار صناعية عرضها الفيلم كشفت أن الإمارات استخدمت ميناء عصب الإرتيري كثكنات عسكرية

عسكرة الموانئ

وبعد إنهاء العقد مع الإمارات فضّلت جيبوتي التعاون مع الصين التي رأت فيها الأخيرة بوابة تجارية هامة في مشروعها “طريق الحرير” الذي تستثمر فيه الصين في البنية التحتية لأكثر من 65 دولة، كما أنشأت أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي.

وكشف التحقيق أن الإمارات التي طُردت من جيبوتي مع قاعدتها العسكرية بحثت عن موقع آخر لتوسيع نفوذها في القارة السمراء، فاتجهت إلى أريتريا ووقعت اتفاقا في عام 2015 لاستخدام ميناء عَصَب لمدة 30 عاما، لكن صور أقمار صناعية عرضها الفيلم كشفت أن الإمارات استخدمت الميناء كثكنات عسكرية تنطلق منها الطائرات في تحالفها السعودي إلى اليمن، كما أن جميع السفن الموجودة عسكرية فقط.

ورصد التحقيق وجود سجن سري إماراتي على السواحل الأريترية تبلغ مساحته 417 ألف متر، ويضم غرفا تحت الأرض تستخدم في عمليات الإخفاء القسري للمعتقلين في اليمن.

وينتقل الفيلم إلى موقع آخر اتجهت إليه الإمارات لبسط نفوذها وسيطرتها عليه وهو الصومال الذي يتمتع بأطول ساحل أفريقي يبلغ طوله 3000 كيلومتر، ويطل على المحيط الهندي وخليج عدن.

وفي مايو/أيار 2015 استحوذت الإمارات على ميناء بربرا الصومالي في صفقة وصفها مراقبون بالمشبوهة.

ووقعت على مذكرة تفاهم مع إقليم الصومال الانفصالي لتطوير الميناء والوصول إلى مطار المدينة الساحلية المطلة على مضيق باب المندب.

وكما فعلت الإمارات في السواحل الأريترية، كشف التحقيق عن وجود قاعدة برية وبحرية عسكرية إماراتية بجانب مطار بربرا.

وقالت مريم أويس جامع وزيرة الموانئ والنقل البري في الصومال “نحن كحكومة فدرالية في مقديشيو سمعنا عن الصفقة عبر المواقع الإلكترونية ولم يكن لدينا علم بها”.

وترى الحكومة الفدرالية أن الإمارات سيطرت على الموانئ الصومالية من الأبواب الخلفية بعدما تلقى مسؤولون صوماليون رشى من الإمارات.