مهمة في بلاد الثلج.. بعثة تبشيرية تختبر الدعوة إلى دين جديد

أسس جوزيف سميث كنيسة “يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة” عام 1830 في “بالميريا” بـ”نيويورك”. وبعد فترة وجيزة من تأسيسها أطلقت الكنيسة برنامج بعثاتها التبشيرية، واليوم يرسل عشرات الآلاف من الشبان والشابات إلى جميع أنحاء العالم للتبشير بكتابهم المقدس “مورمون”.

ويبلغ عدد أتباع هذه الطائفة أكثر من 16 مليونا حول العالم، يعيش غالبيتهم (نحو 60%) في الولايات المتحدة وحدها، ويتوزع الباقي في أمريكا اللاتينية وكندا وأوروبا وأفريقيا والفلبين وأستراليا، مع وجود محدود في بعض الأقطار العربية مثل مصر والأردن ولبنان.

وتشترك طائفة المورمون مع بقية الطوائف المسيحية في بعض أهم العقائد المسيحية، مثل الاعتقاد بألوهية يسوع المسيح والتعميد وغيرها، لكنهم يختلفون معهم في أمور أخرى.

فأتباع الطائفة المورمونية لا يعترفون بالمفهوم المسيحي عن الثالوث، ويعتقدون خلافا لذلك أن الأب والابن والروح القدس هم ثلاثة كيانات منفصلة.

ويتبع المورمون أسلوب حياة صحي صارم، فهم يحرّمون الخمر والتبغ والقهوة والشاي والمخدرات، ويرفضون الإجهاض والمثلية، ولا يسمحون بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.

ويتناول الفيلم الوثائقي “مهمة في بلاد الثلج” الذي بثته الجزيرة الوثائقية؛ تكليف 4 مراهقين أمريكيين بمهمة كنسية تبشيرية تُخرجهم من عالمهم الآمن لتأخذهم إلى أقاصي الشمال وتحديدا إلى فنلندا.

مراهقون مبشرون.. الحياة من أجل رسالة سامية

تعد فنلندا صاحبة النسبة الأعلى من المواطنين اللادينيين في أوروبا، وهناك اختَبر هؤلاء المبشرون قسوة مواجهة عالم لا يهتم برسالتهم لتدفعهم هذه الرحلة لمساءلة إيمانهم.

فقد تلقى المراهقون الأربعة دعوة من الكنيسة ليكونوا مبشرين، ويسافروا إلى أقاصي العالم لمحاولة ضم أشخاص جدد إلى ديانة الـ”مورمون”.

أحد هؤلاء هو باولي -أو “الأخ” باولي بعد أن أصبح مبشرا- يقول: “الشباب ملزمون بالخروج، وهذا مذكور في النصوص المقدسة، لا أتذكر أيا من هذه النصوص، لكن النصوص عموما تقول إنه يجب على كل شاب قادر أن يتفرغ للخدمة في إرسالية”.

مجموعة من المراهقين يتبعون ديانة “مورمون” في رحلة تبشير “إجبارية” إلى بلاد الجليد

وأضاف: “قبل السفر إلى فنلندا، سأمكث لفترة في مركز التدريب على التبشير لمدة 9 أسابيع، ولا أحد يدفع لنا للقيام بالأعمال التبشيرية، بل علينا أن ندخر أنا وعائلتي المال للذهاب في بعثة”.

أما “الأخ” دايفيس فيكشف أن والده ووالدته ذهبا في إرسالية، ويقول: “لديّ الكثير من الأقارب الصغار في السن، وكثير من هؤلاء يقتدون بي، وبما أنني ذاهب في إرسالية، فسأتمكن من تمهيد الطريق أمام المزيد من الناس للذهاب في إرساليات وخوض تلك التجربة”.

وتابع قائلا: “واحد من أصل 57 شخصا في فنلندا هو عضو معنا، وسيكون من الرائع أن يزيد العدد، وأقصد إن ذهبنا في إرسالية، فإذا كانت النسبة تبلغ 1% فسيمكننا ذلك في غضون سنتين أن نرفع النسبة إلى 10% وهذا هدف كبير”.

أما “الأخت” فيلد فتقول: “سأفترق عن عائلتي لمدة 18 شهرا، حيث سأذهب إلى بلد جديد وأقابل أناسا جددا وسأبشر بالإنجيل طيلة تلك الفترة.. فقد شعرت في تلك اللحظات وكأن أبانا الذي في السماوات يقول لي: آتمنك على أولادي وأمنحك هذه النعم”.

وتعتبر “الأخت” بيلز أن العمل في إرسالية هو تغيير لنمط حياتها بعض الشيء، تقول: “كلما شعرنا أنا وأختي بالتوتر نشغل الموسيقى ونرقص، لكنني عندما سأكون في الإرسالية لن تكون أختي معي ولن أستطيع تشغيل الموسيقى ولهذا سأشتاق لذلك حتما”.

مركز التبشير.. “إذا أغلق أحدهم الباب في وجهك اذهب إليه من باب آخر”

ينتقل المراهقون إلى مركز التدريب على التبشير في ولاية يوتا الأمريكية، وهناك يتعلمون اللغة الفنلندية كي يتمكنوا من التواصل مع الناس هناك.

وتعلق “الأخت” بيلز قائلة: “مركز التدريب على التبشير ممتع جدا، فالجميع سيكون في مثل سني تقريبا، وجميعنا نمر بالتجربة نفسها”.

مركز التدريب على التبشير في ولاية يوتا الأمريكية

ويلخص أحد المدربين في مركز التدريب مهمة أي عضو في البعثة الإرسالية بالقول: “سأجتهد في كل شيء وأي عمل، فعندما يغلق أحدهم الباب في وجهي سأذهب إلى باب آخر، سأحب الناس وأعيدهم إلى الكنسية”.

ويقول كالي: “فهمت أن الفنلنديين لا يستخدمون كلمة أحب كثيرا، لأن هذا التعبير مميز جدا بالنسبة لهم، لكن لأن يسوع المسيح يحبنا حقا فنحن نستخدم هذا الفعل. ولكن هل سيكون ذلك غريبا بالنسبة لهم؟”.

في بلاد الثلج.. وصايا اللحظات الأخيرة

يصل المراهقون إلى فنلندا ويدخلون إلى القاعة الثقافية في الكنيسة ليتعرفوا على مهامهم ورفاقهم، ويخبروهم أنه حان الوقت ليبدؤوا مهماتهم.

ويقدم رئيس الإرسالية “أورا” نصيحة للمبشرين الجدد قائلا: “تصرفوا في الميدان وفقا لشخصياتكم ولا تظنوا أن عليكم أن تصبحوا مبشرين نموذجيين، لأنه لا وجود لهذا في الواقع.. لقد استدعاكم الرب بسبب شخصياتكم، والآن سنعلن رغبة الرب وخططه لكم. ستنفذون مهماتكم مع رفيق، وسيتم تعيين رفيق لكم كل 9 أسابيع، ولن يغيب أحدكم عن نظر الآخر إلا عند الحاجة”.

وقد حدد لهم قواعد الإرسالية وأبرزها:

فريق “المبشرين” المراهقين يصل إلى مطار هلسنكي بفنلندا

استيقظوا عند الساعة 6:30 من كل صباح. ارتدوا ملابس مناسبة. ادرسوا النصوص المقدسة كل يوم وصلّوا كثيرا. قلصوا تواصلكم مع الأهل والأصدقاء والعائلة إلى مرة في الأسبوع.

وتابع رئيس الإرسالية تعليماته قائلا: “إن التزمتم بهذه القواعد فسيقدم لنا الرب أناسا متحمسين للاستماع إلى رسالتنا”.

اللغة.. عائق كاد يودي بالمهمة

تبدأ الصعوبات مع المبشرين المراهقين، ويحاولون الحديث مع الناس في الشارع، ولكن ردة فعلهم كانت سلبية، فبعضهم حتى لم يتوقف، وآخرون لم ينصتوا أو يهتموا. كانوا يوقفون الناس ويعرضون عليهم كتاب “مورمون” الخاص بديانتهم، وعلى الرغم من أن البعض توقف وأخذ الكتاب، فإنه كان يقول إنه “ليس مهتما بالأمر”.

كما كان عائق اللغة واضحا لأن الأربعة الذين قدموا إلى فنلندا لم يكونوا متمكنين من اللغة، وهم يزورون المدارس ويحاولون التبشير بديانتهم للأطفال والمراهقين. وتلخص “الأخت” بيلز الصعوبات بالقول: “رغم أنني أرغب بالتحدث بطلاقة الآن إلا أنني غير قادرة، أخشى ألا أتمكن من إعطاء الانطباع الذي أريده عن نفسي”.

كما زار الأربعة كبار السن في منازلهم لمساعدتهم في إنجاز أعمال منزلية، ولكن المشكلة كانت في التواصل معهم، لأن المراهقين لا يفهمون الفنلندية، وكبار السن لا يعرفون الإنجليزية. تقول إحدى السيدات بعد تعريفها على ديانة مورمون، إنها تؤمن بيسوع المسيح، لكنها لا تؤمن بتعاليمهما، وسألتهما: “هل ولدتما على الديانة المورمونية؟”، وتابعت: “هذا ما يفسر الأمر”. لذا تزداد الأمور صعوبة للمراهقين لإيجاد منتمين جدد لهذا الدين.

اللغة عائق أمام “المبشرين” المراهقين في تعاملهم مع الناس في بلاد شمال أوروبا

ويحاول رئيس الإرسالية “أورا” دعمهم عبر إعطاء المراهقين الأربعة وغيرهم من المبشرين دروسا يومية، وكل هذه الدروس تركز على كيفية نجاح هؤلاء المراهقين في أن يدعوا أشخاصا جددا إلى دينهم.

ويروي المراهقون محطات سلبية في رحلة تبشيرهم، إذ تقول “الأخت” فيلد: “لا أعرف إذا كنت أستطيع فعل هذا على مدى سنة ونصف. لقد انهرت في عشاء مع الأعضاء بسبب اللغة، وبدأت أبكي أمامهم وبدؤوا يتساءلون إن كنت بخير، وكان ذلك بالإنجليزية، ولكن يبقى الأمر صعبا جدا”.

أما “الأخت” بيليز، فتكشف عن صعوبة الأمر بقولها: “أقول كل ما بوسعي لكنني لا أعرف سوى 3 جمل، ولهذا فإن الناس يديرون ظهورهم لي. وأبقى أنا في الخلف لأنهم يتحدثون مع رفيقتي وينسون حتى أنني موجودة، فأبقى واقفة وحدي وأحاول كل جهدي أن أفهم أو حتى أتابع الحديث. ثم أفقد تركيزي مجددا. إنهم يتحدثون لـ15 دقيقة ولا أملك أدنى فكرة ما يقولون، فقد تبدو فكرة مجنونة أن نصبح أصدقاء مقربين لشخص تجرأنا على التكلم معه في الشارع”.

ويعلق “الأخ” دايفيس: “من الصعب إيجاد أناس في هامينلينا (إحدى قرى فنلندا)، فلا أحد يعيش هناك، والأمر مزر لأنك لا تستطيع التركيز على الجانب المشرق طوال الوقت، فالجميع يريد أن يبقى على مستوى عال من الإيجابية، ولكن حتى الإيجابيين في الحياة والذين يُبدون أنهم يستمتعون بوقتهم يعانون في أعماقهم. وقد كان من الصعب عليّ أن أفهم سبب إرسالي إلى هامينلينا وإرسال آخر إلى منطقة مأهولة بالسكان”.

تغيير الرفقاء.. تجريب العمل مع أشخاص مختلفين

بعد 9 أسابيع، تغير رفقاء المراهقين الأربعة في التبشير، وكان عليهم التعرف على رفقاء جدد وخوض تجربة جديدة معهم ودعوة أشخاص جدد للانضمام إلى دينهم.

وعن تغيير الرفاق يقول “الأخ” باولى: “يهيئك الرفاق لكي تكون رفيقا لزوجتك في المستقبل عندما تحظى بأوقات عصيبة مع رفاقك ثم تتخطاها، فهذا يساعدك على التحضير لتخطي الأوقات العصيبة مع زوجتك مستقبلا”.

أما “الأخت” فيلد فتؤكد أن “فكرة وجود الرفاق جيدة جدا لأنك تتعلم أن تعمل مع أشخاص مختلفين، فأنت لست شخصا صداميا جدا، ولكن عليك أن تكون قادرا على التحدث عن المشاكل لأنك إن تركتها معلقة فلن يحل أي شيء”.

رفقة جديدة لـ9 أشهر على جميع المراهقين أن يلتزموا بها

ويروي “الأخ” دايفيس خلاصة تجربته في الأشهر الماضية في فنلندا ويقول: “يعجبني في الثقافة الفنلندية أنك لا تشعر بالحاجة إلى قول شيء، دائما يمكنك أن تسير بصمت تام وتستمتع بحياتك، لذا أتمنى أحيانا لو أننا نحظى بمحادثة عادية مع أي شخص، فالناس ينظرون إليك كمبشر وليس كشخص عادي، وهذا أصعب شيء تقريبا بالنسبة لي”.

تتواصل “الأخت” فيلد مع أهلها في أيام عيد الميلاد وتقول: “أشتاق إلى عائلتي كثيرا وأشعر بالوحدة أحيانا وهذا صعب نوعا ما، حتى لا يسمح لي بإشعال الشموع في عيد الميلاد بصفتي مبشرة”.

أما “الأخت” بيليز، فترى أن البعثة التبشيرية “لا تشبه الذهاب إلى الجامعة حيث يمكنك مراسلة عائلتك متى شئت، فأحيانا في نهاية اليوم أرغب بالاتصال بأمي وحسب، ولكن قواعد الإرسالية تمنعني”.

عزوف وعدم اكتراث.. إحباط كبير إلى حد التشكك

ويوزع المراهقون كتاب “مورمون” على المارة كهدية، فمنهم من يقبلها وآخرون لا يكترثون. ولم يكتف المبشرون بالوقوف في الشارع والشرح عن ديانتهم وكتابهم، ولكنهم طرقوا أبواب المنازل وحاولوا زيارتها. فهناك من يرفض حتى فتح الباب، وآخرون يستقبلونهم ويدعونهم للدخول ويسمعون رسالتهم ودعوتهم. وحتى من دعاهم إلى الدخول كان رده أنه لا يحتاج لاعتناق هذا الدين ليكون سعيدا أو محبا أو عطوفا.

وفي إحدى الزيارات، حاولت مبشرتان مراهقتان سرد قصص من التاريخ لإقناع العائلة التي استقبلتهما، ولكن الأخيرة رفضت وأكدت أن ما يقولانه لا يتوافق مع التاريخ والعلم والمنطق، ومن الصعب فهم كيف حصلت هذه القصة.

لم يكن الجميع يستجيب لدعوة الدين الجديد، فالسعادة بالنسبة لهم ممكنة بدونه

وقد هذا الصد والرفض بالـ”الأخت” بيليز للرد: “هذا معتقدي وديني الذي أحبه كثيرا وشكّل حياتي وهو ما تطلب مني الكثير من الوقت حتى أشعر بأنني أستطيع الإيمان به والوثوق بأن هذه الأمور صحيحة”.

بدوره، حاول “الأخ” دايفيس إقناع أحدهم بالقول إنه “يحمل رسالة عن العائلة الأبدية وكيف يعيشون مع عائلاتهم في هذه الحياة”، ولكن رد الرجل كان صادما، وقال له إنه يعيش مع عائلته الرابعة حاليا ولا يعلم مع أي منها يجب أن يكون في الحياة الآخرة.

وذهب “الأخ” باولي إلى أكثر من ذلك وقال: “يطرح عليّ الكثير من الناس مئات الأسئلة عن رسالتي التبشيرية، أسئلة يحاولون فيها تشكيكنا في معتقداتنا، حتى أصبحت تراودني الكثير من الشكوك، وتكون أوقات الشك أكثر بكثير من اليقين”.

وتابع: “عندئذ تدخل في حالة غريبة من الكآبة وتظن أن الشيطان يستخدم ذلك، إنه يرى ذلك وهو حقيقي جدا، ويرى أنك تعاني، ويحاول أن يرمي المزيد من الشكوك في عقلك وهذا صعب جدا”.

وتشرح “الأخت” فيلد أن “الشيطان يعلم أننا مجموعة من اليافعين (أعمارنا بين 18 و20 عاما) وهو لا يحب هذا العمل ويعرف كيف يزعجنا، وهذه أكثر طريقة أشعرتني بوجوده في حياتي، فعندما أكون مدركة أنني أقوم بشيء جيد ومهم في حياتي أشعر بوجوده في مشاعر الإحباط أو الشك في نفسي وأحيانا بإيماني”.

ويشكو “الأخ” دايفيس معاناته وألمه ويقول: “لا أدري إن مر عليّ وقت كنت فيه أكثر توترا في مهمتي بأكملها من قرار النقل الأخير، فقد كان ذلك مدمرا للأعصاب، فثمة مدينة جديدة وشخص جديد لا تعرفه وعليك العيش معه في مكان جديد، عليك العيش فيه بين شهرين و6 أشهر. لقد كان من الصعب عليّ التكهن بما سيحصل في المستقبل أو أفهم لماذا هؤلاء هم رفاقي الجدد، أو لماذا انتقلت إلى هذه المنطقة الجديدة”.

يعلم المراهقون بأن عملهم هذا لن يعجب الشيطان لذلك سيحاول إعاقتهم منه

ويضيف: “بدأت أقابل معالجا نفسيا للمبشرين، ومنذ ذلك الحين تتراجع حالتي النفسية تدريجيا. وبدأت أعاني من نوبات هلع أكثر وأخطر وحالة اكتئاب وقلق اجتماعي، فالناس الذين يهتمون بي يأخذون مصلحتي بعين الاعتبار وأنا أؤمن بذلك، لكن أحيانا يصعب عليّ الشعور بذلك طوال الوقت”.

وفي السياق يكشف “الأخ” باولي أن “الكثير من الناس يرون جانبا واحدا من الأمور، إنهم يروننا في الشوارع فحسب ولا يرون ما نمر به فعلا عندما لا نكون في الشارع، وأظن أننا نخوض الجزء الأكبر من معركتنا في الداخل مثل المشاعر التي تراودنا، وأعتقد أننا نفوز بها كلها أو معظمها في دواخلنا”.

وقد وصلت الأمور حد أن سيدة من عقيدة مختلفة جاءت إلى المبشرين وأخبرتهم بأن أحدا يجب أن ينقذنا من عقيدتنا.

نجاح محدود.. البحث عن المدمنين وأصحاب الخيبات

بدأ المراهقون يركزون على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية أو وحدة ونجحوا في ضم عدد منهم إلى ديانتهم.

ويقول شخص حاول المبشرين إقناعه باعتناق دينهم: “كنت أعاني من الإدمان على أشياء كثيرة خلال خدمتي العسكرية مثل التدخين، فعندما تشعر أن الرب لا يعرفك أو يهتم لأمرك، لا يجدر بك أن تصدق إحساسك، بل عليك التحلي بالإيمان. ومن أمثلة العناية الإلهية أنني اهتديت إليكم حتى أقضي وقتا معكم أيام السبت، لأنني كنت أشعر بالوحدة ولا أعرف ماذا أفعل أيام السبت. فلم أعد أريد قضاء الوقت في الحانات، كنت أريد أمرا آخر فوجدتكم أنتم. وهذا يعطي لحياتي هدفا، فهناك الكثير من الأشخاص الوحيدين في فنلندا بلا زوجة ولا أي أحد، لكن المرء يعتاد على الأمر”.

أحد الأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية قبل دعوة المراهقين إلى دينهم

وتقر “الأخت” بيليز أن “الأشخاص الذين يختارون أن يتعمدوا (اعتناق الديانة) يكونون قد مروا في الفترة الأخيرة بمحنة وأمور عصيبة أو أدركوا أنهم يريدون إجراء تغيير أو العثور على شيء جيد وحقيقي في حياتهم. لقد مررت بهذه التجربة مرات قليلة، فعليك أن تصارع العائلة لتقبل فكرة تعميد أحد أعضائها، فنحاول طمأنتهم وسط صراعهم الداخلي بين الحماسة للتعميد من جهة والتردد في مباركة الخطوة من جهة أخرى، ولكن الأمر الأهم هو الشخص الذي يختار التعميد”.

ويروي “الأخ” باولي قصة رجل اعتنق الديانة المورمونية قائلا: “لدينا صديق جديد قصة اعتناقه للدين رائعة وقوية ودقيقة، إنه يعرف أن كل شيء حقيقي ولديه قصة رائعة لكنه يعاني مشكلة مع القهوة التي يشربها فقط في العمل لأنها عرف اجتماعي، ولا يريد أن يخبر زملاءه بأنه يلتقي مبشرين حتى لا ينفروا منه”.

بعد الانتهاء من مهمتهم التبشيرية في فنلندا، عاد المراهقون الأربعة إلى الولايات المتحدة، واجتمع بهم رئيس الإرسالية هناك، وأبلغهم بإزالة شارة أسمائهم وإخلاء سبيلهم رسميا كمبشرين من كنيسة “يسوع المسيح”، ليعودوا إلى حياتهم العادية. وحده “الأخ” دايفيس الذي عاد قبل 7 أشهر من نهاية مهمته التبشيرية بسبب معاناته من أمراض نفسية ونوبات صرع تعرض لها خلال مهمته.

ويلخص “الأخ” باولي مهمته التبشيرية بالقول: “ربما أكون حققت الكثير من الإنجازات في مهمتي التبشيرية، فأنا أشعر بأنني أصبحت أكثر هدوء وسكونا، وأنا مرتاح وتراودني مشاعر جيدة وإيجابية، فحياة الجميع ستتغير. عليك أن تفكر في نفسك وماذا تريد أن تفعل في حياتك، وما الهدف من الإرسالية؟ وعندما أتزوج وأرزق بأطفال سأنصحهم بها لأنها ستغير حياتهم إلى الأبد”.