“رمضان في الأطراف”.. روحانية الشهر الفضيل والدين الحنيف في الأصقاع النائية

(يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). هناك في أطراف الأرض البعيدة أناس أسلموا لله وصاموا، لم يأتهم الإسلام على حدّ السيف ولا على أطراف الأسِنَّة، بل هم الذين أقبلوا على الله واختاروا الإسلام دينا. وصدق فيهم قول الرسول ﷺ: “والله ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار”.

في هيستنغز مدينة العنب وسلّة غلال نيوزلندا، التي تقع على الساحل الشرقي من الجزيرة الجنوبية للبلاد، وتمتد سهولها الخصبة امتداد البصر، يعيش السكان الأصليون من قبائل الماوري منذ القرن 14م، وسوف يكون معهم فريق التصوير لتسجيل يومياتهم في شهر الصيام المبارك، ثم يصنع من هذه اليوميات فيلما من إنتاج الجزيرة الوثائقية، لتبثه تحت عنوان “رمضان في الأطراف”.

“الصوم هو أصعب شيء قمت به في حياتي”

“سنذهب لجمع الحطب، ثم إلى سوق الماشية نشتري خروفا، ونمرّ ببيت أختي لجلب بعض الآنية”، ولكن هل يسع الوقت عبد العزيز وصديقه عبد المهيمن للتسوق وإعداد الطعام قبل موعد الإفطار؟ الوقت يمضي بسرعة في صيف نيوزلندا، ولا يتجاوز نهار رمضان بضع ساعات. لقد تمت الصفقة بيسر، خروفٌ بأربعين دولارا، وبقي الحطب وبعض الصخور البركانية لإنضاج اللحم الشهي.

عبد العزيز يشتري من السوق خروفا للإفطار الجماعي

ومع قصر النهار نسبيا في نيوزلندا فإن المسلمين الجدد يواجهون بعض الصعاب في الصيام، لكن السعادة تغمر جوانحهم بما حققوه من امتثال لأمر الله سبحانه، فهذا أنطون تونيهي (خالد) صهر عبد العزيز يقول: الصوم هو أصعب شيء قمت به في حياتي، لم يتعود جسمي بعد عليه، وهذه تجربتي الأولى مع رمضان، لكنها من أجمل التجارب.

أما بروس سيدني (محمود) صديق عبد العزيز فقد خجل من نفسه حين رأى الفتيات الصغيرات يصمن وهو لا يصوم، فعاهد نفسه على أن يصوم ولا يفطر بعد اليوم. وكذا فعل شارلي تونيهي (وليد) الذي أصبح مسلما بعد أسبوعين من ذهابه إلى مسجد أوكلاند، وفي ولنغتون تعلم الوضوء والصلاة وحفظ بعض السور، ولكنه ما زال يجد صعوبة في القيام لصلاة الفجر.

“كنت أضطر لشرب الماء في بعض أيام الصيام”

في أقصى شمال الأرض، حيث أيسلندا بلد الفايكنغ والبحار والسفن، وتحديدا في مدينة ريكيافيك، حيث يتمدد نهار رمضان ولا تغيب شمسه؛ يخرج محمد علي وزوجته لبنى وابنه فيصل وصديقه نور في رحلة بحرية لتخفيف عناء الصيام في يوم طويل.

محمد علي وزوجته لبنى وابنه فيصل وصديقه نور في رحلة بحرية لتخفيف عناء الصيام في يوم طويل

قضى محمد علي أكثر أيام عمره صياد سمك في البحر، وقد تعلقت به نفسه كثيرا، وبينما تتلاطم أمواجه أمامه تتلاطم كذلك مشاعره في جنبات نفسه من صيام يومٍ لا تكاد تلتقي أطرافه. يقول صديقه نور عن تجربة الصيام: لم أكن أعلم أن الصيام بهذه المشقة، لقد كنت أضطر لشرب الماء في بعض أيام الصيام الطويلة، ثم أقضي تلك الأيام عندما يقصر النهار فيما بعد.

وعن مواقيت الصلاة في الشمال يقول كبير الباحثين سفار رلزون (إبراهيم): كنت في أقصى شمال أيسلندا عام 1974، ولو أردت إقامة الصلاة حسب مواقيت القرآن، ولو افترضنا أنني صليت العشاء يوم 5 كانون أول/ديسمبر، وصليت الفجر في اليوم التالي عندما أرى بعض الضوء، فإنني سأصلي الظهر في 17 كانون ثاني/يناير، لأني لن أرى الشمس إلا في ذلك اليوم، ولذلك لا بد من اجتهاد ما في هذه المسألة.

صيام على قدر مواقيت أهل مكة.. فتوى الأزهر

في ريكيافيك بأيسلندا يعاني الصائمون من طول نهار رمضان، إذ يبلغ 21 ساعة في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز، لدرجة أنك لا تلاحظ مغيب الشمس، ولذا أصدر مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة فتوى تتعلق بتحديد وقت الصيام، لكنها في نظر البعض لم تسهم في تخفيف وطأة النهار الطويل، وجاء في الفتوى التي صدرت في 4شباط/فبراير 1982 ما نصه:

“بالنسبة لتحديد أوقات صيام شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم، ما دام النهار في بلادهم يتمايز من الليل، وكان مجموع زمانهما 24 ساعة”. وعلّق الشيخ سليمان التميمي رئيس الجمعية الإسلامية الأيسلندية قائلا: من غير المعقول صيام اليوم كاملا في الصيف، وصيام ساعتين على الأكثر في الشتاء.

وفقا لفتوى الأزهر الشريف، يصوم أهل الشمال ويفطرون على الساعة وليس على غروب الشمس

لكن إبراهيم لم ييأس، وأرسل إلى الأزهر الشريف يستفتيه، وقد تأخر الرد لكنه جاء في 24 أبريل/نيسان 1983، وجاء فيه: على القاطنين في البلاد التي يطول فيها النهار طولا لا يستطاع معه الصيام طول النهار أن يبدأوا الصيام من أول طلوع الفجر عنده، ويستمر صيامه ساعات تساوي الساعات التي يصومها أهل مكة.

إفطار المسجد.. فرصة للقاءات الأخوية وأعمال الخير

نعود إلى هيستنغز التي يصوم أهلها 9 ساعات في ذلك الوقت من السنة، ويتحدث الشيخ محمد زوادة إمام مسجد التقوى في هيستنغز عن الشاب عبد العزيز وأسرته، فقد جاء إلى المسجد وطلب أن يتعلم الإسلام، ونطق الشهادتين واختفى بعد ذلك عاما، ثم عاد بنشاط غير مسبوق.

مسلمون في نيوزيلاندا يحضرون وجبة الإفطار الجماعي (الهانغي) الأكلة الشعبية لشعب الماوري السكان الأصليين

بدأت إجراءات إعداد وجبة الإفطار الجماعي (الهانغي) تلك الأكلة الشعبية لشعب الماوري سكان نيوزلندا الأصليين، وقد حافظوا على طريقة طهيها منذ مئات السنين، وتتلخص في طمر كامل الذبيحة والخضراوات المرافقة لها تحت الأرض، وإيقاد النار في الأخشاب الصلبة والصخور من فوقها حتى تنضج، ثم إخراجها وتوزيعها على الحضور قبل أن يحل الظلام.

على مائدة الإفطار كان الشيخ زوادة يتحدث عن أنشطة متنوعة في رمضان للرجال والنساء والصغار، أهمها الإفطار الجماعي الذي يقيمه المسجد يوميا لأفراد الجالية الإسلامية هنا، ويتكفل أفراد الجالية الموسرون بتمويله وإعداده وتقديمه، وعنه يقول خالد: لم نكن سابقا نلتقي هكذا إلا في المآتم، فنحن نحس بتغير كبير أنا وعائلتي بعد إسلامنا.

أطفال على مائدة إفطار (الهانغي)

ويقول عبد العزيز: رمضان هو أجمل أيام السنة بالنسبة لي، وهو مناسبة للقاء الإخوة الذين لا نراهم خلال السنة، وهو مناسبة للتدرب على الطاعات وصلاة الليل وفعل الخير والابتعاد عن المعاصي.

“كنت أبحر نحو الجحيم”.. أحاديث المسلمين الجدد

يقول الشيخ سليمان التميمي رئيس الجمعية الإسلامية الأيسلندية: الأخ محمد علي من مواليد أيسلندا، وهو مواطن أيسلندي أصيل، اعتنق الإسلام قبل 20 عاما، وكان خارج أيسلندا، فلما عاد قمنا بتعليمه أساسيات الإسلام ودربناه على إمامة المسلمين وخطبة الجمعة، وأشركته في دورات للغة العربية وقراءة القرآن الكريم، وهو الآن يتقن القراءة، ونقوم بترجمة المعاني له بالأيسلندية، وهو يقوم بدور الوسيط مع الأيسلنديين الذين يسلمون حديثا.

محمد علي مواطن أيسلندي أصيل، اعتنق الإسلام قبل 20 عاما

وعن تجربة إسلامه يحدثنا محمد علي نفسه قائلا: كنت أبحر نحو الجحيم، لم أفهم معنى الحياة الحقيقي إلا بعد اعتناقي الإسلام، كانت حياتي بلا هدف. ولكوني بحّارا فقد كانت ألفاظي سيئة ولم أكن أحترم النساء، وكنت أشرب الخمر كثيرا، ولا أتردد في أكل أي شيء دون أن أسأل عن مصدره، وأعيش حياتي دون تفكير.

ويتحدث عن نظرته القديمة إلى الإسلام قائلا: كانت صورة المسلم في ذهني هو ذلك الشخص القذر طويل اللحية ذو اللباس الفضفاض والخنجر المشهر دائما، غليظ الأخلاق وغير النزيه، ليس إنسانا تقريبا. أما الآن فلدي فهم أفضل للإسلام، وذلك على الرغم من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، والصورة عموما أفضل بكثير مما كانت عليه قبل 40 عاما.

“أحببتُ أن أكون مثلهم”

يتحدث الشيخ سليمان التميمي عن الإسلام في أيسلندا قائلا: لدينا الآن أكثر من 200 مسلم من أهل البلاد الأصليين بين رجل وامرأة، بعضهم أسلم، بفضل الله، دون أي تواصل مع أحد، فقط بهداية الله وعن طريق القراءة من الإنترنت، وأكبر مثال أم محمد علي ذات السبعين عاما، فقد أسلمت قبل 40 عاما عن طريق القراءة فقط.

ويروي قصة تأسيس الجمعية الإسلامية بقوله: جئتُ إلى أيسلندا في 1971، ولم يكن بها إلا سبعة مسلمين أجانب، ولم تكن تجمعنا مناسبة، وعندما زاد عدد المهاجرين المسلمين قررنا في 1997 تأسيس جمعية إسلامية، وكان عددنا خمسة، ثم زاد العدد بفضل الله حتى تجاوزنا ألف مسلم هذه الأيام.

في آيسلندا يبلغ عدد المسلمين أكثر من 50 ألفا يمثلون 1% من السكان

ويقول إبراهيم: حصل تغير كبير منذ عدت إلى أيسلندا في 1973 بعد اعتناقي الإسلام، ولم يكن الناس مهتمين بالإسلام ولا يعرفون شيئا عنه، واستمر ذلك 20 سنة لم أسمع خلالها عن أحد أسلم، أما الآن ففي كل يوم هنالك مسلمون جدد.

ويبين نور سبب إسلامه قائلا: عندما كنت أرى التزام المسلمين بتعاليم دينهم وإخلاصهم، أحببت أن أكون مثلهم، وأرى أن ذلك هو ما دعاني للإسلام.

“بعد الإسلام تحسنت أخلاقي وصرت أتبع سنة الرسول”

يتحدث الشيخ محمد زوادة عن الإسلام في نيوزلندا قائلا: بلدٌ حديث عهد بالمدنية، وقد اختار الله له أن يصله الإسلام سريعا كذلك، ففي 1874 كان فيه 15 مسلما فقط جاءوا من الصين، أما الآن فعدد المسلمين أكثر من 50 ألفا يمثلون 1% من السكان، ويزداد عدد الماوريين المسلمين باطراد، ففي التسعينات لم يتجاوز عدد المسلمين الماوريين 99 شخصا، بينما بلغ عددهم 1074 عام 2006.

منذ أن أصبح محمد علي مسلما، صار يعرف الكثير عن تاريخه، وزاد انتماؤه لأصوله الماورية

ويقول عبد العزيز متحدثا عن أهل بلده: ينظر الناس إلى لباسي باستغراب، وينسون أنهم يلبسون الزي الأوروبي الآن، وقد تخلوا عن الزي الماوري التقليدي، فقد تغيرت عاداتهم كليا بعد الغزو الأوروبي، ولم يكونوا يعرفون الخمر. أما أنا فقد صرت أبحث عن المعرفة والعلم منذ أصبحت مسلما، وصرت أعرف الكثير عن تاريخي، بل زاد انتمائي لأصولي الماورية.

ويروي قصة اعتناقه الإسلام قائلا: في 2007 كانت أختي تعيش مع عائلة مسلمة ماورية، وكان زوجها يعرض عليّ الإسلام ويلحُّ عليّ بالطلب حتى انشرح صدري. كان يسألني هل تؤمن بالله فأجبت بنعم، ثم حدثني عن الله، وعن القصة الحقيقية لعيسى بن مريم وعن الرسول محمد عليه السلام. كنت أصدقه فيما يقول، لأن هذا هو ما كنت أفكر به أيضا، ولم أكن أعرف أن هذا هو الإسلام الذي يدين به المسلمون، فنطقت ساعتها بالشهادتين.

في البداية، كان الصوم بالنسبة لـ”خالد” أمرا صعبا للغاية

وكان سليم يتردد على المسجد قبل اعتناقه الإسلام، وما زال صديقه عبد العزيز يدعوه إلى الإسلام، حتى اطمأن قلبه أخيرا. أما محمود فلم يكن مسلما في البداية، ولكن عائلة عبد العزيز احتضنته واعتنت به حتى صار واحدا منهم. ويقول خالد: قبل الإسلام كنت أقوم بأعمال تودعني السجن، وبعد الإسلام تحسنت أخلاقي وصرت أتبع سنة الرسول ﷺ في كل شي، كان تحديا، لقد تغيّرت حياتي للأفضل.

“ذهب ليشتري قلما فعاد مسلما”

حان وقت الإفطار، وها هو محمد علي وعائلته يفطرون في وضح النهار حسب فتوى الأزهر، أما قبل الفتوى فكان كل جماعة يفطرون حسب بلدهم الأصلي، فالأتراك يفطرون على توقيت إسطنبول والمغاربة يفطرون على توقيت المغرب وآخرون على توقيت مكة المكرمة.

ينشط مسلمو ريكيافيك في رمضان، ويحرصون على ذلك الإفطار الجماعي كل يوم سبت، وفيه تأتي كل عائلة بلون الطعام الذي يميزها، فتجد الأطباق الباكستانية والآسيوية والفلسطينية والتركية بالإضافة إلى أطباق الأيسلنديين، وفي هذه المناسبات تتجلى روح الأخوة والتعاون، ويتبادل المجتمع المسلم الصغير طرح مشاكلهم المشتركة واقتراح الحلول.

مسلمو ريكيافيك ينشطون في رمضان، ويحرصون على ذلك الإفطار الجماعي في المسجد كل يوم سبت

ويروي محمد علي سبب إسلامه قائلا: التقيت شابا في الريف المغربي، وفي أحد الأيام أخذني إلى المسجد الكبير في الرباط، كان المسجد فارغا إلا من عجوز يتلو القرآن، حينها انتابني شعور غريب، كأن قلبي قد انفتح. دخلت يوما مكتبة وسألت عن أشرطة للقرآن، فسألني إن كنت مسلما فأجبت بلا، ولكن أمي مسلمة.

ثم سألني: هل تؤمن بالملائكة والأنبياء؟ فأجبت بنعم. قال: والكتب المقدسة؟ قلت: نعم، فقال لي: إذن فأنت مسلمٌ دون أن تدري. ثم قال: ولماذا لا تنطق بالشهادة؟ قلت: لا أدري، ربما لاحقا، فقال: بل الآن، أحسست حينها أن الله أقفل عقلي وفتح قلبي. وكان أخي يتندر بهذه الحادثة ويقول: ذهب ليشتري قلما فعاد مسلما.

أما فيصل الصغير بن محمد علي، فهو يصوم اليوم الطويل وهو ابن 12 سنة، وهو فرِحٌ بذلك. وأما أمه لبنى الباكستانية الأصل، فالصوم عندها أسهل مما كان في باكستان حيث الحرارة العالية، لكن حياتها لم تكن بتلك السهولة عندما جاءت إلى أيسلندا، فحاجز اللغة وعدم وجود وظيفة كانا تحديا، أما الآن فالحمد لله، كل شيء على ما يرام.

“عندما تكون مسلما تحس بأن الله معك”

أحسن عبد العزيز إذ وصف دينه بقوله: الإسلام بالنسبة لي أسمى شيء في الحياة، وأنا ملزم بتبليغه لكل الناس، ومن المؤسف أن لدى بعض الناس تصورات خاطئة عن الإسلام، ولكن عندما يتعمقون في جمالياته يتمنون لو أن كل العالم كان مسلما.

وأبدعت أمه مريم حين قالت: تحديات الحياة واحدة، ولكن عندما تكون مسلما تحس بأن الله معك، هنالك هدف محدد في الحياة وتوجيهات ربانية، وبعدها جنات في الآخرة.

وتقول أخته ياسمين: أحب الصيام، إنه يذكرني بالمحرومين الذي لا يجدون ما يسدّ رمقهم، والصيام يعلمني التواضع ويجعلني أقرب إلى الله.

بعد إسلامنا أصبحنا عائلة متحابة مجتمعة وعمَّنا السلام

وهذه أخته الثانية خديجة تقول: في أحد الأيام كتب أخي على صفحتي في الفيسبوك: ستصبحين يوما ما مسلمة، أجبته: سيكون ذلك صعبا، وقد رأيت كم تغيّر بعد إسلامه، لقد كان مدمنا للخمر والمخدرات، والآن أصبح نظيفا.

ويصف صهره خالد حالهم قبل الإسلام وبعده قائلا: كنا عائلة مفككة كثيرة المشاكل والتوتر، وأصبحنا عائلة متحابة مجتمعة، عمَّنا السلام بعد إسلامنا، وكنا عائلة متواضعة المستوى في المجتمع، ولقد ارتفعنا بالإسلام.

وكذا يقول صديقه عبد المهيمن: كنت أتردد على هذه العائلة الطيبة حتى احتضنوني أخيرا تحت جناحهم، أحسست ساعتها أن الله أراد بي خيرا.

هذا هو الدين الحق، يتفق عليه أهل الأرض من أقصاها إلى أقصاها، وتتواطؤ عليه أفهام وأقوال الفضلاء حول العالم، ويُجمِع على صلاحيته لإسعاد البشرية أهل الشرق والغرب. ولا يتّبعه إلا سويّ، ولا يعاديه إلا من كان في قلبه مرض. اختاره خالق الأرض لصلاح من عليها ونجاحهم في الدنيا والآخرة، فلا نعدِل به أحدا، ولا نرتضي غيره حَكَما.