“كيف تروّج لمجزرة؟”.. فيلم يكشف خطط لوبيات أسلحة أسترالية أمريكية

خاص- الجزيرة الوثائقية 

تمكن مراسل الجزيرة رودجر مولر من تصوير وإعداد التحقيق سريا على مدار ثلاث سنوات

عرضت شبكة الجزيرة تحقيقا استقصائيا من إنتاجها بعنوان “كيف تروّج لمجزرة”؟ والذي سلّط الضوء على حزب “أمة واحدة” الأسترالي المؤيِّد لحيازة الأسلحة، وكيفية سعيه للحصول على ملايين الدولارات من الرابطة الأمريكية للبنادق (NRA) الداعمة لحمل السلاح، وذلك مقابل العمل على تخفيف القوانين التي تحظر حيازة السلاح داخل أستراليا.

“كيف تروج لمجزرة” فيلم يسلّط الضوء على حزب “أمة واحدة” الأسترالي المؤيِّد لحيازة الأسلحة

مولر.. المراسل المتخفي

وتمكن مراسل الجزيرة رودجر مولر من تصوير وإعداد التحقيق سريا على مدار ثلاث سنوات، وذلك بادعائه أنه ناشط مؤيد للسلاح في أستراليا، وبوصفه رئيسا لمنظمة وهمية تُدعى “جمعية حقوق السلاح في أستراليا”. كما استطاع مولر إقامة صداقات مع قادة حزب “أمة واحدة” الأسترالي، وقادة الرابطة الأمريكية للبنادق (NRA)، مُدعيا أنه يعمل من أجل إعادة النظر في تشريعات الأسلحة النارية في البلاد.

ورتّب مولر زيارة إلى أمريكا لممثلين عن الحزب الأسترالي، وذلك لحضور المؤتمر السنوي للرابطة الوطنية للبنادق عام 2017، والتقى ستيف ديكسون رئيس حزب “أمة واحدة” في كوينزلاند، وجيمز أشبي كبير المستشارين في الحزب نفسه؛ التقيا زعماء الرابطة، وطلبا منهم دعمهما بأموال تصل إلى 20 مليون دولار، قائلين إنها ستمكنهما من الفوز بمناصب في البرلمان الأسترالي، وهو ما يسمح لهما بتغيير قوانين السلاح المقيدة لحيازته في أستراليا، إضافة إلى الحق في تعديل التشريع المقيّد للبنادق الآلية، وهو أمر يطالب به لوبي السلاح الأمريكي، لأن نجاح هذه القوانين يُستخدم ذريعة للحدّ من ملكية السلاح في أمريكا.

وقد طلب ديكسون وأشبي من مولر التكتم على تفاصيل نقاشاتهم واجتماعاتهم بأمريكا، وذلك خوفا من أن تتضرر سمعة حزبهما في أستراليا.

كيف تُروج لحمل السلاح؟

اشتكى الأستراليان ديكسون وأشبي من “المال والناس في الميدان”، وذلك كي يصلا لهدفهما وتصبح أستراليا “كأمريكا في حيازة السلاح”، فاقترح عليهم العاملون في الرابطة الأمريكية للبنادق إرشادات لصياغة خطاب مؤيد لامتلاك السلاح في أستراليا، واقترحوا عليهما استخدام منصات التواصل الاجتماعي لإقناع الرأي العام وتجاهل الإعلام التقليدي، كما أشاروا لهما بضرورة الترويج لحاجة النساء إلى الأسلحة كوسيلة دفاع عن أنفسهن، وضرورة تغذية الصحفيين لكتابة مقالات مُكثفة تُشرعن حيازة الأسلحة وتُصوّر حملها بالشكل الإيجابي، إضافة إلى استخدام كلمة “بنادق” بدلا من “أسلحة”، وذلك في الحالات المرتبطة بجرائم السرقة والاغتصاب، كما نصحوهما بضرورة التركيز على توصيل الرسالة إلى قطاعات مستهدفة تساعدهما في إقناع المجتمع بضرورة حيازة السلاح.

وطلب ديكسون وأشبي من الرابطة ذاتها الحصول على حاسوب للدعاية الإعلامية لكسب المؤيدين لحمل السلاح بأستراليا، وجددا طلبهما للتبرعات المالية، كما تلقيا دروسا في العلاقات العامة من الرابطة التي أكدت لهم بأن أكبر مشكلة في موضوع السلاح هي حوادث إطلاق النار الجماعي خاصة في المدارس، وأن الرد على المعارضين في هذه الحالة هو إثبات أن المدارس بحاجة إلى حراس مسلحين يحمونها، لأنها ستكون مطعما يغري القتلة، وأن “حق الحماية حق من الله” ويكفله الدستور.

وفي نهاية الجولة الأمريكية التقى ديكسون وأشبي؛ كاثرين هاغيت مديرة الشؤون الفدرالية في “كوك للصناعات”، وهي الشركة التي تبرعت بمليار دولار لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقال ديكسون لهاغيت “ما يمكنكم فعله لمساعدتنا يتمثل في نهاية المطاف بالحصول على المال.. إذ بواسطته يمكننا تغيير نظام التصويت في بلادنا وطريقة عمل الناس“.

طلب ديكسون وأشبي من رودجر أن يقوم بإعداد صيغة سياسية بشأن الأسلحة، وذلك لعرضها على المصوتين الأستراليين في الانتخابات التشريعية القادمة، كما ناقشا طريقة توصيل المال الذي طلباه من الرابطة الأمريكية للبنادق، خاصة بعد إقرار قانون أسترالي يقضي بمنع الحصول على تبرعات أجنبية من أجل تمويل الحملات الانتخابية.

تعليق أسترالي

وحظي تحقيق “كيف تروّج لمجزرة” الذي بثته الجزيرة في جزأين؛ اهتماما إعلاميا واسعا في أستراليا وعبر العالم، وكان رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أعرب عن قلقه مما كشفه هذا التحقيق، وقال “لدينا أنباء عن أن مسؤولي حزب أمة واحدة سعوا لمقايضة قوانين الأسلحة في أستراليا لمن يدفع أكثر من المشترين الأجانب.. هذا شيء مقزز”.

وكانت أستراليا فرضت قيودا مشددة على بيع البنادق الآلية وشبه الآلية، وذلك بعد المذبحة التي وقعت في بلدة بورت آرثر بولاية تسمانيا الأسترالية في تسعينيات القرن الماضي، إذ قتل 35 شخصا على يد مسلح استخدم بندقية آلية.