“في يد الله”.. مغامر يقطع الصحراء بحثا عن صديقه

هل جربت أن تخرج من بيتك لتقطع عشرات الكيلومترات في الصحراء ماشيا على قدميك لزيارة صديق لك؟ فكيف إذا لم تكن تعرف عنوان صديقك هذا بدقة ولا تستطيع التواصل معه هاتفيا؟
هذا بالضبط ما قام به شاب مغربي يدعى سمير سعى لزيارة صديقه سعيد دون ترتيب مسبق في رحلة مشوقة أتحفتنا بها الجزيرة الوثائقية في فيلم أنتجته بعنوان “في يد الله”.
وكأن سمير -أو “عمو” كما يناديه الناس- يستحضر حديث النبي ﷺ: زار رجل أخا له في قرية فأرصد الله له ملكا على مدرجته، فقال: أين تريد؟ قال: أخا لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمة تردها؟ قال: لا؛ إلا أني أحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحببته.
ويوضح سمير سبب مناداة الناس له بـ”عمو” قائلا: أنا من كنت أنادي الآخرين بعمو.. ولأني شخص اجتماعي جدا فقد كنت أتعرف على الكثيرين دون أن أتمكن من تذكر أسمائهم لاحقا، لذا كنت أناديهم بعمو، ومع مرور الوقت اشتهرت بهذا اللقب، وأصبح الجميع كبارا وصغارا ينادونني به.. لقد أصبحت عم الجميع.
“انشغال وتوتر وملل”.. هروب من التكنولوجيا إلى الصحراء
يرى سمير أن عمله في محله الخاص بتصليح الهواتف والإلكترونيات “انشغال وتوتر وملل”، حيث يبدأ يومه في الثامنة صباحا لينظف أولا محله ويرتب أغراضه، قبل أن يبدأ في تلبية طلبات زبنائه، فهذا يريد تعبئة جواله، وآخر يريد إصلاح جهاز التلفزيون، وثالث يريد شراء هاتف أو سماعات أو جهاز لوحي، إضافة إلى الاتصالات التي تكاد لا تتوقف طلبا لحل مشكلات أجهزتهم، ويستمر هكذا حتى التاسعة ليلا.

يعتقد سمير أن الاستمرار في هذه الدوامة اليومية من العمل تصيب الإنسان بالتوتر والملل حتى يتمنى أن لا يرى الهاتف الذي يتلقى عليه نحو 140 اتصالا يوميا، فضلا عن الزبناء الذين يأتون إلى محله، وهو ما يدفعه للتفكير في أخذ قسط من الراحة من هذه التكنولوجيا، باحثا عن الخلاء خصوصا في الصحراء حيث “أستنشق الهواء النقي، وأشعر بنبضات قلبي، وأنصت لخطوات قدمي في الطريق، وأسمع صوت الرعد، ويسقط عليّ المطر فأعود إنسانا حقيقيا من جديد”.
“بشارة خير”.. فوضى الطقس في يوم الرحلة الأول
قبل أن ينطلق سمير في رحلته، يتجه إلى أحد الأسواق الشعبية ليأخذ منها مؤنة السفر من طعام وشراب. وفي رحلته عبر دروب الصحراء يفاجئه ومن معه المطر وهم في شهر مايو/أيار، أمر جعلهم يظنون أنهم أخطأوا التاريخ وأن رحلتهم هذه في يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط، لكن المطر “بشارة خير” على كل حال، كما يقول.

ورغم روعة هطول المطر، فإن الأمر جعل الفريق في مأزق، فمعدات التصوير ستتبلل، ومن أجل هذه الطوارئ فقد اصطحبوا معهم كاميرا خاصة بالماء، ولحسن حظهم وجدوا كهفا يختبئون فيه، لكن ملابسهم كانت قد تبللت وما زال أمامهم 15 كيلومترا قبل أن يصلوا إلى مكان مبيتهم.
“كل طريق في بدايته يكون صعبا، وفي يومنا الأول في هذه الرحلة استقبلتنا الطبيعة بالمطر والبرد، لكننا لم نستسلم وأكملنا الطريق”، ومع توقف الأمطار يظهر قوس قزح في السماء باعثا البهجة في النفوس.
“مثلما جمعنا الطريق فإنه فرقنا”.. استراحة محارب
بعد أن قطع شوطا في رحلته، يجلس سمير ليعد الشاي ويأكل ما يتقوى به على سفره، ويستذكر أنه قبل 10 سنوات كان يريد أن يصنع فيلما لرعاة البقر في حيهم تأثرا بالفيلم الأمريكي “الطيب والشرير والقبيح” (The Good, the Bad and the Ugly).
وفجأة يلتقي سمير ورفاقه بأول آدمي يقابلونه في رحلتهم بعد أن قطعوا 43 كيلو مترا مشيا على الأقدام. يقابلهم با حسون مبتسما ومرحبا، وبحكم معرفته الجيدة بهذه المنطقة يدلهم على الأماكن التي يوجد فيها الماء، قبل أن يعرض عليهم استضافتهم للمبيت عنده هذه الليلة.

وما بين الراحة من عناء السفر وأحاديث السمر واحتساء الشاي تمر الليلة، قبل أن يرشدهم با حسون إلى أيسر الطرق لاستكمال رحلتهم ويهديهم بغلة يحملون عليها متاعهم.
ويترك لقاء سمير مع با حسون أثره فيه، فيقول: مثلما جمعنا الطريق فإنه فرقنا، هذه هي الحياة، ومثلما التقيت با حسون متأكد أني سألتقي أناسا جددا، سواء كانوا جيدين أو سيئين.. لا يهم، المهم أن أكون أنا جيدا، وأمشي وأمشي حتى أصل لسعيد.
يواصل عمو مسيره، حتى يقابل فتيانا يلعبون الكرة، فيترك متاعه ثم ينغمس في اللعب معهم وكأنه واحد منهم يعرفهم ويعرفونه منذ سنوات.
يسألهم ضاحكا: هل وُلد أحد منكم عام 1994؟ وبالطبع لم يكن منهم من ولد في هذا الوقت، بينما كان “سمير” لاعبا ضمن فريق الجيش الملكي للفتيان، ويستعرض مهاراته أمامهم قائلا: إنه يستطيع أن يريهم لعبة لا يلعبها إلا هو وكابتن ماجد ومارادونا فقط.

يحل الليل من جديد، فيمسك سمير قيثارته ويغني:
اليوم، اليوم، بقيت أنا محتار
لم يجئني النوم، وليلي أصبح نهار
بني آدم أصبح مهموما ولا يهمه سوى الدينار
بالرغم من الصلاح والخير، الناس تغتاب وتغير
الإنسان الذي لم يجد ما يدير، تجده في الغالب جالس وصابر
ليس متسولا وليس مسحورا، فقط لا يملك الحظ
يجول في الشوارع دوما يجول
هكذا حكم الله، وهو من يستطيع تغيير حاله
يقول سمير إنه كتب هذه الأغنية في مدينة الداخلة، وكانت تعبر عن حالته النفسية بعد أن تعرض لعدد من الإخفاقات.
وادي الذهب.. كتابة الأغاني من وحي البؤس
يذكر سمير أنه حاول تسجيل ألبوم غنائي عام 1997، لكنه لم ينجح، كما لم ينجح في الاستمرار مع فريق الجيش الملكي عام 1994، كما حاول أكثر من مرة الالتحاق بالجيش أو الشرطة لكنه لم يوفق أيضا، قبل أن تدفعه هذه الإخفاقات إلى الخلوة والابتعاد عن الأهل والعيش وحيدا.
ولذلك فقد صنع لنفسه خيمة يختلي فيها على حافة وادي الذهب -وهو لسان البحر الذي يقع بمدينة الداخلة جنوبي المغرب-، حيث كان يعيش على جمع الصدف، ثم بيعه مقابل دراهم معدودة لا تكاد تكفيه لشراء حاجياته.
ويرى أن الإنسان إذا أراد الاعتماد على نفسه، فإن عليه أن يختلي بمفرده ويتحمل مسؤولياته. ويؤكد أن هذه الأيام التي عاش فيها الحرمان، هي التي أيقظت في نفسه الإلهام، فشعر برغبة في كتابة أغنية.
“أخذتُ قيثارة وألصقت عليها صورة جيفارا”.. أنيس السفر
في رحلته يعيش سمير الحياة على بساطتها، فلكي يحصل على حاجته من الماء مثلا، فإن عليه أن ينزل البئر ليأتي به، وببساطة أيضا يُشعل النيران ليجهّز ما حمله معه من أكل، ليشاركه فيه كلب صادفه في طريقه، وسرعان ما أصبح صديقا له يأبى أن يفارقه، ويستخلص سمير العبرة من ذلك بقوله: “فعل بسيط جعل هذا الكلب متعلقا بي وفيا لي”، معيدا إليه أحاسيس افتقدها في حياة المدينة.

يعزف سمير موسيقى لإحدى أغنياته بعنوان “العفو يا مولانا العفو” بإيقاع كناوي، وهو إيقاع مغربي، مشيرا إلى أنه يريد مفاجأة صديقه سعيد بها، وفي طريقه أضاف إليها كلمات جديدة.
يقول إنه عندما قرر خوض هذه الرحلة، أراد أن يكون له أنيس في سفره، “فأخذتُ قيثارة وألصقت عليها صورة جيفارا”، آملا في أن يعيد إحياء جيفارا الذي صار يحبه كثيرا بعد أن شاهد فيلما وقرأ كتابا عنه، وهو ما دفعه ليلصق صوره على جدران حيه رغم خطورة رفع صورة لشخصية تعبر عن التمرد والثورة في ذلك الوقت.
تعلق سمير في شبابه بأفكار جيفارا، وبقيمه المثالية والإنسانية اندفع لخوض الانتخابات وسانده أصدقاؤه في هذا القرار، لكن المفاجأة أنه حصل على 15 صوتا ما سبب له صدمة، أفهمته معنى الواقع ليقرر الهروب من السياسة، مستدركا بالقول إن هذه سياسة أيضا.. “سياسة الهروب”.
مسافر غريب لا يستخدم الهاتف.. لقاء سعيد الأول
يذكر سمير لقاءه الأول بسعيد قبل ثلاثة أعوام، فقد عرف بمجرد جلوسه معه أنه غريب، لكن أفكاره شدته إليه، وقد عرف أنه لا يستعمل الهاتف إطلاقا، كما أنه يعتمد على السفر، وقد أراد الآن السفر لرؤية سعيد متخليا هو الآخر عن هاتفه، ومتكبدا مشاق السفر والمشي في الصحراء، مشبها ذلك بعهد الرسائل الذي انقضى، عندما كان يكتب الإنسان رسالة، وينتظر الرد نحو شهر ليقرأه مرات ومرات.

يشتاق سمير إلى أيام الرسائل حين كنا نقول “شكرا لساعي البريد”، فهذه الكلمات التي لم تعد موجودة ولا يعرفها أبناء جيل الهواتف المحمولة كانت تعني الكثير، ويُشبّه سمير رحلته برسائل تلك الأيام؛ أسلوب الزمن القديم حين كان المرء يشتاق لأحد، فيذهب لرؤيته.
يكمل سمير مسيره، فيلقى أطفالا صغارا في عمر أبنائه، فيتسامر معهم ويلتقط معهم صورا.
اليوم آخر أيام شهر شعبان وغدا يبدأ رمضان في جو حار.. يقرر سمير ألا يتحرك كثيرا في وقت الشمس الحارة، ويكتفي بالمشي في الصباح الباكر ووقت الغروب حتى يستطيع الصيام دون كثير مشقة.
أحواض المياه.. بحث عن الأحجار الكريمة في الصحراء
يمزج سمير في رحلته بين الخلوة والبحث عن الحظ، فيبحث في طين أحد أحواض المياه عن الأحجار الكريمة، ويتذكر أنه عثر على أحد هذه الأحجار -واسمه الزمرد الأخضر- منذ زمن طويل، وقد عرضه على أحد الأثرياء فوعده بشرائه، ثم طلب رؤيته مرة ثانية قبل أن يختفي ومعه الحجر.. “فهل سيحالفني الحظ من جديد؟”، يتساءل عمو في أمل.

لطالما تمنى سمير السفر إلى الخارج، لكن المرة الوحيدة التي سافر فيها دخل إلى مدينة مليلية مهاجرا سريا، وقد قُبض عليه في المطار، ورغم ذلك فإنه لا يعد ذلك خروجا من المغرب؛ “فمليلية مغربية” كما يقول.
ينصب خيمته الصغيرة بوادٍ حول أحد الجبال ويجمع الحطب، ويؤكد أن السفر مشيا على الأقدام في رمضان صعب، فالشمس الحارقة والحرارة والجوع والعطش يجعلونه يفكر في الطرف الآخر، فأفضل طريقة للإنسان الذي يرغب في تنقية ذاته من الداخل وتصفيتها هي الاختلاء والبعد عن الناس أربعين يوما، فهذه الخلوة تمنح الإنسان الحكمة وتعيد إليه عافيته، ولها منافع أخر كثيرة.
“هب لي من لدنك حكمة تنير دربي”
مع غروب الشمس يفطر سمير ثم يصلي المغرب مناجيا ربه: يا إلهي.. أنا عبد من عبادك أغثني برحمتك وارحم ضعفي وقلة حيلتي، إني تهت في سعة كونك، يا رب يا بديع السماوات والأرض هب لي من لدنك حكمة تنير دربي وتطمئن قلبي، يا عظيم، يا سميع، يا عليم، يا الله.

ولا تخلو رحلة سمير من مصاعب تفاجئهم، فقد سقطت طائرتهم المُسيّرة التي يستخدمونها في التصوير، مما أوجب عليهم الصعود إلى قمة الجبل بحثا عنها، أو على الأقل عن بطاقة الذاكرة التي تحتفظ بما التقطته من صور.
حادث يجعله يستخلص العبرة المتمثلة في أن المصيبة تكون صعبة في وقتها، لكن الوقت يحولها إلى مجرد تجربة، ومثل هذه العبر تساعده في الوصول إلى أهدافه.
وأخيرا يصل سمير إلى مدينة أكدز في الثانية بعد الظهر.
“هل أصبحت نجما؟”.. سعيد وجها لوجه مع الكاميرا
ها هو سمير قد قطع الشوط الأكبر ووصل إلى أكدز، ليبدأ رحلة البحث عن صديقه سعيد عكلي، ويسأل هذا وذاك عنه إلى أن يدله أحدهم على منزله، لتأتي لحظة اللقاء، لحظة تتجلى فيها مشاعر الحب والأخوة والصداقة والود والمفاجأة.
يرحب سعيد بسمير ومرافقيه إبراهيم ولبنى ورضا، ومع ملاحظته للكاميرات المسلطة عليه، يتساءل سعيد في براءة: هل أصبحت نجما؟
يبادر سمير بتقديم هدية لسعيد، ورغم بساطتها إلا أنها أدخلت سعادة تكاد لا توصف على سعيد، وحوّلت اسمه إلى اسم على مسمى بحق. ويدب النشاط في جسد سعيد، فيعجن بيديه خبزا إكراما لضيوفه.

ينقل سمير قول البعض إن “الرجال يجتمعون، لكن الجبال لا تجتمع”، ثم يردف مشددا “وهذه هي الرجولة”.. فبعد مدة يلتقي الناس من جديد في وقت أبعدت فيه الهواتف الأصدقاء عن بعضهم بدل أن تقرّبهم.
وبحكمة البسطاء يقول سعيد: عندما تتصل بشخص ما يوميا وتمازحه باستمرار، تفقد الإنسانية.. فمن المفروض أن يأخذ كل شيء وقته الطبيعي.
ويوجه كلامه لسمير: فمثلا أنت تعيش في طنجة، وأنا هنا في أكدز، عندما تتصل بي وتحدثني فتتحدث في الهاتف؟ أم إلى الهاتف؟ أم معي؟
يرد سمير بابتسامة: أتحدث معك عبر الهاتف.
فيجيبه سعيد: أرأيت؟ هكذا ننسى، كيف نتصل بالله دون اللجوء إلى الهاتف الذي ليس إلا مجرد جهاز؟
ويتابع سعيد حديثه: في السماء لا توجد نجمة سوداء، بل نقاط مضيئة صغيرة.. المشكلة أننا نسينا السماء التي أصبحت سوداء في الليل، فبقينا في النجمة ونسينا السماء، مما يعني أننا تغيرنا ولم نعد نحن.
“الدنيا بالنسبة لي مجرد سينما”.. فلسفة الرحلة
بعد جلسة ممازحة وحوار بين الصديقين سمير وسعيد، جاء وقت السؤال الذي لا بد منه، فسأل سمير: هل تخيلت أنني سآتي إليك هنا؟
ليجيبه سعيد قائلا: إنها مشيئة الله، اللهم لك الحمد، المؤمنون يجمعهم الله.
يخبر سمير صديقه بحديث نفسه وهو في الطريق ماذا لو لم يجده، معتبرا أن ذلك سيكون عقوبة، لكن الله سلم، بيد أن سعيد يرى أن السؤال لا ينبغي أن يكون كذلك “فأنت سلمت أمرك لله ومشيت، فإن وجدتني فذلك جيد، وإذا لم تجدني فذلك جيد أيضا.. المهم هو ماذا تريد؟ لأنك عندما تعود لنفسك ترى ما الذي يحصل، ترى أن كل ما تشاهده مجرد فيلم سينمائي، الدنيا بالنسبة لي مجرد سينما، فأين مشاهد قصتها؟”.

ثم يجيب نفسه قائلا إنها في القرآن، “عندما تكون قارئا للقرآن تستطيع قراءة السيناريو وتفهم ما يحصل، وتصبح متفرجا مراقبا، إذا كان الله معك، فحينها لا يهم من كان ضدك”.
ويستطرد: دوما عندما ترغب في فعل شيء ما، تصادفك المشاكل، لكن السؤال حينها هل ستكمل الطريق أم لا؟ إذا وجدت طريقا نقيا أكمل، لكن إن وجدت الظلام فالزم بيتك، على الإنسان فقط أن يُحسن اختيار الطريق.
“ما يريحني إلا الاختلاء في الصحاري”.. أغنية على شرف الصديق
مع احتساء الشاي، يفتح سعيد دفتر ذكرياته ليستعرضها مع سمير، وهي ذكريات كتب بعضها أصدقاؤه قبل سنوات طويلة، ويقرأ ما كتبته له صديقة تُدعى نعيمة: حافظ على خلقك الطيب، ولا تتخل عنه مهما تكن المغريات، فحذار وحذار يا سعيد، أحبب الناس واعمل على إسعاد كل من يحيط بك، ففي ذلك ستكون سعيدا يا سعيد.. كن مُثابرا ومُجدّا دائما كما عهدتك، فبالجد والكد لا شيء مستحيل.

يضحك سعيد ويقول إن دفتر الذكريات هذا بمثابة هواتف تلك الأيام.
والآن حان الوقت ليُسمع سمير صديقه أغنية “العفو يا مولانا العفو” التي ألفها:
العفو يا مولانا العفو
دارت بي الأيام وأنا غافل
من حر تلك الأيام لا زلت صابر
وقد أضاف إليها أبياتا أخرى وهو في طريقه لسعيد، وهي:
دائم الهم في عقلي جائح
ما يريحني إلا الاختلاء في الصحاري
لألقى خليلي وعقله راجح
يخفف همي ويكون لي ناصح
العفو يا مولانا العفو
“سبحان من جمعنا بدون ميعاد”.. فراق على أمل اللقاء
بسعادة لا تسعها الدنيا، يخاطب سعيد صديقه: إذا جاءك شخص تعرفه وجلس معك، فكأن النبي جلس معك، أما إذا جاءك شخص لا تعرفه، فكأن الحق سبحانه معك، وأنا معي الخير بأكمله، الذي أعرفه والذي لا أعرفه، هل توجد فرحة أكبر من هذه؟ اللهم لك الحمد.

يُزوّد سعيد سمير بحاجته من الماء مذكرا إياه بقول الله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، قبل أن يقول له مودعا: سبحان من جمعنا بدون ميعاد.. مثلما أتيت إليّ، ربما آتي لزيارتك أنا أيضا إن شاء الله.
ويختم: في يد الله.. في يد الله.. طريق السلامة.