“الجبل الأخضر”.. كُرة الحرب والسلام بدارفور
دَهَمتهم الحرب برعبها ودمارها في أرياف دارفور، فأبدلت أمنهم خوفا، واستقرارهم تشردا، ففروا بخفيف المتاع، وبدؤوا رحلة النزوح المر، بكل ما فيها من شظف العيش، وضعف الخدمات الأساسية.
في مخيم أبو شوك الضخم التقى الفارون من الموت. ورغم صعوبة الحياة في المخيم الصحراوي، لم يستسلموا لقسوة حياة المخيم الذي تطور بمرور السنين من الخيام إلى بيوت الطوب والطين، وحاولوا خلق أجواء فرح وحياة شبه طبيعية على تراب المخيم القاحل.
أحد أوجه الحياة التي يحاول أهالي المخيم استشعارها انتظاراً عودة حياتهم الطبيعية في قراهم؛ مباريات كرة القدم للأطفال أو البراعم، وتنظيم دوري لفرق أحياء المخيم التي تكونت حسب المنطقة التي قدم منها النازحون.
يتناول الفيلم الذي أنتجته قناة الجزيرة الوثائقية حكاية فريق “الجبل الأخضر” لكرة القدم، ويروي عبر بعض اللاعبين الأطفال فيه وأهاليهم قصة النزوح من مبتدئها إلى اللحظة الراهنة مرورا بمعاناة كل يوم تشرق فيه الشمس على المخيم.
ثلاثة لاعبين يختصرون حكاية الفريق، والفريق يحكي قصة الحي النازح، ومعهم يحكي مغنٍ شعبي ثقافة وتراث أهالي دارفور في مناسبات اجتماعية، كالرياضة التي يغتنمها أهالي المخيم جميعا لخلق أجواء البهجة والاجتماع.
مخيمات النزوح.. البحث عن حياة طبيعية
تأسس مخيم أبو شوك عام 2004 في فترة الصراع المسلح بإقليم دارفور ويسكنه نحو 47 ألف نسمة نزحوا من مناطق مختلفة في دارفور، فاجتمعت فيه ثقافات وعادات متنوعة.
ولخلق نوع من الحياة شبه الطبيعية في المخيم نظمت الهيئة الإدارية للمخيم دوري في كرة القدم للبراعم بمشاركة ست فرق، وعن طريق القرعة تم اختيار ملابس كل فريق، لكنه زي غير مكتمل، فاللاعبون يخوضون مبارياتهم حفاة دون أحذية.
يرتدي كل فريق زيه الذي ناله بالقرعة، لتصطف الفرق وسط حلقة واسعة من أبناء المخيم المحتفين بتنظيم الدوري، بينما تُقرع الطبول ويطرب المغني الشعبي آدم إبراهيم عمر -واسمه الفني “آدم نبقاي”- الحضور المبتهج والمتفاعل مع أجواء الاحتفال.
يغني نبقاي الموال الشعبي التراثي، ويقول إنه بهذا اللون من الغناء يحيي الثقافة العامة لأبناء “أبو شوك”، ويستفيد من الفتيات والفتية في خلاوي القرآن والمدارس ممن يحسنون الغناء (الخلاوي مؤسسة تعليمية متكاملة تدرس القرآن وعلومه إلى جانب العلوم الحديثة)، ليشكل منهم فرقة تشجيع لفريق الجبل الأخضر أحد الفرق المشاركة في الدوري.
زفة فريق الجبل الأخضر
يدخل نبقاي إحدى مدارس الأطفال.. يسأل المعلم الأطفال: هل تعرفون من هذا الرجل؟
فيجيبون بصوت عال: “آدم نبقاي”، الذي يعرفه الصغار قبل الكبار.
يستمع نبقاي ومعه المعلم والطلبة إلى إنشاد فرقة من الفتية والصبايا لأغان شعبية تصلح فيما يبدو للتشجيع في المباريات، وذلك وسط تصفيق وتفاعل الأطفال.
وبعد الاستماع لأداء مجموعات من الأطفال في الإنشاد، يختار نبقاي ستة من الأطفال ليشكل بهم فريق إنشاد وتشجيع فريق الجبل الأخضر.. يقرأ عليهم كلمات قصيدة شعبية بالعامية السودانية، وتعني بالفصحى:
الجبل الأخضر.. مرحبا به
منذ تأسيسه هو بطل في دار السلطان
فكرة في الميدان.. دفاعات أمان
جبل “وأنا” العظيم
حارسنا كأنه جبل “وأنا”.. فهو شريان الفريق
في تلك الأيام.. ظل الجبل الأخضر يطلب السلام
لم يترك الجبل الأخضر كأسا لم يفز به
لم يكن الجبل الأخضر يرضى بأي هزيمة
الجبل الأخضر.. مرحبا به
ثم يغني نبقاي هذه الكلمات مع الأطفال يرافقه إيقاع بالتصفيق يتماشى مع لحن الكلمات.
يقول نبقاي: سنعتمد في موكب زفة الفريق على آلة “الكاسونغ” المحلية التي تعكس ثقافة منطقة الجبل الأخضر.
وفي الطريق إلى حفل افتتاح الدوري يتقدم نبقاي موكب زفة الفريق، ويسير خلفه المنشدون وفريق الجبل الأخضر، ويتبعهم أهالي المخيم النازحون من منطقة الجبل الأخضر، وكأنها زفة عرس تلعلع فيها زغاريد النساء وتصفيق الشباب والأولاد، وتحمّسهم دقات الطبول، وتجوب الزفة الرياضية طرقات وأزقة المخيم، قبل الوصول إلى أرض الاحتفال.
“طويلة”.. مدينة الجبل الأخضر
وقبل متابعة مجريات الدوري ومعاركه الرياضية، نتوقف عند الفريق محور الفيلم لنتعرف عليه وعلى أحوال بعض لاعبيه، لنتنقل بين شغف الرياضة وقسوة الحياة التي يعيشونها، وهي رسالة الفيلم؛ أن نلمس هذا البحث الدؤوب عن لحظات البهجة وإمتاع النفس وسط ركام الشقاء والحرمان وقسوة الحياة.
يحكي رئيس فريق الجبل الأخضر “حيدر آدم” عن منطقتهم الأصلية فيقول: إنه جبل صغير يقع قرب مدينة “طويلة”، ويكون هذا الجبل مخضرا في الصيف.
ويضيف أن “المعلمين كانوا يقدمون من الخرطوم للتدريس في الجبل الأخضر، وكانوا يلعبون كرة القدم مع أهالي المنطقة، فقرر الأهالي أن يؤسسوا عام 1968 فريقا ويسموه الجبل الأخضر”.
ويستذكر آدم أن المجتمع في الجبل الأخضر كان متكافلا، “فإذا أصيب أحد أبناء المنطقة بمكروه أو أقيم عنده مأتم، كان نادي الجبل الأخضر يتكفل بأعباء المناسبة، ولا يضطر المكلوم أن يوقد نارا في بيته”.
ويقول آدم حسين رئيس الهيئة الرياضية بمخيم أبو شوك: إن الجبل الأخضر هو الفريق الأول والأهم الذي تأسس في مدينة “طويلة”، وحين قدم النازحون إلى المخيم قرروا أن يشكلوا الفريق، واختاروا هذا الاسم مجددا حتى يتعلق أبناؤهم بأصلهم وتراثهم القديم.
عيسى آدم.. نجومية في المخيم
يقول الطفل اللاعب عيسى آدم الذي يلعب في الجناح الأيسر لفريق الجبل الأخضر: بدأت علاقتي مع كرة القدم منذ صغري، فقد كان شقيقي الفاتح أحد محترفي كرة القدم، وكان لنا فريق للبراعم، وأصبحت معروفا في منطقتي بالمهارة في اللعب.
يتحدث عيسى وهو يستعرض بعضا من الميداليات التي حصل عليها في مناسبات كروية سابقة، وكيف أن حسن أدائه في مباريات مع فرق جيدة أكسبه شعبية وشهرة، وعندما لعب مباريات جديدة هتف الجمهور باسمه، وكان حين ينزل السوق والمناطق المجاورة يلقي الناس عليه التحية باسمه، مما أشعره بالفخر.
تستذكر خديجة سليمان والدة عيسى مشاهد المعاناة التي قادتهم إلى المخيم فتقول: عندما نزحنا إلى هذا المخيم كان ابني عيسى صغيرا ومريضا، وكاد يموت في الطريق بسبب غياب العيادات والمشافي، وافتقادنا للمال لشراء الدواء، فظل طريح الفراش.
أما الفاتح شقيق عيسى فلا تغيب اللحظات الأليمة عن مخيلته، ويستذكر أقساها بقوله: وقتها كان عمري ست سنوات، وكنت ألعب بالكرة المصنوعة من الجوارب في الصباح الباكر، فسمعنا صوت الأسلحة وصراخ الناس واشتعلت النيران في المنازل، واقتحم المعتدون القرية ونهبوا البهائم وأملاك الناس. وحينها أمرني أحد المهاجمين أن أجمع البهائم وأتوجه بها معهم نحو الغابة.
وتتذكر الوالدة تلك القصة فتقول: حملت عيسى على ظهري وبدأت بالبحث عن الفاتح، وعندما وصلت إلى المعتدين قلت لهم أعيدوا لي ابني، وبعد أخذ ورد أعادوا لي الفاتح.
وعن هذا الموقف يقول الفاتح: كلما تذكرت ذلك الحادث نزلت دموعي تأثرا من شجاعة أمي.
حياة الطفل عيسى بالتأكيد ليست سهلة في مخيم النزوح، فهو يعتاش من بيع المناديل الورقية وملطفات الجو في طرقات المخيم في أيام الإجازة من المدرسة.
يخرج آدم في الصباح الباكر إلى السوق الكبير بمدينة الفاشر ليشتري بضاعة ويعيد بيعها لأصحاب المركبات والمحلات المجاورة، وعند السادسة مساء يذهب للتدريب اليومي مع فريق الجبل الأخضر.
وكغيره من أطفال المخيم تفرض عليه قسوة الحياة تحمل المسؤولية مبكرا بسبب غياب والده، فيقول: ما أكسبه في اليوم أعطي منه أمي ليساعدها في النفقات، وأساعد شقيقاتي إن احتجن لمصاريف الدراسة، وفي مناسبات الأعياد أعطيهن ليفرحن بالعيد ويشترين ما يحتجنه.
عبد الناصر.. حارس المرمى والعائلة
حارس مرمى فريق الجبل الأخضر عبد الناصر شوقار يجسد قصة أخرى للمعاناة، فوالدته حسينة عبد الله كانت حاملا به في الشهر الثاني عندما نزحوا من الفاشر بعد أن قُتل والده داخل المسجد، حين أطلق المعتدون النار على المصلين، ولم تكن رحلة سهلة بالطبع فقد استغرقت ثلاثة أيام، وكانت معاناة حسينة مضاعفة بسبب حملها.
وتتذكر حسينة أن الناس قدّموا لهم العون عندما وصلوا، وقدمت المنظمات الخيرية مبلغا بسيطا لتأسيس عمل يعينهم في معيشتهم، فبدأت ببيع التسالي والفلافل والفول السوداني، حتى استطاعت تأسيس دكان صغير يساعدها عبد الناصر بالعمل فيه، ولتحسين دخلهم تدربت على الإسعافات الأولية.
أما عبد الناصر فتختزن ذاكرته الصغيرة ما يتعلق بكرة القدم؛ شغفه الأول فيقول: كنا نلعب بكرة الجوارب، حتى أسس لنا أخي فريقا واشترينا كرة قدم.
وهنا ترجع الصورة إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وإلى ملعب المدينة حيث كان عبد الناصر يتابع مباراة في ملعب المدينة، ويقول إنه يشجع فريقي مريخ العاصمة ومريخ الفاشر، ويحرص على مشاهدة مباريات مريخ الفاشر في الملعب.
وعن ميوله الكروية على مستوى العالم فإنه يشجع ريال مدريد ونادي بايرن ميونخ، وحارس منتخب ألمانيا.
يبدأ اليوم في حياة عبد الناصر بصلاة الفجر في مسجد المخيم، ثم يذاكر دروسه ويستحم استعدادا للمدرسة، وبعد شرب الشاي مع العائلة يرتدي ثياب المدرسة التي تسمح بارتداء الجلابية مع الزي المدرسي.
في المدرسة أو الكتّاب -وهي ليست سوى خيمة معظم جوانبها مفتوحة ومسقوفة بأعواد القصب- يردد عبد الناصر مع أترابه الأطفال وبشكل جماعي وبحماسة عالية؛ أغنية “موطني” لكن بلحن سوداني.
عبد الرحمن.. شظف العيش
الطفل عبد الرحمن -الذي يلعب في الظهير الأيمن لفريق الجبل الأخضر- يعمل في مجال البناء، ويساعد والدته بما يجنيه من مال قليل، ويساهم في اشتراكات الفريق لشراء الكرة والملابس الرياضية.
تقول والدته نورة آدم سليمان إنهم كانوا يعملون بالزراعة في قريتهم بمحلية “طويلة”، وكانوا يزرعون الذرة والويكة، لكن بعد النزوح إلى مخيم أبو الشوك تغيرت مهنتهم إلى البناء، فالنساء يحملن الطوب والطين المخلوط مع العمال، ويساعدها ابنها عبد الرحمن في هذا العمل.
ورغم ضعف بنيته، يخلط عبد الرحمن التراب بالماء ليصبه في قالب بحجم الطوب، وبعد تجفيفه يستعمله في بناء البيوت الطينية المنتشرة في المنطقة. ولأنه عمل مرهق طوال النهار؛ تقول الأم نورة: حين يأتي الليل بعد يوم طويل في العمل لا أستطيع النوم من شدة الإرهاق، وعند الفجر أحمد الله أن مد في عمري، ونبدأ يوما جديدا في العمل إن وجد.
ينقل عبد الرحمن حاوية الماء الثقيلة على طفل في مثل سنه، يضعها ليستريح في الطريق الطويل إلى البيت، ويقول: إن أردت العمل في البناء أو أردت الاغتسال فلا بد من جلب الماء، فالمخيم ليس فيه شبكة مياه للمنازل.
ويضيف: تحصل العائلات على الماء من مضخات الآبار، ولكل عائلة كمية محددة من الماء يوميا.
وقصة تأمين الماء لا تقل معاناة عن باقي تفاصيل حياة المخيم، وعنها يقول عبد الرحمن: في بعض الأحيان تتعطل المضخات وتتوقف المولدات لانعدام الوقود، فتطول الصفوف وننتظر لساعات طوال، وأكثر الأيام ازدحاما يومي الخميس والجمعة.
ويستعرض الفيلم صفوف حاويات الماء الطويلة جدا، حيث يضعها أصحابها لحجز مكان لحين عمل مضخة الماء من جديد، وإلى ذلك الحين تجف حياة أهل المخيم.
معاناة في كل تفاصيل الحياة تدفع عبد الرحمن للقول إنه لو خُير بين العودة إلى مدينته الأصلية “طويلة” والاستقرار في المخيم فإنه سيعود حتما لطويلة، فهي كما يخبره أهله كانت أرضا زراعية، وكانوا يعملون بزراعة محاصيل عديدة منها التبغ والذرة والخضراوات المختلفة.
وهو ما تؤكده خديجة والدة عيسى؛ أنهم كانوا في طويلة يزرعون في أرضهم ويعتاشون من محاصيلها، أما الآن فإنهم يعملون في أرض غيرهم بالأجرة اليومية، فضلا عن أن المزارع بعيدة جدا عن المخيم، فيضطرون لمغادرة المنزل فجرا في رحلة على الحمار تمتد خمس ساعات، فيغادرون منازلهم قبل أن يستيقظ الأطفال ويستعدوا للمدارس، فلا تتمكن من إعداد الفطور والشاي لهم.
الشغف بالمباريات على أضواء المولدات
يقول عيسى آدم إنه في كل حي بالمخيم يوجد مولد لتوزيع الكهرباء يعمل من الساعة 7 إلى 11 مساء.
وكذلك في النادي يوجد مولد للكهرباء ولاقط فضائي، ويتقاضى النادي رسوما للدخول لمشاهدة مباريات كرة القدم، وتختلف قيمة الرسوم باختلاف أهمية المباراة.
ويحرص آدم على متابعة مباريات برشلونة وليفربول، ويشجع محمد صلاح ومانييه وميسي وسواريز. ولأنه يعمل ويكسب مالا فإنه يدفع لأصدقائه رسوم دخول النادي باعتباره واجبا عليه.
تجول كاميرا الفيلم في بعض أحياء المخيم المظلمة تماما في الليل إلا من إضاءة السيارات العابرة للطرقات الرملية بين بيوتها.
ومع الصباح يعمل أعضاء اللجنة الرياضية في المخيم على ترسيم حدود الملعب بالإسمنت الأبيض استعدادا لمباراة ناديي الجبل الأخضر والنجوم.
عرس كروي في أبو الشوك
أقيم حفل انطلاق “دوري البراعم السداسية” في ميدان السوق بمخيم أبو شوك، في 7 مايو/أيار 2018، بإشراف هيئة رعاية العمل الرياضي.
يُعرّف المعلق الرياضي بالدوري والفرق المشاركة، وصوته يصدح بمكبر الصوت المثبت على سيارة نقل صغيرة، بينما يدخل كل فريق مشارك في الدوري في حشد من أهالي الحي بما يشبه العرس الكروي، تصدح فيه زغاريد النساء اللواتي يحملن على رؤوسهن السلال، وفي أيديهن أغصان متنوعة من الشجر والأعشاب والخضار؛ في مشهد احتفالي حقيقي، وكأنه دوري وطني لكرة القدم وليس مباريات بين أطفال في مخيم بائس.
ويعلن المعلق أن المباراة الافتتاحية ستكون بين فريق الجبل الأخضر والنضال.. تبدأ المباراة بحماسة وجدية من اللاعبين وانتباه شديد ومتابعة من وجهاء المخيم، أما الجمهور الذي يحيط بالملعب فهتافاته وتصفيره وزغاريد النساء يلهب حماس الأطفال في الملعب.
ويزيد المعلق -الذي يستمع الجميع لتوصيفه لمجريات المباراة وتعليقاته الحماسية- من سخونة المباراة وجديتها.
لم يوفق فريق الجبل الأخضر في مباراته الأولى، وهو ما أشعر اللاعبين بالحزن الشديد، فقد ظنوا أن فريقهم سيخرج من المنافسة، لكن المدرب أخبر الفريق أن لديهم فرصة أخيرة.
وعن ذلك يقول مدرب الجبل الأخضر الفضيل صديق: حين هُزمنا من قبل فريق “النضال” بكى اللاعبون جميعا، ولم يصدقوا أن فريقهم سيخرج من بداية الدوري، لكن أداءهم في المباراة التالية وفوزهم بها أهلهم لدوري الأربعة.
وفي مباراة دوري الأربعة تحسن أداء الجبل الأخضر وانتهت المباراة بفوزه، لكن عيسى أصيب في قدمه، ورغم ذلك عمت الفرحة أبناء الحي ومشجعي الفريق على تأهل فريقهم للمباراة النهائية.
حلم العودة إلى “طويلة”
واستعدادا للمباراة النهائية والحفل الختامي للدوري يعود أعضاء إدارة دوري كرة القدم إلى الملعب، بينما يصدح المغني الشعبي “نبقاي” بأغانيه التي يعدها لمثل هذه المناسبات. ويلتقي مجددا فريق الجبل الأخضر بفريق النضال.
حاول عيسى الاعتذار عن لعب المباراة بسبب الإصابة في قدمه، لكن مسؤول الفريق أصر عليه، فلعب قدر استطاعته، لكنه لم يستطع أن يكمل.
يقول عيسى: استبدلني المدرب وبعد أن خرجت أحرز الخصم هدفا.
بكى عيسى وهو في مقعد البدلاء حزنا وخوفا من الخسارة، وهو ما حصل وخسر الجبل الأخضر المباراة، وبالتالي البطولة.
الشعور بالهزيمة والخسارة سيطر على لاعبي ومشجعي الجبل الأخضر وتهجموا على حكم المباراة لضربة، لكن الجماهير منعتهم.
وفي المساء يقول عيسى: اجتمع أعضاء الفريق لمناقشة هذه المسألة، ورأينا أن الحكم لم ينل معاملة كريمة، وقررنا أن نشتري له هدية اعتذارا له.
وعاد فريق الجبل الأخضر إلى التدريب في اليوم التالي للاستعداد للبطولة القادمة.
ويراود الأطفال اللاعبين أحلام بالعمل في الطب والمحاماة وغيرها في المستقبل، لكن أملا واحدا يُجمعون عليه مع أهاليهم وحتى مع المغني نبقاي؛ أن يعودوا جميعا إلى بيوتهم في “طويلة”.